تأتي الطبعة الـ 27 من صالون الجزائر الدولي للكتاب، المنظم في الفترة من الـ 6 إلى الـ 16 من شهر نوفمبر الجاري، مرة أخرى، كأهم حدث ثقافي في الجزائر، والمتابع للبرنامج الثقافي للتظاهرة الذي تم تنفيذه خلال الأيام الخمس الأولى سيجد أنه شمل مجالات مختلفة، وبينها اللقاءات والندوات التاريخية التي نشطها مؤرخون وكتاب وفاعلون وباحثون في التاريخ، نظرا لتزامن صالون الكتاب هذه السنة مع الاحتفالات المخلدة لسبعينية ثورة التحرير المجيدة.
وإلى جانب ما حظيت به القضية الفلسطينية من حضور قوي من خلال الندوات واللقاءات والأماسي الشعرية في فضاء ‹› غزة ‹›، فضلا عن الإقبال الكبير الذي شهده جناح دولة فلسطين في الصالون، كشكل من أشكال التعبير عن تضامن الشعب الجزائري مع أشقائه الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة، فقد احتل الأدب الجزائري، والعربي، والإفريقي مكانة مركزية في البرنامج الثقافي، عبر فضاءات التقى من خلالها الكُتّاب والمثقفون مع الجمهور، كانت فرصة أيضا لتقييم واقع الكتاب والقراءة واستشراف متطلبات و آفاق تطوير قطاع الكتاب ونموه، في ظل التّوجهات الجديدة للقُراء التي كشفت عنها طبعة هذه السنة.
و كان للرواج الكبير الذي لقيته ‹› الفنتازيا ‹› للكاتب الروائي السعودي، أسامة المسلم، أكبر مفاجأة في هذه التظاهرة، حيث تمكنت دار الكتاب العربي من بيع الآلاف من مختلف العناوين من مؤلفات هذا الكاتب ‹›الظاهرة›› التي بلغت أو فاقت 32 عنوانا، ما طرح أسئلة كبيرة حول مستقبل أدب الإثارة والتشويق في الجزائر. ولحسن الحظ فإن هذا الرواج الكبير لروايات ‹› الفنتازيا ‹› وتلك التي تتميز بالطابع ‹›التشويقي›› وقصص ‹›الرعب›› لم يُغطّ على الإقبال الكبير الذي شهدته الكتب العلمية والأدبية، العربية منها والأجنبية ومن بينها المترجمة، وحتى شبه المدرسية وكتب الأطفال وغيرها من مجالات المعرفة.
وفي سياق ذي صلة جاءت استضافة دولة قطر كضيف شرف لهذه الطبعة عبر برنامج يكشف تنوع ثقافتها.
طرح الإقبال الكبير و غير المسبوق على روايات ‹› الفانتازيا ‹› للكاتب السعودي أسامة مسلم، في صالون الجزائر الدولي للكتاب تساؤلات كثيرة بين المثقفين في أحاديث هامشية، حول مستقبل هذا النوع من الأدب في الجزائر، وعن احتمال توجه الجيل الجديد والمخضرمين من كُتاب الرواية الجزائريين نحو هذا التوجه.
وقد أكد العديد من الشباب الذين اقتربت النصر منهم خلال إقبالهم اللافت وبالآلاف، عن إعجابهم بأسلوب هذا الكاتب ‹› الفريد››، الذي يجمع بين السينمائية في السرد والإبداع في بناء الشخصيات والعوالم الخيالية، معربين عن أملهم في توجه الكتاب الشباب نحو هذا النوع الرواية التي أصبحت تجذب القراء أكثر فأكثر نحو العوالم المليئة بالدهشة.
وحسب أحد زوار المعرض من ولاية داخلية، ممن كان يرافق أبناءه لحضور جلسة توقيع الكاتب السعودي لرواياته، فإن ‹› هذا النوع الأدبي لا يبتعد بالضرورة عن الواقع بل يستخدم الخيال كوسيلة للتعبير عن قضايا اجتماعية وثقافية بطريقة غير مباشرة ما يجعل الأدب أكثر عمقاً وتأثيرا››، معتبرا أن ‹› الإقبال المسجل على أدب التشويق سواء خلال هذه الطبعة أو الطبعات السابقة من قبل الشباب حتى باللغة الأجنبية، يعكس قدرة ‹›الفانتازيا›› على توسيع آفاق الخيال وجذب القراء.
