الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

مختصون يحذرون من قصص الخيانة و القتل و الخداع: المحتـــوى السلبــي على المواقــع يهــدد صحتـك النفسيــة

يؤكد أخصائيون، أن التعرض للمواضيع و المشاكل الأسرية و قصص العلاقات الاجتماعية المعقدة المتداولة عبر صفحات ومجموعات مواقع التواصل الاجتماعي، بات سببا في تسجيل اضطرابات نفسية لدى مستخدمين منها الاكتئاب و النرفزة والوسواس القهري، وذلك بفعل غزارة المحتوى السلبي و التداول المفرط لقصص الخيانة والقتل والخداع، إذ يحذر نفسانيون، من تبعات هذه المواضيع على الصحة والسلامة النفسية والعقلية و على السلوك الاجتماعي كذلك.
وتشير دراسة حديثة، إلى أن تتبع مشاكل الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمدة ثلاث دقائق فقط صباحا، يمكن أن يؤثر  على مزاج المتصفح بطريقة سلبية طيلة اليوم. وقد توصلت دراسة أخرى شملت أكثر من 700 شخص، إلى أن أعراض الاكتئاب، مثل الحالة المزاجية السيئة، والشعور بعدم القيمة واليأس، مرتبطة بطبيعة ونوع التفاعل عبر الإنترنت. و لاحظ باحثون، وجود مستويات عالية من أعراض الاكتئاب عند الأشخاص الذين يتابعون بشكل يومي، المشاكل الاجتماعية التي يقع فيها الآخرون.
المشـاكل الاجتماعية تلقى تفاعلا كبيرا
والملاحظ في السنوات الأخيرة، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بالقصص الاجتماعية الحزينة التي ينشرها جزائريون و غيرهم، إذ تسجل تفاعلا كبيرا من قبل فئات اجتماعية مختلفة وتحصد المنشورات والفيديوهات من هذا النوع عشرات الآلاف من المشاهدات والمئات من الاعجابات، كما لم يعد يقتصر النشر على حسابات عادية بل تعداها إلى إنشاء صفحات متخصصة ومجموعات مغلقة خاصة بهذا النوع من المحتوى، مثل مجموعة « لبنى للقصص الحقيقية».
كما أنشأ مستشارون أسريون صفحات على تيك توك، لمعالجة القضايا الأسرية عبر الدخول في بث مباشر مع متابعيهم و الاستماع إليهم ولقصصهم التي غالبا ما تثير جدلا واسعا ويتم تداولها بكثرة، لتتصدر الترند عبر مختلف المنصات الافتراضية.
ويلعب العديد من أصحاب هذه الصفحات على وتر العاطفة لحصد المتابعات و التفاعل، فيستخدمون على سبيل المثال عناوين مثيرة للفضول» كقصتي مع الخيانة الزوجية»، « أحببت خاطفي»، « أمي رفضتني « وغيرها من المواضيع الأخرى التي تؤثر في نفسية المستخدم الافتراضي وتدخله في دوامة الشك وعدم الثقة في أي شخص سواء كان من دائرة العائلة أو من خارجها، وهو ما رصدناه في تعليقات بعض المتابعين، الذين يفصلون في أسرارهم الزوجية والأسرية، للحد الذي يذكرون فيه أدق التفاصيل التي تكون خطيرة ومحرجة أحيانا، بينما يقارن البعض مشاكلهم وعلاقاتهم مع بعضهم ويطلبون رأي الرواد بدل المختصين.
ولأن هذه المواضيع تلقى تفاعلا كبيرا، استغل عدد من المؤثرين النشطين على منصتي انستغرام وتيك توك، من أجل نشر مشاكلهم الزوجية وفضح أسرارهم العائلية، و سرد ما حصل لهم مع أقربائهم، ولا يكون سرد تفاصيل القصة دفعة واحدة، بل في حلقات متقطعة يتم نشرها كل أسبوع وفي وقت ثابت تماما مثل المسلسلات التركية، وذلك بغية جلب أكبر عدد من المشاهدات للترويج لبعض المنتجات والماركات التي يمضون عقودا معها، وذلك لأن كل عدد معين من المشاهدات يقابله سعر محدد.
