الأسعار المنخفضة تشجع الإقبال عليها

عطور التعبئة تعوض المنتجات المقلّدة و تستهوي التلاميذ
زاد عدد محلات عطور التعبئة بشكل ملفت في غضون السنتين الأخيرتين بقسنطينة، نظرا لارتفاع الطلب عليها، خصوصا بعد أن تراجعت عمليات استيراد مستحضرات التجميل بكل أصنافها، بما فيها العطور، التي يتجاوز سعر بعض ماركاتها الأصلية سقف  15ألف دج، في وقت نمت فيه ثقافة استخدام العطر في المجتمع الذي يؤكد بعض أصحاب محلات البيع بالتعبئة،  بأن أفراده  أصبحوا أكثر وعيا بمخاطر الأنواع المقلدة التي تباع على طاولات الأرصفة، في حين يرجع زبائنهم أسباب الإقبال على منتجاتهم ، إلى السعر الذي يتناسب مع إمكانيات مختلف شرائح المجتمع.
العطور الفرنسية للنساء و الخليجية للرجال
يزيد عدد محلات عطور التعبئة بوسط مدينة قسنطينة وحده عن الخمسة، و هي منتشرة عموما  بين شوارع عبان رمضان و 12 جوان و العربي بن مهيدي و شارع بلوزداد،  و تتميز بواجهاتها الواسعة و تصميمها الداخلي الخشبي الذي يعتمد بشكل أساسي على الرفوف المزينة بعشرات القارورات الزجاجية، بينما يضع الباعة أمامهم حقنة كبيرة و قارورة من محلول يبدو جليا بأنه كحولي، أما أكثر ما تشتهر به، أولئك الشباب الذين يقفون عند مداخلها ليوزعوا قصاصات مجانية معطرة لجذب الزبائن.
 و تشكل النساء ، كما أكد لنا أصحاب بعض هذه المحلات، النسبة الأكبر من الزبائن، كما أن اقتناء أنواع معينة من العطور دون غيرها، يتحدد حسب الفصول، فالأنواع المعبأة قوية ، مقارنة بالمنتج الأصلي، لكن مفعولها مؤقت، وذلك لأن تركيبتها تعتمد بشكل كبير على الزيوت العطرية و المركزات الأصلية، التي يتم استيرادها عن طريق الجملة من فرنسا و إسبانيا و السعودية و مصر و دبي، ليعاد بيعها عن طريق محلات متخصصة تعد بمثابة نقاط بيع معتمدة للمنتجين الأصليين، حسب رامي، صاحب محل عطور بشارع 19 جوان، مشيرا إلى أن الجزائر تعد أول سوق للعطور الفرنسية المقلدة التي تنتشر بشكل كبير،  مقارنة بالعطور المستوردة من الخليج و مصر، و التي لا تتناسب عادة مع أذواق الزبائن، نظرا لثقلها، فضلا عن التهاب أسعارها التي تصل حتى 38 مليون سنتيم للكيلوغرام من العود المعطر.
 وأضاف محدثنا، بأن أول من استحدث هذه التجارة، هي فرنسا ،حيث تعد مدينة نيس أول منتج لعطور التعبئة عالية الجودة في العالم، لكن مجال تسويقها توسع بشكل كبير، إذ دخلت كل من مصر و دبي و كذا السعودية على خط الإنتاج، و هو ما ساهم في توسع السوق و تعدد الماركات، و يعتبر الرجال أكثر زبائن عطور الخليج و مصر، لأنها تعتمد بشكل رئيسي على مستخلصات العود و المسك التي يفضلونها أكثر من غيرها.
 البائع، قال، بأنه استطاع خلال الخمس سنوات الماضية أن يحظى بزبائن دائمين، بالنظر إلى جودة منتجاته التي يستوردها بشكل رئيسي من فرنسا و إسبانيا، كما أنه استطاع خلال نفس الفترة أن يدرس توجهات السوق،  ففي الصيف يتم اقتناء العطور الخفيفة ، أما الشتاء فللعطور الأكثر ثقلا و قوة.
