كيـف تغيّـرت نظـرتـنـــا لـلكــون؟
في وقت لا يزال هناك من ينادي بفكرة «الأرض المسطحة»، تواصل بولندا الاحتفاء بابنها الذي مهدّ قبل أزيد من 500 عام، لتبني مفاهيم ثورية حول الكون كان مجرد التفكير فيها محرما من طرف قساوسة الكنيسة الكاثوليكية.. إنه نيكولاس كوبرنيكوس مؤسس علم الفلك الحديث و أحد أبرز علماء عصر النهضة الأوروبية، الذين تبنوا فكرة لا مركزية الأرض و دورانها حول الشمس، فصار بيت هذا العالم الواقع بمدينة تورون البولندية مقصدا لمئات السياح المحبين للاستكشاف، فيما أطلِق اسمه على العديد من المراكز العلمية التي تزورها النصر في هذا الروبورتاج.
روبورتـاج: ياسمين بوالجدري
«الشمس مركز الكون و الأرض تدور حولها و حول نفسها».. هي مفاهيم صارت تعتبر من المسلمات الثابتة التي يتفق عليها علماء هذا العصر، لكنها كانت قبل 6 قرون شكلا من أشكال «الكفر الفكري و العقائدي» إبان سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على أوجه الحياة في أوروبا.
هذه الأفكار الثورية أسس لها عالم الفلك و الرياضيات و الطبيب و الفيلسوف البولندي نيكولاس كوبرنيكوس الذي عاش لسبعين عاما، فأحدث ثورة علمية دحضت نموذج بطليموس حول ثبات و مركزية الأرض، و استغل ثمارها فيما بعد أشهر علماء أوروبا ابتداء من جاليلو جاليلي، مرورا برينيه ديكارت و انتهاء بإسحاق نيوتن، حيث أثبت كوبرنيكوس أن الليل والنهار ناجمان عن حركة الأرض حول نفسها، بينما تنتج الفصول الأربعة عن حركة سنوية حول الشمس، و هو ما وضعه في كتابه «عن دوران الأجرام السماوية» الذي عمل عليه لـ 20 سنة و لم ينشره خوفا من غضب الكنيسة، إلى أن رأى النور بعد وفاته بعدة سنوات.
نظرة ثاقبة و ذكاء فذّ!
و بصحبة أعضاء جمعية الشعرى لعلم الفلك، اقتفت النصر آثار هذا العالم التي نجدها في العديد من الأماكن السياحية و العلمية بموطنه بولندا، و لعل أبرزها هو منزله الواقع في المدينة القديمة لبلدة تورون، فبين جدرانه التي يظهر جليا أنها خضعت للتجديد و الترميم، ولد نيكولاس كوبرنيكوس أو ميكواي كوبرنيك كما يلفظ بالبولندية، و هو الابن الرابع لإحدى الأسر الثرية.
المنزل عبارة عن بناية شاهقة صنعت بهندستها الأوروبية التي تعود إلى القرون الوسطى و اللون الأحمر القرميدي لجدرانها، ديكورا فريدا زاد من اهتمام عشرات السياح الذين كانوا ينتظرون دورهم لالتقاط صور قرب بوابة هذا المبنى، الذي تم تحويله إلى متحف يشبه إلى حد بعيد الكنائس و الكاتدرائيات الكثيرة المحيطة به.
بالدخول إلى بهو المبنى يجد الزوار مجموعة من التذكارات المعروضة للبيع، و هي عبارة عن كتب و أغراض و حتى ثياب تتعلق جميعا بالعالم كوبرنيكوس، و بالتوغل أكثر في المكان، وجدنا أنفسنا في غرفة مظلمة تتوسطها كرة أرضية مضاءة و هي تدور مثبتة إلى السقف، بينما توجد أسفلها منصات الكترونية تقدم معلومات بمختلف اللغات، عن علوم الفضاء و الفلك، فيما صممت الجدران بطريقة توحي بأن الزائر يسبح في الفضاء الخارجي وسط مئات النجوم و الكواكب.
