القصة المثيرة لخمســـة توائـم وكفـاح عائلتهـــم
يتقاسمون نفس المشاعر، و يجمعهم الهدوء و الانضباط، فطباعهم متشابهة، لكن ملامحهم مختلفة، إنهم معاذ، إياد، جواد، شيماء و آية خلفاوي.. خمسة توائم في السابعة من عمرهم، يدرسون حاليا في السنة الأولى ابتدائي، تحدوا مخاوف الأطباء أثناء الحمل و الولادة العسيرة، ليتصدر خبر ميلادهم سالمين عناوين الصحف ذات 21 ماي 2012 ، فأضفوا السعادة و الفرح على أسرتهم، و أصبحوا يصنعون الحدث في كل مكان يحلون به، النصر زارت عائلة خلفاوي المقيمة بمدينة تبسة، و قضت يوما مع التوائم ، و عاشت معهم مغامراتهم و الطرائف التي تميز حياتهم بين البيت و المدرسة، و نقلت طموحاتهم و حلمهم بسكن مناسب يأويهم ، و يحفظ كرامتهم هم و والديهم و شقيقهم السادس.
روبورتاج / أسماء بوقرن
بنظرات بريئة و ابتسامة عريضة و روح مرحة، استقبلنا التوائم الخمسة و هم يهمون بالخروج من مدرسة الشهيد بوازدية عيسى بحي الجرف بمدينة تبسة، فقد كنا بانتظارهم، رفقة الأب العايش، الذي يحرص يوميا ، بالتناوب مع زوجته، على مرافقتهم من و إلى المدرسة، خشية أن يصيبهم مكروه.
كان التوائم الذكور يرتدون مآزر زرقاء، و البنتين ترتديان مئزرين بلون وردي، و هم ممسكين بأيادي بعضهم البعض، مشكلين صورة رائعة، أسرع الصغار لاحتضان والدهم الذي كان بانتظارهم، و بدأوا ينقلون له ما حدث في القسم ،و ما قالته لهم معلمتهم، كل منهم كان يحاول أن يجذب اهتمام والده، فجذبه معاذ من يده و إياد من سترته، و احتضنه جواد من خصره، بينما قالت إحدى البنتين «حان دوري لأنقل انشغالي»، و كان العياش يحاول الإصغاء لهم، جميعا، قبل أن يأمرهم بالصمت، و الإمساك بأيادي بعضهم مجددا، للعودة إلى البيت.
خلال مرافقتنا لهم عند عودتهم من المدرسة، كانت البنتان آية و شيماء تمشيان في المقدمة، و خلفهما معاذ و إياد و جواد، و الوالد خلفهم جميعا، لكن سرعان ما التحق جواد بأختيه و أمسك بأياديهما، في صورة تظهر حرص جواد على حماية أختيه، و علق الأب أنه الأكثر قربا و الأشد حرصا على سلامة آية و شيماء، و عن سر ذلك قال لنا جواد « أنا أحبهما أكثر من معاذ و إياد.. يجب أن أحرصهما خارج البيت، لكي لا يصيبهما مكروه»، فتدخل معاذ مؤكدا « أنا أحب إياد أكثر و لا أريد أن أفارقه إطلاقا»، و قام باحتضانه و تقبيله.
يختلفون في المظهر و يتشابهون في الطباع
و عندما وصلنا إلى البيت، لاحظنا مدى انسجام الإخوة التوائم و حبهم لبعضهم البعض، فكان كل واحد منهم يُطلع الآخر على لمجته التي قدمت له في المدرسة، فيما ذكرهم آخر بالواجبات المنزلية، و قد أضفوا على البيت البهجة و الفرح، و قالت لنا أم التوائم، بأنهم عندما يعودون إلى البيت تنسى تعبها، إذ يغمرونها بحبهم و يسعدونها بالأجواء التي يضفونه على البيت، مؤكدة أنهم يصنعون الحدث في كل مكان يحلون به، و يخطفون أنظار الناس، بطريقة معاملتهم و مداعبتهم لبعضهم البعض.
