الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

استلهم منها في كتابة أعماله الأدبية

طفولة محمد ديب على لسان ابنته

يُعرف  الكاتب الراحل محمد ديب بأنه رائد من رواد الرواية والكتابة المسرحية وواحد من الأسماء البارزة في تاريخ الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية، إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن  ديب خاض تجربة مميزة في الكتابة للأطفال نتجت عنها 15 قصة موجهة  للطفل قدمها بشكل مبسط، كما صور فيها أحداثا حقيقية مستلهمة من طفولته أثبت من خلالها حبه للصغار.

كراس الثقافة ارتأى أن يستعيد طفولة الكاتب الراحل محمد ديب، الذي طالما كتب  لعالم الطفولة، في سبيل النهوض بأدبها في العالم أجمع وفي  الوطن العربي والجزائر خاصة،  وهذا من خلال شهادة ابنته آسيا ديب التي مازالت تحاول الحفاظ على ذاكرة والدها من خلال الوقوف على كل ما  نشر من كتابات وصور قبل مماته.


طفولته انعكست على أعماله الأدبية
في لقاء أقيم بداية الاسبوع بالمعهد الفرنسي بقسنطينة،  للحديث عن  مجموعة الحكايات الموسومة بـ»بابا فكران» للكاتب الراحل محمد ديب، والتي أعادت إصدارها مؤخرا دار النشر الجزائرية «البرزخ»،  وعرفت حضور عدد كبير من  القراء الأوفياء  للكاتب، الذين أتيحت لهم فرصة  السفر في عالم   مليء من القصص والعبر،  تحدثت ابنة محمد  ديب آسيا عن والدها قائلة، بأنه كان كاتبا تأثر بعالم  الطفولة، نظرا لفقدانه والده الذي كان كثير التنقل بين المهن لتوفير لقمة عيشه، الأمر الذي حرمه من التمتع بأهم مرحلة من حياته، وتحمل المسؤولية وهو  لم يكد يتجاوز العاشرة من عمره، مؤكدة بأن طفولته تميزت بمآس كانت لها انعكاسات عميقة على طبعه وأعماله الأدبية.
مرت طفولته، بحسب ابنته الكبرى،  بظروف صعبة، فقد  كان الأخ الأكبر والوالد في نفس الوقت  الذي يرعى إخوته و يتم الاعتماد عليه في كل  كبيرة وصغيرة،  فهو الذي يساعد في  توفير لقمة العيش، ويسهر على راحة إخوته،  فترك  عالم الطفولة التي وصفها «بالجنة الضائعة» مبكرا ، ليعود إليها مستقبلا من خلال كتاباته الأدبية.وأكدت آسيا،  بأن  الطفولة بالنسبة لوالدها، تعد من أهم المراحل في حياة الإنسان، ففيها يكون صفحة بيضاء وأرضا بكرا معطاء، تتكون فيها شخصية الطفل الحقيقية.لم يكن محمد ديب، تضيف، مثل غيره من الأطفال بل كان  يثري عقله  ويغذي خياله الأدبي، من محيطه الاجتماعي، كما كان كثير الاحتكاك بجيرانه، وأقربائه، و  يهتم إلى حد كبير  بالحكايات والروايات والأساطير التي تحكيها الجدات، فتجده تارة مستمعا وتارة أخرى شارد الذهن، يتعلم من مضمونها عبرا ودروسا وحكما.ومنذ ذلك الوقت، أولى محمد ديب اهتماما خاصا بالقصص التراثية والحكايات الشعبية،  ما بين الاهتمام الاستثنائي الذي كان يوليه لهذا التراث الحكائي الذي أضافه كسمة إلى أعماله الموجهة للطفل، مؤكدة   أنه كان يصور الواقع  في  عدد كبير من الروايات والقصص كما كان  يبني تصورات سيناريو القصة من واقع حياته الخاصة.
وأوضحت،  بأنه في داخل كل الأشكال الفنية التي أبدع فيها  الأديب  سواء في الرواية، الكتابة، الشعر والفوتوغرافيا، يوجد طفل داخل نسيج ثري من الدلالات النفسية، الاجتماعية، يمثل حبكة الرواية، مضيفة بأن ما يميز قصصه، هو اعتماده في نهاية كل قصة مثلا شهيرا مقتبسا من الأمثال الشعبية التلمسانية، « مشينا على طريق كبيرة ولقينا شكارة جوهر الكبيرة ليا والصغيرة ليك».
تعلق الراحل، في صغره  بمدينة أجداده  تلمسان، التي بدأ حياته فيها،  فاستلهم من حاراتها ومواقعها الأثرية  في رواياته وقصصه، كما كان أول مصور جزائري صور أماكن طفولته، ووضعها في أعماله الأدبية.

