السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق لـ 21 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

طلبة يفضلون التكنولوجيا وموظفون يحينون شهاداتهم: التكوين في المهارات الرقمية لمواكبة سوق العمل

تغيرت احتياجات سوق الشغل بفعل تأثير التطور الرقمي، الذي يظهر في بحث شركات ومؤسسات اقتصادية عن كفاءات تملك مهارات إلكترونية، وقد مست شرارة هذه الثورة الطلبة كذلك، الذين باتوا يفضلون تخصصات دراسية حديثة تكيفا مع متطلبات سوق العمل، وهو ما دفع موظفين إلى الاعتماد على التكوين الخارجي للتكيف حفاظا على وظائهم خصوصا وأن الخبراء يتحدثون عن احتمالات فقدان 40 بالمائة من الوظائف الحالية بسبب التكنولوجيا.
أكثر التخصصات طلبا
وإلى جانب الشهادة الأكاديمية، أصبحت الشهادات التي تعترف بإتقان الفرد لمهارات مختلفة مطلوبة أيضا في سوق العمل، وذلك لأجل مواكبة التطورات التي مست عديد الجوانب تماشيا مع ثورة المعلومات الحديثة.
ومن أبرز التخصصات التي زاد البحث عنها والإقبال على تعلمها، وفقا لاستطلاع شمل عينة من الطلبة والموظفين إلى جانب أكاديميات تدريبية بولاية قسنطينة، تأتي دورات التحكم في مواقع التواصل الاجتماعي، والبرمجة والتسويق الرقمي في المرتبة الأولى، متبوعة بالتصوير الفوتوغرافي، والتصميم الجرافيكي الذي تشجعه التجارة الإلكترونية، إلى جانب إتقان كتابة المحتوى الإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي بما يتماشى مع ما تطلبه الخوارزميات، فضلا عن إدارة حسابات المؤسسات وحتى المحلات الكبيرة.
ومن خلال حديثنا مع عينات من أفراد المجتمع طلبة وموظفين، توصلنا إلى أن تفكير المجتمع ونظرته إلى العمل تغيرت أيضا، خصوصا بعد التنافسية التي خلفتها المهارات الجديدة سواء للحصول على عمل، أو للحفاظ على منصب، فبعد أن كان هدف الأفراد مصوبا نحو المردود المالي، أصبح التفكير اليوم مرتبطا أيضا بالحفاظ على مكانة الإنسان في مختلف المجالات والوظائف، إذ بات من السهل استبداله ببرنامج ذكاء اصطناعي، أو آلة ذكية تؤدي المهام نفسها في وقت قصير وبجهد أقل.
شهادة أكاديمية مع تكوين في سير ذاتية لجامعيين
يقول محمد، صانع محتوى في مجال الاقتصاد، وخريج كلية العلوم الاقتصادية والمحاسبة، بأن الدورات التعليمية كانت ملجأه الوحيد لتعلم مهارات مثل «التصميم الجرافيكي، و المونتاج، والتسويق الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن كتابة المحتوى الإعلاني» خصوصا في ظل شح الكتب والمصادر المكتوبة، ناهيك عن صعوبة الحصول عليها، لذلك فقد وجد ضالته في «يوتيوب» ومواقع إلكترونية مثل «كورسيرا» و»يوديمي» ومنصة رواق للتعلم الافتراضي، وهو ما اعتبره بمثابة كنز لأي شباب طموح، يمكن استغلاله في تطوير المهارات وصقلها وبناء قاعدة من المعارف.
ويضيف الشاب، بأن المجالات التي تعلمها متنوعة ومتشعبة بحد ذاتها، إذ تتفرع لأبواب أخرى أكثر تخصصا، وهو ما يسمح حسبه، بتوظيفها في البحث عن العمل، حيث يمكن إضافتها كمهارات ونقاط تميز في السيرة الذاتية، مردفا بأنها تزيد فرص الحصول على وظيفة مناسبة سواء في مجال التخصص، أو في هذه المهارات بحد ذاتها.
