الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

بوباكير

كعالم آثار يريد إشعال الحياة في المدن المنسية تحت طبقات الصمت يُعلّم الأمكنة، كفقيه في الخرائط الجينية يلاحق تحولات الكائنات من الجد الأول الذي يقفز فوق الشجرة  إلى البهلوان الأخير المتلعثم أمام الكاميرا. يشير إلى ما مضى ويستدعي الغائبين ليكونوا شهودا على ما صارت عليه الحياة بعدهم.
لا يمنعه ضجر من إخراج أوراقه القديمة ليسرد  علينا «جزائره»  بأعلامها  و رموزها المغفلة لسبب ما أو دونما سبب. الجزائر ناظرة إلى نفسها و مصغية إلى صورتها في مرايا الآخرين، هو الذي اجتهد في الترجمة من أكثـر من لغة لرفد حياتنا بالآداب والمعارف، دون أن يقصّر في التصدي لمختلف القضايا  في حدود ما أتاحته الصحافة التي اشتغل فيها طويلا (وهرب منها كثيرا ) بأدوات معرفية تعوز عادة المشتغلين في هذا الحقل.
«يدوّن» عبد العزيز بوباكير أحداثا مهمة في تاريخنا الثقافي والسياسي كشاهد خائف على ضياع الأثر الثمين، ويذكرنا أن الجزائر كانت تستقبل رواد الفضاء وكبار الفنانين والكتاب العالميين والعرب، في زمن مضى وانقضى يبدو أقرب إلى الحلم. الجزائر ذاتها التي يحاول بعضهم اليوم تقديمها في صور كاريكاتورية ، أي جزائر الإبراهيمي التي “يفتحها” الشاب وسيم في التلفزيون حيث نرى «دكاترة» يصورون بهواتفهم «الذكية» الداعية السلفي و هو يعلّمهم مكارم الأخلاق، أو نرى راشدين يحملون أطفالا لتقبيل لحيته!  
ينبهنا إلى علامات و أصدقاء وجب على الجزائر ألا تنسى  فضلهم  عليها و إلى أعداء يجب ألا تسقط مواقفهم بالجهل أو بالتقادم، دون أن يزن الأمور في موازين الضغينة بل يتركها لمقياس الحقيقة، وكم تبدو الحاجة ماسة اليوم إلى جهود مماثلة لجهد هذا المثقف الفذ وسط هذا الضباب  وهذا الاضطراب في الهوية  الذي يعاني منه مجتمع فقد معالمه ودولة وطنية تواجه صعوبة في استكمال البناء.
على جدار عبد العزيز بوباكير  يلتقي يأس جمال عمراني بغضب كاتب ياسين ومحنة التوحيدي وعبث سعيد بوطاجين الرفيع، ومن كتاباته نتعلّم درسا مهما فحواه: كل شيء كتابة أو لا يكون، ومنها نتعلّم كيف يكون الكاتب فاعلا في زاويته المظلمة دون أن يرغب في الأضواء أو ينشد مكانة، يكفيه أن يمسك بالحقيقي في غابة الزيف.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com