الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

خزان

تؤشر حالات الاعتداء على «الآخر» بالمفرقعات في مناسبة دينية في مجتمع يتظاهر بالإفراط في التدين، إلى ارتفاع منسوب العنف إلى مستويات قياسية، فإلقاء مفرقعة على عابر ليس تسلية تمارسها سيدة في شرفتها أو لعب أطفال، بل  عملية قتل رمزي تحيل إلى خزان عدوانية، والمعتدي في هذه الحالة يقوم بتعويض عن حرمانه من ممارسة العنف على وجهه الصحيح.
وليس طقس العنف الجماعي الذي نشهده في ليلة المولد سوى حلقة في سلسلة من أعمال العنف تمتد من القتل إلى الخطاب، وتحيل إلى مرض خطير في المجتمع الجزائري لم يتم علاجه أو لم يتم تشخيصه بدقة.
فأخبار القتل لأتفه الأسباب أصبحت مادة يومية لوسائل الإعلام الوطنية، و كثيرا ما يرجع دارسون الظاهرة إلى تأثير سنوات الإرهاب وقبلها عقود الاستعمار على نفسية الفرد الجزائري الذي تربى في مناخ يتقاسم فيه أدوار البطولة  مقتولون وقتلة، ويحتاج التخلّص من النموذجين إلى عمل عميق تقوم به المؤسسة السياسية ومؤسسات التعليم التي يفترض أن تضطلع في المقام الأول ببناء إنسان سوي مؤهل للعيش المشترك وتلقي المعارف، وأي خلل في عمل المنظومتين سينعكس على المجتمع والأفراد.
ونلاحظ اليوم أن “إنتاج” العنف تحوّل إلى بطولة تثير الإعجاب حتى لدى وسائل إعلام صارت تستدرج نجوم الخطاب العنيف الذي يروق المتلقين المفترضين، بل وحتى بعض الفئات المصنفة في خانة النخبة باتت تنتج هذه السلعة المشؤومة، ويكفي مراجعة ما يصدر عنها  على شبكات التواصل الاجتماعي للوقوف على خطورة الحالة.
ونحتاج  إلى اعتراف بأننا في حالة حرب غير مرئية، لنشرع في وضع التسويات الضرورية التي تزيل هذا السلوك البدائي من حياتنا. وربما كنا في حاجة إلى إحياء عقد اجتماعي ينهي حالات الإقصاء والريبة واليأس والشك والخوف والعدوان، و يعيد بناء الجسور و تعريف العلاقات بين المؤسسات والأفراد على أساس الاستحقاق الذي يقتضي دمقرطة حقيقية لحياتنا العامة، لأن محاولات فرض الأمر الواقع من طرف النخب السياسية والاقتصادية، ستؤدي إلى استفحال المرض الذي يتطلب علاجه أيضا تنمية بشرية، لا تقوم على فرنسة اللسان  كما يعتقد البعض ولكن على تأهيل الإنسان الجزائري لكي يكون فاعلا بالإيجاب في زمانه ومكانه، يشعر بأنه قابل للإحترام  فيتحوّل مع مرور الوقت إلى إنتاج هذه السلعة النادرة.
ملحوظـة
لن نفلح في القضاء على الشرّ إذا كنا نجامله هنا ونحاربه هناك.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com