الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

شملها تصنيف عالمي : الكرانتيكـــا و الحريـــــرة والمعقـــــودة أكــلات تحافـظ على ذاكــرة وهـــران

حظيت خمس أكلات جزائرية مؤخرا، بتصنيف عالمي من طرف موسوعة الأكل الشهيرة تيست أطلس، وجاءت وصفات محلية من وهران ضمن قائمة ألذ الأكلات في مقدمتها الكرانتيكا و الحريرة والمعقودة، إلى جانب وصفتين جزائريتين أخريين هما مقروض اللوز و الرشتة، و تبقى الكرانتيكا، الأكلة الأكثر شهرة و طلبا ولها قصة ترتبط بتاريخ مدينة وهران.

بن ودان خيرة

رمز انتصار الجزائريين على الإسبان

يعود تاريخ أكلة «الكرانتيكا» حسب أغلب الروايات إلى القرن السادس عشر أو الثامن عشر، فأثناء إحدى المعارك بين الجيش الإسباني الذي كان يتخذ من حصن سانتاكروز بأعالي المرجاجو معقلا له، وبين جيش المسلمين الجزائريين، تمت محاصرة الإسبان طويلا مما أجبرهم على البقاء داخل الحصن حتى نفد الطعام من المخازن، ولم يبق منه سوى طحين الحمص، الذي لم يكن مهما ومستخدما فعليا، وأمام الجوع الشديد والحاجة إلى الغذاء، ابتكر رئيس الطباخين هذه الأكلة وقام بتحضيرها بما بقي لديه من ملح وماء، ليكتشف الجنود أنّها ذات طعم طيّب، فانتشرت منذ ذلك الحين من وهران إلى جميع المدن الجزائرية الأخرى، لتكون جزءا من عطر ذاكرة الوهرانيين، ورمز الانتصار على الغزاة.
وتتمثل وصفتها الأصلية في مزيج من طحين الحمص والماء وقليل من الملح، تخلط المكونات وتطبخ في الفرن ويتم تناول الوجبة ساخنة.
ويطلق عليها الكثيرون تسمية «الحامي»، وهي ترجمة تسمية «كاليانتي» الإسبانية لدارجة الغرب الجزائري، أما اليوم فقد أصبحت «الكرانتيكا» تحضر في البيوت بوصفات مختلفة منها ما تشمل البيض والجبن، ويضيف إليها البعض البيض والزيت وغيرها من الوصفات التي تعتمد في الأساس على «طحين الحمص+ ماء+ ملح».
والكران، كما يطلق عليها الوهرانيون هي أكلة الزوالية وحتى ميسوري الحال ومعشوقة الجميع، لأنها تحقق الشبع بالنظر لطول مدة هضمها في المعدة، ولتجنب تشكل الغازات تضاف إليها توابل الكمون وتأكل برفقة عصير الليمون أيضا.
وترجع بعض المصادر أصل مرافقة العصير للكرانتيكا، إلى الإسبان أيضا، الذين عندما أحبوا هذه الأكلة أصبحوا يقبلون عليها بكثرة مما سبب لبعضهم عسر الهضم والإمساك، حيث تجمع الوجبة بين الأكلة و عصير «الموخيطو» المكون من الليمون والماء وأوراق النعناع، يترك المزيج حتى يتجانس ثم يشرب ويساعد على تحسين الهضم وإراحة الأعصاب.
الحريرة رمز «تأسيس الأندلسيين لوهران» منذ 11 قرنا

تشير كل الدراسات التي أنجزت عن أصل طبق «الحريرة»، إلى أنه وصل إلى الجزائر عام 902 ميلادي، وجاء مع البحارة الأندلسيين وعلى رأسهم محمد بن محمد بن عون، حيث قدموا إلى الجزائر بأمر من أمراء قرطبة إلى وهران.
ويقال، إن البحارة جلبوا معهم عادات وتقاليد ووصفات منها طبق «الحريرة»، وهي في الأصل حساء من المطبخ الأندلسي، و حسب ما تضمنه كتاب «الفوائد في العوائد والقواعد والعقائد» الذي أنجزه المدرس الفرنسي «جوزيف ديسبارمي» سنة 1905، و طبع في البليدة أين كان يعيش، فإن «الحريرة» أصبحت مع مرور الوقت الطبق الرئيسي في المائدة الرمضانية لأهل الولايات الغربية، كما أن لكل ولاية «حريرتها» الخاصة التي تختلف من حيث لونها ومذاقها وكيفية إعدادها ومكوناتها.
و قد صارت الحريرة تقدم مع «المعقودة» كمقبلات في رمضان، وكان الرحالة ابن بطوطة، أول من أشار إلى أصول «الحريرة»، وأكد، أنها وجبة كاملة كانت تعد في بلاد الأندلس من الحنطة والذرة والدقيق والشعير، وانتشرت بعد ذلك في شمال إفريقيا.
المعقودة .. طبق لا فصل له

