الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 الموافق لـ 18 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

هكذا يصنع شباب العرب السينما رغم ضعف التمويل: عدسة ترصد واقع المجتمعات بنظرة مغايرة

شارك سينمائيون شباب من عدة دول عربية، بأفلامهم في مسابقات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الذي أسدل ستاره مؤخرا، وتراوحت هذه الأعمال بين الجيدة والمقبولة من الناحية التقنية، رغم أن غالبيتها تجارب أولى تحدت قلة التمويل، وقد تميزت أعمال هؤلاء السينمائيين عموما بالغوص في عمق المجتمع واستقراء ما يجري داخله ومن حوله، بعدما تأثروا بالأحداث والأوضاع التي تتخبط فيها العديد من البلدان العربية جراء الحروب والنزاعات والتوترات، فاسترسلوا في سرد قصص نابعة من واقع مجتمعاتهم ليحدثوا الآخر عنها. يفصل مخرجون شباب عن التجربة السينمائية العربية في عصرنا، و يقدمون للنصر، تصورا عن الواقع و الآفاق و التحديات، كما يخوضون في حديث صريح عن هذه الصناعة ومواضيعها و زوايا المعالجة.

بن ودان خيرة

* المخرج الجزائري مالك صايفي
نملك نظرة مغايرة ومشجعة للسينما في بلادنا
أوضح المخرج الجزائري مالك صايفي، أن إنجاز أفلام سينمائية في بلادنا ليس بالأمر الهين خاصة بالنسبة للمخرجين الشباب مع ذلك فإن الأفق يبدو أكثر وضوحا في ظل توفر الإرادة السياسية للنهوض بالقطاع، وذلك بحسب ما تبشر به تصريحات وزيرة الثقافة والفنون المشجعة و التي توحي حسبه بوجود نظرة مغايرة للواقع المعروف، خاصة مع افتتاح المعهد العالي للسينما وثانوية الفنون. كما اعتبر المخرج، بأن توفر صناديق الدعم أمر مهم جدا للمبدعين الشباب، لأنه من شأنها أن تعطي دفعا للعمل السينمائي و للمجالات الفنية ذات الصلة، مضيفا أن الجزائر تمتلك خزانا إبداعيا فتيا، وقد كانت له كما قال فرصة خلال فعاليات المهرجان الأخير، للحديث إلى موزع أفلام مصري أكد له أنه يحترم جدا مستوى العمل الذي يقدمه السينمائيون الجزائريون.
كما أوضح صايفي، أن إنجاز فيلمه "الكرة" الذي عرض في مسابقة الأفلام القصيرة، كان صعبا نوعا ما بسبب قلة الدعم المالي مما أثر على التصوير الذي تم داخل مقهى رغم أن الأحداث تشير إلى "تجماعت" في منطقة القبائل، التي تعرف بالاجتماعات التي يقوم بها السكان في فضاءات مغلقة وأخرى مفتوحة أحيانا، وقد سبق له أن حضر بعضها باعتباره واحدا من أبناء المنطقة.
وأوضح المخرج بخصوص هذه النقطة، أنه لم يكن يقصد "تجماعت" في حد ذاتها، ولكن فكرة القصة نطبق على شخص واحد أو مجتمع كامل، أو أي أحد يعاني من ضغوطات وقلق ويدور في حلقة مفرغة ويحتاج فقط لأي شيء خارجي لينفجر.

* المخرج اليمني عمرو جمال
نكتب ذاكرة بلادنا من خلال عدسة الكاميرا
أوضح المخرج اليمني عمرو جمال، أن السينما شغف يومي ووقود للإبداع و لمواصلة المسيرة الصعبة، قائلا إن حبه لمدينته عدن يدفعه دائما للعمل على توثيق تفاصيل الحياة فيها، خاصة في ظل ظروف الحرب التي تدمر كل شيء، والتي تجعل من العمل السينمائي ضرورة وسباقا مع الزمن لصنع ذاكرة للمكان.
وأبرز، أن المخرج ابن زمانه وكل جيل يهتم بالعمل على واقعه، لكن جيله جاء في ظروف مرهقة للغاية مما انعكس على طبيعة ومواضيع الأفلام التي قد يجد المشاهد أنها تحمل قدرا كبيرا من المعاناة، وهذا أيضا ما يؤرقه كشاب طموح يريد أن ينقل صورة جميلة وسعيدة عن بلده رغم كل الظروف.
ومن المشاكل التي تواجه صناع السينما الشباب كذلك، معضلة التمويل كما عبر، فرغم دعم الدولة لتمويل الأفلام السينمائية في اليمن، إلا أن العملية طويلة جدا ومستنزفة للوقت، مع ذلك فقد اختار الانتظار و الصبر و القبول بما توفر لإنجاز فيلمه الطويل "المرهقون" الذي عرض في مهرجان وهران.

