الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

تروّج للعنف وتهدّد المجتمع: جـــولات تحــــدي علـى «تيــك تــوك» تثيـــر الجـدل

تحوّل «تيك توك» من وسيلة للتسلية والترفيه إلى مضخة تغدق على أصحابها مبالغ خيالية، تصل إلى حد الملايين في ظرف ساعات قليلة، كما تحوّل كثير من «تيك توكرز» إلى نجوم حيث يقضون ساعات على البث المباشر.

إيناس كبير

وقد تحقق لهم ذلك بعد إضافة ميزة تسمى «جولات التحدي»، وهي عند دخول شخصين في بث مشترك يمكنهما بدء الجولة، والفائز بينهما هو الشخص الذي حصد العدد الأكبر من النقاط، التي تكون في شكل عملات أو هدايا يرسلها داعمون.
وتثير هذه الجولات جدلا، فعلى سبيل المثال عند نهاية التحدي، يجب على الخاسر تنفيذ الحكم الصادر عن الشخص الفائز، وعادة ما تكون الأحكام مهينة أو عنيفة كشرب مواد التنظيف، أو أكل كميات كبيرة من «الهريسة»، أو خروج الخاسر إلى الشارع في جو بارد وصب الماء على جسده، وممارسات أخرى اعتبرها متابعون بأنها غير أخلاقية خصوصا تلك التي تحتوي على كلام وسلوكيات تخدش الحياء، بينما تنشأ بين نشطاء آخرين علاقات عاطفية يستغل الطرفين من خلالها فضول المتابعين ليرسلوا لهم هدايا ومبالغ مالية دعما لاستمرار العلاقة.
ويلعب آخرون على وتر المشاعر بينهم من يكشفون اضطراباتهم النفسية، ويفصلون في حالتهم للحد الذي يجعلهم يذكرون أدق التفاصيل التي تكون مثيرة، بينما تحول نساء قصص طلاقهن ومشاكلهن العائلية إلى مادة دسمة لصناعة الضجة، واستجداء للعاطفة وهو ما يصفه متابعون بالتسول الإلكتروني.
شعبية استثنائية وكواليس تكشف ممارسات خطيرة
ويعد «تيك توك» أول برنامج صيني يصبح أكثر تحميلا في العالم، خصوصا لدى الجمهور العربي، حيث اكتسب شهرة واسعة، فإلى جانب سرعة تحقيق الشهرة عليه، والانتشار الواسع للمقاطع المصورة، زاد الإقبال عليه أيضا بفضل ميزة العملات المعدنية الافتراضية، والتي يمكن جمعها إذا أصبح الشخص مؤهلاً للبث المباشر من خلال المتابعين، بعد شرائها أولا من البرنامج، وتبدأ أسعارها من 1.39 دولار مقابل 100 قطعة نقدية، يمكن للمتابع أن يرسلها كعملات معدنية أو هدايا من ضمن خيارات يقدمها البرنامج، ثم تُحول إلى نقود حقيقية بعد انتهاء البث، ومنها رمز الأسد الذي تبلغ قيمته 400 دولار، ولكي يصبح الشخص مؤهلاً لفتح بث يجب أن يتجاوز سنه 16 سنة ويملك 1000 متابع على الأقل.
ويمكن أن يستمر التحدي إلى أكثر من 16 ساعة، ينطلق ابتداء من الساعة التاسعة ليلا، ويأتي اختيار التوقيت مناسبا لتواجد مستخدمي التطبيق، وقد حقق مشاركون في التحدي مبالغ كبيرة وصلت إلى أكثر من 2 مليار.
وحتى يحقق التحدي ضجة، يطلب صاحب الجولة من المتابعين مشاركة البث، وإرساله إلى الأصدقاء، ناهيك عن التكبيس المستمر، كما يقومون بحملة ترويج كبيرة لها على مجموعات مشاهير «تيك توك» تضم عربا أو أجانب، أما عن الدعم فيتلقونه من عند أصدقائهم أو داعمين آخرين تظهر حساباتهم بأسماء وهمية، كما يتدخل الداعم أحيانا في إصدار الحكم حيث يكون صادرا عن رغبته الخاصة، وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الداعمين تكون نيتهم سيئة، فيتعرض أصحاب الجولات إلى الابتزاز من طرفهم خصوصا الإناث.
