الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

ماذا يقرأ الجزائريون في فصل الصيف؟

تحاول النصر في هذا العدد من "كراس الثقافة" رصد اهتمامات قراء في مختلف أنحاء الوطن، صيفًا، ولعل القاسم المشترك في الاستطلاعات التي قمنا بها هو الاهتمام بالرواية، من الكلاسيكيات إلى الرواية البوليسية إلى جانب الكتابات التاريخية، وكذلك بروز فئة من قراء الإنجليزية.
ويؤكد مكتبيون أنهم اضطروا للتكيف مع ما تفرضه السوق الالكترونية التي سرقت منهم القراء الأوفياء، وكشفوا بالمناسبة أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورا في توجيه القراء نحو أعمال بعينها.
وحتى وإن كانت العينة التي تمكنا من استهدافها، غير تمثيلية، ولا تقدم صورة دقيقة عن توجهات القراء، فإنها تقدم ملمحا عاما عن هذا النشاط الحيوي في حياة الشعوب والأمم، يجب الاهتمام به وترقيته.

مكتبات قسنطينة تتكيف لمواجهة السوق الرقمي
اهتمام بالروايات و قراء يفضلون الإنجليزية
قال أصحاب مكتبات بقسنطينة للنصر بأنهم يكيفون نشاطهم حتى يتمكنوا من الصمود، خصوصا في المواسم التي يفترض أنها خصبة كالصيف مثلا، ويعملون لذلك على تتبع الطلب وتوفير ما يريده القراء على قلتهم، ككتاب الجيب الذي عاد نسبيا و إصدارات الروائيين الجزائريين و أعمال من الأدب الروسي، وترجمات صارت رائجة هذه الفترة خصوصا ما خط بالإنجليزية.

روبورتاج / أسماء بوقرن

يقول مواطنون شملهم استطلاعنا،أن الجزائري لا يزال يقرأ الكتاب ولو بالشكل القليل وبالأخص صيفا، ويرى أصحاب مكتبات بقسنطينة، بأن القراءة لا تقتصر هذه الأيام على تصفح النسخ الورقية، لأن الكتاب الإلكتروني فرض نفسه بقوة، إلى جانب الكتاب المسموع المتاح على المنصات التفاعلية.
قبل زيارتنا إلى عدد من المكتبات، قمنا بجولة افتراضية عبر مواقع إلكترونية مهتمة بتنزيل آخر الإصدارات مجانا أو توفيرها بمقابل مادي بسيط عن طريق الدفع الإلكتروني، للحصول على نسخة رقمية أو ورقية، بعد تسديد المبلغ بواسطة بريدي موب أو بتطبيق "بيبل"، باستخدام بطاقة فيزا.
لاحظنا وجود عديد الصفحات والمجموعات المهتمة بالأدب على مواقع التواصل، إلى جانب مدونات كثيرة، تنشر الأعمال الروائية عموما و تتيح أحيانا روابط تحميل بعض النسخ، وقد بدا التفاعل كبيرا حسب ما تعكسه التعليقات على المناشير.
ونذكر على سبيل المثال، صفحة "مكتبتك 58 ولاية"، التي توفر باقات كتب متنوعة مع تخفيضات مغرية في الأسعار وتقدم عن كل طلبية تفوق 5 آلاف دينار هدية خاصة.
الغلبة للكتاب الجزائريين
زرنا عدد من المكتبات الحقيقية بقسنطينة للاطلاع على ما يطلبه زوارها و رواد صفحاتها ومواقعها الإلكترونية، فدخلنا مكتبة نوميديا الثقافية، وعرجنا على مكتبة بلوزداد، ثم توقفنا في مكتبة بوك زون، وقد علمنا صاحبها الناشر هارون حمادو، أن الطلب على الكتاب الورقي جد منخفض حتى في فصل الصيف، ولا يقتصر سوى على فئة محدودة جدا من المثقفين والجامعيين الذين جرت العادة أن ينظموا برنامج قراءتهم حسب المواسم، فنجدهم كما عبر، منذ افتتاح السنة الثقافية يتابعون آخر الإصدارات الأدبية تحضيرا لزيارة الصالون الدولي للكتاب الذي تقام فعالياته في فصل الخريف من كل عام، وبانقضائه يتفرغون للإصدارات المتعلقة باختصاصاتهم على اختلافها وتنوعها.
