نظـام معلوماتي وتطبيـق رقمي يضعــان أولـى لبنــات الإدارة الإلكترونيـــة بقسنطينــة
وضعت مديرية الإدارة المحلية بولاية قسنطينة، في أول إجراء على المستوى الوطني اللبنة الأولى لتجسيد مبدأ الإدارة الإلكترونية، التي وردت ضمن توصيات لقاء الحكومة ولاة الأخير التي تتعلق بعصرنة الإدارة وتحديث أنماط التسيير، حيث أطلقت نظاما معلوماتيا لتسيير الجباية المحلية والممتلكات البلدية والولائية، التي تعد المصدر الأساسي في تمويل الجماعات المحلية، في تجربة نموذجية ساهمت في تحسين المداخيل وإرساء قواعد الشفافية في التسيير الإداري والمالي.
روبورتاج: لقمان قوادري
ولم تتوقف المديرية، عند هذا النظام المعلوماتي، بل تعدته إلى إنجاز أول تطبيق إلكتروني رقمي على المستوى الوطني، يعنى بتسيير ومتابعة برامج التنمية المحلية منذ تسجيلها إلى غاية الاستلام النهائي لها، في نظام رقمي جمع كل المتدخلين في إنجاز المشاريع بدءا من الوالي وصولا إلى أمناء الخزينة ورؤساء البلديات، إذ مكن من الاطلاع بدقة على وضعية كل عملية مالية مسجلة، ما ساهم في تحديد المسؤوليات ومكامن الخلل في كل برنامج تنموي، فضلا عن مساعدة السلطات المحلية في تطهير مدونة المشاريع غير المجسدة والتي يعود تاريخ تسجيلها إلى سنوات خلت.
ووقفت مديرية الإدارة المحلية قبل إعداد النظام الرقمي، على وضع مقلق للممتلكات المنتجة للدخل والجباية المحلية، حيث كانت كل البلديات لا تتوفر على معلومات دقيقة عنها، حتى أن البلديات كانت لا تحصي 876 من الممتلكات المنتجة للدخل، في حين أن ولاية قسنطينة، لم تحص 3 ممتلكات منتجة للدخل، فيما سجل عدم تحصيل 104 مليار سنتيم من عائدات الجباية المحلية.
ويؤكد مدير الإدارة المحلية، ناصر زوقاري، الذي استقبلنا بمكتبه وأطلعنا بكل التفاصيل، أن الوضع السابق الذي تم الوقوف عليه، لا يعبر عن الوضع الحقيقي لإيرادات الجماعات المحلية، وعلى رأسها البلديات، إذ تم اكتشاف أن البلديات بإمكانها أن تحقق الاكتفاء المالي الذاتي وعدم الاعتماد على إعانات صناديق الدولة المختلفة، وبالتالي فإن هذا النظام المعلوماتي الذي تم الإعلان عنه رسميا مطلع العام الماضي، وضع كل مسؤول محلي أمام المهام المنوطة به والتي لا يمكنه أن يتهرب منها أمام مواجهة هذا النظام المعلوماتي الحديث، مشيرا إلى أن قانون البلدية ينص على وجود سلطتين لا يعبر عنهما في إعداد ميزانية البلدية وهي الممتلكات المنتجة وكذا الجباية المحلية وتتمثل في 7 رسوم، وذلك لأن رؤساء البلديات، لا يعتبرون أن لديهم سلطات ومسؤوليات جبائية وجب الالتزام بها لتحسين المداخيل.