تجدر الإشارة إلى أن جناح دار النشر» العبيكان ‹› كان شهد توافدا حاشدا من الشباب والطلبة، الذين جاءوا من مختلف الولايات خصيصا لشراء رواياته ومؤلفاته، وللحصول على توقيع الكاتب الذي أصبح نجما في هذا الحدث الثقافي، ما تسبب في إفراغ شبه كلي لرفوف هذه الدار.
إقبال كبير على الكتاب العلمي وإنزال لافت لكُتّاب الروايات الشباب
سجل الكتاب العلمي حضوره بقوة وفي تخصصات مختلفة، في أجنحة عدد معتبر من دور النشر الجزائرية، العربية والأجنبية، خصوصا في مختلف ومن بينها العلوم الإنسانية والاجتماعية، فحسب المتخصصين فإن العناوين المعروضة سواء باللغة العربية أو الأجنبية تستقطب إقبالا كبيرا على اقتنائها منذ افتتاح المعرض الخميس الماضي، ‹›نظرا لقيمتها وطرحها المعرفي بين أوساط الباحثين والأكاديميين»، وهذا راجع إلى الاهتمام العلمي لدى الطلبة الجامعيين والباحثين الأكاديميين وإقبالهم الكبير على اقتنائها.
وحسب أصحاب بعض دور النشر فإن الكتب المترجمة إلى اللغة العربية في مختلف التخصصات تعد الأكثر طلبا.وذكر صاحب دار ‹› عصير الكتب ‹›، أحمد فاروق من مصر، التي تتوفر على فضاء عرض واسع في الجناح المركزي أن ثمة إقبالا كبيرا على الروايات المترجمة إلى العربية، متبوعة بكتب علم النفس وعلوم التربية.
وفي هذا الصدد سجلنا وجود إقبال على الكتاب العلمي الجامعي على مستوى جناح ديوان المطبوعات الجامعية سيما من طرف الطلبة وفي مقدمتها كتب العلوم الطبية متبوعة بكتب الإعلام الآلي.
وحسب مسؤولة الإعلام في جناح الديوان فإن الإقبال على الكتاب الجامعي وفي مختلف التخصصات يشهد إقبالا متزايدا يوما بعد يوم.
واللافت هنا أن الدكتور ياسر آغا، عضو المجلس الأعلى للغة العربية، يشارك في هذا الصالون بعشر عناوين، تصب كلها في حقل الدراسات اللسانية العربية، وهذا راجع – كما ذكر - إلى تخصصه المعرفي الذي استفتحه بمؤلفه ‹›الكتابة اللسانية في الجامعة الجزائرية»، فيما كان آخر كتاب يصدره عن دار نشر أردنية بعنوان ‹›اللسانيات العربية: أسئلة ومُقاربات››.
من جهة أخرى تم تسجيل حضور لافت في جلسات البيع بالتوقيع عبر مختلف أجنحة دور النشر الجزائرية، للكتاب الشباب الذين أصدروا خلال السنة الجارية عشرات العناوين.
أي دور للذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية
فتح المجمع الجزائري للغة العربية، المجال لمناقشة أثر الحلول التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية في إحدى الجلسات التي نظمها خلال صالون الكتاب، وشارك فيها الأستاذان أحمد قسوم ولمياء بركاني.
وتركزت مداخلة الأستاذ قسوم حول استعمال الذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة العربية وكل ما يقدمه من تقنيات وإنشاء محللات نحوية وصرفية وملخصات للنصوص والترجمة الآلية من العربية إلى لغات أخرى والعكس كذلك.
وأبرز المتدخل أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتطوير برمجيات تخدم المجتمع وبشكل خاص اللغة العربية، سواء كانت في الجانب التعليمي أو الإداري أو في كل المؤسسات، نظرا لوجود برمجيات عديدة، خاصة مع الطفرة في الذكاء الاصطناعي في صورة النماذج الكبرى مثل ‹› شات جي بي تي ‹› و ‹›جيميناي›› وبرمجيات أخرى.
قصر المعارض:
عبد الحكيم أسابع