و أضافت السيدة وداد أنها طلبت من مدير المدرسة التفريق بينهم في المدرسة، بوضع البنتين في قسم و الصبيان في قسم آخر، لكونهم يرفضون مفارقة بعضهم و يرغبون في الجلوس بطاولة واحدة ، و بخصوص عدم ارتدائهم بدلات متشابهة، أوضحت المتحدثة بأن الظروف المادية للعائلة ، لا تسمح بذلك، كما أنها تخشى عليهم من العين، مشيرة إلى أن جل ألبستهم يقدمها لهم محسنون.
و لاحظنا عندما تحدثنا إلى التوائم تجاوبهم معنا، فهم يختلفون عن الأطفال الآخرين الذين يشعرون بالإحراج إذا تحدثوا إلى أي شخص غريب، فقد كانوا عفويين للغاية و هادئين، و حدثونا عما درسوه في القسم، و من هو الأكثر ذكاء و تفوقا بينهم، مجمعين بأنه معاذ.
من تقع عينه عليهم يلاحظ أن هناك اختلاف بينهم في الملامح و لا يمكن الخلط بينهم، و لو أن معاذ و جواد يشبهان بعضهما قليلا ، فيما يختلف عنهما إياد تماما كما أنه أقل منهما طولا، أما شيماء و آية فتختلفان في مظهريهما عن الذكور و عن بعضهما، حيث أن شيماء طويلة و ممتلئة الجسم نوعا ما، أما آية فنحيلة و قصيرة القامة ، لكن ملامحهما متقاربة و كذا لون بشرتهما، فكلاهما شقراء ذات شعر ناعم.
معاذ.. يحلم بالانضمام إلى صفوف الجيش
بدأنا حديثنا إلى معاذ الوسيم الذي يتميز عن باقي إخوته بالفطنة و الذكاء و حب المعرفة، فقال لنا بأنه يسعى دائما للتفوق على إخوته، مشيرا إلى أنه حصل على معدل 7 من 10 في الثلاثي الثاني من السنة الدراسية، و يسعى للحصول على معدل أعلى في السنوات المقبلة، و يطمح لنيل شهادة ليسانس، للانضمام إلى صفوف الجيش.
جواد و إياد يطمحان لأن يصبحا طيارين و يشتريان منزلا
و عبر من جهته جواد عن حبه الكبير لإخوته و بالأخص معاذ، و قال بأنه لا يحب أن يبتعد عنهم، مشيرا إلى أنه يبذل قصارى جهده في الدراسة، على أمل أن يتفوق على أخيه معاذ، و تدخل الوالد ليؤكد بأن جميع أبنائه التوائم يغارون بشدة من بعضهم، خاصة في أمور الدراسة و كذا اللباس، حيث يسعى كل واحد منهم إلى الحصول على أعلى معدل، و أضاف ابنه جواد بأنه يحلم أن يصبح طيارا.
و يبدو أنه يتقاسم نفس الطموح مع أخيه إياد الذي يتسم بروح الدعابة ، فعندما سألناه عن المهنة التي يحلم بممارستها مستقبلا، أجاب مازحا « أحلم أن أصبح منظفا للبالوعات» ، ثم استدرك « لا أريد أن أصبح طيارا مثل أخي معاذ»، و علق العايش بأن إياد يضفي جوا خاصا على البيت بمرحه و ضحكه.
شيماء شرطية و آية صحافية في المستقبل
تتميز شيماء بأنها الأكثر هدوءا و انضباطا و تنظيما لوقتها، فهي تعتمد على نفسها في كل شؤونها، و قال لنا والدها بأنها تسعى أن تكون الأقرب من إخوتها، و هي المفضلة لدى إخوتها الذكور، و عن طموحاتها قالت لنا شيماء أنها تسعى أن تكون الأولى في قسمها، و أن تواصل دراستها لتصبح شرطية، لوضع حد لكل التجاوزات و الممارسات غير القانونية.
