الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub
المحامية فاطمة الزهراء بن براهم تؤكد رفع دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود وزوجته
المحامية فاطمة الزهراء بن براهم تؤكد رفع دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود وزوجته

الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...

  • 21 نوفمبر 2024
الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء: الرئيس تبون يشرف على أداء المديرة التنفيذية الجديدة اليمين
الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء: الرئيس تبون يشرف على أداء المديرة التنفيذية الجديدة اليمين

* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...

  • 20 نوفمبر 2024
الفريق أول شنقريحة خلال تنصيب قائد القوات البرية الجديد اللواء سماعلي: الجزائـر مستعـدة للتصـدي بحـزم لكـل الأعمـال العدائيـة
الفريق أول شنقريحة خلال تنصيب قائد القوات البرية الجديد اللواء سماعلي: الجزائـر مستعـدة للتصـدي بحـزم لكـل الأعمـال العدائيـة

 أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...

  • 20 نوفمبر 2024
مقررون أمميون يطالبون السلطات الفرنسية بالكشف عن مناطق التجارب: باريـس مطالبـة بتطهيـر مناطـق التفجيـرات النوويـة في الجزائـر
مقررون أمميون يطالبون السلطات الفرنسية بالكشف عن مناطق التجارب: باريـس مطالبـة بتطهيـر مناطـق التفجيـرات النوويـة في الجزائـر

 طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...

  • 20 نوفمبر 2024

محليات

Articles Bottom Pub

سكان يتطوّعون لتحسينها ومختصون يدعون لآليات جديدة : تهيئة غائبة و فضاءات مهملة داخل أحياء تنقصها الألوان


تفتقر أغلبية الأحياء في المدن الجزائرية للألوان و يغلب عليها طابع شبه صحراوي، حتى أن المتجول فيها خلال فترة الظهيرة أيام الصيف قد يضيع بوصلته الجغرافية و يعتقد لوهلة أنه غادر الشمال الرطب نحو الجنوب الجاف، خصوصا وأن افتقار المحيط العمراني للتهيئة و لغطاء إيكولوجي مناسب، انعكس سلبا على المناخ الذي بات قاسيا، وهو واقع عقد يوميات المواطنين خلال الحجر و حد من قدرتهم على التحمل في ظل انعدام كل متنفس بديل، فقد كشفت أيام العزلة المنزلية عن عيوب أحياء  تفتقر عماراتها لواجهات نظيفة جميلة، ولا تعكس شرفاتها أكثر من مشهد مقفر لفضاء كئيب ينمو فيه الإسمنت بدل الأزهار، الأمر الذي دفع بسكان تجمعات حضرية بقسنطينة للمبادرة إلى  تحدي ظروف الحجر و تهيئة أحيائهم بالاعتماد على إمكانياتهم الخاصة محققين بذلك ما عجزت عنه البلديات التي كلفها المشرع بهذه المهمة في الأصل.

