تحظى برامج تعليم السباحة التي تتبناها عديد المراكز والمسابح عبر الوطن، بإقبال يصفه مدربون ومسيرون بالقياسي، في وقت بادر مختصون بتلقين أساسيات السباحة وطرق الإنقاذ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل تسجيل تزايد مخيف في عدد حالات الغرق خلال موسم الاصطياف.
إيمان زياري
تعج مختلف المسابح بالجزائر خلال فترة العطلة الصيفية بأعداد كبيرة من المسجلين في برامج صيفية خصصت لتدريب جميع الفئات العمرية ومن الجنسين، في ظل إقبال كبير يصفه مسيرون بالقياسي، بما فرض على الكثيرين زيادة ساعات العمل، وفتح المجال أمام التدريب الليلي خاصة بالنسبة للأطفال والرجال.
التدريب عن بعد.. أسلوب جديد
وفي مقابل ما تعرضه مراكز التدريب ميدانيا، يسعى مدربون مختصون في مجال السباحة للتعريف بتقنياتها بشكل أدق عبر نشر فيديوهات وصور توضيحية ساروا فيها على خطى سباحين عالميين، إذ تشكل بوصلة بالنسبة لأولئك الذين يمكن القول أنهم يجيدون السباحة دون خضوعهم لأي تدريبات من قبل مختصين، كما تقدم توصيات ببعض السلوكات أثناء العوم وبتجنب أخرى، وتوجه بشكل خاص المصطافين عند حالات الغرق عبر تقديم بعض التوضيحات حول ما يمكن القيام به للنجاة أو لإنقاذ أشخاص آخرين.
وترى مدربة السباحة وأستاذة التربية البدنية والرياضية في الطور المتوسط رجاء شطيطح، أن التدريب عن بعد واحد من الأساليب المعتمدة في الوقت الحالي والتي تساعد بفضلا التكنولوجيا وتختلف عن التدريب التقليدي، وتعتبر بأنه يلائم العديد من الأشخاص خاصة بالنسبة للنساء ومن تواجههم صعوبات التنقل إلى المسابح، إلى جانب نقص التكلفة، وربح الوقت، إلا أنها أكدت على ضرورة اعتماد احتياطات السلامة.
أما الكوتش في السباحة روميسة حبشي بمركز «جاست سويم أند جيم» بمنطقة عين جاسر بولاية باتنة، فقالت إنه من غير الممكن تعليم السباحة عن بعد، بل يمكن للمتعلم والمتمكن أساسا من الاستفادة من الفيديوهات والنصائح التي يقدمها المختصون عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة منها في استيعاب الحركة وليس للتعلم من الصفر، مؤكدة أن السباحة رياضة يلعب فيها المدربون على الجانب النفسي بشكل كبير، من أجل كسر حاجز الخوف لديهم، وتحسيسهم بالأمان وهذا مالا يمكن أن يتم عن بعد، كما نبهت إلى عمق المسابح الذي يختلف من مسبح لآخر بما يفرض تعاملا خاصة مع كل مسبح، خاصة وأن عدم أخذ الاحتياطات واحترم المقاييس قد ينتهي بأضرار.
إقبال قياسي للنساء والأطفال
وعن معدل الإقبال على المسابح للتعلم، أكدت الكوتش روميسة حبشي، أن فترة الصيف تشهد إقبالا متزايدا مقارنة بباقي فصول السنة، وأرجعت ذلك إلى العطلة التي تشكل الوقت المناسب لاكتساب مهارات جديدة خاصة بالنسبة للأمهات والأطفال، وأوضحت المدربة أن برامج المسابح تختلف من منطقة لأخرى، وهذا ما يحكمه الطلب عليها، مؤكدة أن إقبال الذكور يبقى أكبر من الإناث على هذه الرياضة.
وفيما يتعلق بالنساء، أكدت ذات المدربة أن تغير الذهنيات والانفتاح على العالم سهل على المرأة ولوج مثل هذه الأماكن التي كانت حكرا على الرجال والأطفال، وقالت إن خلق فضاءات مغلقة نسوية مائة بالمائة، ساهم في زيادة عدد المسجلات عبر مختلف المسابح، مشيرة إلى الإقبال الكبير للنساء المسجل على مستوى مركز بعين جاسر ولاية باتنة، والذي يضم مسجلات حتى من ولاية سطيف بحكم قرب المسافة بين الولايتين.
