الاثنين 17 فبراير 2025 الموافق لـ 18 شعبان 1446
Accueil Top Pub

أصحاب الإشارة

ما إن تناقلت الصحافة خبر استماع الشرطة إلى كاتب شاب، حتى بدأ بعضهم الإشارة إلى شيوخ الأدب.
أصحاب الإشارة خصوا بالذكر رشيد بوجدرة، أكبر كاتب على قيد الحياة في الجزائر وربما اجتهدوا في إعداد  لوائح بأسماء الكتاب الذين يحتاجون إلى تفتيش. وبكل تأكيد سيجد المفتشون مخفيات كثيرة في روايات طالها النسيان، سيجدون كل ما يبحثون عنه وسوف يستغربون كيف فاتهم هذا!
ولا ينزعجن أحد منكم، إنه النقد الجديد إنها ذائقة جديدة تقرأ الأدب بالأدوات المتاحة، أي بالمفاتيح الدينية الملقاة في الشوارع والجرائد والقنوات التلفزيونية، حيث يصنع الرأيَ العام شبانٌ لم  يقترفوا  فعل قراءة الكتب وشيوخٌ جادت بهم ثقافة تحريم شرق أوسطية، والقادم سيكون أحلى مع أجيال ارتفعت دون أساسات ولم تستهلك خارج البرامج الدراسية سوى الخطاب الديني وكرة القدم.
لقد أصبحت اليوم كل الفنون مستهدفة، ليس من أصحاب الإشارة والحراس فقط بل حتى من جماهير محدودة الثقافة تحاول فرض الرقابة على الفن  ما دام الحقل الوحيد الذي تُتاح فيه الرقابة، ففي عنابة احتج الجمهور على مشاهد حميمة في فيلم عرض في المهرجان المتوسطي للسينما العام الماضي، و ندّد المنددون  بعدم احترام العائلات التي حضرت العرض، حيث لم يراع الممثلون نوعية الحضور ولم ينتبهوا إلى أنهم في الساحل الجنوبي للمتوسط وسمحوا لأنفسهم بالقيام بسلوكات اعتبرتها «العائلات» منافية للأخلاق، رغم أن هذه العائلات هي التي ذهبت تلقائيا لمشاهدة الفيلم وليس العكس!
وفي العاصمة سجلت حالات غضب أكثـر من مرة بين صحافيين حضروا عروضا سينمائية قام فيها الممثلون بما لم يتوقعه المشاهدون.
نعم، يحدث هذا في الجزائر الآن، الجزائر التي عرضت في قاعاتها روائع السينما العالمية وكان المواطنون والمواطنات والطلبة والطالبات فيها يذهبون لمشاهدة الأفلام، دون أن يصابوا بصدمة أو يحتجوا على سلوك الممثلين، بل أن التلفزيون الجزائري كان إلى غاية نهاية ثمانينيات القرن الماضي يعرض الأفلام بمشاهد حميمة و دون إسراف في الحذف و كان من التلفزيونات العالمية المشهود لها في اقتناء أهم الأفلام العالمية التي لو عرضت اليوم لوقعت الواقعة.
و الحاصل أن معاداة الفنون والآداب، نتيجة طبيعية لتوجه اجتماعي وتربوي أنتج أجيالا  لا تعرف الأدب والسينما والفنون التشكيلية، أجيال تربت في أحضان الموت والخوف والخطابات الكاذبة والكبت، ولم يتم تأهيلها لتذوق الجمال والفن، ومنها خرجت «النخب الجديدة» التي تحاكم الخيال وتشير بأصابع التجريم إلى الكتاب وتصرخ: فتّشوهم!
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com