تعرف قاعات ألعاب الفيديو، إقبالا كبيرا من طرف الشباب والأطفال، بعد أن تحولت لمتنفس يرفهون من خلاله عن أنفسهم خاصة بعد فترة الامتحانات، و أدى هذا التوجه إلى احتدام منافسة بين القاعات التي راح أصحابها يتفننون في تزيينها وتوفير كل متطلبات الراحة، على غرار تدعيمها بكافيتيريات ومقاه مريحة، إضافة إلى اقتناء ألعاب عصرية وحديثة لجذب الزبائن أكثر.
حاتم بن كحول
وتنافس قاعات ألعاب الفيديو، قاعات الرياضة المغلقة أوالملاعب الجوارية التي كانت المقصد الوحيد للشباب والأطفال في السنوات الماضية، ليحول عدد كبير من المراهقين اهتمامهم إلى ألعاب الفيديو التي عرفت تطورا، ساهم في رفع معدل استعمالها وبلغ لدى الكثير حد الإدمان، خاصة من يقضون ساعات طويلة أمام تلك الشاشات العملاقة.
ألعاب عصرية معززة بتقنية الواقع الافتراضي
واستثمر مؤخرا عدة شباب مبالغ مالية معتبرة في إنشاء قاعات لألعاب الفيديو، بعد أن زاد الإقبال على هذا النوع من الفضاءات، حتى أصبحت لا تستوعب العدد الكبير من الراغبين في اللعب، رغم انتشارها حتى على مستوى بلديات عديدة منها البعيدة و المعزولة نوعا ما، والتي أصبحت تتوفر أيضا، على قاعات ألعاب عصرية، مجهزة بألعاب حديثة منها ما هو معزز بتقنية الواقع الافتراضي
وانتشرت قاعات ألعاب الفيديو عبر مختلف بلديات قسنطينة كموضة مع بداية الصيف، حيث تتوفر في بن باديس، وقسنطينة والخروب وخاصة المقاطعة الإدارية علي منجلي، إضافة إلى مناطق أخرى، والملاحظ خلال جولة قامت بها النصر، أن غالبية القاعات العصرية تقع في أحياء شعبية على غرار حيي بن شرقي وبوذراع صالح والمنشار في بلدية قسنطينة، كما تقع في هذه البلدية عدة قاعات مجهزة في أحياء أخرى كالمنظر الجميل وسيدي مبروك، كما تتوفر مدينة الخروب على عدة قاعات أبرزها تلك الواقعة بحي 450 مسكن.
وتعتبر المقاطعة الإدارية علي منجلي المدينة الأكثر استقطابا للسكان في السنوات الأخيرة والأعلى كثافة، ما جعل النصر، تختارها كنموذج لمعرفة مدى إقبال الأطفال والشباب على قاعات ألعاب الفيديو خلال الفترة الأخيرة، وخلال الجولة التي قمنا بها، وقفنا على توفر أزيد من 10 قاعات عصرية مجهزة بأحدث الألعاب، تتوزع بين الوحدات الجوارية 5 و 6 و 7 و 8 و 17 و 19 و 20.
وكان سهلا علينا إيجاد بعض القاعات نظرا لشعبيتها الكبيرة لدى الشباب والمراهقين في كل وحدة جوارية، ففي الوحدة 5 قاعة فتحت أبوابها قبل أشهر قليلة فقط، تعتبر الأكثر حداثة بقسنطينة، لما تتوفر عليه من ألعاب عصرية مع ضمان آخر تحديث لكل لعبة، كما أنها جاءت على طابقين وسطح كبير يستغل في فترة راحة اللاعبين.
"كافيتيريا" وفضاءات مفتوحة لضمان الراحة
وتضم هذه القاعة، كافيتيريا صغيرة توفر كل المستلزمات الغذائية على غرار المرطبات والحلويات التقليدية ورقائق البطاطا والفشار، إضافة إلى مشروبات متنوعة من قهوة وشاي وعصير طبيعي أو اصطناعي ومشروبات غازية وغيرها، والملاحظ في هذه القاعة أن صاحبها تعمد وضع الزبائن في ظروف مريحة بتخصيص أرائك مقابل شاشات عملاقة، مع تخفيض الإنارة لتكون الصورة أكثر وضوحا وجمالا، كما يتوفر المكان على أزيد من 20 لعبة وشاشة مزودة بمختلف الألعاب.
و رغم تنوع الألعاب التي توفرها القاعة على غرار بقية القاعات الأخرى، إلا أن حرية اختيار اللعبة تعود للاعبين، وعادة ما يختارون لعبة كرة القدم والمتمثلة في "فيفا" أو "بياس"، إضافة إلى ألعاب المغامرات على غرار "طومب رايدر"، وبدرجة أقل ألعاب قتالية وسباق السيارات، وهو ما وقفنا عليه.