أما مدربة السباحة رجاء شطيطح، فقد أكدت أيضا تسجيل تزايد الإقبال على هذه الرياضة صيفا، أما بالنسبة للفئات العمرية وبحسب ما يوضحه تطبيق التكتوك الخاص بها الذي يسمح بتحديد الفئات العمرية المتابعة، فيبين أن أول فئة هي تلك التي تتراوح أعمارها بين 25 و34 سنة، تليها فئة من 18 إلى 24 سنة، وبعدها فئة من 35 سنة إلى 44 سنة، موضحة أن هذه الإحصائيات تقارب وبدرجة كبيرة الأشخاص الذين يقصدون مسبح فندق الموحدين بولاية وهران الذي تشغل فيه منصب كوتش متخصص للأطفال والنساء، إلا أنها قالت أن التعليم يفترض أن يكون قبل حلول فصل الصيف وذلك استعدادا لاستقبال موسم الاصطياف، إلا أن الغالبية تطلب التعلم لأنها تتوجه إلى رحلة أو في عطلة، وهو ما لا يمكن أن يتحقق خلال فترة قصيرة.
الوقاية من الغرق وكسر حاجز الخوف من الماء
وعن الأسباب التي تقف خلف هذا الإقبال المتزايد على تعلم السباحة، أشارت المدربة روميسة حبشي، إلى أن الكثيرين يسعون لتعلمها من أجل كسر حاجز الخوف لديهم من الماء والبحر تحديدا، وذلك من خلال تعلم أبجديات السباحة داخل المسابح قبل تطبيقها في البحر دون خوف من الغرق، موضحة أن العديد من الأولياء يحرصون على تعليم أبنائهم العوم بتقنياته الأساسية والأصلية لإحدى الرياضات المهمة في الحياة والتي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.
كما تحدثت عن تأثير التجارب السيئة مع السباحة بالنسبة للأولياء، بحيث يركزون على تعليم أبنائهم لتجنيبهم ما عاشوه جراء عدم تعلمهم لهذه الرياضة، فيما هناك فئة تسجل أبناءها كرد فعل مباشر لحادثة وقعت معهم كإنقاذ أحد أبنائهم من الغرق مثلا، ليقرروا في اليوم الموالي تسجيله مباشرة لتمكينهم من الأساسيات التي من شأنها أن تحميه أو على الأقل تساعده في حالات قرب الغرق، مشيرة إلى معاناة الأولياء على الشواطئ وعدم استمتاعهم بالخرجات إلى البحر لتكفلهم بحراسة أبنائهم .
السباحة من أجل العمل
من جانب آخر، نبهت الكوتش إلى نوع آخر من الراغبين في تعلم السباحة والذين قالت إنهم فئة تسعى للحصول على تدريبات خاصة سواء في مجال التلقين أو الإنقاذ مثلا، وذلك للحصول على شهادة مدرب وبالتالي شهادة تؤهلهم للحصول على منصب عمل، مؤكدة أنه تخصص يعتبر جديد نوعا ما في سوق العمل خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يكن مجال تخصصهم الجامعي سباحة أو لم تكن لهم علاقة سابقة بهذه الرياضة من خلال الانخراط في نوادي أو جمعيات معينة.
وتحدثت الكوتش روميسة، عن جملة التخصصات المستهدفة من فئة الشباب خصيصا والمتمثلة في منقذ سباحة، ملقن سباحة، مربي سباحة درجة أولى، درجة ثانية ودرجة ثالثة، إلى جانب مدرب رياضي بدرجاتها الثلاث، وكذا الغوص البحري والغوص الحر.
إعادة التأهيل تنعش المسابح ودعوة عامة للتعلم
من جانب آخر، تحدثت المدربة روميسة عن فئة أخرى من المتدربين، أين قالت أن الغالبية من فئة الكبار المسجلين بالمسابح هم أشخاص قصدوها من أجل إعادة التأهيل، سواء كثقافة منهم ووعي بفوائد ممارسة رياضة السباحة لهم، أو كتجسيد لأوامر الأطباء بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في العمود الفقري أو الحوض، وإعوجاج الظهر وغيرها من الحالات المرضية التي تشكل السباحة رياضة مثالية للتقليل من أعراضها ومنع تطورها.
ووجهت المدربتان نصائح للجزائريين والجزائريات بمختلف أعمارهم دعوة لتعلم السباحة، التي اعتبرتها الكوتش شطيطح، الرياضة الوحيدة التي لا تعترف بعامل السن ويمكن تعلمها في أي سن واكتشاف متعتها.