قال المتحصل على المرتبة الأولى في القمة العالمية لمجتمع المعلومات 2024 نسيم لوشاني، عن مشروعه مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون بسطيف، بأن أساس الفكرة هو حماية التراث الجزائري من السرقة، وذلك عبر شهادات مشفرة توجد منها نسخة واحدة في العالم عن كل مادة تتم رقمنتها.
حاورته/ إيناس كبير
وأكد الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية للنصر، بأن المتاحف تعد شريكا رئيسيا في المشروع إلى جانب المؤسسات الثقافية على رأسها مديريات الثقافة والفنون لكل الولايات فضلا عن شركات الألعاب، البرمجة والتطوير.
وقد اختير المشروع من بين أحسن 360 مشروعا حول العالم، حسب لوشاني، حيث يرتكز على تقنيات تكنولوجية حديثة على غرار الرقمنة ثلاثية وثنائية الأبعاد، تقنيات المسح الليزري، تقنيات الذكاء الاصطناعي وأيضا الواقع المعزز وتقنيات «الميتافيرس» التي اعتبرها مهمة جدا كونها تساعد على الانتشار العالمي في وقت قصير.
كما أفاد محدثنا، بأن الأجانب متحمسون للتعرف أكثر على التراث الجزائري، لاسيما الدكاترة و الباحثين في مجال، بينهم خبراء من إيطاليا وكوريا الجنوبية، يتابعون عن كثب هذا المجال.
المشروع انطلق من مشكلة سرقة التراث
يقول صاحب فكرة مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون بسطيف، ورئيس جمعية «رقمنة» للتكنولوجيا والعلوم، نسيم لوشاني، إن التخطيط للمشروع بدأ قبل نحو سنتين، وانطلق من نقاش مع مختصين في مجال التراث والفنون تناول المشاكل التي تواجه هذا المجال على رأسها السرقة من طرف دول مجاورة، وخرجوا بحل وهو الاستفادة من الرقمنة في دمج شهادة ملكية افتراضية مع التراث والآثار والفنون بطريقة احترافية، وشرح لوشاني، بأن كل مادة أثرية مرقمنة تُنشأ لها شهادة مشفرة توجد منها نسخة واحدة في العالم.
وقد وصلت الفكرة إلى مرحلة التحول إلى مؤسسة ناشئة، حسب صاحبها وهم الآن في مرحلة الاختبارات، وأردف بأن خبراء من الأمم المتحدة أجمعوا على نجاح المشروع إذا نُفذ تبعا لتفاصيله، كما نال ثناء خبراء من «اليونيسكو» والاتحاد الدولي للاتصالات، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي «أو آن دي بي».
ويتكون الفريق القائم على مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون، من مستشارين في التراث والفنون، وخبراء في التكنولوجيا، الذين اهتموا بجوانب عديدة كما تباحثوا جانب دمج تقنيات «ميتافيرس» والتوأم الافتراضي والرقمي، وهي خطوة اعتبر محدثنا، أنها ستحمل المشروع إلى مستويات أكثر تطورا.
المشروع يواجه التحديات الحديثة لحماية التراث
وأكد لوشاني، على أن مشروع مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون، يهتم بكل الموروث الجزائري، غير أنه خُصص لولاية سطيف كبداية، كونها غنية ثقافيا على غرار باقي الولايات، فضلا عن أنها الأقرب جغرافيا لجمعية رقمنة للتكنولوجيا والعلوم، المتواجدة بولاية برج بورعريريج.
وأضاف بأن الغاية الأساسية منه تكمن في حماية والحفاظ على التراث والفنون من السرقة، من خلال إنشاء قاعدة بيانات احتياطية ذات نسخ رقمية ثنائية وثلاثية الأبعاد، خصوصا بعد أن أصبح هذا الجانب يعرف تحديات جديدة استحدثها التطور التكنولوجي، مثل السرقة عن طريق المسح ثنائي وثلاثي الأبعاد للتراث، حيث بإمكان أي زائر أجنبي أن يقوم بتصوير معالم أثرية، أو التقاط صور لأي موروث ونسبه لنفسه أو إصدار شهادة ملكية افتراضية له، وهو ما اعتبره أمرا خطيرا.
ولمواجهة هذه التحديات وظفت تقنيات تكنولوجية حديثة، مثل الرقمنة ثلاثية الأبعاد و تقنيات المسح الليزري، إلى جانب الرقمنة ثنائية الأبعاد عالية الدقة، فضلا عن الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد عليه التطبيق الخاص بالمركز، وكذا تطبيق محرك البحث، و كذا تقنيات التوأم الافتراضي التي تجمع بين التقنيات ثلاثية الأبعاد وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تقنيات الواقع المعزز، وقد وصفها محدثنا بأنها مهمة جدا من أجل الانتشار العالمي في وقت قصير.
