الحلزون مهدد بالإنقراض بسبب الجمع العشوائي بميلة
في الوقت الذي تشير الظروف و المعطيات المناخية الساخنة نوعا ما، و الجافة السائدة، إلى أن موسم جمع الحلزون لم يحن بعد، و من المفروض أن يترك في حضن الطبيعة، ليواصل دورة نموه و حياته، يؤكد مهتمون و عارفون بخصائص الحلزون و طرق وتقنيات تربيته بولاية ميلة، أنه يجمع حاليا و يتم بيعه بطرق عشوائية، ليتم تهريبه عبر الحدود الشرقية، و يستفيد البلد الجار من فوائده الطبية و العلاجية و التجميلية، في عدة مشاريع استثمارية، بدل توسيع و تنظيم تربيته في مزارع خاصة، و استغلاله محليا كثروة مدرة للعملة الصعبة من جهة إذا تم تصديره لأوروبا، و كأحد المواد الأساسية في صناعة الأدوية و مواد التجميل ببلادنا.
و أكد المربون أنه يتعرض لأسوأ استغلال محليا، على يد أشخاص لا يعرفون شيئا عن خصائصه و مزاياه، مما يؤدي إلى موت كميات كبيرة منه، و يجعله عرضة للانقراض.
الحلزون مطلوب بكثرة في أوروبا
السيد عبد المجيد حميمور، أحد السباقين إلى تصدير هذه الثروة الحيوانية إلى ما وراء البحر، قال للنصر، أن هناك نوعين من الحلزون منتشران بكثرة ببلادنا هما « أبيرتا « الذي يميل لونه إلى اللون الأصفر، وحجمه أصغر من النوع الثاني « أسبيرسا « المتميز بحجمه الكبير وبلونه الأحمر، مشيرا إلى أن الحلزون يحب الرطوبة، لذلك نجده بكثرة في ميلة حول حوض سد بني هارون، وبالمناطق الجبلية والغابية.
و أضاف المتحدث أن «أبيرتا» يعتبر من الأصناف المطلوبة في السوق الأوروبية و الإيطالية على وجه الخصوص، فيما تستهلك آلاف الأطنان من «أسبيرسا» بفرنسا، و تنتشر بهذا البلد تربية النوع الثاني من الحلزون الذي أخذت العينة الأولى منه من الجزائر، و تدعم الأشخاص الذين يهتمون بتربيته.
و أكد المتحدث أن الحلزون يفترض عدم جمعه في هذا الوقت، بل يجب تركه ينمو في حرية في الطبيعة إلى غاية البلوغ و النضج و بالتالي الوصول إلى مرحلة القابلية للاستهلاك والاستعمال، غير أن الملاحظ أن الكثير من الناس من مختلف الأعمار، يقومون حاليا بجمعه و نقله بطريقة غير منظمة و غير مدروسة، إلى مناطق مسيجة بطريقة غير فوضوية ، هي أشبه إلى المعتقل من مكان للتربية والتنمية.
الظروف غير المواتية التي يجدها هناك، تؤدي إلى ضياع كمية كبيرة من الحلزون، و سترتفع نسبة ضياعه مع حلول عطلة الربيع، حيث ترتفع وتيرة جمع الحلزون من قبل الأطفال ، طلبا للمال.
ومن المفروض أن يهتم المربون و كذا المصدرين بتهيئة المكان المناسب لتربيته، باستعمال سياج مزود بشدة معينة من التيار الكهربائي، تمنع خروجه دون أن تقتله، مع توفير المأكولات المناسبة له ليتغذى بشكل جيد قبل دخوله مرحلة السبات تحت التربة، مع بداية ارتفاع درجة الحرارة .
و يدعو المتحدث الجهات المعنية و المسؤولة إلى ضرورة توفير الحماية لهذه الثروة الحيوانية المدرة للعملة الصعبة، وتنظيم النشاط فيها بوصفها ملك من أملاك الدولة ، مع ردع المخالفين وفرض ضريبة على المنتفعين.
