التئم شمل المسلمين مجددا هذا العام في جبل عرفات؛ في مشهد تعبدي تاريخي نقلته مصورا مختلف وسائل الإعلام يتباهى به أهل الأرض وملائكة السماء، ليجسدوا من خلاله المعنى العملي للاعتصام والوحدة والأخوة التي أمرهم الله تعالى به، حيث يجتمعون في صعيد واحد على اختلاف أوطانهم ولغاتهم وألوانهم وأعراقهم وشرائحهم الاجتماعية بلباس واحد في مكان واحد، يلهجون بذكر واحد ويناجون ويدعون ربا واحدا، فلا فرق هناك بين أبيض أو أسود ولا عربي وعجمي ولا غني وفقير، لا فرق سوى ما في القلوب، في صورة تعكس بعض مظاهر يوم القيامة حين يتجرد الناس من كل ما كسبوه في الدنيا ويقفون معا حيث لا نجاة إلا لمن جاء ربه بقلب سليم
ففي عرفات يلتقي المسلمون كما التقوا في الطواف والمسعى وبعده يلتقون في مشهد رمي الجمرات فلا حرب ولا حراب ولا تنازع ولا فتن داخلية ولا طغيان، بل سلام وأخوة وتراحم وتواد واعتصام بحبل الله تعالى، في موقف اشتاقوا إليه منذ جائحة كوفيد التي حرمت الكثير منهم من الوصول إلى ذاك المكان.
إن هذا المشهد الذي يظهر المسلمين عالميا أمة واحدة حري بأن يكون برنامج عمل ومنهج حياة، فلا يكفي أن يتوحد المسلمون هناك ثم يعودون إلى الفرقة من جديد، ولا يكفي أن يسالم بعضهم بعضا في عرفات ثم يعودون للنزاع والاحتراب عند عودتهم إلى ديارهم؛ سواء في احتراب ونزاع بيني داخلي أو احتراب مع أقطارهم التي يجمعها دين واحد وقبلة واحدة وتتمسك بكتاب واحد، لأن الأخوة والسلام والاعتصام والواحدة صفات أساسية دائمة للمسلمين وليست مشهدا عرضيا في لحظة واحدة أو في مكان واحد.
فوقفة عرفة والحج برمته ليس مجرد رحلة سياحية عابرة تلتقي في محطاتها البرية والبحرية والجوية بوجوه جديدة ثم تفارقها كما لو أنك لم تلتقها أبدا، ولم تشد إلى تلك الديار الرحال؛ بل إنه رحلة إيمانية تعبدية تجرد قبلها وأثناءها من كل مخيط ومحيط ومن كل غل وحقد وضغينة وشحناء وتفتح مع إخوانك المسلمين صفحات مودة وأخوة وسلام وتتعايش في ضوء هذه الصفحات الجديدة، لتكتمل صورة الأمة المسلمة الواحدة التي يحبها الله تعالى كأفضل أمة أخرجت للناس. ع/خ
قرابة المليوني حاج وقفوا في صعيد عرفات
وقف قرابة المليوني حاج في صعيد عرفات لأداء الركن الأهم من أركان الحج؛ في مشهد افتقده المسلمون منذ جائحة كوفيد، فقد كشفت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام بلغ 1845045 حاجا، منهم 1660915 حاجا قدموا من خارج المملكة عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل 184130 حاجا من مواطنين ومقيمين. وفي نتائجها الإحصائية لموسم حج هذا العام، أوضحت الهيئة أن عدد الحجاج الذكور من الإجمالي العام لأعداد حجاج الداخل والخارج بلغ 969694 حاجا، بينما بلغ عدد الحاجات الإناث من الإجمالي العام لأعداد حجاج الداخل والخارج 875351 حاجة.
ملايين المسلمين يؤدون صلاة العيد في مشاهد تاريخية
أدى المسلمون في ربوع العالم صلاة العيد في كبرى المساجد والفضاءات العامة؛ وقد كشفت الكثير من الصور التي تم تناقلها عبر مختلف وكالات الأنباء أن المتوافدين لم تكفهم قاعات صلاة المساجد فافترشوا الشوارع، بمختلف الدول العربية والإسلامية والغربية، وفي الأراضي المحتلة ورغم ظروف الاحتلال وقيود الكيان الصهيوني فقد أدى 100 ألف مصل صلاة عيد الأضحى المبارك في باحات المسجد الأقصى بحسب إحصائية صادرة عن دائرة الأوقاف الإسلامية. كما أدى حوالي 200 ألف مسلم صلاة عيد الأضحى في مساجد العاصمة الروسية موسكو، منهم مئةٌ وخمسة آلاف في المسجد الكبير. بعض مسلمي روسيا لم يجدوا أماكن لهم في المساجد تجمعوا للصلاة في شوارع موسكو
خطباء البعثة الجزائرية بصعيد عرفة يستذكرون التكامل بين الدين وحب الوطن
أكد الأئمة الجزائريون في الخطبة الموحدة بصعيد عرفة على مستوى خيم البعثة الجزائرية, يوم الثلاثاء بمكة المكرمة التكامل بين الدين وحب الوطن، مستذكرين، في هذا المكان واليوم المباركين، تضحيات الشهداء والمجاهدين من أجل تحرير البلاد. واستذكر الأئمة خلال هذه الخطبة، التي القيت بحضور وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي, عظم المشاعر المتواجدين فيها وتزامنها مع استعداد الجزائر للاحتفال بعيد الاستقلال والشباب الذي يدفع لاستذكار تضحيات الآباء والأجداد الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم من أجل الحرية والاستقلال في معركة التحرير.