التلاميذ زبائن دائمون
الملاحظ ،حسب التاجر، أن الإقبال على استخدام هذه العطور لا يقتصر فقط على الراشدين، فحتى تلاميذ المدارس يعتبرون من زبائنه الدائمين، حيث يقبل الذكور و الإناث على اقتنائها و يعيدون تعبئة قاروراتهم بمجرد نفادها، علما أن أغلبهم يفضلون قارورات 20 مليلترا، نظرا لملاءمة سعرها لإمكانياتهم المحدودة، أما الطريف في الأمر، حسبه، فهو أن أغلبهم يتبعون موضة واحدة ، فعندما يشتهر عطر بينهم في فترة معينة، يقبلون جميعا على استخدامه.
خلال جولتنا بين المحلات، سألنا بعض الزبائن عن سر الإقبال على هذه العطور، فأجمع محدثونا بأن السعر يعد أهم عنصر جذب، فأسعار العطور الأصلية غالية جدا، بالمقابل تعد المقلدة غير صحية، و روائحها تتغير بسرعة و تفقد مفعولها بعد مرور نصف ساعة.
350 دج سعر 20 ملل من ماركات عالمية
سألنا كمال و هو تاجر عطور معبأة بشارع 10 جوان، عن أسعار منتجاته، فقال بأنها لا تخضع للماركة، بل لحجم القارورة التي يعبأ فيها العطر، فمثلا يمكن للزبون الحصول على 20 مليلترا من العطر الذي يريده أيا كانت علامته و مهما كانت شهرتها، مقابل مبلغ 350 دج، و تزيد التكلفة مع زيادة حجم القارورة و تختلف كذلك حسب نوع الزجاجة و جودتها و تصميمها، فهناك قارورات يصل سعرها فارغة إلى 1200دج، و بعد تعبئتها يصبح ثمنها الإجمالي  3 آلاف دج، خصوصا إذا تعلق الأمر بقارورة بسعة 50 أو 100 مليلتر.
البائع أكد أن محله يعد قبلة لكل الفئات العمرية من مختلف الطبقات الاجتماعية فهذه العطور، حسبه، ذات جودة عالية، كما أنها غير مقلدة و مكوناتها غير مضرة بالجهاز التنفسي و لا تسبب الحساسية للجلد ، لذلك فهي تستهوي الغني و الفقير.
و ارتفع الطلب عليها في الآونة الأخيرة ، مع انخفاض قيمة العملة الوطنية، فأسعار العطور المستوردة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 50 إلى 100 بالمئة، وبالتالي فإن الكثير من عشاق العطور حولوا اهتمامهم إلى عطور التعئبة، بدلا من المنتجات المقلدة التي تباع في الأسواق و على طاولات الأرصفة.
 أما الجديد في هذه « الصنعة”، كما أخبرنا، فهو أشكال قارورات التعبئة التي لم تعد تصاميمها تقل جمالا عن قارورات العطور الفاخرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن المنتجين أصبحوا يوفرون تغليفا ورقيا خاصا بها تماما كالعطور التقليدية،  بعدما كانت مجرد زجاجات بسيطة بسدادات بلاستيكية موجهة خصيصا للتعبئة و إعادة الاستعمال.
للعطور أسرار
طارق تاجر آخر،  قال لنا، بأنه من أوائل من اشتغلوا في هذه المهنة بقسنطينة، مشيرا إلى أن تجارته عرفت ازدهارا في بدايتها، وهو ما سمح له بفتح فرع ثان لمحله في مدينة الخروب، سألناه عن تركيبة هذه العطور، فقال بأنها سرية، لكن المكون الأساسي معروف و هو مستخلص العطر الأصلي، بالإضافة إلى مواد أولية  أخرى مخففة.و أوضح محدثنا «إن وجود ما نسبته 1 إلى 4 بالمئة من مركز العطر الأصلي في التركيبة، يعطينا ما يسمى كولونيا، في حين نحصل على  «أو دو توالت « في حال تراوحت نسبة التركيز بين 5 و 10 بالمئة،  و تعتبر «أو دو بارفان» عندما يتعدى التركيز 10 إلى 20 بالمئة، و أنصح بعدم بخ العطر مباشرة على الألبسة لتجنب إتلافها، كما يتوجب  رج القارورة قليلا قبل الاستعمال و الأحسن هو وضعها في الثلاجة لمدة 24 ساعة قبل بدأ استخدامها».           
هدى /ط