• دعم الدولة يمثل المحرك الأساسي لسلسلة الإنتاج
تقتني الملبنات العمومية والخاصة بولاية قسنطينة أربعين بالمئة فقط من إنتاج حليب الأبقار من أجل تحويلها صناعيا إلى مشتقات، حيث تقوم هذه السوق على منتوج مقدر بخمسين مليون لتر سنويا، تُسوّق ثلاثون مليون لتر منها في المحلات والمقاهي أو تستغل للاستهلاك الفردي، في حين يمثل دعم الدولة شريانا رئيسيا في توليد حركية السلسلة الإنتاجية رغم التعثر المسجل في كثير من حلقاتها بسبب ما يكابده حوالي ألف مربي أبقار حلوب من صعوبات، تلاحظ في ضخامة الاستثمارات المبذولة من الناحية المالية وعدم توافقها مع نسبة الربح المحصلة لفائدتهم. ويجدُ المشتغلون في مجال تربية الأبقار الحلوب التي يصل عددها إلى حوالي عشرة آلاف بالولاية، أنفسهم فريسة للمضاربين في تجارة الأعلاف وارتفاع أسعار الأبقار وعوائق تقنية أخرى.
ملف من إعداد: سامي حبّاطي
وأكد المتدخلون الذين تحدثت إليهم النصر في هذا التحقيق حول حليب الأبقار من مرحلة إنتاجه إلى محطاته الأخيرة في السوق، أن البنية التحتية والإمكانيات متوفرة لتحقيق مردود أوفر وهامش ربح أكبر، في حين نقلت تجربة غير مسبوقة يقوم بها مختص في التلقيح الاصطناعي أنشأ بمفرده أول مستثمرة مختصة في التحسين الوراثي للأبقار و استيراد أصناف مستوردة على المستوى المحلي، قادرة على حل المشكلتين الأساسيتين للمربين، بحيث أنها لا تقتات على كميات كبيرة من الأعلاف وتدر كميات كبيرة من الحليب، كما تتميز بمناعة أكبر ضد الأمراض.
إطعام 8 رؤوس يكلّف 8 آلاف دينار يوميا
لم نتكبد عناء كبيرا في الوصول إلى مزرعة أسرة نجيب بن الشيخ الحسين في منطقة شعبة المذبوح داخل الحدود الإدارية لبلدية حامة بوزيان، رغم أن الملاحظ في الجزء الأول من المسلك المؤدي إليها بعد أول تفرع إلى اليمين هو انتشار البنايات في منطقة معروفة بإنتاجها الفلاحي، في حين لاحظنا أن المزرعة التي نقصدها تمثل النهاية، ولا توجد بعدها إلا أراض شاسعة مزروعة بالحبوب. واستقبلنا صاحب المزرعة، الأستاذ ومدير المدرسة المتقاعد، الذي عاش طيلة حياته في مدينة شلغوم العيد وقرر أخيرا العودة إلى أرض آبائه لإنشاء مزرعة والإقامة فيها، في حين كان محاطا بابنيه مفدي ورضوان خريجا كلية الاقتصاد بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، اللذان قررا الاشتغال في الفلاحية وكانا يرتديان بدلتين عليهما آثار الأوحال والأعلاف.
وتربي الأسرة ثمانية من الأبقار الحلوب وبضعة عجلات صغيرات، حيث اقتادها الابن الأكبر إلى داخل الاسطبل المغطى ليقدم لها «الهيشر»، في حين ذكر لنا أن عمله اليومي ينقسم إلى البرنامج الصباحي الذي يبدأ من الساعة السادسة إلى العاشرة والنصف، انطلاقا من تقديم العلف، ثم العلف المسلوج؛ وهو مزيج من العشب الأخضر المحفوظ والذرة المسحوقة، ليقوم بعد ذلك بحلب البقرات، ثم يقدم لها «القرط» بعد ذلك ويسقيها بالماء. وبعد أن ترتوي وتكون قد خرجت من الاسطبل يقدم لها «الهيشر». ونبه محدثنا أن نفس البرنامج يتكرر في المساء بداية من الساعة الثالثة.
وأشار محدثونا إلى أن ثماني بقرات تستهلك يوميا 80 كيلوغراما من العلف و20 كيلوغراما من النخالة و20 كيلوغراما من العلف المسلوج، بالإضافة إلى 50 كيلوغراما من «القرط» و40 كيلوغراما من الهيشر، في حين تقدر أسعار هذه الأعلاف في السوق بـ 5200 دينار مقابل القنطار من العلف و3800 دينار للقنطار من النخالة وألفي دينار لنصف قنطار من «القرط» وألف دينار مقابل نصف قنطار من «الهيشر»، فضلا عن 16 دينارا للكيلوغرام الواحد من العلف المسلوج. وقد قمنا بعملية حسابية مع المربين فوجدنا أن إطعام ثمانية أبقار يكلفهم أكثر من 8 آلاف دينار يوميا، حيث ذكروا لنا أن أكثر ما يثقل كواهلهم هي الأعلاف.