و داخل أقبية حجرية، يتفرع مسار السياح إلى غرف صغيرة وضعت بها أجهزة الكترونية حديثة، من بينها قبعات مثبتة إلى السقف تسمح بمجرد إدخال الرأس إليها، بمشاهدة عرض صغير عن طريق تقنية ثلاثي الأبعاد، حول كوبرنيكوس و تاريخ العلوم ببولندا، بينما توجد في جهة أخرى، كراس بيضاوية مريحة، تقابلها شاشات إلكترونية يمكن من خلالها التعمق في علوم الفضاء، في حين وضعت في زوايا الغرف أجهزة تيليسكوب صغيرة و العديد من الكتب القديمة التي تتحدث عن علوم الفلك و كذلك بعض المجسمات للسفن المستعملة في القرن الخامس عشر.
و بالصعود إلى الطابق الأول، وجدنا الكثير من اللوحات الجدارية للعالم البولندي الذي ولد سنة 1473، و لعل أشهرها تلك التي رسمت له عندما كان شابا، و التي يظهر فيها بشعر أسود متوسط الطول و قميص أحمر اللون، بينما كانت عيناه الدقيقتان تتجهان إلى الرسام بنظرة جانبية ثاقبة.
عندما تتجسد حياة القرون الوسطى في متحف
التجول في المتحف، يعود بالزائر و هو يستمع إلى الموسيقى البولندية القديمة، إلى عصر القرون الوسطى في أوروبا، فالمبنى يضم معروضات للألبسة و الأغراض و حتى الأواني التي كان يستعملها سكان مملكة بولندا حينها، كما أتيحت فرصة التعرف أكثر على أسلوب الحياة في تلك الفترة، من خلال وضع ديكور صمم ليتطابق مع أثاث الغرفة التي كان يستعملها كوبرنيكوس، حيث تضم سريرا خشبيا مغطى بفراش أحمر و متصل بستائر حمراء تحمل اللون ذاته، بينما يجاوره موقد حجري صغير و كرسيان جميلان يتناسق شكلهما مع ديكور المكان الذي يضم أيضا ثريات نحاسية تضاء بالشموع إلى سقف خشبي، كما يوجد أسفلها خزائن عليها نقوش تصور العلماء و الملوك الذين مروا على بولندا. يمكن كذلك رؤية الشكل الذي كان عليه المطبخ و قاعة الجلوس، بل و حتى أخذ جولة في مخزن الأكل و التعرف على أنواع الأطباق التي كانت تؤكل وقتها.
المتحف يضم أيضا بعض الأدوات و الساعات التي كان يستعملها كوبرنيكوس في أبحاثه، بينما وضعت على مكتبه الخشبي الصغير و المطل على الشارع المكتظ بالسياح، أوراق و كتب تحاكي بما أوتي من دقة، ما كان يستعمل قبل أزيد من 5 قرون، في حين تحتوي الصناديق الصغيرة الموزعة هنا و هناك، على بعض الأواني و قصاصات الورق التي يُعتقَد أن كوبرنيكوس كتب ذات يوم ما دُون عليها.
هكذا أحرقت الكنيسة كتب كوبرنيكوس!
في هذا المتحف، تم المزج ببراعة كبيرة بين الديكور القديم و أحدث تقنيات العرض التي تتجسد في المشاهد الافتراضية الموزعة على الجدران و الأسقف و حتى على الأرض، و ذلك عبر شاشات تُسرد عبرها أهم المراحل التي مر عليها علم الفلك في بولندا و تفاصيل عن صراع العالم كوبرنيكوس مع رجال الدين وقتها، و لعل أكثرها استرعاء للاهتمام هي تلك الغرفة التي تصور عملية حرق كتب العالم من طرف الكنيسة، و محاولة قتله، حيث يقوم مرشد خاص بشرح الحادثة للزوار، بينما تتصاعد ألسنة لهب افتراضية على الجدران لتضيء بعض الأوراق و الكتب المرمية أسفل حاجز شفاف يفصلها عن الأرض و التي صممت بطريقة توحي بأنها احترقت فعلا.
و الجميل في المكان، هو وضع مجسمات تظهر الثياب التي اختص بها سكان بولندا في القرون الوسطى، فبالنسبة للرجال كانت القبعات واسعة و الألبسة مصنوعة من الفرو، في حين ترتدي النساء ثيابا طويلة ذات ألوان زاهية و أدخِل الفرو على أجزاء منها، أما رؤوسهن فتوضع عليها أغطية متصلة بالثوب أو منفصلة عنه، و هي كلها ملابس يمكن للزوار ارتداؤها و التقاط صور بها، بما يمنحهم تجربة فريدة و مميزة قد يصعب اقتناصها في مكان آخر.