و تتنوع اهتمامات هذه الفئة من القراء حسب المواسم عادة فيخصصون عطلة الصيف الطويلة للمطالعات المثيرة والخفيفة في آن واحد، على غرار الروايات البوليسية أو أدب الرسائل وأدب الرحلة، والمذكرات التاريخية، كما أنهم يتابعون اللقاءات المنظمة في هذا السياق، لاسيما تلك المتعلقة بالقضايا الراهنة وعلى رأسها الحرب في غزة.
يشاطره عبد الحميد ربيعي، صاحب مكتبة بلوزداد، نفس الرأي، ويضيف بأن المقروئية في نظره في تراجع والفئة التي تهتم بالقراءة قليلة وتنقسم بين الشباب والكهول، حيث يميل الشباب إلى العناوين المتعلقة بروايات الفانتازيا والروايات البوليسية وأعمال الخيال العلمي، إلى جانب كتب التنمية البشرية التي لا تزال تحظى باهتمام لكن ليس بالشكل الكبير.
والملفت حسبه، هو الاهتمام المتزايد بالمطالعة باللغة الإنجليزية، ناهيك عن عودة محتشمة لكتاب الجيب الذي يفضله الكهول، أما أكثر العناوين طلبا فهي أعمال الكتاب الجزائريين من أمثال ياسمينة خضرا ومحمد ديب وكاتب ياسين.
هؤلاء يفضلون القراءة بالإنجليزية
من جهته، قال وليد رزقون، صاحب مكتبة نوميديا الثقافية، بشارع بلوزداد، بأن هناك ميلا متزايدا بين الشباب والمراهقين للقراءة باللغة الإنجليزية، بل هي موضة بين جيل التسعينات إلى بداية الألفية الثانية، مقدما تفصيلا بخصوص أكثر العناوين مبيعا والمجالات المفضلة، حيث تأتي الروايات على اختلافها في المقدمة، متبوعة بكتب التنمية البشرية ومن العناوين الأكثر مبيعا، رواية " أرض زيكولا"، وكتاب "عقدك النفسية سجنك الأبدي" ليوسف حسني، فضلا عن كتابي "فن اللامبالاة" و "العادات الذرية" و العنوان المثير "محاط بالحمقى".
وذكر، أن هناك اهتماما بالأدب الروسي، و طلبا على الروايات على اختلافها مثل سلسلة "خوف" لأسامة مسلم، "في قلبي أنثى عبرية، و "قواعد العشق الأربعون"، كما أشار إلى الاهتمام بعناوين الكاتب السعودي أحمد آل حمدان، وبعض الكتب الدينية على غرار " رسائل من القرآن" و"فاتتني صلاة" لإسلام جمال.
موضة الأدب الروسي
من القراء الذين التقتهم النصر، وجمعنا بهم حديث الشابة أمينة، التي قالت إنها تضع القراءة في مصاف أولوياتها، حيث تقصد المكتبات بين الحين والآخر للاستمتاع بالتجول بين الرفوف وتصفح العناوين الملفتة، ولاقتناء ما يثري مكتبتها الشخصية الغنية بالعناوين سواء في مجال الرواية أو الكتب الأخرى.
محدثتنا، أشارت إلى أنها من عشاق الروايات منذ سن المراهقة وقد كانت الشراع الذي قادها للتوغل في بحر القراءة، ليتغير بعدها توجهها الأدبي والمرتبط حسبها بالمرحلة العمرية، فعند التحاقها بالجامعة شعرت بالحاجة للقراءة أكثر وبشكل مختلف، لتطور ذاتها و تكتسب معارف جديدة، و قدرة على التحليل، لذلك اتجهت إلى كتب التاريخ والروايات من نفس الصنف.
ومن العناوين التي قرأتها "ثلاثية غرناطة" و " ورجل في الظلام" للكاتب بول أوستر، وعناوين مختلفة لدان براون، الذي يمزج بين الخيال العلمي والأديان، كما تتابع إصدارات كل من أيمن العتوم وإلف شفق وأدهم الشرقاوي، ومن الروايات التي طالعتها مؤخرا، ونالت إعجابها عمل للروائي المصري أحمد خالد توفيق "يوتوبيا".