ولفت محدثونا إلى أنهم يتلقون دعما من الدولة لاقتناء العلف المسلوج بقيمة 4 دنانير في الكيلوغرام الواحد، في حين لاحظنا كميات منه موضبة في شكل كرات في الجهة الخلفية من الاسطبل، وأخبرنا مفدي أن لجنة مختلطة من عدة مصالح تابعة لمديرية الفلاحة تزورهم بصورة دورية للتأكد من كمية هذه المادة وتحديد قيمة الدعم الذي سيستفيدون منه. وقد ذكر محدثنا أن مزرعتهم العائلية تنشط في مجال تربية الأبقار الحلوب منذ عشر سنوات، وتكبّدوا خسائر فادحة قبل سنوات بسبب تفشي الحمى القلاعية، في حين أشار إلى أن تكاليف الإطعام كانت منخفضة جدا عندما بدأوا النشاط، ولم تكن تتجاوز 1800 دينار مقابل قنطار من العلف و500 دينار مقابل نصف قنطار من «القرط»، فضلا عن أن سعر البقرة كان مقدرا حينها بعشرين مليون سنتيم.
«مزرعة الأبقار الحلوب استثمار بملايير لتحصيل فائدة ضئيلة»
وتتعامل مزرعة أسرة بن الشيخ الحسين في إطار عقد مع ملبنة خاصة كبرى من شرق البلاد، حيث تزودها، كما يفعل كثير من مربي الأبقار الحلوب بقسنطينة، بجميع الكميات التي تنتجها، في حين أوضح لنا المعنيون أن سعر اللتر الواحد من الحليب يقدر بما بين 45 إلى 50 دينارا، لكنهم يبيعونه للملبنة مقابل 42 دينارا تضاف إليها 12 دينارا من أموال الدعم العمومي التي يتلقونها من الديوان الوطني للحليب، ليصبح سعر اللتر الواحد 54 دينارا. وذكر لنا مفدي أن إنتاج البقرة الواحدة في مزرعته قد يصل إلى 30 لترا في اليوم، لكنه يتفاوت من فترة إلى أخرى، حيث يبلغ حده الأقصى في الربيع وقد ينخفض في مواسم أخرى إلى 15 لترا في اليوم، بينما لا تحلب الأبقار عموما إلا 10 أشهر من السنة.
وأجرينا عملية حسابية مفترضين أن إنتاج البقرة الواحدة في المزرعة يقدر بثلاثين لترا، فوجدنا أن المعنيين يبيعون في اليوم ما تقل قيمته عن 13 ألف دينار، وفي حال انتقاص قيمة الإطعام التي تتجاوز الثمانية آلاف دينار، لا يبقى من الفائدة للمربين المذكورين إلا أقل من 5 آلاف دينار، في حين ذكر لنا رضوان أن متوسط الإنتاج الشهري للمزرعة يتراوح ما بين 4 إلى 5 آلاف لتر من الحليب، أي أن قيمة المبيعات تقدر بما بين حوالي 22 و27 مليون سنتيم، في مقابل تكلفة إطعام تتجاوز العشرين مليون شهريا. وذكر محدثونا أنهم يتكبدون مصاريف أخرى، على غرار تكلفة الاستطباب البيطري التي تتجاوز أحيانا 3 ملايين شهريا.
وقد أوضح لنا رضوان، أنه عند تقييم مزرعة أسرته بالمعايير الاقتصادية، فإن الفائدة الشهرية التي يمكن جنيها في حال إيداع ما يعادل قيمتها ماليا في البنك، تتجاوز ما تعود به من فائدة عليهم عند ممارسة النشاط الحالي؛ خصوصا عند أخذ نسبة المخاطرة التي تكتنف نشاطهم بعين الاعتبار، مضيفا أن هذا يمثل أحد المعايير لمعرفة إن كان مشروع ما ناجحا أم فاشلا. و وصف مفدي وضعيتهم كمربين للأبقار، بمن يجد نفسه بين المضاربين الذين يقضمون من فائدتهم من كل الجهات؛ في التموين بالأعلاف وفي تسويق المنتجات على حد سواء.
47 مليون سنتيم لاقتناء بقرة مستوردة غير ولودة
وتتضمن شروط تسويق حليب المزرعة المذكورة ألا تقل نسبة الدسم في اللتر الواحد منه عن 32 غراما، في حين أكد لنا المعنيون أن المفترض أن يستفيد المربي من دينارين إضافيين عن كل 2 غرام من الدسم فوق الحد الأدنى، وأضافوا أن نسبة الدسم في حليب أبقارهم تقدر بـ 38 غراما، أي أن المفترض أن يحصلوا على 6 دنانير إضافية عن كل لتر.
وتمارس أسرة بن الشيخ الحسين نشاطات فلاحية أخرى في المزرعة، على غرار زراعة القمح، بينما لاحظنا وجود أرضية معشوشبة قليلا، حيث ذكر لنا الابن الأكبر أنهم يستغلون قطعة من ستة هكتارات لزراعة العشب، لتأكل منه البقرات طازجا حوالي عشرين بالمئة، ويقومون بصنع العلف المسلوج بأنفسهم بعد ذلك.