أكياس من صغار الحلزون ترمى خارج وسطها
أما السيد رياض بوعش، أحد رواد تربية الحلزون وتنميته بولاية ميلة، فقال للنصر، أن الحلزون كغيره من الحيوانات، له احتياجات تتغير، حسب الظروف المناخية، نسبة الرطوبة والعمر ، و تتطلب تربيته تقنيات ومعارف من المفروض أن يدرسها و يتعلمها المربي عند أهل الاختصاص، مضيفا أن للحلزون فترة تزاوج يجب احترامها،و أمراض وأعداء آخرين غير الإنسان ، يجب منعها من الوصول إليه، منها طيور الزرزور، اللقلق والسمان ومن القوارض الفأر والجرذان، إلى جانب بعض أنواع الحشرات، و هنا تكمن أهمية تغذيته وتنويع المأكولات المقدمة إليه طيلة فترة تربيته التي تمتد من خمسة أشهر و نصف إلى سبعة أشهر ونصف.
من أحب الأغذية إلى الحلزون الأعشاب، و خاصة «القرنينة «، في حين ينفر من أوراق الدفلة لحرارتها ، والزيتون لمذاقه المر. وإذا حظي الحلزون –أضاف محدثنا - بالرعاية الكاملة و توفير الغذاء و درجة الحرارة و الرطوبة مناسبين ، في أماكن تربيته، فإنه سيضع الكثير من البيض خلال مرحلتي التبويض في الربيع، و الخريف. علما أن عدد البيض يتراوح بين 50 و 300 بيضة .
بما أن الحلزون يعيش أساسا بالمناطق الجبلية و الغابية، اقتربت النصر من إطار بمحافظة الغابات ، فضل عدم الكشف عن هويته، فأعرب عن أسفه لغياب النصوص القانونية التي توفر الحماية لهذا الحيوان، و بعض الأصناف من الطيور والحيوانات الصغيرة، حفاظا على توزان البيئة.
لهذا تضطر شرطة الغابات إلى مراقبتها والعمل على تنميتها طبيعيا، ومنع انقراضها ، كما تحرر محاضر ضد المخالفين، مشيرا إلى أنه لاحظ أن أطفالا يجمعون صغار الحلزون و يعرضونها للبيع، لكن التجار يرفضون أن يشترونها في الأسواق الأسبوعية، فيتركها هؤلاء الأطفال داخل أكياس بلاستيكية، أو يلقون بها على الأرض، ما يعرضها للموت، بدل إعادتها إلى وسطها الطبيعي، مضيفا أنهم يخربون المنحدرات التي تشكلها، لمنع انجراف التربة بحفرياتهم و بحثهم عن الحلزون.
و أعرب المتحدث عن أمنيته في أن تنشئ غرف الفلاحة شعبة خاصة بالحلزون ، لتمنع مروره من الطبيعة للسوق مباشرة ، بل يمر عبر مزارع تربيه وتنميه و تحافظ عليه وتمنع انقراضه.
قيمة غذائية و طبية وعلاجية
للحلزون مكانة وقيمة غذائية و أخرى صحية وعلاجية، كما قال السيد عمار بن علواش، أحد المصدرين الأوائل بولاية ميلة للحلزون نحو أوروبا، فهو، كما أكد، غذاء كامل صحي و يعالج بعض الأمراض، بالنظر لعدد الفيتامينات الموجودة في لحمه الأبيض اللون، و هو مفيد، حسبه، بالدرجة الأولى للأطفال الصغار، و يقيهم من الأمراض الصدرية، كما يفيد المرضى في فترة النقاهة.
و أكد المتحدث أن لحمه يشكل أشهى و أفضل الأطباق الغذائية و أغلاها بكبريات المطاعم الأوروبية، و تقدمه مشويا و مقليا، كما أنه عنصر أساسي في مختلف الأطباق ، و يفيد زيته في تغذية الشعر، كما يستعمل لعابه في علاج البشرة و القضاء على الندوب و التجاعيد.
و أوضح السيد رياض بوعش أن اللعاب ( (bave d’escargot يدخل في صناعة بعض المواد الصيدلانية و مواد التجميل و بعض الأدوية الخاصة بأمراض المعدة و الأمراض الصدرية، كما يقي لحمه الخالي من الكولسترول من الضعف الجنسي و يقوي الذاكرة. و قد حاولنا معرفة كمية الحلزون المصدرة من ميلة خلال السنة الماضية بطريقة شرعية و قانونية، إلا أننا لم نتمكن من ذلك، لأن مسؤولي غرفة التجارة والصناعة ببني هارون، امتثلوا لتعليمات المديرية الجهوية للتجارة بسطيف ، التي منعتهم، كما قالوا، من تقديم معلومات للصحافة.
إبراهيم شليغم