في أكبر المراكز العلمية بأوروبا الشرقية
و لم يكن ممكنا القيام بجولتنا العلمية، دون زيارة مركز العلوم الواقع بوسط العاصمة وارسو، و الذي أطلِقت عليه تسمية «كوبرنيكوس» تمجيدا لهذا العالم البولندي الشهير. بمجرد دخول هذه البناية الضخمة المطلة على نهر فيستولا، و التي صممت واجهاتها بشكل هندسي بسيط يحمل لمسة عصرية مبتكرة تتماشى مع طبيعة هذا الصرح، وجدنا أنفسنا في بهو كبير يعج بالزوار الذين كان أغلبهم عبارة عن أفواج من أطفال المدارس، أو عائلات صغيرة قدمت مع أبنائها إلى المكان.
بعد شراء التذاكر، استقبلتنا ماتيلدا بحفاوة، و هي المرشدة التي كانت في انتظارنا بعد اتفاق مسبق مع رئيس جمعية الشعرى، حيث بدأت تقدم لنا شروحات حول المركز، و أثناء ذلك استوقفنا مشهد طفلة بصحبة والديها يظهر أن عمرها لا يزيد عن 10 سنوات، و هي تقوم باهتمام شديد بالتحكم في رجل آلي عن طريق لوح إلكتروني خاص.
و قد أخبرتنا ماتيلدا و هي تطوف بنا في أرجاء المركز العلمي، أن هذا الأخير أنجِز قبل حوالي 10 سنوات و تحديدا في نوفمبر من سنة 2008، حيث يتضمن ورشات عامة و أخرى مخصصة للأساتذة و التلاميذ، و كذلك معارض و نشاطات علمية، كما توجد به القبة السماوية “بلانيتاريوم” التي تتيح للزوار تجربة فريدة لاستكشاف عالم المجرات.
و يزور المركز، بحسب تأكيد مرشدتنا، ما يفوق مليون شخص كل سنة، و ذلك بمعدل 3 إلى 4 آلاف زائر كل يوم، يأتون من مختلف جهات بولندا و من خارجها، مضيفة أن الكثير منهم تلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية تزداد أعدادهم خلال العطل المدرسية، و خاصة شهري جويلية و أوت، و هو إقبال ترجعه ماتيلدا إلى أهمية هذا الصرح العلمي الذي يعتبر، مثلما أكدت، الأكبر في بولندا و في كامل دول أوروبا الشرقية، و تؤكد المرشدة أن نجاح هذه التجربة، جعل مدنا بولندية أخرى تخوضها أيضا، و ذلك بفتح متاحف علمية.
أطفال يتشرّبون المعارف عبر اللعب
بالتوغل أكثر في المركز، وجدنا أعدادا كبيرة من الأطفال و المراهقين و هم يعملون على التجارب العلمية في مختلف مجالات العلوم، كالفيزياء و الروبوت و البيولوجيا العصبية و علوم النفس و الاجتماع و لغة الإشارة و الاقتصاد و كذلك التكنولوجيا الحديثة و الفضاء و البصريات.
الأطفال كانوا يقومون في استمتاع كبير، بتجريب الألعاب التي وضعت في الطابقين الأرضي و العلوي، و الملاحظ أن ما استقطب اهتمامهم أكثر، تلك الخاصة بتجارب الهواء و الماء و الحركة، فمنها مثلا ما يظهر طريقة وقوع الأعاصير فيما تم تثبيت مناطيد و أجهزة روبوت عديدة، مع الكثير من المرايا التي يعكس أسلوب وضعها، الصور بطرق مختلفة تشد الاهتمام، فيما توجد قاعات عرض للزوار الذين تزيد أعمارهم عن 14 سنة، لأن المواضيع التي تطرح بها تكون معقدة بالنسبة للأطفال، كما يتم من حين إلى آخر، تنظيم عروض علمية خاصة لتلاميذ المدارس.