وتتم عملية صناعة العلف المسلوج بشق حفرة كبيرة في الأرض ووضع العشب فيها ثم مزجه بمكونات أخرى، من بينها الملح من أجل حفظها لمدة زمنية، حيث ذكر لنا الابن الأكبر أن العملية تشبه تصبير العشب، ثم يفتت بعد ذلك ويقدم إلى الحيوانات ما يوفر عليهم بعض تكاليف الإطعام.
وقد شرح لنا مُفدي أن القيمة الغذائية للعشب الطازج كاملة، بينما تنخفض في «القرط» إلى خمسين بالمئة، وتستقر عند الثمانين بالمئة في العلف المسلوج المصنوع من طرفهم في المزرعة، قبل أن يشير إلى أنهم يواجهون مشكلة نقص المياه أيضا، ويطالبون بالحصول على الدعم لإنجاز نقب في المزرعة، موضحا أن تكلفته قد تبلغ مئتي مليون سنتيم.
وتحدث أصحاب المزرعة عن بعض الصعوبات التي يواجهونها مع الأبقار المستوردة، التي يصل سعر الواحدة منها من سلالة «هولشتاين» إلى 47 مليون سنتيم، حيث ذكروا لنا أنها غير ولودة، كما أوضحوا أنهم كانوا يطمحون إلى بلوغ عشرين بقرة على الأقل ولم يفلحوا إلى اليوم، رغم أن البنية الأولية للمزرعة يمكنها أن تستوعب حتى خمسين بقرة حلوبا.
وقد تعرضت مزرعة بن الشيخ الحسين من قبل للسرقة وفقدوا بقرة، كما روى لنا الابن الأكبر أن إحدى بقراته أصيبت في قدمها ومرضت فاضطر إلى بيعها بخمسة ملايين سنتيم بعد أن صارت حالتها ميؤوس منها، رغم أنهم اقتنوها بأكثر من 45 مليون.
أبقار يتراجع مردودها إلى 10 لترات في اليوم
خرجنا من المزرعة واتجهنا صوب مزرعة أسرة غمراني في قرية غمريان غير البعيدة عن المكان الذي بدأنا منه، حيث استقبلنا صاحبها عبد الكامل، وكان يرتدي هو الآخر بدلة العمل ومحاطا بأبنائه، حيث تتربع مستثمرته على مساحة أكبر، ويملك خمسين بقرة حلوبا وخمسة عشر عجلا موجهة للقصابة وعجولا صغيرة أخرى، فضلا عن قطيع من أربعين رأسا من الأغنام؛ أوضح لنا أنها كانت مئة لكنه اضطر إلى بيع ستين منها بسبب تكاليف الإطعام الباهظة، مثلما أكد.
وأضاف عبد الكامل أن متوسط إنتاج مزرعته حاليا يقدر بحوالي أربعمئة لتر من الحليب في اليوم، وهو يتعامل مع نفس الملبنة الخاصة، لكن البقرات لا تدر الحليب إلا في سبعة أشهر من السنة ثم تتوقف للولادة، ويمكن أن يرتفع مردود الواحدة منها إلى ما بين ثلاثين أو أربعين لترا في اليوم عندما تتغذى جيدا في فصل الربيع، بينما ينخفض بسبب نقص الغذاء ويمكن أن يدنو إلى عشرة لترات فقط مثلما يسجله حاليا. وتستهلك بقرات محدثنا ما وزنه قنطار من النخالة وعشرون كيلوغراما من الشّعير وقنطارا وخمسة وعشرين كيلوغراما من «الهيشر»، فضلا عن العلف المسلوج الذي يتزود منه سنويا بمئتين وخمسين كرة يقدر سعر الواحدة منها بثلاثة عشر ألف دينار، أي ما تفوق قيمته 320 مليون سنتيم، ولا تكفي لتغطية العام بأكمله في أغلب الأحيان.
وأشار محدثنا إلى أن استهلاك أبقاره للشعير الذي تنتجه مزرعته يخفض بعض التكاليف عليه، حيث لاحظنا كمية من الشعير في حوض جاهزة لتقدم للأبقار، فضلا عن أكياس من العلف؛ أوضح لنا أن الملبنة التي تقتني الحليب متعاقدة مع المجمع المصنع وتوفرها لهم بأسعار أقل من تكلفتها المتداولة في السوق، في حين ذكر أنه يستغل بعض العشب الذي يزرعه بنفسه أيضا، من أجل توفير بعض المصاريف. وأشار نفس المصدر إلى أنه يعمل في مزرعته رفقة ثلاثة من أبنائه فقط.
مركز تجميع واحد يستقبل 6 آلاف لتر يوميا
ويجمع المربون الحليب الذي تدره أبقارهم يوميا في خزانات مُبرّدة تسع إلى 500 لتر، وتحافظ على درجة حرارة الحليب في مستوى الصفر، بينما تخترق منتصفها شاطفة معدنية كبيرة تتحرك بشكل مستمر لتضمن عدم تجمد الحليب، إلى أن يحضر أصحاب شاحنات جمع الحليب من أجل شحن الكمية إلى نقاط تجميع. وذكر لنا المربون الذين تحدثنا إليهم أن سعر الخزان الواحد يقدر بحوالي 40 مليون سنتيم.
