الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

أنجزها فنانون متطوعون: جداريات عملاقة تغير واجهات عمارات وفضاءات مشتركة

يزيد الاهتمام بتزيين الفضاءات المشتركة على مستوى الأحياء في بلادنا، ويبادر مواطنون بمعية شباب موهوب و رسامين هواة لإضفاء لمسة جمالية على واجهات العمارات فضلا عن العمل على تزيين المساحات الخضراء، وهو ما لاحظناه عبر عديد الأحياء ووثقته عدسة تشكيليين شباب ينشرون صورا لأعمالهم التطوعية على منصات التواصل، حيث تعرف المبادرة ثناء وانخراطا متزايدا وقد بلغ مداها عديد الولايات، حيث تعتبر حسب متابعين دليلا على نضج الوعي وحس المواطنة و المسؤولية تجاه الفضاء العام، وتراجع النظرة الضيقة للفن.

أسمـــــاء بوقرن

تتضح مظاهر التصالح مع الفضاء العام، من خلال تطوع مواطنين لتحسين واجهات العمارات و تهيئة الأحياء بعدد من ولايات الوطن، حيث لاحظنا على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، عمارات مزينة بجداريات غاية في الروعة، رسمها شباب مبدع، بينهم خريجون من المدرسة الجهوية للفنون بقسنطينة، يعملون على نشر الوعي بضرورة الاهتمام بالمحيط الخارجي للبنايات، ففي الوحدة الجوارية رقم 01 بحي 224 مسكن مثلا، رسمت جداريات بمواضيع مختلفة على جدران العمارات، منها ما يحمل رسائل داعمة للقضية الفلسطينية، وتأخذ هذه المبادرة في التوسع عبر أحياء أخرى،وتعرف انضمام شباب إليها، حسب ما قاله أستاذ الفنون الجميلة للنصر، ناصر بن ميسي.
فنانون يقودون قاطرة التغيير
لعب فنانون تشكيليون شباب، دورا محوريا في نشر الوعي بالحفاظ على الفضاء العام وتزينه، ويتضح ذلك عبر صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، مع إطلاقهم مبادرة لرسم جداريات فنية في المؤسسات التربوية أولا، كرد فعل على ظاهرة تكسير الكراسي وتخريب النوافذ والكتابة والخربشة على الطاولات والجدران، وهي مبادرة لاقت انتشارا واسعا، وثمنها ناشطون في الحقل التربوي وانضم إليها أساتذة فن الرسم، بإشراك تلاميذ وأولياء أمور، لنشر ثقافة الاهتمام بالمرافق التربوية، بعد تفاعل كبير مع فيديوهات أحد الفنانين حول تزيين جدران مدارس ببني دوالة بتيزي وزو وببلدية مراد بولاية تيبازة، إذ حول الفنان صاحب الفيديو المؤسسات إلى إلى فضاء فني، ووثق للتغير الجدري الذي أحدثته ريشته قبل وبعد التزيين، لتعمم المبادرة بعدها و ينخرط فيها شباب هاو للرسم على غرار ابن ولاية سطيف فواز جليد.
من تزيين المدارس إلى الشوارع والحدائق
فواز جليد، فنان تشكيلي شاب يحظى بمتابعة واسعة، بفضل منشوراته حول نشاط التزيين وتنقلاته لمختلف الولايات استجابة لطلب مواطنين، يدعونه لتزيين أحيائهم، وقد اتخذ شعارا فحواه « عندما نريد نستطيع»، وأبدع في بعث الروح في أماكن كانت باهتة ومنفرة، فكلما وقعت عيناه على مكان، سارع لحمل ريشته وألوانه لتزيينه، فغير واجهات مواقف حافلات و جدران عمارات و مدارس و غير ذلك، وقد انتهى منذ مدة من تزيين موقف حافلات بدائرة حجوط بولاية تيبازة، معلقا بأن العمل يعد هدية منه للسكان، ويعتمد في تصوير فيديوهاته ووتركيبها على تقنيات فوتوغرافية، تبرز التغير الجدري الذي بإمكان الفنان إحداثه في الفضاء العام، خاصة إن قوبل باهتمام ومشاركة السكان.