وقد توجه محمد إلى هذه الدورات التكوينية، من منطلق إدراكه لأهميتها مستقبلا، خصوصا بعد تزايد حجم المنافسة في سوق العمل الحر أو سوق الشركات، ما يوجب حسبه، على كل فرد امتلاك ميزة نسبية خاصة به تضمن له التفوق في مجالات معينة وضمان مكانة له في ظل هذا التطور المتسارع.
وأضاف المتحدث، بأنه كشاب مايزال يتلقى تكوينات في مجالات أخرى خصوصا وأنه متابع لكل جديد، وذكر الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة، ومختلف البرامج المستعملة في التحليل المالي. ناصحا الشباب المقبلين على هذا النوع من التكوين بالتركيز على مجالات مطلوبة محليا وفي الخارج، ثم التفرغ لتعلم أخرى بعد اكتساب الخبرة اللازمة، وأيضا أخذ المشورة والنصيحة من خبراء، لأنها ضرورية لاختصار الوقت والجهد.
أما سهام وهي خريجة كلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري، بجامعة صالح بوبنيدر، قسنطينة 03، فقالت إن ما دفعها للتسجيل في دورات تكوينية، هو سيطرة العمل الحر على السوق، وظهور فئة المؤثرين وصناع المحتوى الذين يبحثون دائما عن عملاء من أجل تلبية رغباتهم في بعض المهام نظرا لضيق الوقت لديهم، مضيفة بأن تعلم أساسيات «المونتاج» على سبيل المثال، خطوة مهمة لصقل الموهبة، أما فيما يخص البرمجة فقد أصبحت مهنة العصر.
أخبرتنا المتحدثة أيضا، بأنها شكلت محفظة خاصة بها تحمل بصمتها في مجال «المونتاج»، وكلما صادفت عملا في هذا الميدان عرضت ما تملكه من خبرة، في حين طبقت المهارات التي تعلمتها في البرمجة على أرض الواقع لصالح عملاء من خارج الوطن ضمن الفريق الذي تشتغل معه.
وترى سهام، بأن التكوينات التي تحصلت عليها كانت خطوة مهمة للولوج إلى سوق العمل، وأعقبت أن التكنولوجيات الجديدة أصبحت واقعا، وأنه بإمكان أي أحد تطوير مستواه في مجال استخداماتها خصوصا ما تعلق بالعمل في المونتاج والبرمجة، وهي تخصصات تعود على أصحابها بإيجابيات كبيرة وتفجر روح الإبداع والتميز.
كما تتطلع محدثنا لكل جديد، تشدد على أهمية التكوين الذاتي لمواكبة سوق العمل وتنمية المهارات، ومن المجالات التي ترغب في تعلمها، سواء حضوريا أو عبر الإنترنت، ذكرت «الفوتوشوب» والاستغلال الأمثل لأدوات الذكاء الاصطناعي.
من جانبه قال أغيلاس، طالب متحصل على شهادة البكالوريا دورة 2023 بمعدل17 من عشرين، إنه اختار تخصص الإعلام الآلي بجامعة بجاية، فإلى جانب حبه للحواسيب وتعلمه لكل ما له علاقة بالتكنولوجيا، كان الدافع وراء اختياره للتخصص هو توجهات سوق العمل في هذه المرحلة الجديدة التي تعيشها الجزائر، أين زاد عدد الشركات الناشئة والتوجه نحو رقمنة كل القطاعات، مضيفا بأن اكتساب مهارات جديدة لها علاقة بالتكنولوجيا الحديثة أصبح أمرا ضروريا للعمل على مختلف المشاريع الخاصة.
ويرى الشاب، بأن تكوين قاعدة معلوماتية قوية في التكنولوجيات الحديثة، مهم لحل المهام المعقدة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وبحسبه فإن ما يتحصل عليه الطالب في الجامعة لا يكفي لتطوير نفسه، وتكوينه في مجالات جديدة، بل يرى بأنه من الضروري أن يقترن التحصيل الأكاديمي بالتكوين الذاتي، سواء عن بعد، أو التسجيل في دورات تكوينية حضورية في مراكز خاصة.