وتنقلنا إلى وحدة لتجميع الحليب يملكها المستثمر الزبير غمراني، حيث أوضح لنا أن قيمة استثماره تصل إلى ملياري سنتيم؛ مؤكدا أنه يشتغل في مجال تجميع الحليب منذ عام 1989، قبل أن يقرر قبل سنوات فتح مركز خاص به، وهو يعمل حاليا مع أربعة جامعين يتجولون بشاحناتهم يوميا على المربين في القرارم وميلة وبلدية حامة بوزيان من أجل رفع كميات الحليب من مزارعهم وشحنها إلى المركز ثم ملء الخزانين الكبيرين، يضع فيهما حوالي 6 آلاف لتر يوميا بعد إجراء التحاليل الأولية عليها والتأكد من سلامتها، لتمر بعد ذلك الشاحنة التابعة لنفس الملبنة الخاصة التي تعاقد معها المربون، من أجل شحنها مجددا.
وذكر محدثنا أن الكميات التي يجمعها ترتفع في فترة الربيع ما بين 15 و16 ألف لتر يوميا، فيما أوضح أن هامش ربحه في العملية يتمثل في 5 دنانير يتلقاها كدعم، موضحا أنها تغطي جميع مصاريف نشاطه. واطلعنا على القاعة التي يقوم فيها الزبير بتحليل الحليب، ليتزامن تواجدنا مع وصول جامع الحليب المكلف بمنطقة القرارم، حيث جلب مساعده لترا في آنية واستخرج صاحب المركز جهاز الهيدرومتر، ثم وضعه داخل الأنبوب، فوجد أن نسبة الكثافة تقدر بـ 1035 وحدة، وأوضح لنا أنها جيدة، بحيث لا ينبغي أن تقل عن 1028.
وانتقل مضيفنا إلى الإجراء الثاني، حيث وضع محلولا في عينة صغيرة من الحليب من أجل قياس نسبة الحموضة، و وجد أنها عند درجة 17، ثم أكد لنا أنها جيدة ولا يجب تصل إلى 19، في حين وضع كاشفا يحتوى على كمية من الحليب ثم أدخله في آلة صغيرة وضغط زر التشغيل، منتظرا نتيجة التحليل الأخير الذي يعتبر حاسما، حيث يكشف عن وجود بقايا من المضادات الحيوية التي تحقن للأبقار، وشرح لنا أن الحليب سيرمى في حال اكتشاف وجودها، لكن النتيجة كانت سلبية، فطلب من مساعده أن يشغل المضخة لإفراغ حمولة الشاحنة في خزان المركز.
وأوضح لنا نفس المصدر أن حليب البقرة يكون غير صالح للاستهلاك البشري عندما تبقى فيه آثار المضاد الحيوي، لذلك ينبغي على الفلاحين الامتناع عن بيعه لفترة بعد حقن البقرة بالمضاد، لكن البعض منهم يخالفون هذا الأمر ويسببون مشاكل للجامعين، بحيث أن امتزاج كمية صغيرة منه قد تتسبب في تلف آلاف اللترات. س.ح
مدير المصالح الفلاحية جمال الدين بن سرّاج
منشور وزاري جديد يدمج نخالة الدقيق في الدعم الموجه للمربين
واستهللنا حديثنا مع مدير المصالح الفلاحية لولاية قسنطينة، جمال الدين بن سراج، بالسؤال عن تطورات مشكلة التزويد بالكميات المخصصة للدعم بنخالة القمح اللين، الذي تصنع منه الفرينة، لمربي الأبقار الحلوب بعد رفض بعض أصحاب المطاحن توقيع الاتفاقية، حيث أوضح لنا أن المديرية تلقت منشورا وزاريا جديدا مؤرخا بتاريخ 30 نوفمبر ويُعيد تنظيم العملية، مشيرا إلى أنها مُددت لتشمل رؤوس النعاج بمقدار نصف كيلوغرام من النخالة لكل رأس يوميا، كما ستشمل النخالة المترتبة عن تحويل القمح الصلب إلى دقيق أيضا، وكشف أن لجنة وزارية قد زارت الولاية للنظر في القضية.
وأضاف نفس المصدر أن اللجنة الولائية لمتابعة العملية يمكنها أن تتولى التنسيق مباشرة بين المربين الذين يملكون عددا كبيرا من الرؤوس والمطاحن مباشرة لتحديد الكمية في حال وافقوا على ذلك، أو يمكنهم المرور على التعاونية الخاصة بهم، إذ يحدد المنشور أنه يمكن للمربي أن يتزود من النخالة بصفة فردية. ونبّه المدير أن بين المربين من يملك حتى مئتي رأس من الأبقار الحلوب، فيما قال إن بعضهم غير مدرجين في برنامج التزود بالنخالة المدعمة لأنه يقتصر على الذين يبيعون إنتاجهم للملبنات، حيث سيتم التواصل معهم خلال الأسبوع الجاري من أجل ضبط القائمة.