وما لاحظناه كذلك عبر بعض الصفحات المتخصصة في هذا النوع من المحتوى، أن عددا كبيرا من الرواد، ينشرون قصصا غير حقيقية من أجل زيادة التفاعل، وهو ما تأكدنا من عبر تتبع حساباتهم التي يبن بحث صغير بأنها وهمية، ناهيك عن اختلاف القصص التي يسردنوها في كل مرة.
هــروب من الواقع
تواصلنا مع بعض المستخدمين على المنصتين لسؤالهم عن الموضوع، وسبب الاهتمام بهذا النوع من المحتوى وتأثيره، فاتضح لنا أن نسبة معتبرة من المعنيات بنشر هذه القصص هن سيدات لا يجدن من يستمع إليهن في الواقع، أو يخجلن من الحديث عن مشاكلهن لم يعرفهن من أقارب و أصدقاء، كما يعتبرن الذهاب إلى مختص نفساني أو أسري عيبا وفضيحة.
وحسب سامية طالبة لغة فرنسية بجامعية منتوري، فإن استخدام حساب وهمي على المواقع و استعمال اسم مستعار يمنحها الحرية المطلقة في قول ما تريده دون تردد أو خوف من أحكام المجتمع، مشيرة إلى أنها ليست الوحيدة، فالعديد من الفتيات في محيطها يعتمدن على نفس الطريقة للحصول على مساحة تعبير أكبر على مواقع التواصل، ويتمكن من الحديث عما يزعجهن أو يؤرقهن.
أما الشاب منصف، فقد أكد بأن مشاركة المشاكل الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يؤثر على نفسية المستخدمين بل يجعلهم يستفيدون من الخبرات وتجارب الآخرين، موضحا بأن هذه الصفحات والمجموعات تشعر المستخدمين بأن هناك من يستمع إلى مشاكلهم، ويتفهم معاناتهم، لكونها نوعاً من المساندة الوجدانية، قد لا يجدونها في الواقع.في حين أوضح السيد علي أستاذ جامعي، أن عرض المشكلات على مواقع التواصل الاجتماعي له مخاطر جمة، لأن الآراء والحلول تكون من غير المتخصصين، بل تستند لتجارب فردية تختلف باختلاف الظروف.

*  الأخصائية النفسانية العيادية  نسيمة صحراوي
سلوكك على الإنترنت يكشف أولوياتك
تؤكد الأخصائية النفسانية العيادية نسيمة صحراوي، أن كل شخص مسؤول عن المحتوى الرقمي الذي يتعرض له سواء كان سلبيا أو إيجابيا، وذلك لأن خوارزميات الإنترنت تبحث أولا عن تفضيلات المستخدم وعن الكلمات التي استخدمها في عمليات البحث، وعند أول زيارة تبدأ الاقتراحات بالظهور أكثر من مرّة على شاشته، قبل أن تستسلم الخوارزميات في حال لم يتتبع المستخدم مسارها، وتغير الاقتراحات.وأضافت المتحدثة، أن منشورات منصات التواصل الافتراضي، أصبحت تلعب دورا فاعلا في حياة الأشخاص اليومية، وقد صارت من عوامل إصابتهم بالاكتئاب والقلق بفعل التركيز بشكل مفرط على الجوانب السلبية لحياة الأفراد الذين ينشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يسبب حسبها تراجع الصحة النفسية.
