الأحد 20 أفريل 2025 الموافق لـ 21 شوال 1446
Accueil Top Pub

بوباكير

كعالم آثار يريد إشعال الحياة في المدن المنسية تحت طبقات الصمت يُعلّم الأمكنة، كفقيه في الخرائط الجينية يلاحق تحولات الكائنات من الجد الأول الذي يقفز فوق الشجرة  إلى البهلوان الأخير المتلعثم أمام الكاميرا. يشير إلى ما مضى ويستدعي الغائبين ليكونوا شهودا على ما صارت عليه الحياة بعدهم.
لا يمنعه ضجر من إخراج أوراقه القديمة ليسرد  علينا «جزائره»  بأعلامها  و رموزها المغفلة لسبب ما أو دونما سبب. الجزائر ناظرة إلى نفسها و مصغية إلى صورتها في مرايا الآخرين، هو الذي اجتهد في الترجمة من أكثـر من لغة لرفد حياتنا بالآداب والمعارف، دون أن يقصّر في التصدي لمختلف القضايا  في حدود ما أتاحته الصحافة التي اشتغل فيها طويلا (وهرب منها كثيرا ) بأدوات معرفية تعوز عادة المشتغلين في هذا الحقل.
«يدوّن» عبد العزيز بوباكير أحداثا مهمة في تاريخنا الثقافي والسياسي كشاهد خائف على ضياع الأثر الثمين، ويذكرنا أن الجزائر كانت تستقبل رواد الفضاء وكبار الفنانين والكتاب العالميين والعرب، في زمن مضى وانقضى يبدو أقرب إلى الحلم. الجزائر ذاتها التي يحاول بعضهم اليوم تقديمها في صور كاريكاتورية ، أي جزائر الإبراهيمي التي “يفتحها” الشاب وسيم في التلفزيون حيث نرى «دكاترة» يصورون بهواتفهم «الذكية» الداعية السلفي و هو يعلّمهم مكارم الأخلاق، أو نرى راشدين يحملون أطفالا لتقبيل لحيته!  
ينبهنا إلى علامات و أصدقاء وجب على الجزائر ألا تنسى  فضلهم  عليها و إلى أعداء يجب ألا تسقط مواقفهم بالجهل أو بالتقادم، دون أن يزن الأمور في موازين الضغينة بل يتركها لمقياس الحقيقة، وكم تبدو الحاجة ماسة اليوم إلى جهود مماثلة لجهد هذا المثقف الفذ وسط هذا الضباب  وهذا الاضطراب في الهوية  الذي يعاني منه مجتمع فقد معالمه ودولة وطنية تواجه صعوبة في استكمال البناء.
على جدار عبد العزيز بوباكير  يلتقي يأس جمال عمراني بغضب كاتب ياسين ومحنة التوحيدي وعبث سعيد بوطاجين الرفيع، ومن كتاباته نتعلّم درسا مهما فحواه: كل شيء كتابة أو لا يكون، ومنها نتعلّم كيف يكون الكاتب فاعلا في زاويته المظلمة دون أن يرغب في الأضواء أو ينشد مكانة، يكفيه أن يمسك بالحقيقي في غابة الزيف.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com