عجز مالي مقابل إمكانيات ضخمة على الورق
وتسجل بلديات ولاية قسنطينة، على غرار جل بلديات الوطن عجزا ماليا كبيرا جعلها غير قادرة على تسيير المرفق العام إلا من خلال إعانات الدولة ومختلف الصناديق، في حين أن أموالا معتبرة توجد خارج الإطار القانوني، حيث أن نظام تحصيل أموال الجباية والممتلكات الذي تم اعتماده رسميا لإعداد تقديرات السنة المالية الجارية، ساعد على الانطلاق في تحصيل العائدات المالية، في مسعى ساهم في التسيير الراشد للأموال العمومية، كما أكد المتحدث أن تحصيل الرسوم وأموال الممتلكات، ليس بالأمر الجديد بل إن المشرع وضع هذه القوانين والآليات منذ سنوات، لكنها لم تطبق، وأضاف أنه قد حان الوقت للعمل من أجل استعادتها بغرض ضمان الخدمة العمومية، مؤكدا أن مجلس المحاسبة ووفق قانون المالية، سيحاسب على عدم تحصيل مختلف أنواع المداخيل.
وتتجسد الجباية المحلية في تسيير الرسوم العائدة كليا لفائدة البلديات، وتحديد مداخلها وفقا لقوانين المالية والضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، إذ تتمثل في الرسوم على الإعلانات والصفائح المهنية، التي تنتشر كالفطريات في كل مكان، فضلا عن الرسوم على الإقامة وكذا عقود التعمير، بالإضافة إلى رسوم التطهير ورفع القمامة التي لا يدفعها أحد سواء من طرف المؤسسات أو الأشخاص، وكذا الرسم الخاص بالحفلات والأفراح وأخيرا الرسم العقاري.
أما الأملاك المنتجة للدخل، فقد تكون إما محلات مهنية أو تجارية، وكذا الأسواق بمختلف أصنافها أو فضاءات تجارية أو مساحات عمومية، بالإضافة إلى حظائر الركن للسيارات، وغيرها، فعلى سبيل المثال فإن ولاية قسنطينة تتوفر على ملكية منتجة للدخل ويتعلق الأمر بفندق "مرحبا" المحاذي لمطار محمد بوضياف الدولي، والذي تم استرجاعه مؤخرا، في حين أن بلدية قسنطينة، تتوفر على حظيرة ركن كبرى للسيارات، على مستوى شارع زعموش بوسط المدينة.
مصلحة الإعلام الآلي.. غرفة عمليات لإدارة النظام المعلوماتي
في مصلحة الإعلام الآلي بالمديرية، اطلعنا بدقة على نظام تسيير الجبابة المحلية والممتلكات، حيث قال السيد زوقاري ناصر، إنه يعد أول تجربة على مستوى الجماعات المحلية عبر الوطن، إذ تم إنجازه بكفاءات ذاتية استمرت في العمل لأشهر عديدة إلى غاية إعداد هذا النظام المعلوماتي، الذي يهدف، مثلما قال، إلى التأسيس لذاكرة وبنك معلوماتي يهدف أساسا إلى التنسيق الآني بين مختلف المتدخلين في التسيير وتحسين المداخيل وكذا تثمين ممتلكات الدولة، وإرساء قواعد الشفافية في التسيير الإداري وكذا مبدأ تقريب الإدارة من المواطن، مؤكدا أن كل هذه المقومات تشكل الركيزة الأساسية لتوصيات رئيس الجمهورية، فضلا عن لقاء الحكومة ولاة، كما تعد أول خطوة أساسية في تجسيد مبدأ الإدارة الإلكترونية.
وتابع المتحدث، أن من بين أبرز أهداف البرنامج المعلوماتي المتعددة والمتشعبة، هو تسهيل توفر المعلومة ودقتها، فضلا عن التقليل من وقت معالجة الملفات وتفادي الوقوع في الأخطاء مع توحيد عملية التسيير على مستوى جميع البلديات وكذا الولاية ومصالح الضرائب وتسهيل إحصاء عملية تحصيل الإيرادات، وذلك من أجل إعداد مشاريع ميزانيات ترقى إلى تطلعات المواطنين، في إنجاز مشاريع تنموية تحسن من مستوى النمط المعيشي.
وأضاف السيد زوقاري، أنه وفي السابق كان هناك غياب شبه كلي للمعلومات عن الكثير من الممتلكات، حيث وصل الأمر حد أن البلديات على غير علم بما تملكه من موارد خاصة وممتلكات منتجة للدخل والتي تعد من بين أهم الموارد الأساسية في تمويل الجماعة المحلية.