أما أسماء، طالبة بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري بجامعة جيجل، ومصورة فوتوغرافية، فأخبرتنا أن الرغبة في تطوير مهاراتها واكتشاف آفاق جديدة، ثم اقتحام سوق العمل فضلا عن العمل الحر لاسيما وهي على أبواب التخرج، جعلها تتخذ قرار التكوين في التصوير الفوتوغرافي و»المونتاج».
وتعتبر الشابة، بأن هذه الدورات مهمة لتطوير الذات و لإيجاد فرص عمل، وعلقت :» نعيش ونعايش عصرا رقميا، التكنولوجيا فيه هي سيدة الموقف فلا بد من مسايرة الركب، تطوير المهارات أصبح مطلوبا جدا في سوق العمل».
شركات ومؤسسات تبحث عن خبرات في الإعلام الآلي
لم تنتظر هاجر، موظفة في مؤسسة اقتصادية، طويلا بعد التخرج حتى سجلت في دورة لتعلم الحوسبة الإدارية، بهدف تطوير مهاراتها في استخدام برامج الإعلام الآلي، وذكرت «إيكسل، وورد، و باور بوينت»، خصوصا وأنها مطلوبة في التوظيف.
وأضافت، بأنها وجدت المهام التي أوكلت إليها بعد انطلاقها في العمل أكثر سهولة، خصوصا وأنها تطبق كل ما تعلمته في معالجة الحسابات والجدولة وكتابة التقارير الإدارية، وأتبعت الشابة، بأن المهارات التي تحصلت عليها جعلتها تقبل على العمل دون خوف أو تردد.
وترى محدثتنا، بأن هذه التكوينات تحيل الموظف على تعلم مجالات أخرى لم يكن يعرفها سابقا، وتسمح له بمواكبة التطور الحاصل في سوق الشغل و لما لا الحافظ على وظيفته.
نفس الأمر أكدته لنا زينب، مهندسة في الإعلام الآلي، وتعمل بمركز بحث بجامعة سكيكدة، قائلة إنهم كموظفين يخضعون لتدريبات وتكوينات سواء دورية داخل الجزائر و خارجها، وذلك قصد تحيين معلوماتهم كلما ظهرت تقنية جديدة في مجال التكنولوجيا تحتاجها الجامعة.
وترى المهندسة، بأن هذه التكوينات جعلها تتعرف على عدة مجالات جديدة مثل، استخدام برامج حماية البيانات من القرصنة، وإنشاء المواقع الإلكترونية، وكذا توظيف مختلف البرامج الجديدة في الإدارة الرقمية للجامعة.

يزيد آقدال مختص في تكنولوجيا المعلومات
التعلم المستمر ضرورة للتكيف

أبرز المختص في تكنولوجيا المعلومات، يزيد آقدال، التخصصات التي الأكثر طلبا في سوق الشغل، مشيرا إلى أنها في مجملها مرتبطة بتخصصات الإعلام الآلي والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي، وقطاع الاتصالات.
وأرجع آقدال، ذلك إلى التحول الرقمي الذي مس شركات قطاعات عدة فهناك من يحتاجون في مؤسساتهم إلى دعم فريق العمل بكفاءات مختصة في هذه المجالات، وهناك من يتحولون كليا نحو التخصص في التكنولوجيا، وهو ما يزيد الحاجة إلى تطوير خدمات وبرمجيات المؤسسة.
ويقول محدثنا، إنه وبحكم هذا التوجه العام نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعي، أصبح العمل خاضعا للعرض والطلب على ميادين معينة، استجابة للحاجيات المفروضة.
وذكر المختص في تكنولوجيا المعلومات، مجموعة من المهارات التي أصبحت مطلوبة بكثرة، وعلى رأسها تعلم استخدام وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل»شات جي بي تي»، «جي مي ني» مركزا على التمكن من استخدامها في المجال العملي، بدل التعرف على الأداة بحد ذاتها، إضافة إلى المهارات المرتبطة بسوق الشغل الجزائرية، ومنها مهارات التعامل مع التقنية و الاتصال وكل ما له علاقة بالرقمنة.