وأشار محدثنا إلى أن إنتاج 7 مطاحن في الولاية يكفي لتغطية جميع طلبات المربين، وعلى رأسها مجمع «أغروديف»؛ فيما ينص المنشور على ضبط السعر بألف وخمسمئة دينار للقنطار مع احتساب جميع الرسوم مثلما كان عليه الأمر سابقا. أمّا فيما يخص الوضعية العامة لإنتاج الحليب، فقد أوضح أن الدولة تخصص دعما كبيرا له في الأعلاف، وشرح أن البقرة استثمار كبير، وينبغي توفير جميع الشروط المناسبة من أجل ضمان مردود وفير منها. وأضاف نفس المصدر أن للمربين الحرية في بيع منتجهم من الحليب للملبنة العمومية أو الملبنات الخاصة.
س.ح
المفتش البيطري الولائي مراد بن عامر
700 مربي يتعاملون مع الملبنات واعتماد أساليب تقليدية يُضعف المردود
ويصل المتوسط السنوي لجمع الحليب بحسب ما صرح به لنا المفتش البيطري لولاية قسنطينة، الدكتور مراد بن عامر، إلى حوالي 20 مليون لتر توجه إلى الملبنات، بينما يتجاوز الإنتاج الكلي 50 مليون لتر، في حين أوضح أن الثلاثين مليون لتر التي لا تجمع توجه إلى الاستهلاك الفردي والتجاري، مثل المقاهي.
وأضاف محدثنا أن الولاية تضم حوالي ألف مربي من بينهم أكثر من 700 يزودون الملبنات بإنتاجهم، في حين يوجد 77 مربيا معتمدا وتجرى لأبقارهم تحاليل دورية كل ستة أشهر، إلى جانب الآخرين الذين تتم متابعة نشاطهم ببطاقة للتعرّف المحلي، بينما انطلقت عملية التعرف الوطنية في 3 ولايات أخرى، وستعمّم على جميع المناطق في غضون ثلاث سنوات.
واعتبر المفتش البيطري أن نقص المعرفة والتحكم من طرف المربين، الذين ينتهج كثيرٌ منهم أساليب تقليدية ويعتمدون على مواد لا تحفز المردود، من المشاكل المطروحة ميدانيا، مشبّها البقرة الحالبة بالمصنع الصغير. وأرانا محدثنا مجموعة من اللقاحات المخزنة في جهاز التبريد بمكتبه، وأوضح أنها تمنح للمربين مجانا في إطار دعم الدولة، سواء في مجال تربية الأبقار أو المواشي الأخرى، كما أشار إلى أن الدولة ترصد مبالغ مالية ضخمة لدعم مربي الأبقار الحلوب.
أما عدد رؤوس الأبقار الحلوب في الولاية، فتقدر بحوالي 10 آلاف بقرة، من أصل حوالي 43 ألف من البقر من جميع السلالات والأجناس و الأعمار، كما توجد في الولاية 3 مشاتل لإنتاج سلالات أنشئت بدعم من الدولة من أجل تعويض استيرادها، في حين أوضح محدثنا أن الحليب متوفر في ولاية قسنطينة ولا تطرح مشكلة ندرة في الوقت الحالي، وأشار إلى أن ملبنة نوميديا العمومية تقتني الحصة الأكبر من إنتاج حليب الأبقار في الولاية، وتأتي بعدها الملبنات الخاصة الموجودة في قسنطينة.
وأكد نفس المصدر أن تربية الأبقار تتطلب توفير الشروط الملائمة، مشيرا إلى أن الذهنيات ينبغي أن تتغير، كما أشار إلى أن متوسط إنتاج البقرة قد يتجاوز ذروة 30 لترا في اليوم خلال فصل الربيع بالموارد والإمكانيات الموجودة ميدانيا في الوقت الحالي في حال تحسين الأساليب.
س.ح
المكلّف بتطوير جمع الحليب بملبنة نوميديا العباس سويكي
نسعى لتحويل 15 مليون لتر من حليب الأبقار مع نهاية السنة
وتجمع ملبنة نوميديا العمومية بقسنطينة ما بين 35 إلى 40 ألف لتر من حليب الأبقار يوميا خلال العام المنقضي، بحسب ما أكده لنا مساعد المدير العام المكلف بتطوير جمع الحليب، العباس سويكي، حيث أوضح أن المؤسسة اقتنت حوالي 12 مليون لتر خلال السنة المنقضية.
وأوضح محدثنا أن الملبنة عملت على تقديم مساعدات مالية للمربين في مجال الأعلاف، التي تسبب الصعوبات المسجلة في التزود فيها تراجعا في إنتاج الحليب، لافتا إلى أن عدد رؤوس الأبقار تراجع أيضا، بينما تتعامل الملبنة مع 440 مربيا موزعين على عدة ولايات، كما أوضح أن الموسم الحالي يعرف تضاؤلا في إنتاج الحليب، لكن المنحى سيعود إلى الصعود مع نهاية ديسمبر.
وتحتاج مؤسسة نوميديا إلى 60 ألف لتر من حليب الأبقار يوميا على الأقل، حيث أوضح المسؤول أنها تواجه عجزا في التزوّد حاليا بحوالي 15 ألف لتر، في حين تحول هذه الكميات إلى منتجات أخرى مثل الأجبان واللبن والياغورت والعجينة المضغوطة التي تصنع منها بعض أنواع الجبن، وتوجه بالدرجة الأولى إلى نقاط البيع التابعة للمؤسسة، التي وضعت هدفا للوصول إلى تحويل 15 مليون لتر ونصف المليون من حليب الأبقار، لكنه أشار إلى أن الحصيلة ارتفعت خلال العام المنقضي مقارنة بسنة 2019 التي اقتنت فيها الملبنة حوالي 7 ملايين لتر.
