الجمعة 4 أكتوبر 2024 الموافق لـ 30 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

أبدوا إعجابهم بالحرف والعادات المرتبطة بها: سياح في رحلة بحث عن تاريخ صناعات تقليدية جزائرية

تشكل الصناعات التقليدية، رافدا مهما من روافد السياحة في بلادنا، فإبداعات الحرفيين تغازل القلوب و تثير الفضول، وهو ما تؤكده حرفيات من قسنطينة، يشاركن هذه الأيام، في معرض بأحد الفنادق بوسط المدينة أين يقدمن لزوار المكان ونزلائه عينة مما تبدعه أناملهن، مشيرات إلى أن أجانب من دول عديدة زاروا الولاية مؤخرا، وأبدوا إعجابهم بالصناعات التقليدية التي تجمع بين روح العراقة والقدرة على التطور، كما تساءلوا باهتمام عن تاريخ بعض الصناعات، ومكانتها في عادات وتقاليد المجتمع الجزائري على غرار التقطير، وصناعة الصابون البلدي.
قفزت "الصنعة" من وظيفة تحقيق ربح مادي لصاحبها، إلى إبراز تاريخ المنطقة وعادات وتقاليد سكانها، وهو الحال مع مختلف الحرف الجزائرية التي تحكي تفاصيل من يوميات أفراد المجتمع عبر مراحل تاريخية مختلفة.
وبالإضافة إلى استئناس الفرد بالطبيعة وتغنيه بها، خصوصا وأنها كانت مصدر رزقه وغذائه، فقد كانت تذر غنائم لنسوة أيضا استخدمنها في تحضير مواد تجميلية للبشرة والشعر، أكسبتهن نضارة وبهاء، فضلا عن استخدام مواد أخرى في المطبخ فنجد المرأة تطبخ بأوان خشبية، وتضيف منكهات من الطبيعة لأطباقها وحلوياتها كالماء المقطر.
هي تفاصيل ترويها حرفيات بحنين يضعنه في قطعة صابون، أو قارورة ماء زهر أو ورد، لا يستطيع السائح مقاومة إغراء رائحته فيتجرع قطرات منه، وهو ما حدثتنا به نوال حرفيات مشاركات في معرض للحرف بفندق بوسط المدينة، قلن إنهن سفيرات للثقافة وأن كل رواق عرض هو صفحة في فهرس الصناعات التقليدية الجزائرية.

صناعة الصابون التقليدي تستهوي الأجانب

حدثتنا رانيا، مسؤولة مبيعات لدى علامة متخصصة في صناعة الصابون التقليدي والزيوت النباتية، عن توافد سياح أجانب على طاولة العرض مبدين اهتمامهم بهذه الحرفة، التي عبرت بأنها تعد جزءا من التراث التقليدي للجزائر، وقد انتقلت من جيل لآخر وتطورت مع مرور الوقت مردفة، بأن سائحا إيطاليا زار طاولتها خلال تواجدها بالمعرض، حدثها عن ثقافة صناعة الصابون التقليدي في موطنه، والاهتمام الكبير الذي تحظى به، حيث يقف الزبائن في طوابير للحصول على هذا المنتج.
قالت الشابة، إن زوار المعرض من سياح أجانب يهتمون جدا بهذه الشعبة التجميلية، ويملكون في الغالب معلومات وافية عن المنتجات التقليدية، وأرجعت ذلك، إلى انتشارها في حضارات كثيرة، وعلقت: "لو نتحدث عن الملكة المصرية "كليوباترا" على سبيل المثال، نجد أن سر جمال بشرتها مستوحى من عناصر طبيعية، كحليب الآتان الذي كانت تستحم هو الذي نصنع منه الصابون اليوم".
كما أشارت، إلى أنه يعد أغلى صنف في العالم لأن "الآتان" ينتج بندرة، لذلك فإن ثمنه باهض، كما عُرف أيضا في سوريا قديما بصابون حلب المعطر برائحة ورق الغار، وكلاهما مكون مفيد ومغذ للبشرة.
و"الصابون البلدي" عُرف في الجزائر حسبها بـ"صابون لمسلمين"، واشتهر في كل بلدان شمال إفريقيا، وقد كانوا يأخذونه معهم إلى الحمامات التقليدية ويستخدمونه لتنظيف بشرتهم ونزع الجلد الميت عنها، وهي قصص ترتبط بحرفة صناعته و تستهوي السياح كثيرا.

