تشكل غابة "القعقاع" بإقليم بلدية بئر مقدم بولاية تبسة، متنفسا لعائلات من مختلف مناطق الولاية، خصوصا في العطل و موسم الاصطياف، إذ تستقبل يوميا أعدادا كبيرة من الزوار الذين تستهويهم مناظرها و يستمتعون بالتجوال داخلها، وبجمالها واخضرار أشجارها العالية التي تشكل ديكورا يزيد من روعة المكان، المجهز بفضاءات لعب للأطفال و حتى الكبار، وكما توجد في الحديقة نافورات و شلالات مياه تبعث على الشعور بالانتعاش.
متنفس للعائلات
جاءت فكرة استغلال المنطقة في إطار السياحة الغابية البيئية، بعد إعلان مصالح الغابات لولاية تبسة، عن تخصيص مناطق موزعة على بعض البلديات لاحتضان مشاريع ذات طابع سياحي، ويعتبر هذا المشروع السياحي لبنة من لبنات التوجه الرامي إلى ضمان استغلال أمثل وتثمين سياحي و اقتصادي للمناطق الجبلية و الغابية قصد تشجيع مبادرات التنمية المحلية بالولاية، لاسيما في ظل إجراءات الاستغلال المشجعة التي أقرتها السلطات بمعية محافظة الغابات، بهدف تثمين الفضاء الغابي و إنشاء منتجعات و مشاريع ذات طابع بيئي، ليتحول هذا المنتزه الأول من نوعه في المدينة إلى قبلة للعائلات، بغرض الاستجمام والترفيه و متنفسا حقيقيا.
و يعرف الفضاء إقبالا منقطعا خصوصا في أيام الصيف الطويلة والحارة، وتستمر الحركية إلى غاية ساعات متأخرة من الليل أحيانا، على اعتبار أن المكان مجهز بشكل جيد ومؤمن كذلك، وهي مواصفات فرضتها عقود الاستغلال و دفاتر الشروط التي أعدتها السلطات بالتنسيق مع محافظة الغابات لولاية تبسة، للسماح بالاستثمار في المحيط البيئي، حيث تمت تهيئة الغابة التي تتربع على مساحة 5.3 هكتارات بوسائل ومعدات مـن الطبيعة، مع مراعاة عذرية المكان واستعمال مواد تتناسب والوسط البيئي في مختلف مراحل الإنجاز، ما مكّن من توفير فرص عمل لبعض شباب المنطقة، والمساهمة في ترقية مسارات السياحة الجبلية، وفي المحافظة على الأحزمة الخضراء، وحماية النسيج الغابي والتنوع البيولوجي.
ويراهن على هذا النوع من الاستثمارات في الولاية التي تشح فيها مرافق السياحة والترفيه، و ينصب التركيز على السياحة الغابية والبيئة بالنظر إلى طبيعتها الجعرافية، حيث يتم العمل على تهيئة مناخ مناسب للاستثمار في هذا المجال، لما له من أهمية في توفير مناصب شغل جديدة وتحقيق تنمية اقتصادية بديلة، بالنظر لما تتوفر عليه الولاية الحدودية من غطاء نباتي يربو على 211 ألف هكتار، منهـا 20 ألف هكتار قابلة للاستصلاح، وهو ما يجعلهـا تحتل المرتبة الرابعة وطنيا، مع الحرص على ضمان توازن بين العناصر البيئية والوسط الطبيعي، بما يخدم التنمية الحضرية المدمجة ضمن أهداف التنمية المستدامة، بالموازاة مع العمل على فتح مناطق للتوسع السياحي بإقليم الولاية، في إطار تثمين العقار السياحي، وترقية التنمية السياحية وتشجيع الاستثمار، كمورد هام لتنويع مصادر الدخل.
ويعد مشروع إنشاء مركز للراحة والاستجمام بمنطقة القعقاع، تصل قدرة استيعابه إلى 700عائلة في اليوم، بادرة أولى مهمة، حيث تتربع الغابة على مساحة تفوق 3 هكتارات، وتتواجد بها عديد المنشآت كمطعم ونقاط للبيع وفضاءات للألعاب مخصصة للأطفال، بالإضافة إلى فضاء لبيع المنتجات التقليدية ومسارات للتجول وسط مناظر طبيعية خلابة على ارتفاع أكثر من 1160 مترا فوق سطح البحر.
ارتياح كبير وسط المواطنين
وقد لمسنا خلال زيارتنا إلى الغابة واحتكاكنا بالمواطنين، ارتياحا كبيرا من قبلهم خصوصا وأن المشروع كسر عزلة المنطقة و وفر فضاء للراحة و الاستجمام بعيدا عن صخب المدينة، وقالت سيدة بأن أكثر ما يشدها إلى المكان هو الطابع البيئي، لأن التواجد في قلب الطبيعة يشحنها بالطاقة الإيجابية.
واعتبر رب أسرة، بأن المشروع قدم بديلا مهما للعائلات عن المراكز التجارية والمطاعم والأماكن المكتظة التي غالبا ما يتم اللجوء إليها لقضاء ساعات الصيف في المدن الداخلية، واعتبر المكان بمثابة ملاذ للعائلات، خصوصا وأنه يتوفر على العديد من المرافق الخدماتية، ناهيك عن ألعاب الأطفال وهي الإضافة الأهم حسبه.
أطفال تحدثنا إليهم، أبدوا سعادتهم الكبيرة بالتواجد في الغابة التي تتوفر على العديد من وسائل الترفيه و اللعب، كما أثنوا على جانب التنشط، والمتمثل في حفلات لمهرجين تملؤهم فرحا وتضمن لهم متعة مضافة.
ويعد حوض السباحة الاصطناعي أو المسبح الصغير الذي تدعم به المرفق مؤخرا، إضافة نوعية و فارقة جداب النسبة لزوار الغابة، خصوصا وأن توفيره تزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، وقال بعض زوار الفضاء الغابي بالقعقاع، بأنه يسمح لهم بتعويض أبنائهم ولو نسبية عن زيارة الشواطئ، هذا إلى جانب الألعاب الكثير المتاحة.
ومن المنتظر أن تتدعم الولاية قريبا، بمشاريع مماثلة خصوصا بعد نجاح الاستثمار في غابة القعقاع، وتشمل المرحلة القادمة من الاستثمار تهيئة ثمان غابات بكل من بلديات الشريعة، الونزة، أم علي، العوينات، المزرعة، وتبسة، كما سيتم تجهيز هذه الفضاءات المخصصة للراحة والاستجمام والتي تتراوح مساحتها بين 3 و30 هكتارا بألعاب للأطفال، ومساحات خضراء للعائلات إلى جانب جلب عدد من الحيوانات، حيث ستتدعم بألعاب للأطفال و وسائل للترفيه.
ع.نصيب