الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

نسيم حشايشي أول جزائري يتسلّق جبل «إيفرست»: شمــوخ جبـــال بلــدي نمــى بداخلــي حـب المغامــرة

استلهم عشقه للتسلّق من شموخ جبال بلده الجزائر، حيث نمّى بداخله حب المغامرة، ليشق نسيم حشايشي بشجاعة وِديانا وتضاريس، قاصدا أعلى جبال العالم، ليكون الهدف «إيفرست» الواقع في أعماق جبال «الهيمالايا»، والذي وقف عليه كأول جزائري يتحدى عواصفه وثلوجه.

إيناس كبير

انطلقت مغامرة نسيم ثاني أيام عيد الفطر، ملاحقا حلما راوده منذ الصغر بحسب ما أعلمنا به، قاهرا الخوف من العواصف والمخاطر، لأن الهدف اسم تحفره خطوات متأنية شجاعة فوق أعلى جبال العالم، شهر ونصف وسط تجربة مثيرة، وملهمة في الوقت نفسه، يعود منها المغامر بقصص بعضها مرعبة وأخرى قلبت موازين شخصيته وغيرت نظرته للحياة والطبيعة.
روح مغامر تنبعث من جبال الجزائر
أخبرنا نسيم بأنه مارس الفنون القتالية منذ 12 سنة، ثم اضطر للتوقف بسبب مشكلة صحية، بعد تعرضه لجرح على مستوى الظهر، وكان السر في شفائه بحسب ما أعلمه به طبيبه، ممارسة رياضة الجري، يقول إن شوارع الجزائر العاصمة كانت ملجأه، حيث يقطع يوميا نحو خمسة إلى ستة كيلومترات مشيا، العادة التي استرجع معها ذكريات طفولته أين كان يقصد جبال منطقة القبائل موطن أجداده، يحمل في حقائبه الفضول وحب الاستكشاف، الذي خلق بداخله رغبة التعرف على أماكن جديدة، وقال محدثنا إن هذه الصفات هي التي ميزت طفولته، وقد كبرت معه فجعلته عاشقا للطبيعة بجبالها وغاباتها، وبحارها والتمتع بكل تفاصيلها.
ولم ينحصر هذا الشغف في الاستمتاع فقط، بل أصبح نسيم يصوب نظره نحو القمم، ووفقا لما ذكره لنا المغامر، فقد تسلق تقريبا كل جبال الجزائر سواء المتواجدة في سلاسل جرجرة، الأوراس، الونشريس، الهقار وطاسيلي، وسجل أيضا اسمه في قائمة من وصلوا إلى قمة «تاهات أتاكور» أعلى قمة تقع جنوب شرق «الهقار»، والتي يصل ارتفاعها إلى 3000 متر.
ثم أصبح الحلم أكبر بعد أن قرر نسيم عيش هذه التجربة خارج بلده، وكانت 2022 سنة الانجازات الكبرى بالنسبة له، يقول، وذلك بوصوله إلى «قمة كليمانجارو» شهر فيفري، أعلى قمة في إفريقيا الواقعة في «تانزانيا» ويبلغ ارتفاعها 5800 متر، ثم كان في سبتمبر من بين الجزائريين الأوائل الذين خاضوا مغامرة في «الهيمالايا» متسلقا قمة «ميرابيك» في دولة «النيبال» ذات 6500 متر، وفي 19 مارس سنة 2023 انتصر نسيم على أعلى بركان في العالم المعروف باسم «نيفادوس أوخلس ديلسفادو» في «الشيلي» الذي يصل ارتفاعه إلى 6900متر، وأضاف بأن مغامرته الأخيرة كانت شمال دولة الهند عندما تسلق جبل «كونغ يادزي» 6500 متر، وقد وصف هذه التجربة بأنها كانت صعبة للغاية من الناحية التقنية والبدنية، بالمقابل كانت فرصة ليحضر لما هو قادم خصوصا عندما قرر تسلق «إيفرست».
كان تسلق جبل «إيفرست» أكبر من حلم لدى نسيم، بل فكرة تسكن عقله يوميا وتثير حماسه، خصوصا بعد نجاحه في تسلق جبال الجزائر وقمة «كليمينجارو»، ثم مغامرته في جبل «الهيمالايا» التي حولت ذلك الحلم إلى حقيقة عاش كل تفاصيلها.
موعد مع رهبة الطبيعة وسحرها