إشراك الأطفال والكبار ينمي الحس الجمالي
مساهمة الفنان كانت كبيرة في إيقاظ الحس الجمالي لمواطنين، وهذا ما تبرزه التعليقات وحجم التفاعل مع منشوراته والانضمام إلى مبادراته، حيث أطلق فنانون تشكليون وهواة من عدد من الولايات مبادرات مماثلة وعرضوا خدمتهم على مواقع التواصل، والجميل في الأمر وما لفتنا عبر صفحة فواز جليد، هو أنه يتطوع للعمل على تحسين الواجهات طوال السنة.
اتصلنا به، فوجدناه منهمكا في رسم جدارية بمنطقة حجوط، وقال لنا بأنه منشغل جدا وقد حدد موعدا لإنهاء العمل، مشيرا إلى أنه يسعى كذلك لإشراك مواطنين من المنطقة في المبادرة.
وقد أظهرت مقاطع فيديو نشرها على صفحته، انضمام شباب وكهول وأطفال صغار إلى ورشته المفتوحة، حيث يحث المارة على حمل الريشة و إضفاء لمسة ولو بسطية على كل كل جدارية يباشر رسمها، وهي طريقة قال بأنها مهمة وفعالة في تنمية الحس الجمالي وكشف المواهب الكامنة وتهذيب الذوق الفني لدى الناشئة.وقد بدا التفاعل مع المبادرات جليا من قبل الصغار، الذين انضموا إليها كما طلبوا من فنانين رسم لوحة صغيرة للاحتفاظ بها، فيما منح الفنان فواز لأصحاب المعدلات الأعلى في شهادة التعليم المتوسط لوحات فنية كهدية منه، كما أعلن عنه عبر حسابه على فيسبوك واعتبرها ذلك شكلا من أشكال التشجيع على حب الفن وترقية الذائقة. وينظم الشاب ما يشبه مسابقات ثقافة عامة في كل مكان يشتغل فيه، فيطرح أسئلة على المارة ليهدي صاحب الجواب الصحيح هديه ممثلة في لوحة فنية.
مبادرة لتزيين ولايات ساحلية تشجيعا للسياحة
ويستقطب هذا العمل التطوعي، عديد الشباب من هواة الرسم، حيث يجتمعون أحيانا في مكان واحد لتغيير واجهته، وليطلقوا العنان للريشة كما فعل شباب مؤخرا في مدينة وهران، وينجح هؤلاء المبدعون في لفت أنظار الناس إليهم، و يدفعونهم إلى تعلم الاستمتاع بالفن و حب الألوان عبر تكريس وجودها وإظهار دورها في تغيير روتين يومياتهم.
من جانبهم، يقدم مواطنون دعما لهؤلاء المتطوعين، ويكرمونهم بالوجبات التي تجود بها بيوتهم، لتحفيزهم على الاستمرار و على الإبداع أكثر وتقديم كل ما لديهم، و يقول فواز في مقطع فيديو، بأن دعم السكان وفرحة الأطفال تنسيهم تعب التنقل وتجعلهم يبدعون أكثر، والدليل تطوعه لرسم جدارية ضخمة في سيدي بلعباس، وأخرى بولايات ساحلية، حيث أطلق رفقة رسامين آخرين مبادرة لتزيين ولايات الساحلية، وطلبوا بتوفير المعدات ليكون العمل مجانيا في سبيل تشجيع السياحة الداخلية.
وهي مبادرة تحدث عنها أيضا، ولد محنمد مخيسي، فنان تشكيلي من وهران، خريج مدرسة الفنون الجميلة دفعة 1993، مشيرا إلى أنه انخرط في المبادرة سنة 2022، مع انطلاق ألعاب البحر الأبيض، حيث قام برسم جداريات ضخمة بمواضيع مختلفة، مضيفا بأن البداية كانت صعبة، نظرا لعدم تعود المواطنين على مثل هذه المشاهد وعدم تقبلهم للأمر، لكن سرعان ما اعتادوا عليه وأصبحوا فاعلين في العملية، موضحا بأنه لا يكتفي برسم الجداريات فقط، وإنما يتطوع أيضا لتزيين الفضاءات الخضراء، لما تضفيه من جمالية على الأحياء والشوارع.