كما استحضروا دور الأجيال في «المحافظة على إرث الشهداء واستجماع الطاقات لخوض معركة البناء والتشييد والتعمير», مضيفين «من واجبنا اتجاه وطننا ونحن في هذه المشاعر المقدسة هو أن نكون سفراء حقيقيين له وتمثيله أحسن تمثيل إلى جانب المساهمة في الحفاظ على أمنه ووحدته والعمل على رقيه».
وفي هذا اليوم المبارك تطرقت الخطبة التي جاءت تحت عنوان «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين», إلى الرسائل العالمية التي تضمنتها خطبة الوداع لرسول الله عليه الصلاة والسلام, وما عززته من كرامة وحرمة الإنسان وماله وعرضه, إلى جانب التأكيد على مبدأ المساواة بين البشر على اختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم, داعين الجميع إلى المساهمة في نقل رسالة الحج الكبرى المتمثلة في «حرمة الإنسان وحرمة المكان وحرمة الزمان». وأكدت أن يوم عرفة الذي يشهد أكبر تجمع على وجه المعمورة فرصة للبشرية ليتعاون عقلاؤها من أجل فسح المجال لهذه الأخلاق العالمية بأن ترقى بالإنسان وكرامته وتسعى لمعالجة آثار العولمة المادية.
و.أ.ج.
إدانة عالمية واسعة لحرق المصحف الشريف بالسويد
أدانت الجزائر والكثير من الدول العربية والإسلامية والغربية والمنظمات الإقليمية إقدام متطرف سويدي على إحراق نسخة من القرآن الكريم أمام المسجد الكبير بستوكهولم تزامنا وعيد الأضحى المبارك.
و جاء في بيان لوزارة الخارجية، أن الجزائر تدين بأشد العبارات هذا التصرف، والذي تم بعد الترخيص من قبل السلطات السويدية بتنظيم مظاهرة لارتكاب هذه الجريمة. كما تؤكد الجزائر رفضها التام لهذا الحادث الاستفزازي الذي ارتكب في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك. وتشدد على أن هذه الممارسات المشينة والمتكررة من شأنها إثارة الكراهية واستفزاز المشاعر الدينية للمسلمين. والإساءة البالغة لقيم الحرية التي ترتكز عليها المجتمعات بما تحمله من معاني الإنسانية.
كما طالبت الحكومة العراقية، أمس الأول الخميس، نظيرتها السويدية بتسليم اللاجئ العراقي الذي أحرق القرآن في ستوكهولم. لمحاكمته وفق القانون العراقي». كما استدعت وزارة الخارجية العراقية السفيرة السويدية لدى بغداد وأبلغتها احتجاجها على حرق القرآن في ستوكهولم. وبعث المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بين فيها أن «المرجعية الدينية العليا إذ تبدي إدانتها واستنكارها لما وقع، فإنها تطالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات فاعلة لمنع تكرار أمثاله، ودفع الدول إلى إعادة النظر في التشريعات التي تسمح بوقوعها، وتدعو إلى تثبيت قيم التعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان والمناهج الفكرية.
كما استدعت الخارجية الإماراتية سفيرة السويد، ليزلوت أندرسون، احتجاجا على سماح حكومتها لمتطرف في ستوكهولم بحرق نسخة من القرآن وتهربها من مسؤوليتها وعدم احترام القيم الاجتماعية.وكذلك اعتبرت وزارة الخارجية الكويتية أن إحراق نسخة من المصحف «خطوة استفزازية خطيرة من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم». وأكدت وزارة الخارجية السعودية أن «هذه الأعمال البغيضة والمتكررة لا يمكن قبولها بأي مبررات، وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية». وأشارت إلى أن هذه الأفعال «تتناقض بشكلٍ مباشر مع الجهود الدولية الساعية لنشر قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف، وتقوّض الاحترام المتبادل الضروري للعلاقات بين الشعوب والدول».
