تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه وجد صعوبة حتى في كتابة كلمة الجزائر حين اضطر إلى ذلك في كتابٍ ، وتطلّب الأمر منه وقتًا طويلا ليرغم نفسه على كتابتها!
الكاتب (الذي لا يستحق الذّكر) و في حوار مصوّر بُثّ منذ يومين على منصّات جريدة "لوفيغارو" التي تخصّصت هذه الأيام في محاورة هجّائي الجزائر، قال إنّه لا يدين بشيء للجزائر التي ولد بها خلال الفترة الاستعمارية، وإنّه لا يحبّها ولا يحبّ طفولته، وإنه لم يكن معنيا بالشّمس التي وصفها "كامي" لأنّ الشّمس كانت للفقراء الذين يعملون في الحقول، أما الطبقة التي ينتمي إليها فكانت تعيش في الظّل حيث مازال يذكر كيف كانت أخواته وبنات أعمامه يزلن آثار الشمس بالحليب وعصير الليمون.
وذهب بعيدا حين وصف الجزائر بالأرض الملعونة الغارقة في الدم والحماقة.
الكاتب الذي يشتغل مستشارا وكاتب زوايا في مجلة "لوبوان" وسبق له العمل في عدة صحف ودور نشر على غرار غاليمار وغراسي، من مواليد معسكر سنة 1949 وهي المنطقة التي شهدت ميلاد والد برنار هنري ليفي (المولود بدوره ببني صاف)، ويرتبط الكاتبان بصداقة طويلة وحميمة إلى درجة أنّه وصف ليفي بالأخ بالاختيار، فهما من أصولٍ يهوديّة جزائريّة وربطتهما مشاريع إعلامية، ويتقاسمان الكثير من الأفكار والقناعات، من بينها معاداة بلد المولد وهي الرياضة التي يمارسها إيريك زمور، أيضًا.
وإذا كانت مشكلة يهود الجزائر تعود بالأساس إلى انحيازهم للمستعمر الذي فصلهم بمرسوم "كريميو" عن بقيّة الجزائريين، فإن نهج بعض مثقفيهم اليوم يكشف بوضوح عن انحياز للمؤسسة والايديولوجية الكولونيالية، في الطبعتين القديمة والجديدة غير المنقّحة التي يجري تداولها في دوائر سياسيّة وإعلاميّة فرنسيّة، هذه الأيام، برعاية غير كريمة من رجال أعمال مفترسين استولوا على وسائل الإعلام، هذا الانخراط في الحملة النيوكولونيالية سيبقي الجزائريين على حذرهم وتوجّسهم القديم من الفئات التي اختارت المستعمر وانحازت إليه، وثمة استثناءات لا تخرق القاعدة بالضرورة، كما أنّ هناك بعض الملتحقين المتأخرين من "المشتغلين في الشمس" على حدّ تعبير الكاتب أعلاه في صورة الكاتب الذي تأويه المجلّة ذاتها التي تستشير جون بول انتوفان.
وبكل تأكيد فإن السّهام التي يطلقها هؤلاء الكتّاب، تُبطل الاتهامات التي توجّهها هذه الفئة للجزائر حول إنكار وجودها، فمن الحماقة أن تطلب من الضحيّة أن تقابلك بمودة وأنت تقف في صفّ الجلاد.
سليم بوفنداسة