* فريدة بوقنة
مدارُ المجانين
المجانين إرْثُ الشَّتاتِ،،
ونافِلة المُنْتهى؛
خُطّةُ السالِكين إلى المُشْتهى
مرْفأٌ جَرَحَتْهُ المُلوحة،
زُهْدٌ يجُرّ قِيامته باِتجاه الوُجومِ،
هوامِشُ ذاكِرة بايَعَتْ غَيَّها
المجانين شهْقةُ «قيْسٍ» تُفجِّرُ جَمْر الأسى،
سيرةُ العثَرات وهاوِيةُ الواقفين على حافّة المستحيلِ،
وَساوِسُ عاشِقةٍ خاطَتِ المُمْكِنات بِخصْلة شَعْرٍ،
مَزارُ النُبوءة بعد ثُبوتِ اليقينِ،
ملاذٌ تَزلْزَلَ ثمّ رَسا.
المجانين ريشةُ «فان چوخْ» تُدَلِّكُ متْنَ الحياةْ،
وحْيُ «نيوتنْ» لِحُمْقِ السُّقوطِ،
مجاديف «هيمنغوايْ» تحْرثُ البحر،
«ضوءُ القمرْ» يتغلغل بين أصابع «بيتهوفَنْ»،
قِطُّ «إدْغارْ» يُؤَرِّخُ لِلَّعَناتْ.
المجانين بوْصلة الآفلين وجُرْح السُّدى،
زفَرات تقَفَّتْ بِعين المواجعِ،
جنّةُ آدَمَ قبْل اعْوِجاجِ الضُّلوعِ،
دمُ الشُّعراء يُخَضِّبُ وجْه القصائدِ،
نهْرٌ يُساجِل عُمْرَ الندى.
ممرّ الدراويش
لا يزال السُّدى هادئاً
يخدعُ الوقتَ بالوقتِ
يحفرُ قبْر سُلالته طيلة اليأسِ
يُشبه هدْهدة الموج قبل الغرقْ؛
لا تزال الثقوب تضيقُ بمفتاح نومٍ ثقيلْ
تتنهّد ضوء أباجورةٍ قلِقةْ
تتنهّد حشْرجة النايِ
تعوي كغيرانِ جرحٍ كئيبْ؛
لا تزال الطريق مشمّعة بخُطى الغائبينْ
تغرس اللاّفتات على حافة الغيبِ
أو تكتفي بجسورٍ مجنّحةٍ
خانها الطيرانْ؛
لا تزال المرايا مخضّبة بدَمِ الظلِّ
تقرأ كفّ اليقينِ
تُدَلِّلُهُ بالمجازِ
وتهمس في أُذن الرّوح: هاتي رُؤاكْ..؛
وغَدي لا يزالُ مطارا كبيرا
مَمَرّ الدراويشِ
غصّة تأشيرةٍ عاطلةْ
رحلة في مهبّ الفراااااغ.
رؤى
نادرًا ما أجيءُ إلى اِسْمي
المشمّعِ بالضّوءِ،
بُرْج الذين اِستحالوا نجوماً،
فداسوا على ظهْر أُمنية حين قامتْ تصلّي بعكْس اِتجاهِ الأزلْ؛
مِنْ هنا سيَمُرّ الوَشَلْ،
وهنا سوْف تُصلَبُ كلّ الرُّؤى الوانِيةْ؛
حينها،،
ربّما،، ربّما،، سأراقصُ
ظلّي على وقع مسْبَحةٍ مِنْ قُبَلْ،
ربّما سأقدُّ قميصَ الصّدى
لأضمّد جرحَ العُبور إليَّ
بغابةِ سرْوٍ ووشوشةٍ دانيةْ.
لمْ أجدْ بَعْدُ كوخاً لِخابيةِ الحشْرجاتِ،
لِمذْياع صوتٍ قديمٍ،
لـِ»جزْوَةِ» تنهيدةٍ،
لِاسْطواناتِ «باخْ»،
لِخطابٍ تهرّأ وجههُ مِنْ عاشقٍ كلّما سَلّهُ
الفقدُ أفضى إليهْ.
ربّما تاه مِنْ قدمَيَّ المدى،
أو مشى مُسرعاً نحو هسْهسةِ اِسْمي،، فضَلّ الأبدْ.
مذهلٌ كيف تنزلقُ
المُمكنات إلى سِحرهِ،
مذهلُ كيف يركبُ فوق حدود تشتّته حُجّةً منْ زبَدْ.