أما آية فتنفرد بقصر القامة، و تشترك مع شيماء في صفة الخجل، لكنها تغلبت عليه في حديثها معنا، و أكدت لنا أنها تطمح لأن تصبح صحافية في المستقبل، تغطي كل الأحداث التي تقع داخل و خارج الوطن، و توفير منزل لعائلتها يتوفر على كل وسائل الراحة، و المؤكد أن من يجالس هؤلاء التوائم، يشعر بالارتياح و يستمتع بتبادل أطراف الحديث معهم.
معلمة التوائم السيدة وردةيفضلون الجلوس معا و والدهم طلب تفريقهم
معلمة إياد و جواد و معاذ، السيدة وردة قالت لنا بأنهم في أول السنة الدراسية كانوا يرفضون الجلوس بعيدين عن بعضهم في القسم، و بمجرد أن تستدير للكتابة في السبورة، يسرعون للجلوس معا في طاولة واحدة، كما أنهم يتأثرون جميعا إذا أنبت أحدهم.
و أضافت المتحدثة بأن والد التوائم طلب تفريقهم عن بعضهم، بوضع البنتين في قسم و الذكور في قسم آخر، و تشرف هي حاليا على تدريس الذكور، و تعاملهم معاملة عادية ، فيما تدرس الأستاذة هدى على تعليم البنتين في قسم آخر.
الأم وداد
رعاية خمسة توائم ليست سهلة و هكذا تكفلت بهم..
تحدثت إلينا الأم الشابة عن تجربتها في التكفل بتوائمها « عندما أنجبتهم كنت في 27 من عمري، و لم أستوعب في البداية كيف يمكنني أن أرعى خمسة توائم في نفس الوقت، فقد كانوا يستيقظون و يبكون في وقت واحد، لحسن حظي كنت مقيمة في منزل عائلة زوجي، و تعاطفت معي جدة زوجي و كانت تساعدني في إرضاعهم، كما أن زوجي كان يساعدني خاصة في الليل، في تحضير الحليب لهم و إرضاعهم لأنهم كانوا يستيقظون في نفس الوقت».
و واصلت حديثها « كنت أتكفل بإرضاع معاذ من صدري، فيما يضع زوجي وسادات أو قطع قماش مطوية أمام رؤوس بقية التوائم، ثم يضع لكل واحد منهم رضاعته في فمه، لكوننا لا نستطيع إرضاعهم في نفس الوقت، أما في النهار، فقد كانت جدة زوجي تساعدني في العناية بهم «. وداد أكدت أنها لم تكن تذق طعم النوم، خاصة في الأشهر الأولى من ميلاد صغارها، فبمجرد أن تنتهي من تغيير حفاضاتهم، تقوم بإرضاع معاذ من صدرها، و تعتمد على الرضاعة الاصطناعية بالنسبة لإخوته الأربعة، ثم تضع رأسها على الوسادة لتنام ثم تستيقظ على صراخهم، فتنهض مهرولة ، تربت على كتف أحدهم ليهدأ، و تستعمل اليد الأخرى لإيقاظ زوجها ليحضر الحليب، بينما تظل هي مستلقية أمامهم، محاولة تهدئتهم، و تقع في حيرة أيهم تخصه باهتمامها، و أيهم تتركه ، و في كثير من الأحيان تضطر لإيقاظ جدة زوجها لتساعدها ليلا.
«افترشوا الأرض و تدربوا على الجلوس في سلال بلاستيكية»
نفس المعاناة كانت تتكرر مع وداد كل ليلة، فتشعر بمرور ساعات الليل ببطء شديد، تشتاق فيها إلى غفوة سريعة لتريح جسدها المنهك، و ما إن تشرق الشمس حتى تبدأ في تغيير ملابسهم و حفاضاتهم، مؤكدة أنها كانت تخصص كل وقتها لهم، ناهيك عن قيامها بواجباتها المنزلية، معترفة بفضل عائلة زوجها و عائلتها في العناية بالتوائم ، و كذا توفير حاجاتهم الضرورية، فالأب كان لا يملك عملا قارا ، و يشتغل كحمال بصفة متقطعة، و كان جده و والده يتكفلان بشراء الحليب و الحفاضات، و بعض المستلزمات الضرورية لأبنائه الرضع الذين لم يتمكنوا من الحصول على أسرة نظرا لظروف والدهم الصعبة، و كانوا يفترشون الأرض بجوار والدتهم .
