انعكس ذكر القرآن الكريم للنبات باعتباره آية من آيات الله ونعمة من نعمه؛ وخلقا من خلقه الذي يسبح بحمده؛ إيجابيا على حياة المسلمين في تاريخ حضارتهم، حيث أبدوا اهتماما كبيرا بمختلف الأشجار والأزهار والورود؛ فلم يكتفوا بالمحافظة عليها في مواطنها بل نقلوها لتغدوا مظهرا للزينة والجمال في المساجد والحدائق العامة والقصور والأحياء والمدن.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ورغم أن بعض الشعوب انخرطت وأسهمت في ظهور هذا الاهتمام إلا أنه كاد يكون خاصية إسلامية؛ كما تكشفه المعالم الأثرية، بيد أن بعض المسلمين المعاصرين زهدوا في هذه العادة الحسنة وتركوها لغيرهم من الأمم؛ فخلت الكثير من أحيائهم وقصورهم من مثل هكذا زينة، حيث زحف الإسمنت والبلاط، ونسي كثير من الناس أن التزيين عادة إسلامية أصيلة، لا تسهم فقط في إضفاء مسحة جمالية على المحيط البيئي؛ بل تترك أيضا أثرا طيبا في النفوس، حين تقودها تدريجيا نحو الاعتدال والهدوء والسعادة والحيوية والنشاط، بخلاف مظهر الإسمنت الذي يشي بالبؤس والتوتر والجمود.
فقد وردت آيات كثيرة تتحدث عن نعمة زينة النبات في حياة الناس؛ منها قوله تعالى: ((وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ))وقوله: (( ..فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)) لتعطي نظرة جمالية للطبيعة والمحيط حيث يحيا الإنسان؛ فالله جميل يحب الجمال».
وفي تاريخ الحضارة الإسلامية التي سماها البعض حضارة الزهور والبساتين؛ يؤكد الباحث حميد بن خيبش (انتقل ولع الحكام بالزهور والبساتين إلى عموم الناس، ليحدث حالة ثقافية وجمالية فريدة. وانضافت أسماء الزهور والورود إلى مفردات التخاطب اليومي... فشاع ذكر الورد، والنرجس، والأقحوان، والكافور، والبنفسج، وشقائق النعمان، والبهار، والياسمين، والخيريّ، والنوّار، والشقيق، والنيلوفر، والسوسن وغيرها. وتنبه الشعراء إلى هذا الافتتان فتنافسوا في وصف جمال الزهور، وتصويرها بالكلمات، وأحدثوا من المعاني ما يضاهي لوحات الرسامين في عصر النهضة الأوربية. فهذا الياسمين كأنه كواكب في السماء تبيَض، وشقائق النعمان في الروض أكاليل عقيق على رؤوس زنوج، أما النرجس فأنامل فضة يحملن كاسات الذهب. وأتاحت أنواع الزهور للخطاطين أن ينفخوا الحياة في الحرف ويحولوه من جماد إلى نبات،..ولم يسلم الخشب بدوره من هذا التأثير فظهر فن الأرابيسك الذي يعتمد نظام تزيينات قائم على الزهور والنباتات المختلفة، ويكسر بذلك جمود الخشب. فأحدث هذا المزج ثورة في عالم الأثاث والمعمار الخاص بالمساجد وقصور السلاطين). فحري بالمسلمين استعادة هذه العادة الحضارية الفريدة وتعميم تزيين المحيط والمرافق العمومية والأحياء والمدن والشوارع والطرقات بالأشجار والأزهار والورود، وليتنافسوا في ذلك حتى تعود مدنهم لسالف عهدها زينة وجمالا، فالمحيط الجميل يعكس نفوسا جميلة وأذواقا رفيعة.
ع/خ
أخلص العمل فإرضاء الناس غاية لا تدرك
عاش رسام فقير في قرية صغيره يرسم لوحات في غاية الجمال ويبيعها بسعر مرتفع، في أحد الأيام أتاه فقير وطلب منه مالا قائلا أنت تكسب مالا كثيرا من بيع لوحاتك لماذا لا تساعد فقراء القرية؟ انظر إلى الجزار في قريتنا رغم أنه لا يملك مالا كثيرا فهو يوزع على الفقراء لحما مجانيا كل يوم، لم يرد عليه الرسام بحرف واحد وإنما اكتفى بالابتسامة، خرج الفقير منزعجا من عند الرسام وأشاع في القرية أن الرسام ثري وبخيل فنقم عليه أهل القرية ولم يعره أحد من القرية اهتماما ومات وحيدا مرت الأيام ولاحظ أهل القرية بعد موته أن الجزار لم يعد يوزع اللحم على الفقراء وعندما سأل عن السبب قال كان الرسام يعطيني المال لأوزع اللحم على الفقراء فلما مات انقطع المال فانقطع اللحم.