نظام يحمي الممتلكات والأشخاص معا
ومكن النظام الرقمي، وفق مدير الإدارة المحلية، العديد من البلديات من تسجيل ممتلكات كانت غائبة في سجلات المكونات السابقة، إذ إن العديد منها كانت لا تعرف ممتلكاتها لكن بفضل النظام تم إدراج كل الممتلكات، التي لم تكن محل تسجيل سابقا، كما صحح، وفق تأكيده، الكثير من الوضعيات والتي كانت من الممكن أن تتسبب في متابعات قانونية في حق رؤساء بلديات ومسؤولين فهو مثلما قال، قد حمى الممتلكات العمومية والأشخاص في آن.
وتبرز رئيسة مصلحة الإعلام الآلي بمديرية الإدارة المحلية، السيدة خريف أسماء، أن هذا النظام الرقمي تم من خلاله وضع مختلف المصالح والبلديات، في بوتقة إلكترونية واحدة تتفاعل رقميا فيما بينها، على غرار خزينة البلدية ومصالح الضرائب والمنازعات، كما تتدخل أطراف كثيرة في تسييره، كل حسب مستوى تدخله وعلاقته المباشرة بالملف سواء من رؤساء البلديات أوالدوائر أو مسؤولي الإدارة المحلية، وحتى الوالي بإمكانه أن يطلع من مكتبه على كل الوضعيات وأي معلومة والتي تكون محينة ودقيقة جدا.
نقرة زر بدل غبار الأرشيف وقناطير الورق القديم
وتؤكد المهندسة والمشرفة على إنجاز النظام المعلوماتي، أنه قد تم من خلاله، تحويل المنظومة القانونية والتشريع المعمول به، إلى هندسة إلكترونية معلوماتية، مشيرة إلى أنه نظام رقمي آني وليس تطبيقا، إذ يعتمد على تسيير كل ملف حالة بحالة منذ بداية أي ملف إلى غاية نهايته، ما يجعله في كل مرة يتطور بشكل آلي.
وتحولت الأوراق المكدسة فوق المكاتب أو المخبأة في علب الأرشيف القديمة، التي أكلها الغبار وضاقت بها قاعات التخزين، إلى أرقام إلكترونية يُتحكم فيها بمجرد النقر على شاشة جهاز الكمبيوتر، في حين صار سجل الممتلكات مسجلا ومرقمنا وفق السجل الورقي الأصلي، إذ تم وفق السيدة خريف، إعداد محضر معاينة لكل سجل للتأكد من كل المعلومات، فمثلا في الممتلكات البلدية يتم التأكد من مطابقة ما هو مسجل، لما هو مدرج في مداولات المجلس الشعبي البلدي. واطلعنا على كيفية العمل بالنظام المعلوماتي للأملاك، حيث إن الواجهة الإلكترونية الخاصة بالممتلكات، تتضمن خانات تحمل جردا مفصلا لكل ملكية عمومية واسم البلدية وطبيعة الملك وعنوان الملكية وطبيعة التسيير والوضعية الفيزيائية للملكية، إن كانت جيدة أم متوسطة فضلا عن وضعية الاستغلال.
كما تتضمن الواجهة الأولى أيضا اسم المستغل أو المستأجر، عنوانه، رقم هاتفه، تاريخ الاستغلال والإيجار ومدة الإيجار وكذا مبلغ الاستغلال، فضلا عن المبلغ المستحق وكذا المبلغ المدفوع وتاريخ آخر دفع والمبلغ المتبقي، كما تتضمن الواجهة عموديا خانات لإضافة ملكية جديدة وتعديل بيانات الملكية وحذف البيانات، فضلا عن إحصائيات بالأعمدة أو الدوائر النسبية وخدمات أخرى تتعلق بالبيانات وحفظ وطباعة سند التحصيل وطباعة الأمر بالتسديد، في حين تتوفر كل ملكية على بطاقة تقنية موسعة ودقيقة، عن طبيعة كل ملك بمعنى أن كل واجهة إلكترونية تحيلنا مباشرة إلى واجهة أكثر تفصيلا ودقة ومعلوماتية.