* المخرجة المصرية ملك صياد
عدسة الشباب تستهدف تغيير الكثير من المفاهيم
قالت المخرجة المصرية ملك صياد، إن جيل السينمائيين الشباب يعيش اليوم عدة تطورات مجتمعية من شأنها إلهامه بأفكار لأفلام كثيرة، وإن هذا الجيل يرغب من خلال أعماله في تغيير العديد من المفاهيم السائدة، مؤكدة وجود أفكار كثيرة ومواهب شبانية قادرة على الإتيان بالجديد، لكن مشكل الدعم المالي لإنجاز وتجسيد الأعمال يظل المعوق الأكبر أمام التقدم، بالإضافة إلى وجود قيود مجتمعية تصعب عملية التصوير. وبخصوص طريقة تجاوزها لمشكل الدعم المالي في إنجاز أول فيلم سينمائي لها، "قلتلك" والذي كان قد عرض في المهرجان ضمن صنف الأفلام القصيرة، أوضحت المخرجة أنها أنجزته في إطار مسارها الدراسي بأمريكا، أين يتم تقديم نوع من الدعم للطلبة لإنجاز أفلامهم، كما تلقت دعم مبادرة "قافلة بين السينمائيات" التي أطلقتها المخرجة المصرية أمل رمسيس، وهي مبادرة تركز على دعم أعمال السينمائيات الشابات في الوطن العربي، ولا تقتصر على مصر فقط. واعتبرت المتحدثة، أن أهم ما يتيحه مهرجان وهران من فرص، هي إمكانية التقاء كل صناع السينما في فضاء مثمر ومفيد، موضحة أنها تمكنت على مدار أسبوع من الاستفادة من خبرات وتجارب مخرجين ومنتجين وممثلين وكل من له دخل بالسينما.
كما ربطت علاقات مثمرة وجيدة جدا مع ناشطين في المجال، وهي فرصة قل ما تتاح للشباب السينمائي العربي، الذي يفتقر لفضاء للتجمع واللقاء والتبادل، مشيدة بمشاركتها في منافسات مهرجان وهران، أين عرضت أفلام قالت إن العديد منها يتمتع بجودة عالية، خاصة الأفلام القصيرة التي شاهدتها كاملة.

* المخرج الجزائري عبد الله نميش
دعم السلطات يحفز الشباب على الاستمرار
قرر المخرج الشاب عبد الله نميش، خوض ثاني تجربة سينمائية له بفيلم طويل عن قريب، وقال إنه متفاءل بتجسيده لأنه اختار طريق السينما ويرفض الالتفات للخلف، مشيرا إلى أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات في الجزائر للتأسيس لصناعة سينماتوغرافية محفزة جدا، خصوصا ما تعلق بدعم مشاريع الشباب السينمائية بشكل أو بآخر.
وأضاف المخرج الشاب، أن الخطوات التي أقرتها الدولة تشجع على العمل و الاستمرار في هذا المجال الفني والالتفاف حول الفكرة، مبرزا أن الاشتغال في المجال السينمائي متعب ومليء بالتحديات التي تزيد لذتها مع كل إنجاز جديد ومختلف.
وأشار، إلى أنه شارك بفيلم " قرار" الذي نافس ضمن فئة الأفلام القصيرة، وهو عمل أنجزه بإمكانياته الخاصة مع بعض الدعم من مصادر مختلفة، لأنه مولع بالسينما منذ سنوات حين كان يعمل في المسرح، وكانت تراوده أفكار لإنجاز أفلام في الفن السابع، وهذا ما دفعه لتوجيه مسيرة الدراسة نحو مجال الإخراج وكل ما يتطلبه من تقنيات، ثم اشتغل على النص والتمثيل واكتسب تجربة صقلها بالممارسة على الركح أولا، معتبرا فكرة الانتقال للاشتغال في السينما جريئة جدا.

