يمتهن بشير عبد المومن ابن ولاية تبسة، تربية الإبل منذ 34 سنة، حيث يمتلك مزرعة خاصة بمنطقة واد إسماعيل ببلدية بئر العاتر، أين يمارس نشاطا بدأه وهو صغير جدا
و ورثه عن أجداده، رافضا التخلي عن المجال رغم تطور الحياة وظهور أنماط نشاط مختلفة، مع ذلك يفضل الاستثمار في حيواناته و بيع حليبها.
عبد العزيز نصيب
أوضح بشير خلال حديثه للنصر، أنه يملك 20 ناقة كبيرة، يقوم برعيها ورعايتها، معتمدا في غذائها على العلف في أغلب الأحيان، مع ضمان سقيها باستمرار رغم صعوبة توفير ما يكفي من الماء في المنطقة الريفية النائية التي يعيش فيها، وقال إن تلبية حاجة الإبل من المياه تتطلب منه اقتناء صهاريج كبيرة بشكل دائم حتى يضمن أن لا تشح هذه المادة الحيوية في مزرعته الصغيرة، علما أنه يملك رخصة لحفر بئر لكن إمكانياته المادية لا تسمح بذلك.
يسوق الحليب لكل الولايات
يقول محدثنا، إن بداية دخوله لهذا العالم الذي يبدو قديما وبدائيا نوعا ما، تعود لسنوات الطفولة فقد ولد في بيئة زراعية، و كان محبا لتربية الحيوانات الأليفة ويتذكر جيدا أن بدايته مع الجمال والإبل كانت تجارية، حيث باشر نشاطه في مجال البيع والشراء، و قد كانت المهنة وما تزال إلى يومنا مصدر رزقه الوحيد، رغم أنه تحول قبل مدة إلى إنتاج حليبها بكميات كافية و تسويقه في الولاية وخارجها.
يقوم بشير، بحلب نوقه مرتين في اليوم، خلال فترتي الصباح والمساء، ويجمع ما يعادل 15 لترا من الحليب يوميا، ثم يتنقل به إلى مدينة بئر العاتر، على متن دراجته النارية التي يجوب بها أحياء المدينة لبيعه لزبائنه، بل أصبح بشير معروفا حتى على مستوى بعض ولايات الوطن، أين يقوم بتسويق الحليب في ولايات عنابة و خنشلة وقسنطينة و قالمة، وينتقل به حتى إلى الجزائر العاصمة أحيانا، أين أكد أنه يجد إقبالا كبيرا.
ورغم صعوبة التسويق، إلا أنه لا يتأخر في تلبية احتياجات الزبائن من خلال تزويدهم بالكميات التي يحتاجونها من الحليب عن طريق التوصيل بالحافلات كما أوضح، مشيرا إلى أن لهذا الحليب فوائد كثيرة ولذلك يكثر الطلب عليه، كما يستخدمه حرفيون كذلك في إنتاج بعض الأجبان وأنوع من الصابون.
له استعمالات علاجية
يؤكد محدثنا، أن الإقبال على استعمال حليب النوق، عرف تزايدا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وذلك بعد أن اتضحت استعمالاته العلاجية
و أكد مختصون أنه مفيد جدا لتغذية الجسم و تقوية المرضى، كما أنه مفيد بشكل كبير لمن يعانون من القولون العصبي وهو ما يخبره به زبائنه في كل مرة.
مضيفا، أن حليب الناقة له مواصفات خاصة، حيث يمتاز بصفائه ولونه الأبيض الكثيف، ويجمع مذاقه بين الحلو و الحاد والمالح، وذلك بحسب عمر الناقة الحلوب ويمتاز الحليب الطازج بالسخونة، حيث ترتفع فيه الرغوة، وعلى الرغم من عزوف البعض عن شربه، إلا أن هنالك فئة ليست بالقليلة على حد تعبيره، تستهلكه بشكل يومي طلبا لفوائده الصحية.
قال بشير، إن الكمية المنتجة من الحليب تتفاوت يوميا،حيث توجد إبل لديها قدرات كبيرة على إنتاج ما يعادل 20 لترا في اليوم الواحد، في حين أن متوسط الإنتاج اليومي للنوق من الحليب يصل إلى 8 لترات تقريبا في المراعي الطبيعية، مشيرا إلى أنه يعمل جاهدا لتوفير طلبات الزبائن، ولهذا يسعى لشراء نوق أخرى، حتى يتمكن من تلبية طلبات المستهلكين المتزايدة للحصول على حليب الجمال والإبل، أما عن سعر اللتر الواحد، فأوضح أنه يقدر بـ 400 دينار جزائري، وهو مناسب جدا مقارنة بالجهود الكبيرة للاعتناء بالجمال وتربيتها وتغذيتها الصعبة.
تراجع الاهتمام بتربية الإبل
و يرى مقابل ذلك، أن تربية الإبل لا تكلف مربيها مصاريف كثيرة، فالإبل تعتمد في غذائها على الأشواك والحلفاء، رغم مشكل المياه الذي يطرح بقوة خصوصا في المناطق الجافة من الولاية.
ويؤكد محدثنا، أنه رغم كل التحديات مصر على مواصلة تربية الإبل وزيادة عددها إذا توفرت المساعدات وفي مقدمتها إمكانية توفير الماء في المنطقة، خصوصا وأن ذلك من شأنه أن يبعث نشاط الرعي الذي تراجع بشكل كبير، موضحا أن عدد الجمال كان يصل قبل سنوات إلى 3 آلاف رأس على مستوى بلدية بئر العاتر، ومع مرور الوقت تقلص إلى أقل من 1000 رأس فقط.