نحو الانتقال للعمل بنظام «جي بي أس»
ولفت مدير الإدارة المحلية، أن آفاق هذا النظام المعلوماتي كبيرة جدا، حيث سيتم خلال الفترة المقبلة العمل بنظام التموضع العالمي "جي بي أس"، الذي يحدد الموقع بدقة مع التقاط الصور وذلك لأن النظام، مثلما أكد، يتطور آليا، كما أشار إلى أنه مؤمن جدا ويعمل بنظام الأنترانات، كما أن مهام كل طرف محددة بدقة، ولا يمكن لأي متدخل أن يتجاوز الصلاحيات الممنوحة له إلكترونيا مهما حاول، فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن يتم حذف أي ملكية تابعة للبلدية إلا من خلال تقديم مداولة مصادق عليها من مختلف الهيئات المعنية، تثبت أنها أسقطت من سجل الممتلكات المرقم والمرتب، بشكل دقيق ضمن النظام المعلوماتي.
وفي كل مرة كنا نطلع فيه على تفاصيل النظام المعلوماتي، كان مدير الإدارة المحلية، يبين لنا مزايا النظام، حيث قال إنه يسمح أيضا لرؤساء البلديات بتقييم مدى نجاعة الإجراءات المتخذة في إيجار أو تسيير الممتلكات، وبالتالي اتخاذ القرار المناسب بعد ذلك لضمان نجاعة أكبر، كما أن الوالي يستطيع في كل لحظة مراقبة عمل الجماعات المحلية والوقوف على الوضعية المالية والفيزيائية والإدارية لكل ملكية مهما كان نوعها، كما أنه يحمي أملاك الجماعات المحلية من التلاعبات خلافا للسابق، أين سجل حتى بيع ممتلكات محلية في مواقع، كما وثقت تنازلات غير قانونية عن بعض الممتلكات.
محاولة فاشلة للتلاعب بمعلومات النظام
ولإبراز نجاعة النظام المعلوماتي في مواجهة أي محاولة للتلاعب بمعلوماته، قامت رئيسة المصلحة، بإدراج معلومات خاطئة عن تاريخ إيجار إحدى الممتلكات والمتمثلة في محل تجاري ببلدية عين سمارة رغبة في تجديد العقد، إذ وفور إدخال المعلومات في الخانة المخصصة للبلدية، حتى رفض مباشرة محاولة تمديد آجال العقد بشكل غير قانوني.
كما أبرز النظام باللون الأحمر، أن المستأجر ما تزال على عاتقه ديون حدد قيمتها المالية، ولا يمكنه أن يجدد العقد إلا بعد تسديد المستحقات المالية العالقة، وهو ما سجل، مؤخرا وفق مدير الإدارة المحلية في إحدى البلديات، إذ وقف أحد رؤساء الدوائر خلال اطلاعه على النظام المعلوماتي على عدم تسوية الديون ليتخذ قرار برفض المداولة الصادرة عن البلدية التي جددت من خلالها عقد الإيجار، دون تسوية المعني لمستحقاته المالية العالقة، ليتم بعدها إصدار إعذار مباشر للمستأجر.
فروقات مالية كبرى قبل وبعد العمل بالنظام الرقمي
ووفقا للإحصائيات التي اطلعنا عليها، فإنه وبعد إجراء حوصلة مقارنة لتقديرات ناتج الأملاك بعد استغلال النظام، تم إدراج أرقام حقيقية وواقعية لمداخيل الأملاك العمومية البلدية بـ12 بلدية، إذ ارتفعت من 48.3 مليارا إلى أزيد من 139 مليار سنتيم بفارق إجمالي يقدر بأكثر من 90.6 مليار سنتيم، بمعنى أن هذا المبلغ كان خارج حسابات البلديات.