واعتبرت مصر هذا الفعل مخزيا ويستفز مشاعر المسلمين حول العالم، ويتنافى مع قيم احترام الآخر ومقدساته».ودعا الأزهر الشريف في مصر كافة الشعوب الإسلامية والعربية و«أصحاب الضمير الحي»، بتجديد مقاطعة المنتجات السويدية.
كما اعتبرت الخارجية الأردنية إحراق المصحف فعلا من أفعال الكراهية الخطيرة، ومظهر من مظاهر الإسلاموفوبيا المحرضة على العنف والإساءة للأديان، ولا يمكن اعتباره شكلا من أشكال حرية التعبير مطلقا».
من جهتها أكدت الخارجية الفلسطينية أن «الاعتداء على القرآن، تعبير عن الكراهية والعنصرية واعتداء صارخ على قيم التسامح وقبول الآخر والديمقراطية والتعايش السلمي بين أتباع الديانات كافة ». وأدانت دمشق بأشد العبارات التطاول على القرآن الكريم، ووصفته بالعمل المشين
بدورها، أدانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بأشد العبارات، سماح السلطات السويدية بإحراق نسخة من المصحف الشريف على يد متطرف. كما شدد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، على ضرورة التحرك الفوري للسلطات السويدية لمنع هذه التصرفات التي تدل على الحقد والكراهية والتطرف، محملا السلطات السويدية مسؤولية ردود الفعل الناتجة عن هذه الأفعال الشنيعة. واستنكر رئيس البرلمان العربي إقدام متطرف سويدي على تمزيق القرآن الكريم وتدنيسه، مشددا على رفض البرلمان التام لهذه الحادثة البشعة التي تعد عملا تحريضيا. كما استنكر المرصد العربي لحقوق الإنسان قيام متطرف بحرق نسخة من القرآن بالسويد، معتبرا أن هذه الانتهاكات تستهدف تقويض الجهود الدولية الرامية للتصدي للكراهية والعنف.»، داعيا المجتمع الدولي لاحترام «الالتزام الذي أخذته جميع الدول على عاتقها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، بتعزيز وتشجيع احترام ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع على الصعيد العالمي»، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.مسمى أو شعار
وعلى المستوى العالمي صدرت تصريحات رافضة لهذا التصرف ومنددة به؛ حيث أدان وزير الخارجية التركي هذا «العمل الدنيء الذي ارتكب بحق القرآن وأضاف «إن السماح لهذه الأعمال المعادية للإسلام بحجة حرية التعبير أمر لا يمكن قبوله، وإن غضّ الطرف عن مثل هذه الأعمال الشنيعة يعني التواطؤ معها».
وأكد عدد من مفتي روسيا أن إحراق القرآن في السويد يعبر عن الانحلال والفراغ الروحي للمجتمع الأوروبي الذي يعتبر الخطأ ديمقراطية. وأكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن عدم احترام القرآن في روسيا جريمة خلافا لبعض الدول الأخرى. وقال بوتين: «روسيا تكن احتراما شديدا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة».
كما أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو ترفض تسامح سلطات السويد مع «أفعال الإسلاموفوبيا الاستفزازية»، على خلفية إحراق نسخة من القرآن على يد المهاجر العراقي سلوان موميكا في ستوكهولم.
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إنه «لطالما قلنا إن إحراق نصوص دينية سلوك عديم الاحترام ومسيء، وما قد يكون قانونيا ليس بالضرورة لائقا»
بالتوازي مع هذا كشف الصحفي الاستقصائي وليد المقدادي في برنامج «قصارى القول» عبر قناة arabicRT، نقلا عن موقعها في النت أن سلوان موميكا (37 عاما)، الذي أقدم على حرق القرآن ينحدر من محافظة نينوى شمال العراق، وهو ليبرالي ملحد ومتطرف، مضيفا أنه مؤسس ورئيس حزب «الاتحاد السرياني الديمقراطي»، وكان قائد فصيل مسلح يحمل اسم «صقور السريان» الذي تم تشكيله لتحرير سهل نينوى من تنظيم «داعش» الإرهابي. ولفت المقدادي إلى أنه تم اعتقال سلوان في العراق في العام 2017 بتهم انتهاكات وجرائم حرب، وقد أطلق سراحه بتدخل دولي وهو ملتحق حاليا بأحد الأحزاب العنصرية في السويد. واعتبر المقدادي، أن حارق القرآن كان يريد الشهرة لا أكثـر، وأنه لو كان لديه فكر معين، لما كان تصرف بهذا الأسلوب.