لم تذكر المصادر أصل أكلة المعقودة، ولكن المتعارف عليه أنها «وهرانية»، حيث تحضر في عدة مناطق في الجهة الغربية للبلاد، وتتكون من البطاطا والتوابل والبيض، وتحضر بطهي البطاطا في الماء والملح، ثم هرسها، وتضاف إليها التوابل مع قليل من البقدوس والثوم حسب الرغبة، ثم يضاف البيض وتخلط المقادير جيدا و تترك لترتاح حتى تتماسك. بعدها يتم وضع الزيت في المقلاة حتى يسخن جيدا، وتشكل كريات من خليط البطاطا تغمس في الفرينة ثم تقلى.وقد تعددت اليوم طرق تحضير المعقودة بإضافة الجبن أو توابل جديدة وكذا وضعها في طحين الخبز «شابلور» وغيرها، مع الالتزام بالمكون الرئيسي وهو البطاطا، فضلا عن استخدام التوابل والبيض.
تقدم الأكلة في كل الفصول مثلها مثل «الكرانتيكا»، وزائر وهران سيجد المعقودة ترافق الكرانتيكا في العديد من محلات الأكل الخفيف، ولكن ميزة المعقودة أنها حاضرة دائما على طاولة الإفطار الرمضانية طوال 30 يوما.
إسماعيل بن يوب باحث ومكلف بالإرشاد السياحي
الترويج للأكلات المحلية من أهم عناصر الاستقطاب

قال الباحث في التاريخ، والمكلف بالإرشاد السياحي بالديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية بوهران، إسماعيل بن يوب، إنه إلى جانب المعالم الأثرية و السياحية التي تندرج في إطار التراث المادي للمدينة، تزخر وهران بتنوع تراثها اللامادي المتمثل في الشعر واللهجة والألبسة التقليدية، وكذا الأكلات الشعبية.
وبالنسبة لطبق «الكالينتي» المعروف بـ «الكرانتيكا» ،فهو ابن مدينة وهران كما قال ورمز لانتصار المسلمين على الإسبان، بقيادة الباي بوشلاغم عام 1700، وأول من عمل على الترويج لهذه الأكلة و بيعها حسبه، هو الشيخ «بوزوينة الغالمي» وكان ذلك بحي المدينة الجديدة و على مستوى نقاط تجارية أخرى منها محل «الروخو» بساحة سيدي بلال، ومحل «عمي الشرقي» مقابل متحف زبانة، ومحل «عيبوط» بحي سان بيار الشعبي، ومحل فؤاد بحي الدرب العتيق وغيره.
ولا يمكن الحديث عن الأطباق التقليدية الوهرانية دون التطرق إلى « الحريرة» و «المعقودة» بوصفهما من أهم مكونات المائدة المحلية إلى جانب الشوربة الوهرانية المتجذرة في مناطق سهل ملاتة و أحفاد سيدي غالم بالمرسى الكبير.
وبالنظر للحضارات المختلفة التي مرت على وهران، فقد أصبحت المدينة كما عبر، تتميز بمطبخها المتنوع الذي يحافظ عليه سكانها ويستهوي كثيرا زوارها و السياح، مردفا أنه كمرشد سياحي، يدرك أهمية المطبخ المحلي في الترويج السياحي، ومؤكدا أن الأكلات الشعبية هي أول ما يطلبه الوافدون إلى وهران من داخل وخارج الوطن.
وتحدث الباحث أيضا، عن «البايلا» وهو طبق وهراني من أصول أندلسية يتفنن في تحضيره و طبخه أهالي المناطق القريبة من البحر، إلى جانب طبق «الباسطا»، وهو من الأطباق التي اشتهر بها سكان منطقة أرزيو شرق وهران، و يعد مكونا مهما في الأعراس و يقدم حتى في المطاعم.
ويتكون الطبق من عجين المعكرونة بالصلصة و بعض أنواع السمك وقد اشتهر هذا الطبق عن طريق العائلات الأندلسية «الموريسكيين» الذين استقروا بنواحي أرزيو منذ عام 1604م. كما أشار محدثنا، إلى طبقي البصطيلة و الطاجين و غيرهما من الأطباق المعروفة بوهران منذ القدم، وحتى الكسكسي الذي يوجد منه نوع خاصة في منطقة كريشتل بوهران، يطهى بسمك «الميرو» عوض الخضروات واللحم.
مبرزا، أن وهران معروفة منذ القدم كذلك، بحلوياتها و على رأسها «لامونة» التي ولدت أيضا في مطبخ المدينة، وهي كلمة إسبانية أصلها عربي وتعني «المؤونة» حيث كانت تحضر خلال الحروب الصليبية لصد الجوع، فضلا عن حلوى «الطايو» التي ابتدعتها نسوة حي سيدي الهواري، وحلوى « لوراني l'oranais» التي ترافق القهوة وهي حاليا جد معروفة بفرنسا، إلى جانب حلوى «الكحك».

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com