أما بشرى صاحبة 27 سنة، فمن المولعات بالقراءة وعلاقتها بالمكتبة متينة منذ الصغر، وقد اعتادت القراءة صيفا خلال العطلة الطويلة، قالت لنا بأنها قرأت عددا لا بأس به من الكتب والروايات القديمة، وحتى صفحات الجرائد التي تعنى بكل ما هو أدبي وثقافي. وحسب الشابة التي تحمل شهادتين ماستر في الترجمة، وليسانس في علم النفس، فإن العمل في مجال قريب من الكتاب و الأدب عزز حبها لقراءة كل شيء تقريبا حيث تطالع هذه الأيام كتابا بعنوان " حوار مع صديق ملحد".
وتنتقي بشرى عناوين كتب كلاسيكية كما تتابع وتطالع إصدارات جديدة وتخصص جزءا من برنامج القراءة لكتب التخصص، المتعلقة بالترجمة وعلم النفس، وتلتهم بالعموم 12 كتابا في السنة، أو أكثر أحيانا، إلى جانب كتاب الجيب الذي تجمعها به علاقة خاصة، فتراه رفيقها الذي لا يمل من مجالستها في الطريق من وإلى العمل، كما تهتم بالأدب الروسي، وتعشق أعمال فيودور دوستويفسكي، وتجد متعة في القراءة للروائي العالمي أمين معلوف، وآخر ما قرأته له رواية سمرقند و " les echelles du levant".
كما تقرأ لمليكة مقدم، و لمالك بن نبي في كتب الفكر، مشيرة إلى أنها تتابع شخصيات مثقفة، من بينهم الفنان وأستاذ اللغة الفرنسية كمال عبدات، الذي يخصص حيزا من صفحته لنشر عناوين مهمة.
تطبيقات تنظيم القراءة
الشابة، أوضحت بأنها أصبحت تميل إلى الكتاب الإلكتروني لتوفره بقوة و لمسايرة الركب في سبيل الوفاء للقراءة، فتجد في تحميل الكتاب الرقمي وشرائه حلا ناجعا يضمن وفائها الدائم لخير جليس، كما يتيح إمكانية تصفحه عند النوم دون إزعاج من يشاركها الغرفة، وتفتحه على الهاتف أينما شاءت.
و تحدث بعض من قابلناهم كذلك، عن تطبيقات تنظيم القراءة، بوصفها من أحدث التقنيات بضمان الانضباط، مثل تطبيق "goodreads"، حيث يضع مستعمله الهدف المرجو مع تحديد المحتوى وعدد الصفحات، ويضبط التطبيق برنامجا للقراءة مع تحد لإكمالها مع إمكانية إدراج آخرين في نفس البرنامج ليصبح التحدي جماعيا.
وهناك أيضا، تطبيق "واتباد" الذي يجمع ملايين الكتاب والقراء عبر العالم، إلى جانب الاعتماد على قنوات تلغرام لإيجاد روابط تحميل الكتب والاطلاع عليها.
من جانبها قالت أميمة، متحصلة على ماستر 2 في علوم الإعلام والاتصال، أنها تقرأ صيفا وتحب الروايات تحديدا إلى جانب الكتب العلمية التي زادت من رصيدها المعرفي وساعدتها القراءة كما عبرت على اكتساب مهارات وفنيات الكتابة السليمة، حيث تجد سهول في نقل قصة ووصف مشهد بتفاصيله، وتنتقي عناوين تاريخية وأخرى ثقافية، كما تخصص حيزا من وقتها لقراءة كتب تطوير الذات بهدف إحداث التوازن و كذا كتب التنمية البشرية، وأخرى في علم النفس، وحتى كتب الغذاء والصحة، ومن بين العناوين التي أحبتها كتاب "اعرف وجهك الآخر" و "عقدك النفسية".
تغير في مؤشرات القراءة
الشابة أوضحت لنا، بأن القول بأن الشباب لا يقرأ فيه إجحاف ، لأن مؤشرات القراءة اختلفت كثيرا في السنوات الأخيرة، ولم تعد مرتبطة بمعدل زيارة المكتبة و تصفح الرفوف، على اعتبار أن شبكة الإنترنت وفرت بدائل عدة.