وأشارت صحراوي، إلى أن التعرض للمنشورات السلبية قد يضاعف اضطرابات الاكتئاب والقلق، لا سيّما في ظل المنافسة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، على نشر محتوى رقمي مثير، وذلك لأنه يحقق تفاعلا كبيرا بحسبهم. وقالت المتحدث، بأن الشعور بالآخرين هو حالة وجدانية وعاطفية، تتفاوت وتختلف من شخص لآخر فهناك المتبلّدون، وهناك من يتأثر بشدة لدرجة أن شعوره ينعكس على حياته فيتعامل مع محيطه بنفس الطريقة و يتوقع نفس النتائج تماما كما في القصص التي يقرأ أو يسمع عنها. موضحة، أن النساء أكثر تأثرا بالمواضيع السلبية، فقد يحدث أن تقرأ سيدة تعيش حياة سعيدة مع زوجها، منشورا عن الخيانة الزوجية فتدخلها الشكوك وتصاب بالإحباط.
المكتئبون الأكثر تأثـرا بالمواضيع غير السارة
متابعة بالقول، إن الأشخاص الذين يتأثرون بهذا النوع من المواضيع، غالبا ما يكونون من الأفراد المصابين بالاكتئاب بشكل عام، أو الذين يميلون إلى التفكير السلبي، مؤكدة بأن هناك من يفضلون متابعة المواضيع السلبية لما تحمله من تفاصيل جديدة مقارنة ببقية الموضوعات التي تعرض بطريقة تقليدية.وشددت المتحدثة، على ضرورة الابتعاد عن الهاتف المحمول ووسائط التواصل الاجتماعي لفترة وجيزة، لأن ذلك سيساعد المستخدم على الحصول على فترة من الهدوء والتفكير في صحته وحياته، مطالبة في ذات السياق بعدم إسقاط ما يحدث للآخرين على حياتنا لأنه يولد بحسبها الشعور بالقلق والخوف الوهمي غير الموجود في الواقع.
كما دعت إلى عدم تصديق كل ما ينشر على المواقع، لأن للحقيقة جوانب خفية دائما، مضيفة أن الأشخاص الذين يشاركون مشاكلهم على هذه المواقع قد يكذبون أو يعيشون الرفاهية في الواقع، محذرة من خطورة ترك المراهقين عرضة للمحتوى الرقمي السلبي لأن له تأثيرا سيئا على التنشئة الاجتماعية.
وأضافت الأخصائية، أنه يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تفرز ثقافة المقارنة، إذ يقارن الناس حياتهم ومظهرهم وإنجازاتهم مع الآخرين. و يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بعدم الكفاءة، وتدني احترام الذات والاكتئاب خاصة بين الشباب.

* المختصة في أمراض اللغة والتواصل الدكتورة وهيبة فتيحة
المنصات تؤثر على فيزيولوجية الدماغ
من جانبها، أوضحت المختصة في أمراض اللغة والتواصل الدكتورة وهيبة فتيحة، أن الكائن الحي يشهد خلال مراحل حياته عدة تطورات والتي تتسبب فيها عوامل داخلية «بيولوجية و بشرية و وراثية «، إضافة إلى عوامل خارجية متمثلة في البيئة والمحيط، حيث تتشكل على ضوء هاذين العاملين الأساسيين أغلب السلوكيات والتوجهات الفردية، مضيفة أن المحيط يعمل على قولبة الأنماط السلوكية ويحدّدها وفق رغبة الفرد في ذلك ورفضه لها. وتقول الأخصائية، إنّ النقلة النوعية في عالم الاتصالات جعلت الأفراد ينخرطون في العالم الرقمي الذي هيمن على كلّ مجالات الحياة، وأصبح لزاما على البشرية استعمال وسائله التواصلية الحديثة بحجّة الاستثمار في الوقت والجهد، مؤكدة أن المجتمعات أصبحت برمّتها تتسابق نحو هذا العالم الجديد لتنال مراتب الصدارة في سلّم التطور التكنولوجي للعلوم. ولقد كانت الوسائل التي استحدثت لتطوير أساليب التواصل واختصار الأزمنة غاية في الدّقة ويسر الاستعمال، إذ زاحمت العديد من التطبيقات والبرامج المعلوماتية والمنصات الرقمية حياة الأفراد، وأُقحمت في شتّى مجالات الحياة اليومية، وفرضت استعمالها في جميع القطاعات الاجتماعية و الاقتصادية والصناعية، لدرجة أنّه أصبح لا يخلو حيّز مكاني مهما كبُر أو صغُر حجمه من وجود أثر لهذه الوسائل التواصلية.