وأنشأت نوميديا مراكز لجمع الحليب في العلمة وتمالوس بسكيكدة ومركزين بخنشلة، فضلا عن قسنطينة، كما سيفتح مركز جمع في العثمانية وبني حميدان وابن زياد، إلى جانب المزرعتين النموذجيتين في قالمة والبعراوية، حيث تنتج الأخيرة 1200 لتر يوميا، بينما تستهدف المؤسسة رفع قدرات التجميع والتعامل مع المربين والجامعين في المناطق القريبة من قسنطينة. ونبه نفس المصدر أن الملبنة لا تحصل على الحصة الأكبر من إنتاج الحليب في قسنطينة، حيث تجمع حوالي 5 ملايين ونصف المليون لتر سنويا من الولاية، لكنه أشار إلى أن المؤسسة تسعى إلى الاستجابة لما تتطلبه وحداتها الإنتاجية، كما أنها تدعم المربين بتوفير بقرات أيضا.
س.ح
النصر تزور أول مستثمرة للتحسين الوراثي بقسنطينة
أبقار مجنسة محليا تدر 40 لترا وتكلف نصف سعر المستوردة
أنشأ الدكتور البيطري، نور الدين قدري، المتخصص في التلقيح الاصطناعي، مشروع مزرعة تجريبية في عام 2012 في بني حميدان بقسنطينة، وانتقل إلى الممارسة المهنية في التحسين الوراثي من خلال التلقيح الاصطناعي العادي، مثلما أكد، مضيفا أنه فكر بعد ذلك في إنشاء مشتلة للسلالات المحسنة جينيا من خلال إعادة تلقيحها ووضعها في خدمة المربين.
الوصول إلى الجيل الخامس من الأبقار المحسنة جينيا
ونبه قدري، خريج الدفعة الأولى في تخصصه من المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي والتحسين الوراثي، أن السلالة المحسنة التي تولد في بيئتنا أفضل من السلالات المستوردة من حيث مقاومة الأمراض المتنقلة عن طريق الثيران، فضلا عن ارتفاع كمية إنتاج الأبقار للحليب، بحيث أن المردود يرتفع بتلاحق أجيال الأبقار المحسنة جينيا مقارنة بالجيل الأول منها.
وذكر نفس المصدر أنه استطاع الوصول إلى الجيل الخامس من الأبقار المحسنة جينيا، وارتفع إنتاج الواحدة منها إلى أربعين لترا في اليوم. وفي عام 2016، سافر الدكتور قدري إلى المجر وعرض أول بقرة محسنة وراثيا ومولودة في مزرعته ويخرج من ضرعها 40 لترا يوميا، واستفاد من تربص حول التلقيح الاصطناعي بالسائل المنوي المجنس، بحيث لا تلد البقرة إلا الأنثى.
وشرح مُضيفنا الفرق بين التلقيح بالسائل المنوي العادي والمجنس بأن ضرب مثالا ببقرة تنتج 40 لترا يوميا، لكنها قد تلد خمسة عجول ذكور، ما يعني أن المربي لم يستفد منها، فضلا عن أن الذكور ليسوا ضروريين إلا للتناسل. ونبه محدثنا أن تحديد جنس نسل البقرة يكسب المربي وقتا كبيرا، ليؤكد أن جميع الأبقار في مزرعته لا تلد إلا الإناث، لأنه يلقحها بالسائل المنوي المجنّس، بينما أشار إلى أنه في حال اختار التوجه إلى إنتاج اللحوم، فيمكنه أن يجعلها تلد الذكور من سلالة ذات مردودية عالية.
وأشار الدكتور قدري خلال حديثه معنا، إلى مجموعة إناث صغيرة، ولدت قبل سبعة أيام من تواجدنا في مزرعته، وأكد أنها لن تعطي أقل من أربعين لترا من الحليب في اليوم، مضيفا أن مزرعته انطلقت بصفة تجريبية وكلفته استثمارا بقيمة لا تقل عن ثلاثة ملايير سنتيم، من أجل إخراج هذا المنتج إلى الوجود، كما أنه صار الآن يتحكم في تقنية التلقيح بالسائل المجنس.
ونبه نفس المصدر أن وزير الفلاحة قد دعاه في وقت سابق، وأعد دفتر شروط مع الوزارة من أجل إنتاج 150 عجلة في 18 شهرا، لكنه أوضح أنه شرع في العملية رغم أن دفتر الشروط لم يصادق عليه بعد، ما يجعل المزرعة قد خرجت من الصفة التجريبية إلى النشاط الاقتصادي.
