الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

وهران تكرمه في اليوم العالمي للّغة العربية: محمــد بن زيــان ..المثقــــف الصـــــوفي والكــاتــب المتعدد


كرمت وهران مؤخرا، كاتبها الصوفي محمد بن زيان، واحتفت به خلال ملتقى وطني بعنوان «محمد بن زيان .. نورس وهران الأدبي»، قدم متدخلون في فعالياته، شهادات حول الرجل وقراءات مستفيضة في أعمال هذا المثقف الذي وصف بالمتعدد والمتفرد، صاحب الإبداع الذي يمتزج فيه الأمل بالألم والقلق بالسكينة والهروب، والمتاهة بنسج خرائط الخلاص ولقاء الذات.

بن ودان خيرة

اللقاء نظم نهاية الأسبوع، بقصر الثقافة زدور إبراهيم تزامنا واحتفالية اليوم العالمي للغة العربية، وبمناسبة إصدار محمد بن زيان لروايته الأخيرة «شكري وهران»، عرف عدة مداخلات وشهادات حول المثقف والصحفي والكاتب والموسوعة، واختتمت الفعالية بتكريم بن زيان والأساتذة المشاركين في الملتقى.
* الكاتب محمد بن زيان
الكتـابة مســار ومـصير
واستهل محمد بن زيان، الملتقى بتدخل أوضح فيه أن كل كتابة هي تحقيق لمعنى معين، وتشكيل لحضور ما، وصياغة لمصير، فكل كتابة تقترن بكاتبها لما يسكنه من حلم وهواجس وألم، مشيرا إلى أن الكتابة بالنسبة له ليست هواية أو مهنة، بل هي حياة كان يتحقق فيها وبها ومعها، والكتابة أنقذته أيضا من مشاعر الغربة واللا انتماء، وأنه كان يحاور نفسه وتمثلاتها في الكتابة التي كانت مكابدة وبحثا عن تحقق، فسكنته هواجس شكلت ما كتبه لاحقا.
وأردف، أنه لم تكن له مرجعية محددة بل كان التعدد يسكنه ويرافقه، وكان يقرأ المختلف إيديولوجيا وفكريا ومعرفيا وإبداعيا، وينصت للمتعدد في «الحومة» والدروس المسجدية وما يذيعه الراديو وغيرها، وكان يعيش صراعا مكثفا ومتشعبا هو صراع اللغة التي تقوده وتكتبه بل وكان «الوجود لغة» بالنسبة له، فاللغة التي تسكن مكابدات الكتابة تكتب الانبعاث بالمعلومة والبياض بكثافة الدال كما عبر.
وثمن الكاتب والمثقف محمد بن زيان، المبادرة التي أشرفت عليها مجموعة من المثقفين من أصدقائه في وهران وفي ولايات أخرى، وقال إنها جاءت لتشعره بأن «حياته لم تكن عبثا بل كان لها معنى ما». وعبر عن تمنياته بأن تسترجع وهران مكانتها الرائدة كمركز محوري للعلوم الإنسانية، وقطبا للنقد، فقد كانت وهران مدينة فريدة و متفردة تختزل كل مكونات الهوية الجزائرية «العربية، الأمازيغية، الإفريقية، المتوسطية والإسلامية»، وهي مدينة أعاد بعثها وتشكيلها الأندلسيون في القرن 10، كما استذكر بن زيان، كل من افتقدهم وافتقدتهم الساحة الثقافية والمعرفية الوطنية.
وأشاد الكثير من الحاضرين بهذا المثقف والكاتب والإنسان، وأدلى كل واحد منهم بشهادته حوله، والروابط التي تربطه به، خاصة الأستاذ جلول شكري، صاحب دار النشر «أندلسيات» التي نشرت آخر مؤلف لبن زيان «شكري وهران».
وسبق للسيد جلول، أن نشر للكاتب مؤلف «خرائط الهروب» عندما كان يشغل منصب مدير دار النشر «متون»، معبرا عن انبهاره واستمتاعه بما كتبه بن زيان في الروايتين.
* الدكتور محمد سمير بوعجاجة من جامعة بومرداس
بن زيان ..«الصوفي العبثي»
أما الدكتور محمد سمير بوعجاجة، من جامعة بومرداس، فتطرق لما أسماه «التجريد والمنحى العرفاني في رواية متاهات المغراوي» للكاتب محمد بن زيان، معتبرا أن الرواية هي رحلة ممتعة وتجربة «تجريب روائي» ومن أكثر الروايات الجزائرية تضمنا للمحمول الثقافي، وأكثرها طرحا لأسئلة وجودية للحالة التي تلبس بها المؤلف.ومعتبرا، أنها حالة مسحة صوفية أعيته لإيجاد تفسير ومعنى للضياع والقلق والتوتر، واعتبر أن لتلك الأسئلة بعدا وجوديا تكرر في النص الذي وجده متخما باليأس والألم ويؤشر على حالة الضياع.
وأضاف الدكتور بوعجاجة، أن «المتاهة» توحي أيضا أنها حالة في بعدها الأسطوري تمنع البطل من الخروج منها، وأنها قد تغدو طقسا من طقوس العبور والتعدي، وعليه فالقارئ يجب أن يتسلح بالكثير من الثقافة حتى يتمكن من قراءة هذا النص الروائي وفق المتدخل، لأن «المتاهة» تعبير عن أشكال الضياع بجملة من الوسائط التي من خلالها يبحث الكاتب عن التحول أو إعادة البعث. وهي رواية مفتوحة على «الصوفي، العبثي، الوجودي والفينومنولوجي و التعبير» حسبه، فمحمد بن زيان مثقف بامتياز وعليه لا يمكن قراءة نص «متاهات المغراوي» قراءة عابرة، لأن هناك أبطالا اقتادهم لمصائرهم التي ارتبطت بالخيبة، فقد اشتغل كثيرا على اللغة في هذه الرواية، وهي اللغة الصوفية التي حاول من خلالها الخلاص أو الهروب.
مضيفا، أن «متاهات المغراوي» تكون قد أهلت بن زيان لكتابة «خرائط الهروب»، فالمتاهة طقس من طقوس العقول جعلته يبحث عن الهروب، وبهذا فهو يعد من الأصوات التي لم تكرر إنتاج ما يماثلها بل أرادت أن تكتب تاريخها بنفسها لتأكيد الذات.
* الأستاذ عبد القادر ضيف الله من جامعة النعامة
بن زيان «مؤلف موسوعي»