و المميز في المركز، أنه يضم أجنحة خاصة بعلوم الاعلام و الاتصال تؤرخ لمراحل تطور هذا المجال، و كذلك أخرى تختص في عالم السياسة و التي يمكن للزائر أن يعيش بها تجارب افتراضية كإذاعة خبر على الراديو، و إلقاء خطاب في البرلمان الأوروبي للاستفتاء حول مواضيع تطرح حسب الاختيار.
رقاص “فوكو” و حقيقة دوران الأرض
ما استرعى اهتمامنا أيضا، هو دائرة معدنية كبيرة بقطر حوالي 8 أمتار، وُضعت وسط بهو فسيح، فيما كان العديد من الزوار متحلقين حولها و هم يرقبون حركة بطيئة و منتظمة لنواس معدني ضخم مثبت إلى السقف، و بعد اقترابنا أكثر تبين أن الأمر يتعلق بتجربة “رقاص فوكو”، التي صممها الفيزيائي الفرنسي ليون فوكو منتصف القرن التاسع عشر، و ذلك لتقديم إثبات علمي بسيط حول حقيقة دوران الأرض حول محورها، و هي إحدى أهم النظريات التي أسس لها كوبرنيكوس.
و يُعرِّف موقع وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، “رقاص فوكو” الذي نجده في العديد من متاحف العالم، على أنه من الإثباتات الأكثر شيوعا على دوران الأرض، و يوضح في هذا الشأن “عندما تدور الأرض أسفل الرقاص، فإن مستوى التأرجح بالنسبة للغرفة الموجود داخلها يتحرك بحركة بدارية أي دورانية حول محور متغاير، و ذلك بمعدل ثابت، وهي ذات الحركة التي تدور بها الأرض حول محور متغاير”.
رحلة مع يوري غاغارين و نيل آرمسترونغ!
في القبة السماوية أو “البلانيتاريوم”، كانت التجربة فريدة و أكثر إثارة، فالقبة عبارة عن مسرح متوسط الحجم يتسع لـ 150 مقعدا، بسقف بيضاوي الشكل موصول بتقنيات بصرية متطورة، حيث تعرض عبرها مشاهد تعليمية وترفيهية فلكية تمثل سماء الليل، و توحي للرائي و كأنه يسبح في الفضاء الفسيح، لكن بعد ارتداء الجميع نظارات خاصة تسمح لهم بخوض التجربة بكل تفاصيلها المميزة.
و خلال جلسة دامت لقرابة نصف ساعة، تم استعراض تاريخ استكشاف الفضاء الخارجي و برنامج إطلاق الصواريخ و المركبات الفضائية، و كيف ساهم “سباق غزو الفضاء” الذي كان جزءا من الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي سابقا، و الولايات المتحدة الأمريكية، في تطوير هذا المجال و بدء إطلاق الأقمار الاصطناعية و المركبات المأهولة و غير المأهولة منتصف القرن العشرين.
و من خلال القبة السماوية، عايشنا اللحظات التي سبح خلالها رائد الفضاء السوفييتي يوري غاغارين، في الفضاء الخارجي على متن مركبته الفضائية سنة 1961، فكان أول إنسان يدور حول الأرض، كما تم ببراعة متناهية تصوير مشهد “الكوسمونوت” الأمريكي نيل آرمسترونغ وهو يضع رجليه على سطح الأرض لأول مرة في تاريخ البشرية العام 1969.
و لن يضطر زائر المركز إلى الخروج من أجل تناول وجبة الغذاء أو أخذ قسط من الراحة، إذ يوفر له المركز فضاءات تقدم مختلف أنواع الأطعمة، التي يمكن أكلها على طاولات خاصة مفصولة عن أجنحة العرض، أو في الطابق العلوي في شرفة فسيحة تطل على نهر فيستولا و بواخره، وسط ديكور أخّاذ زاده جمالا الاخضرار المحيط بالمكان.