* المخرج التونسي مروان لبيب
نحتاج لإنشاء منصات عربية لعرض أفلام الشباب
يعتبر المخرج التونسي مروان لبيب، إنشاء منصات عربية لعرض الأفلام ضرورة حتمية، حتى يجد المخرج ضالته ويسوق لأعماله ويجذب أنظار الممولين، موضحا بأن جمهور السينما صار متواجدا بشكل أكبر على المنصات، ومعتبرا أن العرض في قاعات السينما يبقى مهما لأجل ضمان استمرارية عملية التوزيع.
موضحا، أن السينمائيين الشباب يسعون دائما لإنجاز أفلام من واقعهم خاصة في البدايات، ولكن مشكل التمويل يحول دون ذلك وعليه تبدو قصص الأفلام بعيدة عن تصوير زمنها الحقيقي. مضيفا أن التمويل يبقى أصعب مرحلة في صناعة السينما، وهو أكثر من يعيق أعمال الشباب، متحدثا في هذا الخصوص عن تجربته في إنجاز فيلمه الطويل الأول، وفيلمه القصير الثاني الذي استمر العمل عليه من 2019 لغاية 2023.
وقال، إن أهم مشكلة واجهته كانت متعلقة بالممولين الذين لا يعرفون المخرج الشاب ولا كيف سيكون عمله، فيكون من الصعب منه الثقة التي يحظى بها مخرج معروف، فيما تطول فترة انتظار موافقة صندوق الدعم الحكومي على التمويل بسبب الإجراءات الإدارية.
مستطردا، بأنه اشتغل في فليمه القصير"لينى أفريكو" حول ظاهرة الهجرة جنوب الصحراء وكيف تمس القصر، إذ تأثر أثناء كتابة السيناريو، متأثرا بحالات قابلها خلال جمعه للشهادات، وكان لزاما عليه أن يعيد نقل قصصها سينمائيا ليصف تلك المعاناة، موضحا أنه يحرص دائما على كتابة سيناريو وإخراج أعمال عن قصص تكون مغيبة اجتماعيا لكنها تؤثر بشكل أو بآخر على حياة الأفراد.

* المخرجة العراقية زهراء غندور
تقيضنا محدودية الدعم
تعتبر المخرجة العراقية زهراء غندور، أنه رغم دعم نقابة السينمائيين لأعمال الشباب في بلادها، إلا أنهم بحاجة لدعم مادي حقيقي من طرف الدولة في غياب صندوق دعم رسمي للسينما كما أن السينمائيين الشباب في العراق بحاجة حسبها، إلى حياة أكثر استقرارا للعمل أكثر وأحسن، كون حياتهم مضطربة بسبب الأوضاع في البلد "حتى وإن كان الوضع يصنع أيضا سينما لها ميزاتها الخاصة" كما عبرت.
وأضافت المخرجة، بأن جيل المبدعين العراقيين الشباب، يملك العزم المطلوب للمضي قدما نحو تجسيد الأعمال السينمائية، وهو قلب الموجة القادمة في السينما العراقية، لأن الشباب يرغبون في رواية القصص السينمائية بشكل مختلف عن الأجيال السابقة من السينمائيين، رغم أنهم يتمنون أن لا تكون الحرب التي أصبحت جزءا من حياتهم، جزءا من أعمالهم الفنية أيضا.
موضحة، أن هناك مواضيع متنوعة يمكن تناولها عن المجتمع العراقي، حيث تحرص على أن تجانب أعمالها الشق الشخصي وليس العام وأن تفكر بالفرد.
تحضر غندور حاليا لفيلم وثائقي طويل يروي قصة جريمة حدثت قبل 20 سنة ضحيتها طفلة، ولكنها تفتح الباب من خلاله لمناقشة الأذى الذي تتعرض له الفتيات الصغيرات و تتساءل عن ما وراء هذه السلوكيات؟ وما إذا كانت مخلفات حروب متتالية غيرت طبيعة الإنسان؟
مشيرة، إلى أنها تريد أيضا من خلال هذا العمل، إبراز الحاجة إلى سن قوانين رادعة للجرائم المماثلة.