وقالت، إنها وبعض ممن تعرفهم يفضلون المكتبات الإلكترونية، وتقديم طلبيات عبر النت، سواء لتحميل الكتب "أون لاين"، أو لاقتناء الكتب الورقية عن بعد، فضلا عن المشاركة في دورات خاصة بالمؤلفين، ومتابعة صناع محتوى الثقافي الذين يتحدثون عن أحدث الإصدارات، و الذين تعتبر مدوناتهم بوصلة لاختيار بعض العناوين لمكتبتها الشخصية.
مشيرة إلى أن العملية سهلة عن بعد، لتوفر إمكانية الدفع الالكتروني والتسديد عن طريقي "بريدي موب"، أو الشراء ببطاقة الفيزا عبر تطبيق "بيبل"، إذ كانت المكتبة خارج الوطن، و تنشط كثيرا عبر حسابات ومجموعات إنستغرام وتلغرام، لتقفي أحدث الروابط الخاصة بتحميل بعض الأعمال التي يصعب الوصول إليها أو المكلفة.
وقد قامت مؤخرا، بتحميل كتب حول "تاريخ تطور الألبسة والأزياء ونوعية الأقمشة عبر العصور".
القراءة بالعربية تروي عطشي الأدبي
وليد ابن مدينة عنابة، الذي قابلناه بمكتبة بوسط مدينة قسنطينة، قال إنه يبحث عن عنوان للكاتب مصطفى محمود، بعد أن قرأ عدة منشورات تثني على محتواه، وأنه كقارئ وفي للكتاب في كل الفصول وليس فقط صيفا، حيث يطالع أعمالا من الأدب العالمي لغابريال غارسيا ماركيز، و إليزابيل اليندي، وماريو فارغاس يوسا، من أبرز كتاب أمريكا اللاتينية المعاصرين، كما يهتم بالأدب الروسي ويقرأ لدوستويفسكي.
وآخر رواية طالعها كانت"شيفرة دافنشي" للكاتب الأمريكي دان براون، فيما يقرأ حاليا كتاب مباهج الفلسفة. أ ب

شبكات التواصل أثرت في الاهتمامات
هذا ما يطلبه القراء بوهران صيفا
يقول محمد بن حليمة، صاحب مكتبة بوهران، إن الكتاب الإلكتروني صار منافسا قويا بل وسرق قراء الورق، مشيرا إلى أن شبكات التواصل صارت تتحكم بشكل لافت في اختيارات القراء الذين يترددون على مكتبته
محدثنا، اعتبر بأن هناك نوعا من العزوف مقارنة بما مضى من السنوات، فحتى نهاية التسعينيات كانت هناك سوق نشطة للكتاب بوهران التي كانت تضم وحدها ثماني مكتبات كبيرة، ليتقلص العدد اليوم إلى اثنتين و هو ما أثر على واقع القراءة، وقد صار الأوفياء للكتاب يعدون على الأصابع بل ومعروفين لدى الكتبيين.

وبخصوص أهم العناوين التي يطلبها المترددون على مكتبة بن حليمة، فتتنوع بين الكتب العلمية والروايات التي لازالت تستهوي الكهول فوق سن 50 عاما، و هناك كتب معرفية وأخرى فكرية وكتب للتعلم.
قراء يفضلون المكتبات العمومية بسبب غلاء الكتب

أما السيد محمد مغربي، المكلف بتسيير المكتبة البلدية بختي بن عودة بوهران، فقال "بأن الكتاب هو بنزين صناعة أي ثقافة "، وأنه متواجد بهذه المكتبة المعروفة عند الوهرانيين بـ "الكاتدرائية"، منذ 36 سنة، وهو ما يخوله للقول بأن القراءة تراجعت كثيرا حتى صيفا، بعدما كان القراء يترددون على المكتبة في هذه الفترة كثيرا بالنظر لتزامن الصيف مع العطلة، وقال إن قراء اليوم، هم المهتمون بالجانب الأكاديمي و الذين يبحثون عن أعمال في العلوم التطبيقية التي تتطلب التجديد من حين لآخر، والأمر سيان بالنسبة للدراسات اللغوية، فحسبه حتى مناهج اللسانيات يتم تحيينها دوريا مع المقاربات العلمية في اللغة.