و أكدت وداد بأنها اعتمدت على أبسط الوسائل في تربيتهم، و هم رضع، فكانت تضعهم في السلال البلاستيكية لتدربهم على وضعية الجلوس، أو فوق كراس صغيرة و تربطهم بها بوشاح، لكي لا يتحركوا كثيرا، خوفا من سقوطهم.
و أضافت وداد بأن انتقالها لاحقا للإقامة في بيت آخر مع زوجها و صغارها، جعلها تعتمد على نفسها في شؤون أطفالها و أشغال المنزل، معترفة بأن التكفل بخمس توائم ليس بالأمر السهل ، بل يستدعي جهدا و صبرا كبيرا و التضحية بعديد الأمور، كالمناسبات العائلية و غيرها، و تشعر اليوم بالارتياح و السعادة لأنها تمكنت رغم كل الظروف الصعبة من تربيتهم تربية سليمة و تعويدهم على نظام معين، مشيرة إلى أنها تعاملهم بصرامة ، لتتمكن،حسبها، من التكفل الأمثل بهم و التحكم في سلوكاتهم، فبمجرد أن تعاتب أحدهم أو تضربه، يلتزم البقية بالسكوت.
و تابعت المتحدثة أنها تخصص موعدا محددا كل يوم لتقديم الطعام لهم، و دربتهم على الأكل و ارتداء الملابس بأنفسهم عندما كانوا في الثالثة، مشيرة إلى أنها صادفت في البداية صعوبات في تدريبهم، خاصة عندما اكتشفت أنها حامل بابنها السدس معز، لكنهم تعودوا تدريجيا على الوضع و أصبحوا يعتمدون على أنفسهم في الأكل و اللباس و الذهاب إلى الحمام، و بقوا على نفس النهج إلى أن دخلوا هذا العام إلى المدرسة، فيما تكتفي هي بتحضير وجبة الفطور لهم، و تصفف شعر البنتين.
الأم أكدت بأن ما جعلها تتحكم في زمام الأمور، هو طبع الأطفال الهادئ، فلم تجد صعوبة كبيرة في تربيتهم في الطفولة المبكرة، إلا أنها تبذل قصارى جهدها للتكفل الأمثل بهم، مضيفة بأنها و هي تراهم يكبرون أمامها ، تزداد إصرارا و عزيمة على تحمل مسؤولياتها إزاءهم ، و تنسى تعبها .
الوالد العايش
تعرّضت لمساومات للحصول على سكن و وظيفة مقابل التنازل عن أحد التوائم
أب التوائم اعترف للنصر، بأنه و لحد اليوم لم يتقبل فكرة إنجاب خمسة أبناء دفعة واحدة، خاصة و أن الأطباء أكدوا أثناء حمل زوجته أنهم سيموتون قبيل الوضع، مضيفا بأنه و بالرغم من ظروفه المادية المزرية و معاناته من أزمة السكن، إلا أن ميلادهم أحياء أسعده ، فهم يضفون جوا خاصا على البيت ، كما يغمرونه بالسعادة و يجعلونه ينسى كل همومه، مقرا في ذات الوقت، بأن التكفل بخمسة توائم ليس بالأمر الهين، فهم يتطلبون إمكانات مادية معتبرة لتوفير احتياجاتهم ، لكن دخله لا يسمح بذلك، فهو يعمل حاليا في شركة لمواد البناء بعقد مؤقت، و يحصل على دخل ضعيف، مقارنة بعدد أفراد أسرته، ما حتم عليه العمل خارج أوقات العمل كحمال «عتال» ، كما يعرض خدماته على كل من يقوم بأشغال تهيئة لمنزله أو أعمال مشابهة ، ليوفر دخلا إضافيا .