وأردف المتحدث، بأن اهتمامه بالمحيط الخارجي بدأ منذ تخرجه، لكنه لم يشارك في عمل جماعي سوى سنة 2020 ، حيث انظم إلى نشاط لتزيين مؤسسة تربوية، وقد لقي العمل ثناء كبيرا، وامتد النشاط لمدارس أخرى بفضل مبادرة لجمعيات ومحسنين تطوعوا من مالهم الخاص لشراء المستلزمات، موضحا بأن أكبر جدارية رسمها، هي جدارية «السلام» بوسط مدينة عين الترك، طولها 370 مترا، وهي الأولى حسبه في الجزائر. وقال الرسام، إن مواضيع الجداريات متنوعة، سواء كانت تحمل رمزية تاريخية أو شعارات توعوية وتربوية فضلا عن جداريات للطبيعة، موضحا بأن نجاح هذه المبادرة ساهم في التقليل من مظاهر الاعتداء على الفضاء العام أو المؤسسات التربوية والحدائق، مشيرا، إلى أن هناك نوعا من المنافسة بين المواطنين من مختلف الولايات لجعل ولايتهم تبدوا الأجمل والأنظف.
و معتبرا، بأنها منافسة إيجابية توحي بنجاح تحد رفعه فنانون لتنمية الحس الفني الجمالي والاهتمام بالديكور الحضري لدى المواطن، مؤكدا أن خدماته صارت مطلوبات على مستويات رسمية كذلك.
الجزائر الخضراء شعار أيقظ الوعي البيئي
ومن نشاطات الاهتمام بالفضاء العام، مبادرة تهيئة الفضاءات الخضراء واستغلال المساحات الشاغرة بمحيط العمارات لجعلها رئة صافية، وقد أطلقها مهتمون بالشأن البيئي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها مبادرة صفحة الجزائر كلها خضراء، لنشر ثقافة التشجير، و الهادفة لجعل المدن الجزائرية والشوارع خضراء. وينشر أصحاب المبادرة، فيديوهات وصورا توثق لعمليات التشجير التي يقوم بها منخرطون، كما تنشر معلومات بيئية تتعلق بكيفية انتقاء الأشجار واختيار النوع المناسب لمناخ المنطقة وخصوصية المكان، وتقدم صور وأسماء الأشجار التي تغرس في الحدائق والشوارع، ومعلومات زراعية حول النباتات التي تصلح للغرس في الشرفات، والأنواع التي تفوح منها روائح زكية وتعبق الأمكنة، وقد لاحظنا على مستوى أحياء اهتماما بتزيين الجدارن و غرس بغرس النباتات والأشجار معا، ما يوحي بوجود نوع من الاستفاقة والشعور بالمسؤولية اتجاه الفضاء العام.
* أستاذ الفنون التشكيلية ناصر بن ميسي
الاستغلال الإيجابي للفضاء الإفتراضي نجح في تغيير ذهنيات
ثمن أستاذ الرسم الزيتي في المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بقسنطينة، ناصر بن ميسي، المجهود الذي يبذله مبدعون شباب في سبيل تغيير الذهنية المجتمعية والتخلص من إهمال الفضاء الخارجي، و زيادة الوعي بالمسؤولية اتجاه الفضاء العام، وهو أمر وصفه بالإيجابي. و اعتبر مبادرات رسم جداريات، نوعا من التحسيس الغير مباشر للمواطن، بعد أن باتت الطرق الكلاسيكية غير مؤثرة، فالاعتماد على الإبهار البصري أنتج حسبه، منافسة شرسة وشريفة أيقظت الوعي الجمعي ونبهت إلى ضرورة العناية بالمحيط الذي نعيش فيه، وتزيينه لتغذية الحس الفني وتعزيزه، أما عن إشراك الأطفال وتقديم هدايا للمساهمين في شكل لوحات فنية، فاعتبره أسلوبا توعويا جيدا ستظهر نتائجه مستقبلا، وسيساهم في تهذيب الفرد وتخليصه من العداء لمحيطه وخلق بيئة نظيفة بالمقابل. وقال إن هذا النشاط ينمي الذوق الجمالي في اللاوعي، ويجعل الإنسان يلجأ للفن للتعبير عن أفكاره الاجتماعية، مردفا بأن الاستغلال الأمثل والإيجابي لمواقع التواصل أعطى نتائجة جدية وغير متوقعة، وأحدث تغيرا كبيرا قد يصبح عميقا مع مرور الوقت، في ظل المنافسة التي نراها بين مختلف أبناء الوطن لتزين ولايتهم.
وثمن ذات المتحدث، مبادرات شاب من أبناء حيه وخريجي المدرسة التي يدرس بها، ممن وضعوا لمستهم الفنية على عديد عمارات بعلي منجلي، وساهموا في زيادة الاهتمام بالمحيط الحضري.
أ ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com