أصبح العزف الفردي خدمة مطلوبة في الأعراس، وتحول لموضة لإضفاء لمسة جديدة على مراسيم إحياء حفلات الزواج والخطوبة وعقد القران، في أسلوب احتفالي جديد بدأ محتشما في السنتين الأخيرتين، ليلقى نوع من الاهتمام ببروز أسماء شابة ودخول الجنس اللطيف على الخط.
أسماء بوقرن
تعكس صور وفيديوهات حفلات الخطوبة والأعراس ومراسيم عقد القران، التي ينشرها مختصون في التصوير الفوتوغرافي، عبر صفحاتهم المهنية على إنستغرام، إدراج بروتوكول احتفالي جديد، لم يكن موجودا في السابق وبدأ في الظهور في السنتين الأخيرتين، يتمثل في إحياء إحدى مراسيم الزفاف بالعزف الفردي على آلة الكمان، فنجد فيديوهات توثق لعقد قران على الطريقة التركية، كما قام به أحد صناع المحتوى بقسنطينة، والذي قام بعقد قرانه في الهواء الطلق على مستوى إحدى المسابح الخاصة بالمدينة، وعلى نوطات موسيقية بأنامل الشابة مروة شكيرب، وهي من بنات قسنطينة اللواتي اخترن مجالا جديدا للعمل، ونجحت في شق طريقها، حسب ما يعكسه محتوى حسابها على إنستغرام وما قالته للنصر.
الفيديوهات الموثقة على حساب مروة شكيرب، توثق للمناسبات التي أحيت جزءا من مراسمها، وتتعلق في الغالب بمراسيم الخطوبة وتقطيع الحلوى ودخول العروسين لقاعة الزفاف ثم مراسيم عقد القران بدرجة أقل، كذلك فترة تناول وجبة الغذاء أو العشاء، حيث يجول العازف بكمانه بين طاولات المدعوين ليعزف أجمل المقطوعات الموسيقية، وهو ما بدا جليا عبر صفحة الموسيقار القسنطيني نجيب سدراتي، الذي يعد أول من وضع الخطوات الأولى في هذا الميدان بقسنطينة، ونجح في الترويج لخدمته وانضمام شباب منهم من تتلمذوا على يده، واختار ممارسة نشاطه خارج الوطن، وهو الشاب أحسن، المقيم حاليا في فرنسا أين يمارس هوايته في العزف على آلة الكمان ويشارك في إحياء حفلات الزفاف والمناسبات والحفلات ويشارك خدمته عبر حسابه على انستغرام، كما يروج لنشاطه بتصوير فيديوهات في شوارع باريس وفي المطاعم، ويقدم مقاطع ثنائية وثلاثية رفقة عازفين أجانب على آلة ساكسفون، ويعد من تلاميذ الأستاذ نجيب الذين سلكوا نهج العزف الفردي.
* مروة شكيرب عازفة على آلة الكمان
تعلمت العزفة كهواية فتحول إلى مهنة ثانية
مروة شكيرب، شابة في 26 سنة من العمر، متخرجة من المدرسة العليا للأساتذة، تخصص لغة إنجليزية، من الشابات الأوائل اللواتي أطلقن خدمة العزف الفردي، تقول للنصر بأنها لم تكن تعتقد أن عزفها على آلة الكمان في أوقات فراغها بالمدرسة العليا سيقودها لمجال لم تكن تفكر في ولوجه.
نشأت مروة في عائلة تتذوق الموسيقى وتجيد العزف على آلات موسيقية، على رأسها والدها الذي يجيد العزف على المندولين، حيث تهذب سمعها على النوطات الموسيقية منذ الصغر، فالتحقت بالمعهد الموسيقي في سن 14، حينها باشرت تعلم قواعد الموسيقى وبدأت أناملها تداعب أوتار الآلات، لتنهي تكوينها على مستوى المعهد بعد سنتين من الدراسة النظرية والتطبيقية، فتعطشها لاكتساب مهارات أكثر في المجال الموسيقي جعلها تلتحق بجمعية نسائم الأنس بقسنطينة سنة 2019، ثم بمعهد الموسيقى أين تعلمت العزف على العود الشرقي والكمان، فيما كانت تواصل دراستها على مستوى المدرسة العليا تخصص إنجليزية، أين كانت تقضي وقف فراغها في العزف على الكمان، وكانت حينها تستقطب أسماع مهتمين، إلى أن استوقفها في إحدى المرات أحد الطلبة، وطلب خدمتها لاحياء حفل خطوبة أخته، تلبية لرغبتها، وهو ما تحقق بعد أن لبت الطلب، لتشكل انطلاقة فعلية في هذا المجال.