وقد سرد علينا محدثنا كيف كان يحضر لتجسيد مشروع حياته، بدءا بالبحث عن داعمين، وهو أمر اعتبره مرهقا وأخذ منه الكثير من الوقت، خصوصا وأن الشركات الجزائرية تغيب عنها ثقافة دعم نشاطات تسلق الجبال، ما اضطره للبحث لدى الجالية المتواجدة خارج البلد، ووفقا له فقد استغرق منه ذلك سبعة أشهر.
عرف نسيم ما ينتظره لذلك استغل هذه الفرصة لتحضير نفسه بدنيا ونفسيا وعقليا، حيث أعلمنا بأنه كان يتدرب يوميا على الجري والمشي، والتركيز على تدريب العضلات السفلية، بينما يقضي نهاية الأسبوع في الجبال خصوصا جبال جرجرة أين يمارس الرياضة، فضلا عن اتباعه نظاما غذائيا صحيا ومتوازنا.
وبعد انقضاء هذه الفترة جاء اليوم الذي كان ينتظره بلهفة وبالتحديد يوم 11 من أفريل، حيث عبر قائلا «كان من الصعب أن أترك عائلتي في ثاني أيام العيد، في الوقت نفسه كنت مدفوعا بالرغبة في تجسيد حلمي»، شهر ونصف كانت المدة التي قضاها وسط مغامرته، فوق أعلى جبال العالم، رحلة وصفها بالصعبة والمثيرة في الوقت نفسه، يقول إنه كان على موعد مع مناظر جميلة ومرعبة في الوقت نفسه، هناك حيث رصد بنفسه فخامة الجبال وشموخ الكتل الجليدية، عمق الحفر الثلجية، ولامس جسده في كل ليلة البرد القارص،
كما شاهد كثيرا من العواصف وقد وصف الرياح بأنها كانت عاتية، موضحا بأن سرعتها يمكن أن تصل إلى 150 كلم ما شكل عواصف لا يمكن وصف شدتها، حسبه، كما ذكر لنا بأنه تعرض لانهيار ثلجي خلال مرحلة اجتياز الحاجز الجليدي، وهي حوادث قال إنها كانت تحصل أمامهم بشكل يومي في مناطق قريبة منهم، وهو منظر وصفه بالمرعب والجميل في الوقت نفسه، أما أصعب ما مر به هو تسلق الجليد، حيث أوضح بأن الكتل يمكن أن تنكسر في أي لحظة ويتعرض المغامر للسقوط.
كما أخبرنا عن مشاهد أخرى صعبة ومؤلمة من نقص الأكسيجين، إلى مشاهدة أناس يتوفون وآخرون يتعرضون لجروح، بينما يدبر البقية من هول المشهد، تجربة شبهها بما جسده الفيلم الآيسلندي «إيفرست» بحذافيره لكنها هذه المرة كانت واقعية.
تجربة قاسية ودروس في الحياة
لمس نسيم صعوبات هذه التجربة منذ يومها الأول، وعبّر قائلا «كأنها كانت تنبئني بما ينتظرني»، ومن جملة ما واجهه ذكر لنا صعوبة الجمع بين الحياة المهنية والشخصية، والتحضير للمغامرة، خصوصا وأنه كان يشغل منصب مسؤول موارد بشرية في شركة عمومية جزائرية، ثم صعوبة إيجاد عتاد ملائم على غرار الملابس والأحذية، وصعوبة التخلي عن العائلة، وعندما وصل واجه صعوبة التأقلم مع المناخ والثقافة النيبالية، والتعب والإرهاق، قلة الأكل والنوم، ناهيك عن التفكير في مخاطر الوجهة المقصودة، وصعوبات تقنية متعلقة بالتسلق الجليدي والصخري، غير أن فرحة الوصول محت كل أثر اعتراه في السابق، يقول «خالجني شعور إلى حد اليوم لا أجد كلمات تصفه، كان مزيجا من الفرحة والامتنان لله والانبهار بالمناظر الخلابة التي جعلتني لا أستطيع تصديق تواجدي وسطها».

وعلى قدر الهمة وما واجهه، خرج بفوائد ودروس جمة خصوصا على الصعيد الشخصي، وبحسبه، فإن الإنسان يجب أن يكافح من أجل أهدافه، فضلا عن أن إيمان الشخص بنفسه يصنع المعجزات، وأردف بأن هذه التجربة تنعش العقل وتساعد الإنسان على الاستمتاع بالطبيعية واستنشاق هواء نقي ما من شأنه أن يغير نفسيته ويعدل مزاجه.
فيما أكد لنا المغامر بأن الشخص الذي يريد ممارسة هذه الرياضة يجب أن يتحلى بروح الكفاح والمقاومة، ويبذل كثيرا من الجهد، فضلا عن الاعتماد على الاهتمام بالجانب السيكولوجي أكثر من البدني، وامتلاك لياقة بدنية عالية يتحصل عليها من ممارسة الرياضة بانتظام خصوصا المشي يوميا، مضيفا إلى جانب هذا امتلاك مهارات تقنية لا بأس بها في التسلق، وتعلم أساسيات السلامة واستخدام المعدات.
اكتشفت سحر المناطق الجبلية وجمال سكانها
كانت الجزائر عبارة عن مساحة من الألغاز بالنسبة لنسيم، هناك حيث اكتشف بلدا مليئا بالمناظر الخلابة والأماكن السياحية الجميلة، واعتبرها بأنها يمكن أن تكون واحدة من الدول الرائدة في مجال السياحة إذا ما تم استغلال مواردها الطبيعية بشكل صحيح، كما تعرف على جمال روح قاطني المناطق الجبلية وطيب أخلاقهم خصوصا من ناحية الجود والكرم وحسن الاستقبال، واستمتع ببساطة عيشهم.
من جهة أخرى تأسف للحالة التي آلت إليها كثير من المناطق السياحية في الجزائر، حيث أخبرنا بأنها تعاني من المحو بسبب الزحف العمراني، وقد وقف على عدة أماكن هُدمت واستبدلت بمنازل وأخرى طغى عليها الاسمنت المسلح، ناهيك عن خطر التلوث. إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com