«لولا مساعدة المحسنين لضاع أبنائي»
العايش أضاف أنه و بعد وفاة جده الذي كان يساعده ماديا في التكفل بأبنائه، وجد نفسه في مأزق كبير، خاصة في فترة المناسبات الدينية و الأعياد، و كذا الدخول المدرسي، حيث لم يعد باستطاعته توفير الملابس لفلذات أكباده، مشيرا إلى أنه لم يتمكن منذ سنتين من توفير كسوة العيد لهم، و يحز في نفسه رؤيتهم يبكون يوم العيد عند رؤية أقرانهم بلباس جديد و يجعله يشعر بالعجز .
العايش قال بأنه لولا مساعدة بعض المحسنين ، لما تمكن من تسديد إيجار البيت الذي يقيم به حاليا مع أسرته و كذا فواتير الغاز و الكهرباء، و من بين هؤلاء المحسنين سيدة من بئر العاتر و أخرى مقيمة بفرنسا ، تساعدانه بمبالغ مالية، و أضاف أن السيدة المغتربة تواصلت معه عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، و طلبت منه رقم حسابه البريدي و عنوانه، و أصبحت ترسل له أحيانا ملابس للأطفال و بعض الحاجيات.
علما أن بعض الأطباء الفرنسيين اتصلوا بالعايش عبر ذات الموقع، و اقترحوا عليه التكفل بتوائمه، مقابل إجرائهم لدراسات و أبحاث حولهم، لكنه رفض.
بالمقابل لم يتلق العايش المساعدة من السلطات المحلية بالرغم من نداءاته المتكررة و احتجاجه رفقة توائمه أمام مقر الولاية، إلا أنه لم يلق أي دعم، بل تم اتهامه بالتحريض على التجمهر، و صدر حكم بحقه ينص على معاقبته بثلاثة أشهر سجن غير نافذ و غرامة مالية بقيمة 30 مليون سنتيم.
و أشار الأب من جهة أخرى، أن رجلا من العاصمة اتصل به بعد ميلاد التوائم و عرض عليه شقة من ثلاث غرف بعقد ملكية و وظيفة دائمة في مؤسسة سوناطراك، مقابل إعطائه أحد أبنائه التوائم الذكور ، إلا أنه رفض رفضا قاطعا، مؤكدا بأنه لن يتخلى عن فلذات كبده مهما كانت الظروف.
هذه قصة العائلة مع السيدة زهرة ..
الوالد العايش قال لنا إنه لا يمكنه الحديث عن قصة إنجاب زوجته للتوائم ، دون ذكر السيدة زهرة ، لما لها من فضل كبير عليهم ، فقد أزالت عنه حملا ثقيلا، فطيلة ستة أشهر و هي فترة تواجد زوجته بالعاصمة ، تكفلت بها ماديا و معنويا .
و اعتبرت وداد فترة مكوثها بمستشفى القبة من أصعب المراحل التي عاشتها فلم يكن لديها أقارب بالعاصمة يزورونها و بحكم بعد المسافة و الظروف المادية لم يستطع أحد من أهلها أن يطمئن عليها هناك، إلا أن الله عز وجل أكرمها ، كما قالت، بسيدة تدعى زهرة ، تكفلت بها طوال مدة مكوثها هناك لتكون بمثابة الأم و الأخت و المحسنة التي سخرت وقتها و جهدها و مالها، في سبيل شفائها و ولادة أطفالها بصحة و عافية.
وداد قالت بأن زهرة و بعد سماعها بخبر تواجد سيدة تحمل 5 توائم بالمستشفى، و أن ظروفها المادية صعبة، بحثت عنها و أصبحت تزورها يوميا و تتكفل بإحضار وجبات الغداء و العشاء و أحيانا الفطور لها ، و كذا بكل ما تحتاجه من لباس و دواء ، و لم تبخل عليها بشيء ، حتى أنها كانت تقوم بتغيير الملابس لها لكونها كانت تجد صعوبة في ذلك، لأنها مصابة بمرض الروماتيزم، كما تحرص جاهدة على نظافة فراشها، و توفير أكل منتظم و صحي لها.