"لا يمكن حل مشكلة الحليب دون التحسين الوراثي"
ويشدد الدكتور أن التحسين الجيني هو الحل الوحيد لوضع حد لاستيراد الأبقار من الصنف الثالث و وقف نزيف العملة الصعبة المبذولة في هذا المجال، فضلا عن دفع إنتاج مسحوق الحليب، الذي لا يمكن بلوغه إلا بوجود فائض في الإنتاج، إلا أن محدثنا يؤكد في الوقت نفسه أنه من المستحيل الوصول إلى الفائض في ظل تعامل المربين مع أبقار تقتات على كميات كبيرة من الأعلاف ولا تدر إلا كمية قليلة من الحليب في المقابل؛ "وهذا سبب العجز المالي الدائم للمربين لأن أبقارنا فقيرة من ناحية الحليب ومن ناحية اللحم"، مثلما أكد.
ونقلنا إلى محدثنا في أسئلتنا ما جمعناه من انشغالات المربين حول التكاليف المرتفعة لكميات الأعلاف التي يعطونها لأبقارهم، فشرح أن المشكلة الأساسية جينية، فبعض الأبقار غير مناسبة وراثيا للاستغلال في إنتاج الحليب، فضلا عن أن الإفراط في تغذيتها أو التقصير يتسبب في تضاؤل كمية الحليب الذي تنتجه، وينبغي الالتزام بمتوسط معين للحفاظ عليها، مثلما قال.
وأكد نفس المصدر أنه سعى في مشروعه إلى احتواء جميع المشاكل المطروحة من طرف المربين، منبها إلى ضرورة أن تحسن الأبقار وراثيا على المستوى المحلي حتى تعتاد على بيئتها وتكتسب مناعة قوية.
وقد لاحظنا أن العِجلات ذوات السبعة أيام قد وضعت في مربعات صغيرة، حيث داعبنا فروة رأس إحداها فتكورت على نفسها فوق القش الذي فرشت فيه الأرضية، ليؤكد لنا الدكتور قدري أنها تشعر بالبرد، لكن محدثنا نبه أنه "يغمسها" في ظروف مماثلة حتى تكتسب مناعة وتعتاد على هذه البيئة فتنمو بشكل أفضل، كما أشار إلى أن إنتاج الواحدة منها من الحليب لن يقل عن 40 لترا في اليوم. وأضاف نفس المصدر أنه جرب تلقيح أبقار اصطناعيا في الصحراء أيضا وجعلها تعتاد على محيطها، موضحا أن مقاومتها تتوقف على تكيفها مع المحيط، بينما حصر حجم إنتاج الحليب في مسألة الوراثة.
مشروع لإنتاج 400 بقرة حلوب محسنة وراثيا
ولفت الدكتور أيضا إلى أن الطريقة الثانية لضمان جنس العجل المولود تتمثل في تلقيح البقرة بجنين مجنس، بحيث يتم حمل الجنين المحدد جنسه مسبقا في قارورة وحقنه في رحم البقرة ليولد بعد ثمانية أشهر، بحيث تصبح مجرد حاضنة. وأضاف نفس المصدر أن الحصول على الشتلات يتم من خلال تلقيح بقرة ذات مردود عال ومواصفات وراثية مثالية بسائل منوي مجنس لا تولد منه إلا الأنثى ومستخرج من ثور محدد بصفات وراثية عالية، فتكون جميع البويضات المترتبة عن العملية لإناث، لتنقل الأجنة بعد ذلك إلى رحم أبقار حاضنة عادية تستعمل كحامل فقط، حتى وإن كانت فقيرة، لكنها تلد بقرات لا يمكن أن يقل إنتاجها أو تنزل مواصفاتها عن مواصفات البقرة الأولى.
ومنحت وزارة الفلاحة للمستثمر المذكور موقعا لممارسة نشاطه وإنشاء مزرعة علمية في منطقة عزابة بولاية سكيكدة، حيث سيجعلها شركة ذات مسؤولية محدودة ومركز تكوين، إذ يستهدف فيها إنتاج 500 رأس موجهة للقصابة و400 بقرة لإنتاج الحليب، في حين شدد أن التكوين سيكون موجها لبياطرة يحوزون في رصيدهم المهني 10 سنوات على الأقل من الممارسة في مجال التلقيح الاصطناعي بعدد عمليات محدد، لأن الخبرة عنصر مهم بحسبه، كما أنه أجرى عمليات تلقيح لستين ألف بقرة حتى حصل على الموافقة لإجراء تربص في كندا حول نقل الأجنة والتلقيح المجنس.
وأوضح لنا الدكتور قدري أنه ما زال مستأجرا لمساحة مزرعته في ولاية قسنطينة منذ أن بدأ نشاطه، حيث تنقل من جبل الوحش ثم منطقة الغراب إلى بني حميدان، كما ذكر أنه يدفع حاليا أكثر من 160 مليون سنتيم سنويا مقابل الكراء، لكنه أكد أن مزرعته تتحكم في الأمر بشكل تام.
وذكر نفس المصدر أنه لا يقوم بالتلقيح في مزرعته فقط، ولكنه يلقح عند المربين أيضا، مشيرا إلى أنه سيضع في المزرعة 150 بقرة حلوب ذات مردودية قصوى، ويقوم بتلقيحها بالسائل المنوي المجنس، ليعرضها بعد ذلك على المربين، وخصوصا المستفيدين من قروض الدعم، ومن يقتني عشرة سيكون بوسعه مضاعفة قطيعه إلى عشرين بعد عام واحد.