فعلى سبيل المثال فإن بلدية قسنطينة، تحصي ضمن توقعات ميزانيتها للعام الماضي بـ 23.9 مليار سنتيم فقط، بينما أن النظام المعلوماتي، قدم بناء على الأسعار المحددة لإيجار الممتلكات التي وضعتها البلدية، توقعات بتحصيل مبلغ 134 مليار سنتيم بفارق إجمالي يزيد عن 111 مليار سنتيم، وهو غلاف مالي كبير من شأنه أن يحقق اكتفاء ماليا ذاتيا ويقضي على العجز المسجل في الميزانية الذي تعرفه البلدية منذ سنوات، فضلا عن تسجيل عمليات مالية لإنجاز المشاريع التنموية بعاصمة الشرق الجزائري.
وأشارت رئيسة مصلحة الإعلام الآلي، إلى تسجيل تغيير جذري في طريقة وقانونية تجديد العقود وإيضاح طبيعتها خلال العام الجاري، كما أكد زوقاري، أن نسبة التحصيل ارتفعت بكل من بلدية قسنطينة بنسبة 65 بالمئة، وهو ما سجل أيضا على مستوى الخروب، كما أكد أن الإحصاءات الدقيقة التي وفرها فيما يخص الرسم على الإعلانات والصفائح المهنية، ساهمت في إعادة النظر في إجراء إعادة تقييم عبر مختلف المندوبيات ببلدية قسنطينة، بعد الاستعانة بهذا النظام المعلوماتي، وتم الكشف عن مواقع كثيرة لم تكن محصية وضعت بها لوحات إشهارية، لتتجه بعدها البلدية إلى العدالة، من أجل استرجاع حقوق الإيجار.
تطبيق يحدد مكامن الخلل في تجسيد المشاريع بدل تقاذف المسؤوليات
ولم تكتف مديرية الإدارة المحلية بقسنطينة بهذا القدر، بل ذهبت إلى العمل على تسيير ميزانية التجهيز، التي ترصد لها في كل عام المئات من الملايير من مختلف الصناديق الوطنية، حيث رأت أنه من الضرورة أن يتم إضفاء نجاعة في كيفية تسيير المشاريع والبرامح التنموية، وهو ما تجسد في إطلاق نظام رقمي يعد هو الآخر الأول على المستوى الوطني والذي يعنى بتسيير ومتابعة البرامج التنموية، حيث يهدف هذا التطبيق إلى تحديد المسؤوليات ومكامن الخلل ووضعية تقدم كل المشاريع المسجلة على مستوى الإدارة المحلية والبلديات، مع رصد الجهة التي تعرقل تجسيدها في أرض الواقع، بدل تبادل التهم وتقاذف المسؤوليات.
وكثيرا ما سجلت في الخرجات الميدانية للولاة أو الوزراء أو خلال الاجتماعات الرسمية، جدالات واسعة بين المسؤولين المتدخلين في تنفيذ المشاريع، فهذا يحمّل التأخر للمراقب المالي الذي لم يؤشر على الصفقة أو الاتفاقية، بينما الآخر يحمّلها لأمين الخزينة الذي لم يسدد الوضعيات المالية، في حين يعمد آخر إلى تحميلها إلى الإدارة التي لم تحضر الوثائق الضرورية للتأشير على الصفقة أو دفع المستحقات المالية وهكذا دواليك، لتبقى المشاريع حبيسة الأدراج ويكون المتضرر الأكبر هو المواطن وخزينة الدولة، التي تضطر في كل مرة إلى تغيير هيكلة كلفة المشاريع بسبب التأخر في التجسيد، وارتفاع أسعار إنجاز المشاريع من سنة لأخرى.