هــدى طابـــي
الخردة والألومينيوم يعوّضان الأزهار والعصافير على الشرفات
حسب مهندسين معماريين و مختصين في مجال التهيئة و التعمير، فإن واقع أحيائنا مرتبط بجملة من العوامل التي تتقاسم الإدارة مسؤوليتها مع المواطن، فرغم وجود قوانين منظمة لعملية تسيير المساحات الخضراء و الفضاءات المشتركة، إلا أن البلديات لا تزال عاجزة عن القيام بدورها كما يجب، كما أننا لا نزال غير قادرين على توظيف مؤسسات تهيئة المساحات الخضراء بشكل فعال رغم أن عددها بمدينة قسنطينة وحدها يناهز 82 مقاولة ناشطة بشكل رئيسي، و 242 مؤسسة ذات نشاط ثانوي، و تأتي أيضا محدودية استغلال المشاتل المقدر عددها بـ 36 مشتلة منتجة لعديد الأصناف النباتية والزهور كعامل إضافي.
كل ما ذكر جعل السواد الأعظم من الأحياء عبر عديد البلديات بالولاية وولايات أخرى، غير مستقطبة و تفتقر للجانب الجمالي، الذي من شأنه أن يمنح الفرد شعورا بالراحة و يساعده على تجديد طاقته و تخفيف الضغط الذي يعيشه بسبب تبعات فيروس كورنا و ظروف الحجر، فطغيان الإسمنت و تراص البنايات في المدينة العمودية، فرض نمط عيش كئيب لم يساعد الكثيرين على التأقلم مع متطلبات الحجر، خصوصا في ظل ضيق الشقق و هو ما دفعهم لكسره مبكرا أو عدم الالتزام به من الأساس، علما أنه واقع ينسحب على حياتنا اليومية و لا يقتصر فقط على المرحلة الاستثنائية التي نعيشها.
 يطرح أيضا مشكل سوء استغلال الشرفات بشكل كبير في مجتمعنا، فهذا الركن المخصص للراحة و الذي يفترض أن تزينه النباتات و الزهور وأقفاص العصافير، يستخدم عادة لأغراض بديلة وكثيرا ما يلغى تماما أو يتم غلقه بواجهة ضخمة من الألومينيوم و تحويه إلى ما يشبه قبوا لتجميع الخردوات، لذلك وخلافا لما شاهدناه من صور وفيديوهات عديدة لمواطنين أوروبيين استطاعوا فك العزلة الاجتماعية عن أحيائهم بفضل التقارب الذي وفرته الشرفات، فإن الجزائريين حرموا حتى من الاستمتاع بإطلالة مريحة عبرها، لأن ما تعكسه شرفاتنا في العموم لا يتعدى صور عمارات و مباني متشابهة تنقصها التهيئة، وحتى جرعة الأكسجين التي تقدمها لنا كثيرا ما تمتزج بغبار الأشغال و المشاريع غير المنتهية وضجيج النشاطات التجارية و حركة المرور.
شباب يحاولون إضفاء لمسة جمالية على الأحياء
و يبدو أن الوقت الذي حظي به الكثيرون خلال فترة الحجر الصحي، قد ساعدهم على إدراك الحاجة إلى تغيير هذا الوضع، ولذلك فقد عرفت أحياء عديدة بقسنطينة، مبادرات مستقلة لتحسين المحيط الحضري عن طريق تزيين و طلاء مداخل العمارات، بالاعتماد على إمكانياتهم الخاصة، رغم توقف نشاطات العديد منهم و تراجع مستوى دخلهم اليومي.
و قد أبانت هذه العمليات التطوعية، عن حاجة فعلية إلى تغيير واقع الأحياء التي نعيش فيها دون استثناء، بدليل أنها شملت عددا من الوحدات الجوارية بعلي منجلي، على غرار المجمع السكني رقم 5 بالوحدة الثامنة، الذي تكفل سكانه بدهن 20 عمارة بعدما تبرع كل فرد منهم بملغ 1000 دج لأجل اقتناء  مستلزمات عملية التحسين و التنظيف، كما قام سكان  حي 700 مسكن بالخروب بمبادرة مماثلة لتنظيف و تزيين حيهم، وكذلك فعل قاطنو حي  500 مسكن بماسينيسا، الذين عمدوا إلى تهيئة المساحة الخضراء التابعة للمجمع السكني، في خطوة كررها بدورهم، سكان أحياء 1200 مسكن و 1600 مسكن و 500 مسكن بحي زواغي سليمان.
 من جهتهم، تطوع شباب قرية قطار العيش لتزيين قريتهم و ترميم أرصفتها و تهيئة طرقاتها، زيادة على دهن الواجهات و تجبير الأشجار، و هو سلوك حذا حذوه شباب حي حريشة عمار ببلدية عين سمارة.
- رئيسة لجنة التعمير بالمجلس الولائي لامية جرادي: نصيب الفرد من الخضرة داخل التجمعات لا يتعدى 5 بالمئة