تقول مروة، أن إحياء أول حفل كان بمثابة خطوة مهمة أعطتها حافزا لوضع اللبنات الأولى لمشروعها في هذا المجال، بعد أن كانت مترددة لكون الخدمة جديدة، ومجال لم يسبق وأن اقتحمته نساء، ما جعلها تتردد في البداية قبل أن تقرر، نتيجة الطلبات التي استقبلتها بعد أول مشاركة في إحياء خطوبة شابة، ليشكل المقطع الملتقط حينها مادة ترويجية لحسابها المهني على انستغرام، لاقت تفاعلا لتتفاجأ بعدها بحجم الطلب على خدمتها.
تشير مروة، إلى أنها توقفت عن تقديم خدمة العزف الفردي بعد أول تجربة لها في العزف الفردي في مناسبة عائلية، بسبب سفرها المتكرر خارج الوطن، فكانت آخر وجهة تزورها قطر، أين زارت مدينة قطرة المعروفة بالفن، حينها التقت بموسيقيين أحدهم كان من بين المشاركين في حفل افتتاح ألعاب كأس آسيا شهر جانفي، وأتاح لها فرصة المشاركة في الحفل، لتكون من بين العازفيين اللذين أحيوا حفل الافتتاح، حينها تلقت عرضا بالبقاء هناك غير أنها فضلت العودة لأسباب عائلية، لتبعث نشاطها مجددا بقسنطينة، فأحييت حفل زفاف شهر جوان المنصرم، لتتهاطل بعدها الطلبات على خدمتها، آخرها إحياء مراسيم عقد قران صانع المحتوى رابح «أنا وجدتي»، ولها طلبات كثيرة تتعلق بالعزف أثناء فترة تناول الغذاء والعشاء وعند دخول العروسين للقاعة وتقطيع الحلوى.
وأكدت محدثتنا، بأن هناك طلبا كبيرا خاصة من قبل المقبلات على الزواج، اللواتي يبحثن عن أشياء جديدة تختلف عن البروتوكولات الاحتفالية المعهودة، لتوثيق لحظات الفرح بمراسيم مختلفة، موضحة بخصوص الأسعار بأنها تختلف باختلاف نوع الخدمة، فالعزف أثناء احياء عقد القران يتراوح بين 8 آلاف دينار و 10 آلاف دينار، و 20 ألف دينار عند الاشراف على مراسيم دخول العروسين للقاعة وتقطيع الحلوى ولبس الخواتم ورقص العروسين، مردفة بخصوص مساحة النشاط بالقول بأن الطلبات تصلها من مختلف الولايات غير أنها تلبي طلبات الولايات الشرقية فقط.
* أستاذ الموسيقى والعازف نجيب سدراتي
شجعت طلبتي على تقديم خدمة العزف الفردي
من جهته يقول نجيب سدراتي، أستاذ موسيقى وموزع موسيقي ومن الأوائل بقسنطينة الذين شقوا طريقهم في مجال العزف الفردي، بأن انخراط شباب وحتى شابات في هذا الميدان، يدل على نجاح تجربته التي تعد الأولى بقسنطينة، بعد أن فضل التخلي عن هوايته الأولى في الغناء وسلك مسار الأوتار الموسيقية التي شهرت اسمه في مجال العزف الفردي وشجعت شباب على الانضمام، من بينهم يقول طلبته الذين نهلوا من تجربته وتتلمذوا على يده.
محدثنا، الذي فضل دخول أفراح العائلات عازفا على غناء الملوف، قال بأن احترافه العزف على العود العربي القسنطيني، نتيجة تعلم العزف عليه منذ أن كان في سن 14، إلى جانب تمكنه من العزف على العود الشرقي وكذا على آلة الكمان، موضحا بأن عشقه وتعلقه بلحن الأوتار ووقع النوطات الموسيقية جعله يفرض مكانته ويلبي طلب محبي الموسيقى ويحقق الانتشار ويشكل حافزا للراغبين في ولوج المجال، موضحا بأنه كان سببا في تأسيس تلاميذه مشاريع في ذات المجال، من بينهم التلميذ أحسن الذي فضل السفر خارج الوطن لتجسيد مشروعه ومروة التي اختارت ولايتها لتوسيع نطاق الخدمة أكثر.
نجيب نجح في بلوغ مبتغاه، وهو نشر فكرة العزف الفردي وحجز مساحة له في الأعراس الجزائرية، ومشاركة العائلات أفراحها حيث يتلقى طلبات كثيرة تتضاعف في موسم الأفراح، وتصله من مختلف ربوع الوطن، حيث أصبحت ثقافة العزف الفردي غير متمركزة في مناطق معينة من الوطن.