زرنا كذلك قاعات في الوحدة الجوارية 6، أين لاحظنا تواجد أطفال وشباب يتراوح سنهم ما بين 18 إلى 40 سنة، حيث تتميز هذه القاعات بالضجة التي يحدثها كل لاعب جراء تفاعله مع لقطة ما أو موقف معين، فيما كانت علامات الحسرة تبدو على البعض وعلامات الفرحة والاحتفال تبدو على آخرين، وكأن المسألة تتعلق بمصير حتمي لشخص ما.
وقد عمد العديد من أصحاب القاعات إلى توفير المشروبات وبعض الحلويات التي يطلبها اللاعبون أثناء ممارستهم للعبة، فيما كانت جل القاعات تضع لافتة ورقية كتب عليها "ممنوع التدخين"، خاصة وأن مساحة بعضها صغيرة مقارنة بالعدد الكبير من الزبائن، لدرجة أن صاحب القاعة اهتدى إلى وضع قائمة بأسماء الراغبين في اللعب.
أطفال يتفوقون على الشباب في الألعاب
ويجلس بعض اللاعبين لساعات طويلة أمام تلك الشاشات العملاقة، رغم أن اللعب لمدة ساعة يكلف ما بين 300 إلى 600 دج وذلك حسب نوع اللعبة، وأثناء الجولة التي قمنا بها شد انتباهنا أن بعض الأطفال ينافسون شبابا يفوق سنهم 30 سنة، وأكثر من ذلك فإن البعض منهم يتغلب على من هم أكبر منهم سنا.
سألنا أطفالا عن السر وراء تفوقهم في هذه الألعاب، فأكد "أنس" صاحب 13 سنة، أنه مدمن على لعبة "فيفا" في جهاز "بلايستيشن 5"، موضحا أنه يتوجه إلى القاعة لأجل اللعب يوميا، قائلا :"حتى وإن كنت لا أملك المال من أجل اللعب فإني أستمتع بمشاهدة الآخرين، والأهم أن أكون بجانب أصدقائي في هذه القاعة"، هكذا رد علينا وهو يقتنص فوزا آخر بكل سهولة وبنتائج ثقيلة.
سعر اللعبة يفوق 20 مليون والقاعة تكلف 400 مليون سنتيم
توجهنا بالحديث إلى "نزيم" صاحب 14 سنة، الذي أكد أيضا أنه يعشق لعبة كرة القدم على الفيديو، و ينفق يوميا 200 دج، لممارسة لعبته المفضلة لبعض الوقت، حيث يجمع هو وأصدقاؤه ما تيسر لهم من المصروف اليومي ليتمكنوا من دفع ثمن ساعة واحدة من اللعب على أقل تقدير.
وحسب مسير واحدة من القاعات، فإن سعر أجهزة اللعب يتراوح بين 15 إلى 22 مليون سنتيم، ولذلك فإن توفرها في المنازل شبه مستحيل، وهو ما يدفع الصغار والشباب إلى التردد على القاعة للاستمتاع بها. وقد انتبهنا خلال جولتنا أن كل القاعات التي مررنا عليها تقريبا توفر ألعابت حديثة تعتبر آخر ما تم إنتاجه في عالم الألعاب الإلكترونية، على غرار "بلايتيشن 5 و 6"، "إكس بوكس آخر طراز" و"سوبر نيتاندو".
وتحولت هذه القاعات إلى محطة تجمع و التقاء للأصدقاء الذين يعتبرونها أماكن للترفيه والراحة في نفس الوقت، خاصة في ظل اشتداد الحرارة، خاصة وأن بعض القاعات تعمل على مدار 24 ساعة دون انقطاع، ما يتيح لزبائنها حرية اختيار التوقيت المناسب للعب، أو الالتقاء على طاولة من طاولات "الكافيتيريا" و تبادل الحديث على كأس عصير أو فنجان قهوة وقطعة حلوى.
وحسب بعض ملاك القاعات،فإن مجال الترفيه يعرف انتعاشا و زيادة في الطلب، ولذلك فإن هذا النوع من المشاريع يعد مهما وواعدا جدا، رغم أن تكلفة قاعة لعب تصل بالعموم إلى 400 مليون سنتيم وتتعدى ذلك أحيانا، وأوضح أحدهم أن قاعاته لا تخلوا من الزبائن على مدار اليوم، موضحا أن الأطفال يقصدونها في الفترة المسائية، فيما يحط الشباب بعد الساعة الثامنة ليلا ليتسمر اللعب إلى فجر اليوم الموالي.
ح ب