قصص تثير الفضول

تُحدِث رانيا، سياحا عن جمال المرأة الجزائرية وتكشف لهم كما قالت سر حفاظها على نظارة بشرتها، عندما تصف لهم طبيعة الصابون البلدي و كيف يصنع يدويا و باستخدام منتجات الطبيعة، وتشير إلى أنها تعتبر دردشتها البسيطة مع بعضهم فرصة للترويج لما تزخر بها الجزائر من عادات وخيرات.
وذكرت أنها، تحكي لهم عن بساطة أسلوب الحياة قديما، والاعتماد على عناصر طبيعية سواء في المطبخ أو صناعة الأواني أو العلاج، معلقة "أخبرهم أننا نملك منتجات طبيعية مهمة خصوصا ما تعلق بمستحضرات العناية بالبشرة والشعر، وأحدثهم عن العادات والتقاليد ذات الصلة كالاعتماد على "طْفُلْ" و"الودعة" مثلا لاستخراج منتجات طبيعية ذات فعالية مهمة، وأشير دائما إلى كل ما تزخر به أرضنا من خيرات".
وعلقت : "أؤكد دائما أن النساء الجزائريات كن عبقريات طوعن الطبيعة لصالحهن و لخدمة جمالهن"، مضيفة أنها تدرك دور الصناعات التقليدية في خدمة الحركية السياحية، لأنها تساهم في التعرف على ثقافة الآخر وعاداته.
لاحظنا خلال تواجدنا أمام طاولة العرض التي تشرف عليها الشابة أشكالا مختلفة وملونة من الصابون على هيئة صدف بحر، فراشات وأزهار وغير ذلك، كما توفرت قطع كبيرة متعددة الألوان، وتوفر نوع من الصابون اللزج الخالي من كل الإضافات، سألنا رانيا عن مختلف الأنواع المعروضة، فأوضحت بأنها من صنع أنامل حرفية مسنة تبلغ من العمر 85 سنة، اسمها شريفة دباح، وهي سيدة قسنطينية لا تزال محافظة على الوصفات التقليدية في صناعة الصابون، فضلا عن الطريقة اليدوية في عملية التصنيع.
و أكدت لنا الشابة، بأن كل محاولاتها معها لاستخدام وسائل جديدة قد باءت بالفشل، إذ تصر على اتباع الطريقة التقليدية رغم كبر سنها والوقت والجهد الذي تأخذه منها هذه الصنعة، وأخبرتنا مسؤولة المبيعات، بأنها تملك طقوسا خاصة في تحضير الصابون، حيث تباشر عملها على الخامسة صباحا إلى ساعات متأخرة من الليل، وعندما تلتقي مع موادها تغلق الهاتف تستسلم للروائح الزكية التي تنبعث من الزيوت الطبيعية، وبعيدا عن أي ضجيج أو تشويش، تطبخ الخلطة في حمام مائي وتنتظر لساعات دون ملل، ثم تفرغ المزيج في قوالب، توزعها على طاولة بطول أربعة أمتار و تنتظر صابونها ليتماسك، لتنتزعه من القالب، علما أنها تركز جيدا في كل تفصيل صغير، حتى تكون كل المقادير مضبوطة للحصول على منتج صحي و جميل في نفس الوقت.
ومن الزيوت التي تُضاف إلى الصابون ذكرت محدثتنا، زيت "الآرغان" المفيد للبشرة الجافة، النعناع الذي ينعشها، وكذا زيت جوز الهند.

سياح يجربون الماء المقطر

من جانبها قالت نوال، حرفية مختصة في التقطير، بأن سياحا أجانب زاروها، يدفعهم فضول كبير لمعرفة ما تحتوي عليه قاروراتها الزجاجية المغلفة بعناية، مضيفة بأنهم جربوا بعضا من منتجاتها، وتفاجؤوا عندما حدثتهم عن تقطير بعض الأنواع من الأعشاب التي ما كانوا يعلمون بفوائدها على غرار النعناع، والزعتر والشيح، كما اكتشفوا أيضا لذة القهوة المنكهة بماء الزهر، وهي عادة قسنطينية قديمة، و أخبرتنا بأنهم اشتروا كميات منه لذات الغرض.
وتحكي الحرفية للسياح، عن عادة التقطير التي تشتهر بها ولاية قسنطينة، دون أن تغفل عن ذكر عادات أخرى ترافقها، كما لاحظنا بأنها تضع آلة تقطير نحاسية صغيرة فوق الرفوف، فضلا عن قوارير تقليدية مثل "المغلفة"، وقد أخبرتنا بأنها تستخدمها لتشرح لزوارها طريقة التقطير وأدوات العملية، وأردفت بأنهم يستمعون باهتمام كبير إلى كل ما تقوله، وقد أبدى بعضهم رغبة في تعلم أسرار العملية و معرفة المزيد عن العادات والتقاليد و الحرف المحلية.
أخبرتنا كذلك، بأنها تشارك في المعارض الحرفية على اختلافها لأجل توفير دخل، ولغرض الترويج السياحي كذلك، علما أنها تشتغل في المجال منذ ثماني سنوات، مدفوعة بإعجابها بهذه العادة التي كانت منتشرة في عائلتها، ثم طورت نفسها وسجلت في دورات تكوينية، لأن الحفاظ على العادات التقليدية وعصرنتها مهمة الشباب كما قالت.
ويساهم احتكاك حرفيين بزوار من مختلف الثقافات، في تطوير مهاراتهم حسب ما علمنا من محدثتينا، لأن ذلك يثري معلوماتهم وثقافتهم، مثل تعلم اللغات ومهارة التواصل، وأيضا البحث في مجالات عديدة، على غرار الصحة و الجمال، وذلك لإقناع زبائنهم بمنتوجاتهم وإفادتهم، وقد أخبرتنا نوال، بأنها تحصلت على معلومات عديدة في مجالها من خلال تواصلها مع مختصين وسياح، قائلة: "عرفت على سبيل المثال، بأن التونسيين يضيفون "العطرشة" إلى حلوياتهم، كما قدم لي طبيب لبناني معلومات مهمة عن عشبة "الشيح".
إيناس كبير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com