مما سبق نتعلم أنه يجب ألا نكون سطحيين نرى من الأمور ظاهرها فقط، فالبعض نبلاء في الخفاء، لاحظ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أن أبا بكر رضي الله عنه يقصد طرف المدينة بعد كل صلاه فجر، فاتبعه لينظر ماذا يفعل هناك فلعل أمرا ما يحصل، فوجده قد دخل بيتا ومكث فيه ساعة ثم خرج ، ومع تكرر الأمر علم عمر أنه لا يصدر عنه إلا خير فأراد أن يعرف سر أبي بكر فطرق الباب فإذا بعجوز ضريرة سألها ما أمر هذا الرجل؟ فقالت: إني لا أعرفه ولكنه يحضر كل يوم، فينظف ويطبخ طعامي، ويغسل لباسي، وينصرف دون أن يكلمني، فقال عمر تلك الكلمة الشهيرة : أتعبت من بعدك يا أبا بكر، والأمر الثاني ما لك وللناس، يكفي أن تعرف نفسك، منذ متى كان الناس برؤية عادلة، الناس إذا أحبوا شخصا جعلوا عيوبه مزاياه، وإذا كرهوا شخصا جعلوا حسناته رزاياه، ويوم أرادوا أن يطردوا آل لوط من قريتهم، ولم يجدوا لهم ذنبا مقنعا اتهموه بالطهارة، أهذا ذنب يطرد فيه المرء لأجله من قومه؟ الناس رموا العفيف يوسف عليه السلام بالزنا ورموا المؤمن إبراهيم عليه السلام بالكفر، ورموا الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم بالسحر والكذب، وإن كان هذا الحال كما قالت العرب قديما إرضاء الناس غاية لا تدرك، وهذا من أعقل ما قالته العرب، مهما كنت محبوبا ستجد من يكرهك ومهما كنت ناجحا ستجد من يقلل من قيمتك ، وأخيرا كما أن الأشياء الجميلة تكون في السر أجمل فالنصيحة على الملأ فضيحة والعظة أمام الناس جارحة والصدقة في العلن قد تجرح كرامة.
تعيين أول مدعية عامة مسلمة في الولايات المتحدة و7 نواب في الكونغرس
تتقلد صايمة محسن (52 عاما)، في 2 فبراير المقبل، منصب المدعي العام للولايات المتحدة للمنطقة الشرقية من ميشيغان، لتصبح أول مسلمة تتولى هذا المنصب في الولايات المتحدة الأميركية. وحسب وسائط إعلامية فإن المعنية منحدرة من أصول باكستانية، يحدث هذا بالتزامن مع تعزيز المسلمين لحضورهم في الكونعرس الأمريكي حيث ظفر خمسة مسلمين جدد بمقاعد فيه عن ولايتهم، ليصبح العدد الإجمالي سبعة أعضاء ديمقراطيين دخلوا التاريخ، بينهم المرشحة الديمقراطية موراي تورنر، التي فازت في سباق انتخابات مجلس النواب بولاية «أوكلاهوما»، وفي ولاية ديلاوير، أصبحت «ويلسون أنطون» أول مسلمة تنتخب للهيئة التشريعية، إلى جانب فوز المرشحة إيمان جودة بمقعد مجلس النواب بولاية «كولورادو. وفي ولاية «ويسكونسن» أصبح «سامبا بالده» أول مسلم ينتخب لعضوية مجلس الولاية، إضافة إلى فوز المرشح المسلم كرستوفر بنجامين من ولاية «صن شاين»، حسب ذات الوسائط.
موعظة نصحية لكل أحد
نظرت إلى عوام الناس، فرأيت مَن يُنَصِّب نفسه داعية مرة. ومرة أخرى عالماً، ومرة فقيهاً، ومرة مصلحاً، ومرة مفتياً. وهو في العلم خالي الوفاض، ويتدخل في كل ما لا يعنيه، وهو يدعي الإسلام، والإيمان، والإصلاح؛ فكان وبالاً على الناس، ونسي قول نبيه محمد –صلى الله عليه وسلم-: (مِنْ حُسْنِ إسلامِ المرءِ تركُ ما لا يَعْنيه) رواه الترمذي، وابن ماجه. ولذلك اختلط الحابل بالنابل. والكثير من العوامّ ينطق بلسانه كلاماً على عواهنه. أي كلاماً هشاً لا معنى له، ولا فائدة منه، ولا علم فيه، ولا خلفيّة علمية صلبة لقائله. وعواهن الكلام من اشتقاقات العهن المنفوش. أي الصوف الهش غير المتراكم حيث ذكره القرآن هشاً لا صلابة فيه؛ فهو منفوش.