رؤوس مجردة من الصفات الوراثية البرية
وتجولنا مع صاحب المزرعة في مستثمرته، حيث أطلعنا على ثلاث بقرات ولدت بالتلقيح الاصطناعي العادي، وركز مضيفنا في وصفها على هدوء طباعها، مشيرا إلى أن جدتها وأمها محليتان، لكنها ولدت في المزرعة، و ولدت عجلة أخرى بالتلقيح الاصطناعي المجنس. وأضاف نفس المصدر أن البقرة المذكورة لا تبدي مقاومة عند محاولة حلبها، فالتحسين الوراثي خلصها من طبعها البري، بينما أرانا أخرى أقصر طولا وأكد لنا أنه لقحها وهي في سن 18 شهرا، حيث ستصل إلى در 40 لترا من الحليب يوميا بعد أن تلد العِجلة الثانية.
ونبه نفس المصدر أن العِجلات التي يعتزم إنتاجها ستلقح بعد أن تكبر وتوضع في متناول المربين، وستنتج جميعها الحليب، بينما رد على سؤالنا حول ما إذا كانت المزرعة ستزود المربين بعد منحهم الأبقار بوصفة خاصة لإطعامها، أن شتلات الأبقار التي تخرج من عنده لا تأكل كثيرا وتنتج الحليب بوفرة، وقادرة على التكيف مع مختلف الظروف التي يمارس فيها المربون نشاطهم، فضلا عن ضمان الجنين الذي تحمله في بطنها، الأهم في سلالتها.
ودعم الدكتور حججه حول فعالية مشروعه بالإشارة إلى أن البقرة التي تنتج 40 لترا من الحليب يوميا يمكنها أن تدر على صاحبها دخلا يوميا بألفين وأربعمئة دينار على امتداد سبعة أشهر، إذا احتسب سعر اللتر الواحد بستين دينارا، قبل أن يذكر إمكانية أن تلد عجلا موجها للقصابة أو عِجلة أخرى من سلالة ممتازة.
ولا تتغذى الأبقار الموجودة في المستثمرة إلا على "الهيشر" وكمية من مركز العلف وتنتج بشكل عادي، بينما قال أنه يتم رفع حصة البقرة من الغذاء عندما تتجاوز كمية الحليب التي تدرها الأربعين لترا في اليوم، دون تغيير في تركيبة أعلافها، فضلا عن أن البقرة المنتجة في المستثمرة تستهلك كمية يومية من الغذاء أقل من السلالات المستوردة، التي تأتي متقدمة في السن ولا تستطيع أن تحمل لمرات متعددة.
"باية" أول بقرة مُجنّسة تولد في المزرعة
ويحفظ الدكتور شهادات ميلاد البقار المجنسة المولودة في مزرعته، حيث أطلق اسم "باية" على أول بقرة ولدت بهذه التقنية في شمال إفريقيا، كما يقول، في المستثمرة في جويلية من العام الماضي، مشيرا إلى أن والدها ثور اسمه "كورونا" وهي من سلالة "هولشتاين" مجرية، وحصل على القشة الخاصة بها من المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي الذي يخزنها، كما يعتزم عرضها في الصالون القادم في المجر وهي تحمل عجلة في بطنها، وستكون بقرة "هولشتاين" مولودة وناشئة في الجزائر. ويسجل محدثنا العِجلات المولودة لديه بالتلقيح المجنس في المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي.
وتكلف البقرة المنتجة في مشتلة الدكتور قدري نصف سعر المستوردة من الخارج، مضيفا أن الدولة تقدم سبعة ملايين كإعانة، ما يجعل سعرها يقدر بحوالي 15 مليون سنتيم، قبل أن يشير إلى إحدى بقراته التي تحمل عِجلة في بطنها ويؤكد لنا أن قيمتها لا تتجاوز 15 مليون سنتيم، وحتى لو بيعت للمربي بخمسة وعشرين مليون سنتيم، ستبقى أقل بكثير من تكلفة المستوردة التي تتراوح بين أربعين وخمسة أربعين مليون.
ورافقنا الدكتور نور الدين قدري في مزرعته ليرينا وسائل عمله في التلقيح، حيث استخرج من صندوق سيارته عبوة تبريد معدنية ضخمة، تشبه عبوات غاز البوثان، وتحتوي على السوائل المنوية المجنسة المأخوذة من ثيران ذوي مواصفات جينية رفيعة، فيما خرج دخان الجليد منها بمجرد أن فتحها ورفع حاملا يضم مجموعة من القشاش الاصطناعية الرفيعة، تحتوي كل قشة منها على سلالة من العجلات الأنثوية، مثل "هولشتاين" وأبقار "مونتبيليارد" الألمانية والنورماندية، فيما أشار مضيفنا إلى أنه اقتنى الواحدة منها بخمسة آلاف وأربعمئة دينار من المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي، ومع احتساب تكاليف المواد الأخرى التي يستخدمها في عملية التلقيح تكلف الواحدة منها مليون سنتيم.
س.ح