وأضاف، أن ضعف المقروئية هي ظاهرة عالمية ولا تخص بلدنا فقط، و الكتاب الورقي بحاجة إلى الترويج والتسويق أكثر، ففي المكتبة التي يسيرها مثلا، يتم الاعتماد على نظام التسجيل الذي يسمح لصاحبه بالمطالعة أو إنجاز أعماله العلمية في المكان، أو أخذ الكتب معه إلى المنزل وإرجاعه بعد المدة المتفق عليها.
مردفا أن المكتبة العمومية تضم حوالي 100 ألف كتاب موزعة على 13 ألف عنوان بعدة لغات وهي العربية، الفرنسية، الإنجليزية والروسية، وبعضها بالألمانية ولغات أخرى، وأن عدد المنخرطين كان في السنوات الماضية كبيرا، يناهز 4 آلاف شخص من مختلف الفئات والأعمار والتخصصات، ناهيك عن الوافدين يوميا، أما اليوم فالمتواجدون يعدون على رؤوس الأصابع ويرتفع العدد نوعا ما قبيل الامتحانات فقط، لأن التلاميذ لا يقصدون المكتبة صيفا بل يلجأون إليها للمراجعة وحسب.
ولكن ورغم كل هذه النقائص، قال السيد مغربي إنه توجد فئة تقرأ صيفا، وهم في الغالب شباب يهتمون بما هو متوفر من روايات جديدة يفضلون مطالعتها في المكتبة واستعارتها، بدل شرائها لارتفاع أسعار الكتب الورقية، خاصة الجامعيون الذين يعتمدون كذلك على الكتب التي تعنى بتخصصاتهم الدراسية و الشغوفون بالقصص كذلك.
طلب كبير على كتب التنمية البشرية
من جانبه، أخبرنا محمد قدوري، صاحب محل لبيع الكتب خاصة العتيقة، أن العناوين الأكثر مبيعا في السنوات الأخيرة، سواء باللغة العربية أو الفرنسية وحتى بالإنجليزية، هي كتب التنمية البشرية التي يتهافت عليها الشباب من 16 سنة إلى غاية 30 سنة، وأنه منذ جائحة كورونا، أصبحت مبيعات الكتب عموما في تراجع فبعدما كان يبيع ما يقارب 80 كتابا يوميا من مختلف الأصناف تراجع نشاطه إلى النصف تقريبا.
محدثنا الذي قضى 30 سنة بين الكتب، يرى بأن التكنولوجيا أنجبت قارئا مختلفا يبحث عن التعاملات السهلة، وهو قارئا يجب أن يطلبه الكتبي ولا ينتظر مروره، بل يذهب إليه عبر التواجد على الشبكة العنكبوتية وذلك فقد أنشأ صفحة على فيسبوك يعرف من خلالها بما يتوفر لديه من كتب قديمة و جديدة، مضيفا أنه بهذه الطريقة أصبح يلبي الطلبات حتى للقاطنين خارج وهران، من خلال إرسال الكتب عبر شركات التوصيل المختلفة.
مبرزا أن سعر الكتب عنده تتراوح ما بين 400 دج إلى 5000 دج حسب قيمتها.
القصص البوليسية معشوقة الجميع

علمنا من مهدي بائع في فضاء للكتب بوهران هو عبارة عن سيارة معطلة يعرض عليها والده عمي موسى الكتب، أن اهتمامات الشباب من أمثاله، تتمحور حول الروايات، وقال الشاب إن العديد من القراء الأوفياء يترددون على المكان بشارع الأمير عبد القادر للبحث عن كتب قديمة وأخرى جديدة أحيانا، وأن فئات القراء مختلفة وتضم مراهقين وشبابا وكهولا أيضا، حيث تستهوي الروايات والقصص البسيطة غير المعقدة الشباب، إلى جانب الاهتمام الكبير من قبل كل الفئات بالقصص البوليسية.