توضح المهندسة المعمارية و رئيسة لجنة التهيئة التعمير بالمجلس الشعبي الولائي بقسنطينة، لامية جرادي، بأن الحديث عن غياب المساحات الخضراء في المجال العمراني و التجمعات السكانية الكبرى، يتطلب بداية فهما لتعريف هذا الفضاء من ناحية القوانين و ذلك للإلمام بطبيعة المشكل، على اعتبار أنها مساحات تدرج ضمن مخططات التعمير لكنها تغيب في أرض الواقع، فالمساحات الخضراء هي عبارة عن فضاءات تدخل في تكوين المدينة و  تخضع لأربعة تصنيفات مختلفة، و تعتبر عنصرا هاما في الوسط الحضري الذي يلعب دورا في تحسين الإطار المعيشي للمواطن،  حيث يحصي التصنيف أيضا، عدة مجالات هي المجال الاجتماعي و البيئي و الايكولوجي و الجمالي و الاقتصادي و كذا جانب التعمير.
و تخضع  هذه المساحات التابعة للأحياء السكنية، لقانون التعمير و التهيئة 90ـ27، و قانون 02ـ 10 المتعلق بالمخطط الوطني لتهيئة الإقليم ، إضافة إلى قانون أملاك الدولة90ـ 30، زيادة على قانون 06ـ 07 الخاص بتسيير المساحات الخضراء  وحمايتها و تنميتها ناهيك عن المرسوم التنفيذي 14ـ 99، المحدد للملكية المشتركة في مجال الترقية العقارية و الذي يلزم المرقي العقاري بتسيير هذه المساحات لمدة سنتين على حسابه الخاص و ذلك بموجب دفتر الشروط على أن يوكل عملية تسييرها إلى جمعية الحي بعد ذلك، و حسب المتحدثة، فإن المشكل لا يكمن في توفر القوانين المحددة لطبيعة و تصنيف  و تسيير هذه المساحات لكن في غيابها فعليا على أرض الواقع، إذ نجدها بشكل محتشم في المشاريع الجديدة، مقابل انعدام كلي لها في التجمعات الحضرية القديمة، رغم أنها مدرجة ضمنيا في مخططات التعمير أو مخططات الكتلة الخاصة بالمشاريع السكنية، أين يشترط أن تشكل المساحة غير المبنية نسبة 40 بالمئة من المساحة الإجمالية المخصصة للمشروع، أما عن سبب غياب هذه المساحات فتوضح المتحدثة، بأنه راجع لشقين أولهما إهمال ما أنجز في إطار المشاريع السابقة و انعدام مؤسسات تشرف على تسييرها بوصفها فضاءات مشتركة، و هو ما يستوجب إعادة النظر في هذا الجانب من خلال إشراك جمعيات الاحياء كما عبرت، و ضبط إطار إداري دقيق يحدد طريقة تسييرها، يشمل على سبيل المثال شرط دفع  السكان لاشتراكات رمزية تتراوح بين 50 إلى 100دج لأجل ضمان ميزانية قارة لإنجاح العملية.
و تضيف جرادي بالقول، بأن مدينة قسنطينة تحصي وحدها 54 تجمعا عمرانيا،  منها 12 تجمعا رئيسيا و 41 تجمعا حضريا و ثانويا إضافة إلى المقاطعة الإدارية علي منجلي، و كلها تخضع للقانون الذي يحدد نصيب المواطن من المساحة الخضراء داخل التجمعات العمرانية بما يعادل 10 متر مربع، و لكن  الواقع بعيد عن التطلعات كما أكدت، لأن معدل نصيب الفرد في الولاية لا يتعدى بحسب ما تؤكده عمليات المتابعة و الجرد5 متر مربع،  ناهيك عن أن النسبة تختلف باختلاف القطاعات الحضرية و البلديات،