أستاذة علم اجتماع التربية نجوى عميرش
ممارسات تضرب القيّم وتنذر بالخطر على المجتمع
وتؤثر هذه الممارسات بحسب أستاذة علم اجتماع التربية، بجامعة عبد الحميد مهري، قسنطينة 02، نجوى عميرش، على النسق الاجتماعي في شقين، من جانب الأثر القيمي السلوكي، وعلى منظومة القيم الأسرية والإنسانية، وكذا من جانب استسهال التحصيل المالي، حيث تتغير نظرة الشاب إليها ويختار سبلا أسهل لا تتطلب بذل جهد وتعب، وعقبت عميرش قائلة «وهذا في الأساس ضرب لقيمة أصيلة في المجتمع وهي قيمة العمل، وقيمة ترشيد المال في حد ذاته لأن المال الذي يأتي بسهولة يبذره صاحبه ويذهب بالطريقة التي جاء بها».
وأوضحت الأساتذة بأن المشكلة تكمن أساسا في مصدر هذا المال، وهوية صاحبه، خصوصا وأن هذه التحديات يحضرها أطفال ومراهقون، كما يمكن أن يوجه خطابها إلى ماكثات في البيت، الذين ينساقون إلى أنشطة إلكترونية قد توقعهم في مشاكل ويتم استغلالهم من خلالها.
كما علقت على ظهور مستخدمين لتطبيق «تيك توك» من أمهات وآباء، الذين ينفعلون مع الهدايا التي تصلهم بالصراخ وبعض الحركات، وأفادت عميرش بأن هذه التصرفات تؤثر على صورة المربي ناهيك عن العلاقة التي تربط بين الولي وابنه، التي تصبح مهتزة وخالية من الاحترام، وتلغي الحدود في تناول المواضيع، وهذا ما يجعل الطفل يتمادى في حديثه مع والديه، وترى الأستاذة بأنهم يجب أن يكونوا قدوة حسنة لأطفالهم ومسؤولين عن تصرفاتهم.
أما عن تحويل بعض المستخدمين قصصا عن اضطراباتهم النفسية وبعض الاختلالات التي يعانون منها، إلى محتوى في البث المباشر، تقول عميرش، إن هذه الأمور تُصنف على أنها «طابوهات» يجب التستر عليها، حتى لو كانت نية «تيك توكرز» سليمة كالتوضيح للمتابعين بأن التعافي من الاضطراب ممكن إلا أن العلاج بحسب الأستاذة يجب أن يكون في إطار معين ترعاه الأسرة والمؤسسة المسؤولة عليه، وقالت إن مشاركة هذه المواضيع بطريقة مبتذلة يجعلها مباحة لدى المتلقي. وقالت عميرش، إن العنف والسلوكيات الخاطئة التي تظهر في تحديات «تيك توك» تبدو بأنها تبدأ فردية إلا أنها تؤثر على كل المجتمع، ودعت المختصين بالوقوف إلى جانب وسائل الإعلام من أجل تنظيم حملات جادة اتجاه هذه المضامين، خصوصا وأن الأطفال على مشارف العطلة المدرسية حيث تنفرد بهم الهواتف لساعات طويلة.فيما استنكرت ما يقوم به فنانون على هذه المنصة بداعي جني الأموال، وعبرت بأن الفنان هو نموذج يحمل رسالة ذات أبعاد، لا يجوز تحويلها إلى جواز سفر لتحقيق عائد مالي على حساب الأخلاق والمبادئ، وعبرت قائلة «في هذه الحالة فإن المجتمع يُضرب مرتين، مرة بالفن المبتذل، وأخرى بالمضامين غير الهادفة، التي تصدر من أشخاص يجدر بهم أن يكونوا نموذجا حسنا لأفراد المجتمع».
إ ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com