«لو كان بيننا اليوم لتعرض لصدمة عظيمة”
و لأن أساس رحلتنا العلمية هو تقفي آثار كوبرنيكوس، كانت وجهتنا بعد ذلك قرية «بيونيس»، أين يوجد التيليسكوب الرادياوي الشهير التابع لمركز كوبرنيكوس في علم الفلك بجامعة نيكولاس كوبرنيكس بمدينة تورون التاريخية، فبعد مدة قصيرة من السير وسط الحقول و الأراضي الشاسعة، بدأ التيليسكوب يلوح من بعيد ليكبر حجمه شيئا فشيئا كلما اقتربنا من المرصد، أين وجدنا في استقبالنا البروفيسور آندرو ستروبال و هو رجل كبير في السن أخبرنا أنه يعمل بالمكان منذ قرابة 50 سنة، أي تقريبا بعد عقدين فقط عن تشييد التيليسكوب سنة 1946، عندما بدأ ينشط به 3 فلكيين فقط، وذلك بعد جلبه من الولايات المتحدة الأمريكية مع انتهاء الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها بولندا مدمرة.
و قد أصبح المركز، حسب البروفيسور، الأشهر ببولندا فصار الفلكيون و العلماء و حتى الفلاسفة يأتون إليه للنقاش في معظم العلوم، خاصة أنه يقع في مكان يتميز بطبيعته الملهمة و هوائه النقي بعيدا عن صخب المدينة، حيث يعمل اليوم بالتنسيق مع مراصد أخرى في أوروبا على رصد النجوم و البحث عنها، كما يستعمل في الأبحاث الجامعية، و قد كان «فولسان» و هو أحد عمال التيليسكوب، من بين من رصدوا الكواكب التي تسبح خارج المجموعة الشمسية، حيث كان مرشحا لنيل جائزة نوبل، يقول السيد ستروبال.
تحدثنا إلى الباحث حول موقفه من مزاعم الأرض المسطحة التي تنسف كل جهود علماء الفلك عبر التاريخ، فأخبرنا أن المنادين بهذه الفكرة يفضلون مفاهيم القرون الوسطى لأنها أكثر بساطة، و هم في الحقيقة، كما قال، يهربون من الأسئلة الكثيرة عوض محاولة الإجابة عنها، ليعلق بالقول “هم يختارون الفرار و العودة إلى الوراء و ذلك بتبني فكرة الأرض المسطحة”.
و أضاف البروفيسور أن مثل هؤلاء الأشخاص، مستعدون لتصديق أشياء غريبة بل و أكثرها حماقة، كما أن هذا الأمر يعد بالنسبة لهم لعبة مسلية.. سألنا الباحث كيف كان موقف كوبرنيكوس ليكون لو أنه يعيش بيننا اليوم، فأجاب بأسف “سيكون مصدوما جدا.. ستكون صدمة عظيمة».
“نتائج كوبرنيكوس تعارض الأرض المسطحة»
و يؤكد البروفيسور جمال ميموني، نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء و رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك، أن نيكولاس كوبرنيكوس، كان الشخصية البارزة في الانتقال من الاعتقادات الخاطئة السائدة القرون الوسطى، فقد مهد الطريق لقلب النظام القديم لبطليموس حول مركزية الأرض و بدأت الثورة العلمية بعده، لذلك فإن له مكانة مرموقة جدا في تاريخ العلوم.
و يضيف البروفيسور أن هذا العالم البولندي قلب التصور القائل بأن الأرض مركز الكون، حيث وضع الشمس في مركز النظام الشمسي، و أوضح رئيس جمعية الشعرى أن المنادين بفكرة الأرض المسطحة، يرون أنها مركز الكون، و هذا ما تم دحضه من طرف كوبرنيكوس الذي أكد أنها ليست ثابتة، و إنما تدور حول الشمس و حول نفسها.
و ذكر ميموني أن فكرة الأرض المسطحة و مركزيتها وجدت في الغرب منذ قرون، و لا تزال تلقى تجاوبا لليوم من طرف أشخاص جلهم مسيحيون حرفيون في فهمهم للانجيل، مثلما أكد، بينما بدأت تظهر في عالمنا العربي في السنوات الأخيرة و تحولت إلى “ظاهرة أنترنت”، ينادي بها أشخاص ذوو مستوى علمي محدود و يميلون إلى تصديق ما يعتقدون أنه أقرب إلى ذهنهم، و من بينهم حتى دعاة مسلمون، و ذلك رغم الأدلة العلمية الدامغة التي تدحض هذه الفكرة الغريبة و الساذجة، كما يصفها البروفيسور ميموني.
ي.ب