فمثلا توجد بلديات يعادل فيها نصيب الفرد 0 بالمئة، على غرار بلدية حامة بوزيان أين لا يزيد حق المواطن عن  0.26 متر مربع، وهو نفس نصيبه في بلدية ابن باديس ، بينما تقدر المساحة في زيغود يوسف بـ 0.2، و  تحدد بـ 1.38 بديدوش مراد، و تقدر في الخروب بـ  1.58، و في عين سمارة بـ 0.63، بالمقابل يرتفع نصيب الفرد في علي منجلي إلى 5.58، و يتعدى ذلك في بلدية قسنطينة إلى 9.8 متر مربع، علما أن سكان أحياء الجهة الغربية من البلدية يعتبرون أوفر حظا.
مع ذلك توضح المهندسة، بأن المساحات المتوفر تتميز في غالبها بكونها فضاءات جرداء وهو ما يبدو لنا بوضوح إذا ما شاهدناها من علو الطائرة، مشيرة، إلى أن مشكل الإهمال كثيرا ما يطالها بعد سنتين من تسليم المشاريع السكنية بالنظر إلى غياب دور لجان الأحياء، و عدم الاعتماد على مؤسسات تسيير المساحات الخضراء  رغم وجود أزيد من 82 مؤسسة ناشطة في هذا المجال بالولاية، كما تطرح أيضا مشاكل نقص التجهيز و تعدي بعض المواطنين على هذه الفضاءات و تعمدهم قطع الأشجار و رمي النفايات و الردوم داخلها ناهيك عن انتشار المياه القذرة  و استغلال المساحات لأغراض أخرى كتحويلها إلى أسواق عشوائية أو التعدي عليها و تغطيتها بالقصدير، زيادة على عدم احترام معايير الغرس ما يفسر وجود أشجار نفضية تتسبب مرارا في انسداد البالوعات و أخرى مسببة للحساسية الموسمية، مع تغييب كلي للأزهار والألوان و ولذلك وجب حسبها، تدعيم القوانين بمواد تخص تسيير المساحات الخضراء داخل التجمعات السكنية و إعادة بعث لجان الأحياء و تفعيل  البلديات لدور « العون الإداري المسير للمساحات المشتركة في الاحياء»، خصوصا في ظل عدم قدرتها على التحكم في الوضع بشكل عام، الأمر الذي يستدعي كما أضافت، ضرورة الإسراع في إنجاز المخطط الأخضر  لولاية قسنطينة التي تعاني مشكل انزلاقات، فضلا عن استحداث تصنيف قانوني خاص بتحديد و جرد ممتلكات البلدية، و القيام بعملية جرد بيئي و نباتي و تشديد الردع لفرض احترام مخططات التعمير، وكلها نقاط قالت المتحدثة، بأن لجنة التعمير بالولاية قد أدرجتها ضمن ملف خاص يسلط الضوء على الاختلالات و يهدف لإنجاز مخططات المساحات الخضراء و إحياء العمل الجمعوي، مع اقتراح  توسيع توظيف النباتات العطرية في التجمعات الحضرية على غرار نبتة « مسك اليل» التي تشتهر بها قسنطينة.
من جانب آخر، تشير لامية جرادي، إلى أن قضية تحسين واجهات العمارات و الوجه العام للأحياء بصفة أشمل، تجرنا مباشرة للحديث عن القانون 55ـ 16، الخاص بالترميمات و التحسين الحضري، والذي يتطرق لواقع المساحات المشتركة،  مشيرة إلى أن المواطن القسنطيني أصبح أكثر وعيا بهذا الجانب بعدما تعززت لديه القابلية للمبادرة و التطوع بفضل عمليات التحسين التي مست عديد الأحياء خلال تحضيرات تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، و هي تحديدا المحطة التي اكتسب بعدها كما عبرت، ثقافة المساهمة في تهيئة محيطة الحضري في إطار ما يعرف بـ « إيكو كارتي أو الأحياء البيئية»، خصوصا و أن هذا التدخل كان حلا وحيدا لمشاكل الغبار الذي خلفته الأشغال الكبرى، و غياب التظليل في بعض المناطق على غرار علي منجلي.
- عضو « الكناس» المهندسة المعمارية سامية بلعباس: الحل يكمن في إشراك جمعيات الأحياء في تسيير المساحات المشتركة  