ووفقا لصاحبه، يسهل مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون بسطيف، التعامل مع شركات ألعاب من خلال توفير محتوى لهم يساعد على الترويج السياحي الرقمي للتراث والفنون، بهدف تحفيز الشباب على زيارة الجزائر واستكشاف موروثها، فضلا عن تمكين الباحثين والطلبة من استخدام نسخ من هذا الموروث الرقمي بشكل حر في دراساتهم الأكاديمية.
بطل العالم في القمة العالمية لمجتمع المعلومات
وشارك مشروع مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون، المصمم من قِبل جمعية رقمنة للتكنولوجيا والعلوم، في مسابقة جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات 2024، التي اُقيمت مؤخرا في العاصمة السويسرية «جنيف»، وقد نال المرتبة الأولى متفوقا على 360 مشروعا من حول العالم، وقد وصف رئيس الجمعية نسيم لوشاني، المراحل التي سبقت المشاركة بالصعبة نوعا ما، إلا أنهم استطاعوا التميز والحصول على لقب بطل العالم كما قال.
وكشف، بأن خبراء الاتحاد الدولي للاتصالات، و»اليونيسكو»، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي «أو آن دي بي»، أجمعوا على أهمية المشروع، وقدرته على عمل نقلة نوعية في هذا المجال، كما مثل صاحبه بصفته خبيرا في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية، الجزائر في فعاليات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي الجيد واستعمالاته في الفترة نفسها، قائلا بأنه رفع توصيات باسم الجزائر نالت استحسان الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات الأمر الذي يراه إضافة مهمة للمشروع والوطن.
وقال محدثنا، إن دولا عربية وأجنبية عرضت عليهم نقل تجربة المشروع إليها لكنهم رفضوا، ووجهوه لخدمة التراث الثقافي والفني الجزائري.
كما أخبرنا لوشاني، بأنه كان يتابع كل ما يتعلق بالتراث والفنون في الجزائر، وعمل بشكل مكثف على حل بعض المشكلات خلال السنوات الأخيرة، وأتبع بأن مشاركته العمل مع علماء في التراث من دول عربية وأجنبية أكسبه خبرات نقلها إلى الجزائر للاستفادة منها.
تعاون مع واتفاقيات لخدمة التراث الجزائري
ويعتبر الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية، المتاحف والمؤسسات المهتمة بالثقافة و على رأسها مديريات الثقافة والفنون، شركاء أساسيين في العمل لأجل تطوير المشروع وإنجاحه، وكشف بأنهم يسعون أيضا للحصول على شركاء استراتيجيين آخرين على غرار شركات الألعاب، والبرمجة والتطوير، فضلا عن تخصصات أخرى للعمل سوية، وأفاد بأن جمعية رقمنة للتكنولوجيا والعلوم تبذل جهودا كبيرة في هذا الشق، إلى جانب مساعيهم للحصول على تمويل للمشروع.
وفي سياق متصل، قال رئيس الجمعية، بأنه أجرى مقابلة مع المدير العام للمركز الوطني للمخطوطات لولاية أدرار، حيث تبادلا آراء حول إمكانية رقمنة المخطوطات وضمها لقاعدة بيانات المشروع وذلك لكونها جزءا مهما من ذاكرة الجزائر التاريخية.
دعم النشاطات التي تعنى بالتراث والفنون
كما أكد نسيم لوشاني، على أهمية توظيف التكنولوجيا في حماية التراث واستغلال مخرجاتها للتعريف به لاسيما عن طريق السياحة الافتراضية، الألعاب الإلكترونية، « الميتافيرس»، وشهادات الملكية الافتراضية، وسلسلة الكتل «بلوك تشين»، وذكر بأن هذه المفاهيم مجسدة في مشروع مركز رقمنة وتوثيق التراث والفنون بحذافيرها.
وأتبع، بأن دعم نشاطات المؤسسات الثقافية الناشئة المهتمة بالتراث والفنون أصبح أمرا ضروريا، متمنيا تضاعف عدد هذه المبادرات، خصوصا وأن كل العالم يتوجه إلى هذا المجال مستثمرا في شقه الترفيهي، ما زاد من الطلب والاقبال عليه، وأردف بأن الجزائر من بين الدول التي تملك كنزا تراثيا رقميا بإمكان الشباب الاستثمار فيه، والترويج للسياحة من خلاله وبالتالي تنشيط حركة العملة الصعبة في البلد.
وأكد محدثنا، بأن التراث الجزائري يملك فرصا عديدة في الخارج خصوصا وأن الأجانب متحمسون للتعرف عليه، فضلا عن دراسة تراث شمال إفريقيا من طرف خبراء دوليين على غرار إيطاليا، وكوريا الجنوبية واليابان، الذين قال عنهم لوشاني إنهم يتابعون عن كثب هذا المجال. إ.ك