* المخرج الليبي فرج معيوف
أصر على خدمة واقع مجتمعي  من داخل ليبيا
أكد المخرج الليبي فرج معيوف، أنه من واجبه كمخرج أن يقدم التجربة الليبية للعالم من خلال السينما وقصص تروي الواقع المعيش في البلد، وأن هناك العديد من صناع الأفلام الشباب في ليبيا يحملون مشعل الفن السابع خاصة وأن الأمل موجود.
وتحدث المخرج، عن مهرجان ليبيا الدولي للسينما، الذي من شأنه فتح آفاق جديدة للشباب وبعث إشعاع مستقبلي لتطور السينما في هذا البلدكما عبر، مضيفا أنه لا يرغب في مغادرة بلده، بل يرى أنه يتعين عليه كمبدع شاب، أن يخدم مجتمعه من الداخل وهذا بتناول قضاياه وهمومه وانشغالاته، حيث يحضر الآن لإنجاز أول فيلم روائي طويل في مسيرته الفنية ، حول قضية راهنة من القضايا الليبية.
مردفا، أن السينما مرآة وانعكاس للمجتمع وأداة تعبيرية عن الواقع، وبالتالي فكل الأفلام التي أنجزها تتحدث عن الواقع الليبي في كل الفترات سواء الماضية أو الحالية، وبخاصة موضوع تجنيد الشباب ودفعهم لساحات القتال، موضحا أنه أنجز ثلاثة أفلام روائية قصيرة، وفيلمين وثائقيين في هذا الصدد، وهي سينما مستقلة، لم تستفد الأعمال المنجزة في إطارها من أي دعم من الحكومة، ولا تخضع لأية مساومات من أي جهة كانت.
وأفاد المخرج فرج معيوف، أن السينمائيين في ليبيا يعانون كثيرا من غياب دور العرض بعد أن تم غلق 50 قاعة سينما وتحولت إلى مقاه ومحلات، وأنه لا توجد صناديق دعم لصناع الأفلام مما يجعل عدد الأعمال المنجزة قليلا لا يتعدى 10 أفلام طويلة.
قائلا، إن كل العروض تتم في المهرجانات الدولية، رغم صعوبة إنجازها لغياب تقنيين ملمين بالقدر الكافي الذي يتطلبه العمل بكل أريحية، لذلك فإن صانع الأفلام في هذا البلد، يكون بمثابة فريف متكامل ويضطر للتدخل في تفاصيل كل مرحلة في الإنجاز بما في ذلك المراحل التقنية.

* المخرج الموريتاني سيدي محمد طلبة
السينمائيون الشباب يتحدون رفض المجتمع وقلة الإمكانيات
قال المخرج الموريتاني سيدي محمد طلبة، إن وضع السينما في موريتانيا مختلف جدا فهي غير مقبولة اجتماعيا، كما تغيب قاعات سينما لعرض الأفلام بعد أن أغلقت آخرها في بداية الألفية، وحتى على المستوى الأكاديمي تغيب السينما في المنظومة الجامعية، رغم ذلك يوجد العشرات من الشباب السينمائيين الذين يصارعون لإنجاز أفلامهم متحدين الظروف.
وأضاف، أن مواجهة هذا الواقع قاسيةعليه وعلى الشباب من أمثاله ولكن العزيمة تدفعه لشق الطريق نحو الفن السابع متحديا كل الرافضين حتى من الأقارب والأهل، الذين يعتبرونه شابا فاشلا "يضيع وقته في السينما".
كما أثار المخرج سيدي محمد طلبة، موضوع شح التمويل وصعوبات التصوير وغيرها من العقبات التي استطاع تجاوزها وإنجاز فيلمه القصير رفقة شقيقه، ليكون حاضرا بمنتج سينمائي موريتاني في مهرجان وهران هو الفيلم القصير "والدك.. على الأرجح".
وأوضح، أنه تناول في العمل عدة قضايا تكشف وضعية الفتاة في المجتمع الموريتاني المتشدد بخصوص مفاهيم معينة تتعلق بالمرأة، نظرا لسيطرة حكم العشيرة، كما نافش كذلك جانب من حياة الشباب وحاول تقديم صورة أعمق رغم ضعف الإمكانيات.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com