من جانبها ، قالت عضوة المجلس الاستشاري الاقتصادي  و الاجتماعي، المهندسة المعمارية سامية بلعباس، بأن المساحات الخضراء داخل المحيط العمراني  و التجمعات السكنية تحديدا، تعتبر ذات أهمية بالغة لأن لها انعكاسات إيجابية على الصحة و العيش الجماعي، وهو ما تؤكده  عدة دراسات دولية من بينها كما أوردت، دراسة نشرتها مؤخرا مجلة « بسيكولوجيكل سوسايتي» البريطانية، مفادها أن الفضاءات الطبيعية في المدينة لها تأثير إيجابي على عقل المواطن وهو ما يضاعف مردوديته الاقتصادية و التنموية، كما تطرقت دراسة فرنسية، إلى موضوع المساحات الخضراء في المحيط الحضري، و دورها في تحقيق التنمية المستدامة، ذكر فيها بأن الأفراد الذين ينعمون بنصيب كاف من الخضرة في محيطهم السكني يشعرون بإحباط أقل و يتمتعون براحة نفسية أكبر، و بالتالي فإن المساحات الخضراء تساعد على مواجهة تبعات فرط النشاط والتوتر الناجمين عن العيش في المدينة، ناهيك عن أن لهذه الفضاءات بما في ذلك الحدائق المعلقة التي باتت تدرج في البنايات العمودية الحديثة، دورا اجتماعيا هاما لأنها تعزز التلاقي و الاحتكاك بين السكان.
و أمام هذه الأهمية الاجتماعية و الاقتصادية، فإن القوانين في الجزائر تدرج المساحات الخضراء الجوارية و حدائق الأحياء كشرط ضمن مخططات التعمير و البناء باعتبارها عاملا مكملا لجماليات المدينة، إذ فرض المشرع حتمية تخصيص ما يعادل 40 إلى 50 بالمائة من محيط بناء المساكن الفردية لصالح المساحات الخضراء مع ذلك فهو معيار غير مطبق في مجتمعنا، وهو واقع ينسحب كذلك على شرفات العمارات الحديثة التي نادرا ما تستخدم لهذا الغرض، بعكس ما كان موجودا في المنازل القديمة « ديار عرب» أين كان الفضاء الفسيح « وسط الدار» يوظف إيكولوجيا و يحوي على الأقل على شجرة مثمرة أو على نباتات طاردة للحشرات.


 و ترجع المتحدثة، هذا التراجع في ثقافة الفضاءات الخضراء الجوارية و الخاصة، إلى جملة العوامل الاجتماعية و الاقتصادية أبرزها ضيق مساحات الشقق، فمساحة شقة من ثلاث غرف كانت في السابق تعادل 92 مترا مربعا، ثم انحصرت إلى 74 مترا مربعا، ثم أصبحت 62 متر مربع، وهو ما دفع المرقين العقاريين إلى تقليص مساحة الشرفة أو إلغائها تماما من مخطط البناء فيما يعرف بـ « تضارب الأسعار»، وذلك على اعتبار أن الدولة لا تدرجها كمرفق رئيسي في عملية احتساب تكاليف إنجاز المساحة المسكونة.
من جهة ثانية، فإن ضيق مساحة الاستعمال في الشقق، يدفع غالبية المواطنين إلى إدماج مساحة الشقة ضمن المحيط العام للغرفة أو إلحاقها بالمطبخ، أو في الغالب استخدامها كبديل للمرآب بحيث يقوم بإغلاقها بشكل ينعكس سلبا على الجانب الجمالي للعمارة و بالتالي واجهة الحي ككل.
أما فيما يتعلق باستغلال المواطنين لفترة الحجر لأجل  تهيئة المحيط السكني و التحسين الحضري عبر عدد من الأحياء، فقد أوضحت المتحدثة بأن تدخل المواطن جاء تلبية لحاجته الاجتماعية و النفسية، و انعكاسا لغياب البلديات التي تبقى غير قادرة على توفير الإمكانيات الكافية على تسيير المساحات المشتركة في الأحياء، وعليه فإن الحلول حسبها، تكمن في تعزيز التنسيق بين الجماعات المحلية ممثلة في البلديات و بين جمعيات الأحياء التي يجب أن تسند لها مهمة تأطير المبادرات السكانية و تعميمها و المساهمة في تسيير المحيط السكني بما في ذلك المساحات الخضراء و الفضاءات المشتركة.
- الباحث في علم الاجتماع عبد السلام فيلالي:  سياسات التعمير لم تصنف الإطار الحضري  كأولوية  