وقالت إنه وبالرغم من انتظام إنتاجه وغزارته، كونه الأكثر تأثيراً في الساحة الأدبية من بين أبناء جيله والأجيال اللاحقة التي تتلمذت عليه، طيلة نصف القرن الماضي، إلا أنه بدأ في كتابة الحكايات الموجهة للأطفال مبكرا، حيث نشر في مجلة الأفاق 3 حكايات صغيرة،  ففي سنة 1959، أصدر قصة بابا فكران، وفي عام 1974 نشر حكاية القط الذي يقفز، وقصص أخرى  أما في سنة 1980 قام بإعادة نشر قصة القط الذي يقفز.وأكدت المتحدثة،  بأنه بعد ذلك توقف عن كتابة القصص الموجهة للأطفال، إلى غاية 2002، أي في سنواته الأخيرة حيث وجدت في أغراضه الشخصية مسودة كتب فيها  قصة « الوحش جولي»، وظرف كتب عليه قصة «صاحب الأذنين الكبيرين»، ولكنه لم يكملها.
وأكدت المتحدثة، أن أباها كان يوظف في كتاباته القصصية،  كل ما له علاقة بالموروث  الشعبي  لمسقط رأسه تلمسان، كالأمثال،  وحكايات الأجداد وما إلى ذلك، فضلا عن أنه يحيي أمثالا جديدة في أعماله من وحي خياله.
أنتج 15حكاية موجهة للأطفال
من جهة اخرى، ذكرت المتحدثة  أن دار البرزخ، بدأت في نشر اعمال محمد ديب منذ 20 سنة،  حتى أنه بمناسبة مئوية ميلاده سنة 2020، قامت البرزخ  بإعادة نشر كتابه، الذي يتضمن صورا عن مدينة تلمسان  تعود لسنة 1946.
وأكدت آسيا، بأن اهتمامات الكاتب لم تنحصر في مجال الرواية  بدليل أعماله المتنوعة، من قصص للأطفال، روايات، شعر، مجموعات قصصية وما إلى ذلك، مشيرة إلى أنها تطمح إلى تحويل مؤلفات والدها التي تتحدث عن القصص الشعبية،  إلى أعمال سمعية بصرية لتصل إلى القراء بطريقة تجذب سمعهم وحواسهم أكثر.
وعبرت حفيدته لويزة ديب، عن سعادتها بإدارة الحوار مع عمتها من خلال الرجوع بالذاكرة للوراء، و الحديث عن مساهمة  محمد ديب في تدوين القصص الشعبية الموجهة للأطفال والتي تنقل الأحداث الواقعية التي شهدها الأسلاف، للقراء،  فضلا عن الاهتمام بالثقافة في حد ذاتها، مؤكدة بأن كتابة القصص الحكواتية  مسؤولية كبيرة باعتبارها تثبيت للتراث وأمانة على الأجيال صيانتها، كما أفادت، بأن محمد ديب خلال مسيرته أنتج 15 حكاية  موجهة للأطفال.
و أوضحت،  بأن الأطفال متعطشين لسماع حكايات الجدات باستمرار، ولكن نقص الاهتمام بها،  وراء حرمان الجيل الجديد من القيم والعبر التي كانت تتميز بها القصص القديمة، مؤكدة بأن العمل الجديد الذي  أصدرته دار البرزخ يوم 14 جوان،  هو عبارة عن علبة مكونة من ستة مجلدات جميلة موجهة للأطفال،  تتضمن  قصصا وأحداثا وأمثالا شعبية استلهمها الكاتب  من الثقافة المحلية.
وقالت لويزة، بأنها ساهمت في جميع  مراحل إعداد هذا العمل لمحمد ديب  الذي تم إصداره  من قبل دار النشر «البرزخ»، حيث قامت   بتصميم غلافه الخارجي، كما أرفقت  لكل قصة رسومات تعكس تفاصيل ومجريات الحكاية، مضيفة بأن الحكايات رسمها فنانون من ستة بلدان مختلفة، جولييت ليفيل  من فرنسا، وميريانا فاركاس  من سويسرا،   سونيا بن سالم من تونس، مصطفى سرابي من إيران،  صلاح المور من السودان،  سفيان زغار من الجزائر.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com