نفس تأثير المخدرات
وأكدت، أن العديد من الدراسات العلمية أوضحت أن ما يحصل من أثار فيزيولوجية عصبية خاصة لدى الشباب المدمن على استعمال مواقع التواص الاجتماعي، مطابق تماما لما يحدث على مستوى الأجهزة العصبية لمدمني المخدرات، ويصنّفونه في خانة الاضطرابات ويطلقون عليه مصطلح « اضطراب تفضيل الخيار»، فالدماغ الذي لا يكتمل نضجه إلاّ من 20 حتى 25 سنة، يقوم على مجموعة من الأنظمة الوظيفية تترجم في شكل 4دارات عصبية قاعدية وهي دارة المكفئة، دارة الذاكرة و التعلّم، ودارة الدّافعية ودارة التحكم، هذه الأخيرة التي تعتبر الموجّه الأول للدارات السابقة، لأنها المسؤولة عن تعديل ردود أفعال الفرد إزاء المواقف و الظروف.
فالدارات الأربعة بحسبها، تكون لدى الشخص العادي وظيفية وفي تفاعل متكامل فيما بينها، على مستوى بنيات عصبية محددة «الحصين والباحات المجاورة له»، في حين ما يحدث لدى المدمن هو انفصال دارة التحكم عن النظام الوظيفي للدارات، فيفقد الدماغ التحكم و السيطرة على السلوك الإدماني و يكرّره بسبب الحاجة الملحّة للذة والإشباع.
وقالت، بأن أول الجوانب التي تتضرر نتيجة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي هي التذكر والّذي يرتبط بسلوك الهوس والعنف، اليقظة المرتبطة بسلوك التركيز، و المكفئة المرتبطة بسلوك اللّذة، و يحدث التوافق مابين هذه الثلاثية والتفاعل من خلال النواقل العصبية المتمثلة في «النورأدرينالين، السيروتونين والدوبامين»، والتي تعتبر نسب إفرازها المحدّد الأساسي لقيم ودرجات سلّم اللّذة والإشباع لدى المدمن على هذه الوسائل. و يؤدي الإدمان على استخدام هذه الوسائل كما توضح، إلى فقدان الشعور بلذّة استخدامها، ممّا ينتج عنه لزاما تدني مستوى العمليات الأيضية في الجهاز العصبي ومنه اختلال توازن نظام وظيفة الدارات السابق ذكرها ، وذلك بسبب الإفراط في إفراز النواقل العصبية وإعادة امتصاصها من طرف الحويصلات قبل المشبكية، الشيء الذي ينجرّ عنه ارتفاع الرّغبة في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي مهما حاول المدمن الابتعاد عنها.
وأضافت المتحدثة، أن صور الدّماغ بالرنين المغناطيسي دلّت أنّه كلّما زادت مدّة الإدمان على استخدام الوسائل، كلّما ازدادت تّغيّرات توظيفات البنيات العصبية، إذ يصبح الجهاز العصبي في حالة بحث دائم عن التكيّف مع نظام الدارات الجديد، وذلك عن طريق استهلاك وسائل التواص الاجتماعي، ولكن دون جدوى ممّا يجعله ينخرط في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
ولحل هذه المشكلة، ترى الأخصائية ضرورة إيجاد المدمن لإجابات مناسبة للأسئلة التالية، ما الهدف من الاستهلاك المفرط لهذه الوسائل؟ ما هو الخطر الرّاهن الذي يهدّد المدمن؟ وماذا سيحدث للمدمن لو توقّف عن استخدام هذه الوسائل؟ و ماهي الحماية اللازمة لضمان عدم العودة بعد الإقلاع عن إدمان هذه الوسائل؟
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com