هذه موعظتي أقولها لكل أحد: نظرت إلى عوام الناس فوجدتهم صنفين: فمنهم من جعل من نفسه بوقاً لغيره، فلا يحترمه أحد، ولا يساوي عنده درهماً. ومنهم من استقل بنفسه، وانفرد برأيه، واعتز بشخصيته، فهذا يحترمه كل أحد، وهو عنده أغلى من الذهب. احترم نفسك أيها الأحد، ولا تكن بوقاً لأحد، فيحترمك كل أحد؛ وإّلا الموت أفضل لك من كل شيء اسمه أحد، وعش تحت التراب، فيدوسك بقدميه كل أحد؛ فقد جنيت على نفسك، ولم يلزمك بهذا المصير أحد. فتبَاً لكل واحد داسته الأقدام من كل أحد. وإن احترمت نفسك، فلا تخش أن يفارقك كل أحد؛ فكل أحد في هذه الدنيا بحاجة إلى كل أحد. وإن فارقك الكثير من كل أحد، فسنّة الله تبقى أن تكون متصلاً بغيرك من كل أحد ولو بالروح لا بالعين تبقيان متصلَيْن. وطيفك كما هو طيف كل أحد مجتمعان في كل مكان.
كما قال الشاعر الكويتي فهد الخالدي:
أنا ما خشيتُ من الفراق لأننا بالروح لا بالعيْن متصلان.
والطيف منك يزورني وأزوره فأنا وأنت معاً بكل مكان.
وان أردت وُدّ كل أحد، فأكثر من زيارة كل أحد، فتكن وردة في عين كل أحد؛ والودود من الناس يحبه كل أحد. كما قال الشاعر:
زُرْ دارَ وُدٍّ إن أردت وروداً زادوك وُداً إن رأوك ودودا.
وهذا من أبلغ ما قاله الشعراء العرب حيث لم يتصل أي حرفين في البيت ببعضهما. وكن رحيماً عطوفاً، فيحبك كل أحد، ولا تكن فظاً غليظ القلب، فيكرهك كل أحد. وكن جاداً في حياتك، فيحترمك كل أحد، ولا تكن مائعاً يقلل من رجولتك كل أحد.
عندما كنا سادةً للعالم، كانت أقدامنا تدوس على رأس كل أحد. وبعد أن أصبحنا حثالة العالم، أصبحت رؤوسنا تدوس عليها أقدام كل أحد.
وفاة الأزهري بن ثابت آخر تلاميذ ابن باديس
توفي أمس الأول الشيخ الأزهري بن ثابت عليه رحمة الله عن عمر ناهز 98 سنة تقلب خلالها بين مجالس العلم والتعليم والخطابة والجهاد، ويعد من آخر تلاميذ العلامة عبد الحميد بن باديس
وقد كتب ترجمته بقلمه نقلها عنه بعضهم في مواقع التواصل الاجتماعي ومما جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وأَلحِقنِي بِالصَّالِحِين : هو الأزهري ثابت بن الأخضر، ولد في 1923 بالمغيَّر الواحات جنوب بسكرة. حفظ القرآن مبكرًا والدروس الابتدائية على والده والشيخ علي بن خليل. وبين 1938 – 1939وُجِّهَ إلى قسنطينة الجامع الأخضر حيث إمام النهضة عبد الحميد باديس ضمن بعثة علمية الداعي إليها الوالِد وبدرة الدراجي. وبعد الحرب العالمية 1946 التحق بالزيتونة .وفيها تحصل على شهادة الأهلية 1948 إلى مستوى التحصيل(الباكالوريا)، وفي هذه الفترة (انتخب) عضو في جمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين ثم الحركة الوطنية السياسية (..) في قسنطينة وبسكرة ثم الجزائر، بعد النشاط في تونس. وفي 1950 قرر الرجوع إلى الجزائر حيث عين مدير مدرسة القُلّْ الحرة وبعدها 1954 بمدرسة الهلال بالمْغَيَّر إلى عام 1957م التحق بصفوف جيش التحرير ناحية الأوراس. إلى أن أصيب بالتوعك الفقري.
دخل الحدود التونسية في دورية مسلحة، وفي الحدود أعطيت له المسؤولية بولاية «توزر» و«الرديف» سنة 1958 إلى 1960.سمحت له الهيئة الطبية بالعلاج في يوغسلافيا. في سنة 1962 بعد الاستقلال التزم بالتعليم. فعين بأولاد جلال ثم بسكرة حتى التقاعد. في بسكرة باشر العمل في الحزب ومنظمة المجاهدين ونقابة المعلمين وتأسيس نادي المعلمين للندوات والمحاضرات، إلى جانب دروس المساجد العامة.
وفي 1971 انتخب بالمجلس البلدي ببسكرة إلى 1975. وقد شارك في ملتقيات الفكر الإسلامي بمساعدة الدكتور قسوم والشيخ زهير الزاهري، من الجزائر إلى قسنطينة وتبسة، بجانب قاسم مولود .وفي التمام أرجو اللهَ التوفيق وحُسن الخاتمة، آمين»،هذا ما كتبه «الشيخ الأزهري ثابِت» (حفظه الله) بخط يدِهِ بهامش صورة شيخِهِ ابن باديس، وقد دون في ترجمته مشايخه على غرار ابن باديس والطيب العقبي والتبسي وزملاء الدراسة ورحلاته العلمية داخل وخارج الجزائر.