وأوضح أن أسعار الكتب في المكان مناسبة ومغرية جدا، وهو ما يجعله مقصدا للقراء صيفا حتى بعض السياح كذلك، إذ تتوفر عناوين جيدة بمبلغ قد لا يزيد أحيانا عن 50 دج، وذلك حتى يتسنى للجميع قراءة أكبر عدد منها، وهذه الطريقة حفزت الكثيرين على القراءة حسبه، مبرزا أن المؤلفين المطلوبين أكثر من طرف الشباب، هم محمد ديب، كاتب ياسين، مولود فرعون إضافة إلى "بلزاك و إيميل زولا و فيكتور هيغو.
ويعد الأدب الروسي موضة، فقد زاد الطلب مؤخرا على كتاب من أمثال "دوستويفسكي"و "تشيكوف". مقابل ذلك، تستهوي المجموعات الروائية المختلفة كبار السن، كما أن المؤلفات المكتوبة باللغة الإنجليزية رائجة جدا بين المراهقين والطلبة، إلى جانب الأعمال المكتوبة أو المترجمة إلى اللغة الإسبانية.
وقال محدثنا، إن مشكلة المقروئية صيفا لا ترتبط بالأساس بالاهتمام أو الإقبال، بل يشمل كذلك سعر الكتاب فالرواية التي كانت تتوفر قبل سنوات مقابل 300 دج، تكلف اليوم 1500دج فما فوق، ولذلك يقصد الشباب المكتبات الإلكترونية لتحميلها مجانا.
بن ودان خيرة

تراجع قراء الفرنسية وبروز قراء الإنجليزية
إقبال على الروايات والأعمال التاريخية بعنابة
وقفنا بمكتبة الثورة وهي أعرق وأكبر مكتبة بعنابة، على واقع الكتاب والقراءة، وعرفنا خلال حديثنا إلى مٌسيرة المكتبة السيدة فاطمة الزهراء مليك، وإلى بعض القراء، أن هناك جوانب كثيرة تتحكم في علاقة الجمهور بالكتاب طوال السنة وفي موسم الصيف تحديدا.

بعد جائحة كورونا عاد الإقبال على الكتاب وانتعشت المقروئية بشكل لافت حسب مليك، موضحة بأنه لا يمكن إغفال تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في هذا التحول، لأنها صارت تروج للكتب بشكل كبير وتشجع على قراءة العناوين الأكثر شعبية.
ولذلك فإن المكتبات صارت تسعى حسبها، إلى توفير الكتب الشهيرة على المنصات، حتى وإن كانت إصدارات حديثة جدا وطبعات أولى، وذلك تلبية لرغبات وضغط القارئ وإلحاحه يوميا حتى يتحصل على الكتاب أو الرواية التي يرغب فيها، وقد ساهمت المنصات كما أكدت في عودة القراء هذا الموسم.
" الترند" يضبط بوصلة القراء الشباب
وهناك حسب المتحدثة، نوعان من القراء، فئة تتصفح الكتاب مع تقييمه إذا كان مهما ويستحق القراءة حتى تقتنيه، وشباب يقرأون الكتب تحت تأثير ما ينشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويتأثرون بالتفاعل ويوجههم " الترند" حول بعض العناوين وما يلحقها من جدل، كما يستخدم هؤلاء الإنترنيت للتسوق من المكتبات الإلكترونية.
وسجلت مكتبة الثورة، طلبا متواصلا على بعض الروايات أبرزها "أرض زيكولا"،و "قواعد جارتين"، و" أمواج أكما"، إضافة إلى روايتي "أنتيخريستوس" و "أرض السافلين" للروائي أحمد خالد مصطفى، وكذا ثلاثية عمر عبد الحميد، بالإضافة إلى المجموعة الكاملة لأسامة مسلم "خوف، وبساتين وعربستان" وهي أهم العناوين المطلوبة بكثرة وبشكل يومي.
وتشير مسيرة المكتبة، إلى الاهتمام أيضا بالروايات والعناوين المكتوبة باللغة العربية الفصيحة، كما تتصدر روايات أحلام مستغانمي و واسيني الأعرج وياسمينة خضرا أعلى المبيعات، علما أن رواية " فضل الليل على النهار " تبقى الرقم واحد من حيث عدد المبيعات قياسي، رغم مرور سنوات على صدورها.