أوضح من جهته، الأستاذ عبد القادر ضيف الله، من جامعة النعامة، في مداخلة بعنوان «شعرية الأجناس المتخللة في رواية خرائط الهروب» لمحمد بن زيان، أنه اشتغل عليها من الجانب الجمالي، مؤكدا أن بن زيان تميز بالاشتغال على عدة أجناس أدبية وغير أدبية في نص الرواية المذكورة، وهذا ما يعكس ثقافته كمؤلف موسوعي، قال إنه يكتب سيرة ذاتية ولكن يحولها إلى رواية وهنا يبرز اشتغاله الجمالي.
وعاد الأستاذ ضيف الله، إلى النص الذي قال إنه يروي قصة صحفيين كلفا بإنجاز عمل حول «الحراقة» فإذا بهما يصادفان قضايا متشابكة، ومن خلال ما استشفه من قراءته للعمل فإن «خرائط الهروب» رواية الهامش، مشيرا إلى أن «أدب الهامش» يدرس اليوم في الجامعة، كما أن أغلب شخوص الرواية انتقلت من واقع معين إلى آخر.
كما وجد المتحدث، أن الصوفية طغت على خطاب الرواية، وهذا من خلال استدعاء نصوص لابن العربي وأخرى للحلاج، علما أن بن زيان لم يتوقف عند هذا الحد، بل مزج تلك النصوص بلغة المؤلف أي بلغة كتابته، مبرزا أن التعدد الذي يملئ الرواية هو ما يكسبها الجمالية.
من جهة أخرى، وجد ضيف الله، أن بن زيان في رواية «خرائط الهروب» استدعى كذلك الشعر، من الشنفرى إلى أحمد شوقي إلى «جون سيناك» وغيرهم، مما شكل «كوكتيلا عجيبا» يتلامس مع الواقع ويختلف معه في الوقت نفسه بكل إبداع، كما يكسر نوايا «صوت المؤلف» أي أن صوت المؤلف لا يحتكر المشهد، بل يتقاسمه مع عدة أصوات مثل «الجنية» و»الشاب حسني».
وخلص المتدخل، إلى القول إنه وسط هذا «الكوكتيل»، وجدت كل شخصية خريطتها للهروب المتعدد الأوجه، بينما لم يجد المؤلف سوى الكتابة لتكون خارطة طريقه، وهي كتابة بوعي نقدي وتعدد حواري.
* الأستاذ نور الدين مبخوثي من وهران
لغة بن زيان الشعرية عالية السقوف
أوضح الأستاذ نور الدين مبخوثي، في مداخلته بعنوان «مقاربات محمد بن زيان في الشعر»، أن الكاتب يعد علامة فارقة في المشهد الثقافي الجزائري، و أن لغة كتابته عن الشعراء، كانت شعرية عالية السقوف كونه اشتغل على الكثير من الحقول المعرفية ومجموعة من الشعراء، على غرار لخضر بكار، ومعاشو قرور، وعبد الحميد شكييل، وتجربة محمود بوزيد كذلك.
وهذا الانخراط يندرج حسبه، ضمن أدب السير والتراجم مما جعله يقاربه إلى شعر الحداثة وأطروحاتها، وأبرز المتدخل بأن كل هؤلاء الشعراء يشتركون في انفتاحهم على فنون أخرى منها الفنون التشكيلية، والموسيقى، والسينما وغيرها.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com