* رفيـــق طيبــــي
كان المساء جافا قبل أن تنهمر من بين يديها السّواقي.
كانت المساحات بردا قبل أن تلج الخيال.
صارت الجدران بهاءً والسكون أغاني تهلل لعينيها
كيف يجيء البهاء كل مساء واقفا على كتفيها؟
لينهمر مطرا يسقي روحا تحن للبهجة
هكذا تلحّن الوقت دون أن تنطق
تزرع الألوان/ البهاء
تُصيّر المكان حديقة للشِّعر
للأماني ولجنان تتراءى في عينيها أنهارها.
***
عطر la vie est belle يسلك المسام
يقي العُمر من فداحَات الضّجر
يُناور حمرة الرّوح من خجل اللّهفة
يدرّب القلب على تراكم الصّمت.
***
كأس مسائي تصبّه أحداقها في القلب
لينتشي البهاء بأثر بياضها على عينيّ
هكذا تجيء بخطواتها السريعة
فارّة من فراشات تلاحقنها في كلّ مسير.
لتصيّر السّكون صخبا
وتفتّش في عزلة القلب الصامت
عن إمكانات تجدد العشق
عن التفاصيل الصغيرة
عن اشتعالات الرّوح برحيلها.
***
العابرون لا يرون عينيها
حين تمتد قامتها خلف الباب ترى السّائرين
وحدي ألمحُ ارتعاش الزُّجاج كلّما لامسته أنامل الطّفلة
هكذا لا تكبر وكلّما امتدّ بها العمر انفجرت أنوثة
تذهل الشّعراء والعشاق والمجانين.
حنيــن
قرب حقلٍ
تساءلتُ:
عن ابتداع الماء
هل كان لشفتيك دور في تشكّل الطبيعة؟
وهل يحرّك همسك السواقي.
ما حدود الشّبه بينك وبين الأقحوان؟
وسنونوات حرسنك في طريقك نحو بهاء اللّقاء
هكذا انتفيت بأسئلتي بحثا عن ظلّك
كان اللّقاء حلما لا واقعيا
حينما سرت من سيراز إلى وهران
لم يكن لديّ ما يكفي من أحذية للحب.
وحيثما تراءى لي طيفك رأى الآخرون في عينيّ الأغاني
والمُدن البعيدة.
***
الأندلس بين يديك متأسيا:
تأخّر التّاريخ في إلحاقك بمسرح المُلْك.
كان ممكنا أن تكوني سيدة قصر
ولدت متأخرة لتستمري أنشودة لكلّ دهر.
يحيطك من سارت بهم طرقك طويلاً
قذفتهم البراري والصحاري نحو عينيك
وحين رأوك خرّوا ساجدين.
***
تعبدوا عينيك
وكنسوا شوارعهم من أثر النّساء
وتضرّع راسبون في الولاء لأهدابك المغفرة.
خانتك أجزاء من بشرية لا تملك سواك.
حين تحدّث بعضهم عن البهاء دون استحضارك.
***
خنت القلب وأجزاءً من الذاكرة
حينما لم أؤثثهما بك مبكّرا
لم أفتّش في خرائط الأحجار الكريمة
لم أبحث عن عينيك في قواميس تحتفي بالنّفيس.
عثـرت عليك، تعثّـرت بك.
لأراجع تاريخي الشخصي
بممحاة أصابعك على وجنتيّ.
جدّدت اللّغة، وصارت الغلالة أسطورة.