كما لقيت رواية " زنقة الطليان" للأستاذ والأكاديمي من ولاية عنابة بلكبير بومدين، اهتمام القراء أيضا، وقام سياح عرب باقتنائها، كما تمت ترجمتها لعدة لغات منها الصينية.
ويبدأ الاهتمام بالروايات الخيالية من عمر 12 سنة حسب فئات القراء، كما أوضحت محدثتنا، و عد رواية "أرض زيكولا"، طلبهم الأول، علما أنها تجد حرجا في بيع الروايات للأطفال بهذا السن وفق تعبيرها، ويبقى القرار أحيانا في يد أوليائهم الذين يرافقونهم.
الإنجليزية تزاحم الفرنسية وتسرق اهتمام القراء
وتتصدر كتب التنمية البشرية و الروايات باللغتين العربية والإنجليزية أصناف الكتب الأكثر مبيعا وطلبا، حيث يوجد إقبال على الروايات العربية التي تهتم بقصص الرعب والخيال، و حتى الكتب الفلسفية على غرار أعمال " دوستويفسكي" التي أحيتها الاقتباسات على مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك اهتمام أيضا، بالكتب التاريخية التي تتناول تاريخ الجزائر والعالم بشكل عام، والتي لها جمهور من الكهول و الأكاديميين والأساتذة الجامعيين، الذين يهتمون بالإصدارات في مجالات التخصص كذلك .
وأهم ما لفت النصر، في حديث مع بعض القراء هو ميلهم للقصص التي يوجد فيها نوع من الخيال والتشويق، و تفضيل الأعمال التي تستخدم لغة بسيطة وغير معقد.
كما يوجد اهتمام ببعض العناوين والكتب الدينية، حيث لا يزال كتاب "فاتتني صلاة" للكاتب إسلام جمال يحقق أعلى المبيعات، إلى جانب كُتب أخرى مثل" الداء والدواء" لابن القيم الجوزية، و" جدد حياتك" لأبو حامد الغزالي.
وحسب ما استقيناه من محدثينا، فالطلب على الكُتب الصادرة باللغة الفرنسية في تراجع كبير، وهو ما أكدته السيدة فاطمة الزهراء مليك، مسيرة مكتبة الثورة، موضحة أنه صار منحصرا في فئة معينة من الكهول، أما الشباب فقد أصبحوا يفضلون اللغتين العربية والإنجليزية. حيث تستقبل المكتبة طلبات كثيرة على أجدد الأعمال باللغتين و على أعمال وعناوين بعينها، خصوصا تلك التي يتم الإعلان عن صدورها عبر الإنترنيت و وسائل التواصل الاجتماعي، وتحقق انتشارا واسعا وتصنع الحدث، مع ارتفاع الطلب على القواميس والموسوعات وكذا الروايات وغيرها من الكتب باللغة الإنجليزية، مع مضاعفة عدد الطبعات في كل مرة لمجاراة الطلب.
حسين دريدح

الرواية في مقدمة اهتمامات القراء
الكلاسيكيات والعناوين التاريخية خيار غالب بباتنة
رصدت النصر انطباعات لمرتادي المكتبات ولأصحابها بباتنة، أجمع خلالها قراء، على التوجه نحو الروايات سواء الحديثة منها أو كلاسيكيات الأدب، فضلا عن الأعمال التي تصنع الحدث وتثير الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويشد القراء الرحال نحو المكتبات و يختارون كتاب الرصيف كذلك.

تمثل مكتبة قرفي، رمزية خاصة لسكان باتنة، لأن اسم صاحبها المرحوم المجاهد عمار قرفي، ارتبط بالطباعة والكتاب غداة الاستقلال، وقد كرس الفقيد حياته بعد الجهاد في الثورة التحريرية لخدمة العلم والتراث الوطني والتوثيق، مؤسسا دار الشهاب للكتاب سنة 1989، وتكتنز المكتبة المتواجدة بوسط مدينة باتنة العديد من الكتب والمؤلفات النادرة، فضلا عن مواكبتها لجديد الكتب والروايات ما جعلها قبلة للقراء.
قال لنا أحد العاملين بها، بأن الروايات تشكل خيار القراء الأول خصوصا خلال فصل الصيف، مشيرا لتنامي مستوى المقروئية ونفاد عناوين من الرفوف مبكرا، وأشار محدثنا إلى شغف أساتذة وأكاديميين بالإصدارات العلمية والقانونية والتاريخية، التي تأتي في ثاني مرتبة.
