حذّر مختصون في علم الاجتماع والسلامة المرورية، من ارتفاع منحى حوادث المرور وبلوغه مستوى مخيفا جدا، وتطرقوا لعدة عوامل تقف وراء الظاهرة التي يتسبب فيها العنصر البشري بالدرجة الأولى، بسبب غياب الوعي ونقص الالتزام والثقافة المرورية الواجب إدراجها حسبهم، في المقرر الدراسي كبيداغوجيا للعب تترسخ في الأذهان، كما يقترحون العمل بالتكنولوجيا المدمجة لمراقبة حافلات نقل المسافرين وشاحنات نقل البضائع.
أشارت حصيلة حوادث المرور التي قدمتها مصالح الأمن الوطني، منذ يومين، إلى ارتفاع متواصل في منحى الحوادث مع تزايد عدد الضحايا الذين يفارقون الحياة بشكل يومي عبر طرقات الوطن، وسجلت ذات المصالح 385 حادث مرور جسماني على مستوى المناطق الحضرية خلال الفترة الممتدة من 13 إلى 19 أوت 2024، أسفرت عن وفاة 14 شخصا وجرح 518 آخرين، بارتفاع قدره 18 حادثا و56 جريحا و 4 وفيات في ظرف أسبوع.
وكشفت ذات المصادر، أن الأسباب ترتبط بالدرجة الأولى بالعنصر البشري بنسبة تفوق 94 بالمئة، وهذا نتيجة عدم احترام قانون المرور، وعدم التقيد بمسافة الأمان، والإفراط في السرعة، والإرهاق وعدم التركيز عند السياقة، إضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بالمركبة.
* أستاذة علم الاجتماع الدكتورة نجوى عميرش
التنشئة المرورية سبيل للحد من الحوادث مستقبلا
ربطت أستاذة علم الاجتماع الدكتورة نجوى عميرش، تسجيل أرقام مرعبة لحوادث المرور بعوامل كثيرة متعلقة بالعامل البشري والتنشئة الاجتماعية، وبطبيعة أفراد يفتقرون حسبها للوعي الكافي ولا يعيرون قيمة للوقت و يعتبرون السرعة حلا لمشاكل التأخير، كما لا يتحرجون من ارتكاب المخالفات و التهور في السياقة.
يحيل الحديث عن الثقافة المرورية وأخلاقيات السياقة حسب الأستاذة عميرش، إلى موضوع الوعي بالدرجة الأولى، و تدل كثرة الحوادث المسجلة عن غيابه لدى كثير من الأفراد في رأيها ويتضح ذلك من خلال تعريض الحياة للخطر بسبب السرعة المفرطة والتجاوزات ومختلف التصرفات المتهورة التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وإصابة ضحايا بإعاقات مختلفة.
وبتحليل منحى التصاعد في حوادث السير اجتماعيا، تذكر الأستاذة نجوى عديد الأسباب، بداية بعدم إيلاء أهمية للوقت والالتزام بالمواعيد، فيوقع البعض في فخ التهور وارتكاب تجاوزات خطيرة تؤدي إلى حوادث مأساوية.
وتتمثل التصرفات غير المسؤولة حسبها، في عدم احترام إشارات المرور، وعدم إعطاء الطريق حقه، واستسهال عملية السياقة، زيادة على السياقة بدون رخصة والسماح لمراهقين باستعمال السيارة دون التمرن والمرافقة أثناء السياقة، مردفة بأن نسبة كبيرة من الحوادث سببها شباب في مقتبل العمر.
وتعكس طبيعة السياقة حسب عميرش، شخصية الفرد كما تعبر عن مستواه العلمي، لهذا فالإنسان المتعلم من المفروض أن يكون قدوة في الوعي وفي السلوك الذي ينعكس على أسلوب التعامل وحتى طبيعة السياقة التي تعكس شخصية الفرد ومستواه الثقافي.
و قالت، إن إدراج الثقافة المرورية في المقرر الدراسي منذ سنوات التعليم الأولى حتمية وعملية وجب تعجيل تفعليها، لأن السياقة المتزنة حسبها، سلوك يغرس في الإنسان منذ الصغر ليتعود عليه ويصبح أسلوب حياة وأمرا بديهيا، وذلك من خلال تعليم الصغار والتلاميذ تحديدا، ثقافة الطريق عبر بيداغوجيا اللعب ليكتسبوا الوعي والأسلوب.
واقترحت أن يخضع التلميذ في فناء المدرسة لحصص تطبيقية ترسخ الوعي المروري لديه وتضبط أسلوبه في التعامل أثناء السياقة، مع تكثيف حملات التحسيس ووضع معايير مضبوطة لتخطيط الطرقات.
* رئيس جمعية السلامة المرورية لولاية قسنطينة منصف بن عطاء الله
التكنولوجيا المدمجة قد تساعد على ضبط نشاط السائقين
من جهته، قال رئيس جمعية السلامة المرورية بقسنطينة، منصف بن عطاء الله، بأن أرقام حوادث المرور في تزايد مخيف، بدليل حصيلة الأسبوع الأخير الذي عرف زيادة في عدد الحوادث بـ 18 حادثا مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، كما تشير حصيلة الستة أشهر من السنة الماضية إلى وفاة 3328 شخصا، وإصابة 33 ألفا 995 آخرين، يعاني ثلث منهم إعاقات نسبية وكاملة، كفقدان البصر والمشي وانعدام التوازن، فيما بلغ عدد الحوادث في هذه المدة 24 ألفا و 751 حادث مرور .
يبقى العنصر البشري المتسبب الرئيس في الحوادث حسب المتحدث، على خلفية التهور ونقص الخبرة، فيما تشكل مناصفة المركبة والمحيط ما نسبته 10 بالمئة، مردفا بأن المتسببين في الحوادث عادة ما يبررون ما اقترفوه بالتعود على السرعة المفرطة وعدم القدرة على ضبط النفس ونقص الوعي الكافي أثناء السياقة، فيما يجهل بعض السائقين حتى المسار الذي يسلكونه ما يؤدي لعواقب وخيمة.
ودعا محدثنا، إلى إدراج بعض المواد التي تعنى بالثقافة المرورية في المقررات الدراسية لتثقيف الفرد في مراحل عمرية أبكر قصد التقليل من معدل الحوادث مستقبلا
و تحدث رئيس جمعية السلامة المرورية لولاية قسنطينة، عن تعليم السياقة النفسية المرتبطة بسلوك الفرد وكيفية ضبط ردود أفعاله، ناهيك عن وضع أجهزة مراقبة على مستوى شاحنات نقل البضائع وحافلات نقل المسافرين، التي تتسبب في كثير من الحوادث، لمراقبة أوقات العمل في المسافات الطويلة التي يمنع أن يتجاوز السائق فيها مسافة سير 600 كلم دون توقف، لتجنب فقدان التركيز والسيطرة على المركبة، مع ضرورة التكوين للحصول على شهادة الكفاءة في السياقة، تمنح للمؤهلين الذين تتوفر فيهم الشروط، وتشديد الرقابة على سائقي الدراجات النارية المتسببين في نسبة كبيرة من حوادث السير.
أ بوقرن