و أضافت و عينيها مغرورقتين بالدموع «حقيقة زهرة لها فضل كبير علي و كل الكلمات لا توفيها حقها لما قامت به من أجلي، فقد أخرجتنا من مأزق الإستدانة و رفعت عن زوجي و عني ثقلا كبيرا ، و جعلتني لا أشعر ببعد أسرتي ، كانت مطلعة على كل حيثيات حملي إلى غاية يوم الوضع ، حيث فضلت أن تظل في المستشفى يوما كاملا للاطمئنان على صحتي، كما اختارت لي أسماء توائمي الذكور، فيما أطلقت طبيبة اسم آية على إحدى البنتين، و اختارت والدتها اسم شيماء للثانية، و تكفلت زهرة أيضا بتكاليف عودتي إلى تبسة، و ظلت على اتصال دائم بي، و تكفلت بتكاليف عطلتنا الصيفية في السنتين الماضيتين».
أب التوائم تحدث أيضا عن معاناته خلال فترة الحمل، ففي الوقت الذي مكثت فيه زوجته وداد في المستشفى، بقي بالعاصمة، خوفا من حدوث مكروه لزوجته، بالرغم من ظروفه المادية الصعبة، فقد كان عاطلا على العمل، و قال للنصر بأنه كان يبيت في الإقامة الجامعية رفقة أصدقاء له ينحدرون من مسقط رأسه، و كان يستيقظ باكرا ، بحثا عن عمل يسترزق منه، فاشتغل « حمالا» و دهانا و غير ذلك ليوفر تكاليف العلاج و الأكل ، فلم يغادر العاصمة إلى غاية تماثل زوجته للشفاء و كذا أبنائه الخمسة ،و ذلك بعد نحو 6 أشهر.
لا أخلط بين توائمي
و أحفظ ترتيبهم عند الولادة
بعد الوضع لم تتمكن الأم وداد من احتضان فلذات كبدها، كما تفعل الكثيرات، إلا أن ذلك لم ينسها ترتيب ميلادهم، و قالت وداد بهذا الخصوص أن أول مولود هو إياد ، ثم جواد و معاذ و شيماء، فآية التي كانت أقلهم وزنا، و تم وضعهم مباشرة في حاضنات ، و لم تتمكن من استلامهم إلى غاية استقرار وضعهم الصحي.
و أوضحت « بعد خروجي من العناية المركزة كنت متلهفة لاحتضاني أبنائي، إلى أن الأطباء لم يسمحوا لي بذلك إلى غاية مرور أيام، فظللت أعد الدقائق و الساعات منتظرة بشغف رؤيتهم و احتضانهم ، ثم أخبرني الطبيب أنه تم تجهيز أحد أسرة التوائم، لأنه سيخرج معاذ من الحاضنة، فرحتي كانت كبيرة و ظلت طوال اليوم أنتظر بشغف كبير إحضاره، لتأتي لحظة احتضانه التي أنستني ألم فقدان أول مولود لي سابقا ، و معاناتي طوال مدة الحمل، و عندما نظرت إلى وجهه الملائكي و ضممته إلى صدري، أصبح المفصل لدي ، و بعد أيام استلمت جواد ،ثم إياد، فشيماء و آية آخرهم، لكونها كانت أقلهم وزنا، حيث ولدت بوزن400 غرام، و ظلت شهرا كاملا في الحاضنة». اليوم يحلم الوالد العايش و زوجته وداد ، 32 عاما ، بحياة مستقرة، داعين السلطات المحلية إلى إعادة النظر في وضعيتهم و توفير سكن لائق لهم، لأن إمكانياتهم المادية لا تسمح بمواصلة دفع إيجار البيت الذي يقيمون به مع صغارهم، مؤكدين بأنهم وضعوا ملفا للحصول على سكن اجتماعي سنة 2010 و حصلوا على استفادة مسبقة دون جدوى، كما رفعا انشغالهما مرات عديدة للسلطات، إلا أنهما لم يحصلا سوى على وعود .
أ/ ب