وكانت عناوين قد حققت النجاح في المكتبة، على غرار رواية «أريس»، الصادرة بالنسخة العربية لأول مرة لمترجمتها لميس سعيدي، وترجع شهرة الرواية إلى شهرة كاتبتها يمينة مشاكرة، التي تعد واحدة من أهم الأقلام الروائية في تاريخ الأدب الجزائري الحديث، حيث نشرت روايتها الأولى «المغارة المتفجرة» في سنة 1979 وقدمها كاتب ياسين الذي كتب بأن مشاكرة تكتب الرواية لتمرر الشعر، وكتبت يمينة مشاكرة الحاصلة على شهادة دكتوراه في طب الأمراض العقلية سنة 1991 روايتها الثانية والأخيرة أريس سنة 1999 لتدخل بعدها مرحلة صمت طويل إلى غاية أن وافتها المنية.
كما تحظى عناوين أخرى بالاهتمام، من بينها المجموعات الروائية والقصصية المعروفة، خصوصا الصادرة بالفرنسية والإنجليزية وحتى الصادرة العربية، إلى جانب الكتب التي تهتم باللغة والثقافة الأمازيغية، والروايات المترجمة كذلك، وتعد رواية «الغريب" لألبير كامي من الأعمال التي لا تشيخ أبدا، إلى جانب "الأمير" لنيكولا ميكافلي، وكذلك "البخلاء" للجاحظ، و"البؤساء" لفيكتور هيغو، و"رسائل كافكا"، وروايات مشاهير الأدب العربي الحديث من أمثال مصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، والمنفلوطي.
كما يقرأ عشاق الكتاب بباتنة، للأدباء الجزائريين كثيرا، وتوفر لهم المكتبة عناوين تتعلق بتاريخ منطقة الأوراس وبالمدينة على غرار"حدثتني باتنة: تاريخ باتنة من العهد النوميدي إلى الاستقلال" لمؤلفه الأستاذ صلاح الدين تيمقلين، وهو عمل رائج جدا كما علمنا من القائمين على المكان.
والكتاب عبارة عن دراسة تروي أهم المحطات التاريخية في مسار المدينة، وترصد مختلف الأحداث التي ميزت مسيرتها عبر مختلف الحقب التاريخية، وأراد المؤلف دحض الافتراءات التي كرسها الكتاب العسكريون الفرنسيون.
ومن الكتب التاريخية التي تنفد سريعا كذلك، " مغربلو الرمال" الذي صدر بالنسخة الفرنسية لمؤلفه محمد العربي مداسي، والذي يكشف من خلاله جوانب سياسية وعسكرية تتعلق بالولاية التاريخية الأولى والعلاقة بين قادة أوراس النمامشة.
وتبقى الإصدارات الروائية الحديثة نجمة الموسم بمكتبات باتنة، منها رواية «مزرعة الجونكيرا» للصحفي طاهر حليسي، والرواية تعد ثاني عمل لصاحبها، يتناول من خلالها موضوع الخيبة والخيانة خلال الثورة، متطرقا لمغامرات مجندين جزائريين في معارك مونتي كاسينو جنوب إيطاليا، إبان الحرب العالمية الثانية، ثم مشاركتهم في حرب التحرير ضمن كتيبة واحدة.
وهنا أيضا، إصدار لابن تيمقاد صلاح الدين قتال، وهي عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان "شهقة إلا ربع".
من جهة ثانية، فإن النشاط مستمر على مستوى المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية حمودة بن ساعي، أين يشارك محبو القراءة في نشاطات تفاعلية مع الكتاب والروائيين، ضمن جلسة تعرف بـ «كاتب وكتاب» وذلك بالتنسيق مع جمعية الشروق الثقافية بتأطير من الكاتب والأكاديمي الدكتور طارق ثابت، وكانت آخر جلسة قبل يومين استضافت الأستاذ حمادي بوقطوشة، لعرض وتوقيع كتابه الموسوم بـ "الأوراس الغربي تاريخ وأمجاد". يـاسين عـبوبو

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com