وعلق آقدال قائلا :» نحن أمام ثورة تقنية ومعلوماتية وكل المهن ستتأثر بهذا التحول بدرجات مختلفة، كل الوظائف التي تتطلب مهام متكررة ويستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها، هي معنية اليوم بالاستبدال، كما ستظهر أخرى جديدة».
وأتبع، بأن التخوف من انقراض الإنسان من المؤسسات والشركات الاقتصادية حقيقي، لذلك يجب علينا مواجهته بالتأقلم والتكيف والتعلم المستمر، والتكوين في استخدام التقنيات الحديثة خصوصا الذكاء الاصطناعي بحسب ما يطلبه كل مجال، حتى لا يجد الإنسان نفسه خارج التاريخ.
ويضيف المتحدث:» لا يسير الأمر في الجزائر بنفس السرعة مثل باقي الدول الرائدة في المجال، لكننا سنتأثر مع الوقت»، معقبا: «لم يعد لدينا عذر لعدم التعلم وتطوير المهارات، يجب ألا يبقى الإنسان معزولا عما يجري في السوق، مثلا لو نأخذ الفوتوشوب فهو مرتبط بكل ما له علاقة بالتجارة الإلكترونية».
وعن الدورات التكوينية التي أصبحت متاحة في مجالات عديدة، أفاد المختص، بأنها يجب أن تكون ذات صلة بعروض الشغل، وعلى المهتم بها أن يطرح السؤال أولا حول محتواها، والمهارات التي ستمنحه إياها والهدف من التكوين وما إذا كان مطلوبا في مجال الشغل، فضلا عما إذا كانت ستساعده في عرض خدماته على الشركات أو إطلاق مشروعه.
ويرى، بأن الإقبال عليها يعد أمرا إيجابيا بالإضافة إلى التعلم المستمر كما حذر في السياق ذاته، من الدورات الفارغة التي تتبع «الترند» وتحتال على الأشخاص، وأكد على ضرورة التأكد من مصداقيتها والإضافة التي ستقدمها.

مراد كواشي خبير اقتصادي
40 بالمائة من الوظائف سيمسها التطور الرقمي

من جانبه يرى البروفيسور والخبير الاقتصادي مراد كواشي، بأن التوجهات الحالية والمستقبلية لسوق العمل ستتأثر بعاملين رئيسيين، الأول هو الذكاء الاصطناعي والتوجه نحو التكنولوجيا والبرمجيات، أما العامل الثاني فهو التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، لأن الوظائف المستقبلية وفقا له ستكون في هذا مجال التنمية، وحماية البيئة.
وأضاف كواشي، بأن تقارير دولية، أوردت بأن الذكاء الاصطناعي والتطور الرهيب في البرمجيات و الروبوت و الرقائق الإلكترونية، سوف يؤثر على 40 بالمائة من الوظائف، وقد يلغي بعضها ويستبدلها بأخرى، أو قد يكون مكملا لها، وعقب الخبير الاقتصادي، بأن هذا الوضع سيؤثر سلبا على مكانة الإنسان.
وأفاد، بأنه أصبح من الضروري تكييف برامج تكوينية سواء في المدارس أو في الجامعات، تلائم متطلبات التوجهات المستقبلية لهذه السوق الجديدة، فضلا عن تكوين الإطارات بما يتماشى ومتطلبات الراهن والمستقبل وأتبع، بأن الطلب مستقبلا سيزيد على تخصصات مثل البرمجة و أدوات الذكاء الاصطناعي و الإعلام الآلي، وتقنيات التنمية المستدامة، لذلك فإن الدول يجب أن تستفيد من هذه الثورة حسبه، وتكيف منظومتها التعليمية والتكوينية في هذا الاتجاه.
إيناس كبير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com