الرقمنة العدو الأول لسوء التسيير
ويؤكد السيد زوقاري، أن هذا التطبيق من شأنه أن يسهل متابعة كافة العمليات المتعلقة بتسجيل المشاريع والالتزام والتسديد طيلة مراحل المشروع، كما يساهم في إضفاء الشفافية في التسيير، إذ تكمن مظاهر الشفافية ضمن التطبيق الإلكتروني، وفق مدير الإدارة المحلية، في معرفة أي فاعل أو متدخل في المشروع ونسبة تقدم الأشغال وتسديد القروض وأسباب توقف المشروع وتاريخ انطلاقه وكل المعلومات المتعلقة به، وهو ما سيسمح بتحديد المسؤوليات لكل طرف بدل تبادل الاتهامات وعرقلة المشاريع.
وأكد المتحدث، عدم انطلاق مشاريع سجلت قبل عشر سنوات، في العديد من البلديات دون سبب محدد، لكن هذا النظام سيحدد مكامن الخلل والتقصير كما سيحدد هوية معرقلي أي مشروع، إذ أن الرقمنة هي العدو الأول لسوء التسيير في ما يمكن لأمين الخزينة أن يقف على أي اختلال وهو حال والي الولاية أو رئيس البلدية أو أي متدخل آخر. وعرض المتحدث، رفقة رئيسة مصلحة الإعلام الآلي نماذج للعديد من المشاريع، حيث قال إن التطبيق من شأنه أن يوفر أرضية رقمية لبرامج التنمية المحلية على مستوى البلديات والولاية، من خلال تسهيل البحث عن كل المعلومات، حسب سنوات التسجيل مع التعرف على مصدر التمويل والقطاع ووضعية الأشغال.
ويسمح التطبيق، الذي اطلعنا على تفاصيل العمل به، بالمتابعة الدقيقة والآنية للوضعية الفيزيائية والمالية للبرامج وتقليل مدة معالجة الملفات وتفادي الوقوع في الأخطاء، مع ضمان التنسيق بين مختلف المتدخلين في تسيير ومراقبة المشاريع والبرامج التنموية، وإنشاء أرشيف رقمي لمختلف الوثائق ذات الصلة بإنجاز البرامج، علما أنه قد تم تكوين أعوان البلديات لتسيير هذا البرنامج الذي ستكون البلدية ومديرية التخطيط ومصلحة الميزانيات وممتلكات الولاية، عناصر أساسية في تسييره، فضلا عن الرقابة المالية والخزينة العمومية والدوائر، فيما أكد مدير الإدارة المحلية، أنه ساهم منذ إطلاقه، في النهوض بالتنمية في الولاية من خلال تطهير مدونة المشاريع.
واطلعنا على برامج مناطق الظل، كنموذج لكيفية تسيير المشاريع عبر هذا التطبيق، حيث كانت الواجهة الإلكترونية تحتوي بدقة على معلومات حول الالتزام المالي أو الدفع، سنوات التسجيل، تاريخ الإرسال إلى الخزينة وتاريخ التسديد، كما يمكن من خلاله أيضا التعرف على ماهية القطاعات أكثر استفادة من المشاريع التنموية في البلديات، إذ وقفنا أن قطاع التربية هو الأكبر تليه الموارد المائية، فيما أكدت رئيسة مصلحة الإعلام الآلي، أن التطبيق سيعرف تطورا أكبر في الفترة المقبلة.
وختم مدير الإدارة المحلية، أن كل هذه الإجراءات مطابقة لما ورد في تعليمات رئيس الجمهورية في اجتماع الحكومة ولاة يومي 24 و 25 سبتمبر 2022، إذ تنص التعليمة الخامسة على تثمين ممتلكات البلدية، التي تعد القاعدة الأساسية في بناء الدولة، وذلك من أجل دعم ميزانية البلديات تصحيحا لوضعيتها الإدارية والمالية، كما أشار إلى أن مخرجات الورشة رقم 1 ذات التنفيذ المحلي من ذات الاجتماع، تنص على اعتماد آليات تسيير حديثة ترتكز أساسا على وسائل الرقمنة ومنظومة معلومات دقيقة لمتابعة التنمية على المستوى المحلي وهو ما تم تجسيده ميدانيا على أن يعرف تطورا أكبر، وهو تحدي ترفعه المديرية في المراحل المقبلة.
ل.ق