 يرى الباحث في علم الاجتماع عبد السلام فيلالي، بأن مشكل غياب أو ضعف التهيئة الحضرية في المدينة الجزائرية على اختلاف أحيائها، يعود في الأصل إلى أولى سنوات الاستقلال، وهي مرحلة لم تطبق فيها سياسات ناجعة لبناء مدن وفق معايير صحيحة، و من ثم تطويرها لتؤسس لمنظومتها القيمية القائمة على التوافق، كما أن هنالك عوامل اقتصادية و أمنية و اجتماعية متداخلة أنتجت و أعادت إنتاج النموذج الفاشل الذي نعرفه اليوم، و الذي تتجلى مظاهره في أحيائنا الكئيبة.
 ويرجع الباحث، واقع الأحياء و المدن عموما، إلى إغفال سياسات التعمير الأولى لجوانب التهيئة و المحيط، و عدم إدراجها ضمن الأولويات أو على الأقل المخططات الاستعجالية، فالتركيز في هذه الفترة كان منصبا حسبه، على التنمية و الصناعة و غيرها، على أن يتم الالتفات لهذا الشق العمراني بعد عشر سنوات لاحقة من عملية بناء الدولة، لكن الجزائر اصطدمت في تلك المرحلة بأزمة اقتصادية خانقة، بحيث أصبح من الصعب التفكير في الجانب الجمالي خصوصا في ظل صعوبة توفير السكن لكافة الجزائريين، وهو تحديدا ما خلق نموذج الأحياء القريبة إلى المراقد، و التي وجدت أول مرة خلال ثمانينات القرن الماضي، على غرار مدينة الخروب مثلا، فالدولة كما قال، لجأت لهذه البرامج الاستعجالية بالاستعانة بشركات ألمانية و مجرية لأجل إيجاد حلول لأزمة السكن خلال ظرف قياسي، ما أفرز بالمقابل نمطا موحدا ميز الفترة الممتدة بين 1963 إلى 1986، خصوصا في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، ما عطل  الجانب الحضري مجددا بسبب عدم الاهتمام.
بعد ذلك، جاءت الأزمة الأمنية كما أردف الباحث، وهي محطة أخرى كانت لها انعكاساتها على واقع المدن الجزائرية التي ما انفكت تتخلص من ظاهرة النزوح الريفي الذي أعقب الاستقلال، لتتحول مجددا إلى ملاذ أمني، و هكذا ظهرت الأحياء القصديرية و الفوضوية التي ضاعفت مشكلة السكن بعدما تضخمت لدرجة أنها أصبحت مدنا موازية، وحتى بعد عودة الاستقرار و انتعاش أسعار النفط، بقي مشكل التحسين الحضري مطروحا في بلادنا، كما أضاف، إذ فشلنا مجددا في بناء سياسة حضرية و أعدنا تكرار تجربة الخروب من خلال نموذجي  علي منجلي و ماسينيسا، لنجد أنفسنا على حد تعبيره أمام سؤال  لماذا  نعجز عن تسيير مدننا حضريا و استحداث سياسية عمرانية ناجعة؟، على اعتبار أن المشكل يشمل أيضا النمط العمراني غير المتناسق و الفاقد للبعد الجمالي.
 و يضيف المتحدث، بأنه وبعد توالي هذه الأزمات بقينا ندور في حلقة مفرغة، وحتى المساحات التي كان من المفترض أن تخصص لتحسين المحيط الحضري و بالتالي الإطار المعيشي للمواطن، على غرار الحدائق الجوارية و الفضاءات المشتركة في الأحياء، تمت مصادرتها من طرف مافيا الفساد و استغلقت لصالح من انتفعوا من المرحلة السابقة.
 وفيما يتعلق بإهمال المواطن للمساحات الخضراء المخصصة له في الأحياء، و افتقاره لثقافة استغلالها بشكل ملائم، فقد فسر عبد السلام فيلالي الأمر، بأنه يندرج في إطار ما يعرف بالتنشئة أو التدريب على نمط  سلوك معين، مشيرا إلى أن الحلول تكمن في تفعيل القوانين التنظيمية و تعزيز الردع بغرض المنفعة خصوصا و أن  سياسة اللاعقاب كرست بشكل كبير خلال السنوات الماضية تزامنا مع بداية ما عرف ثورات الربيع العربي وذلك لغرض شراء السلم الاجتماعي و تجنب الاهتزازات الاجتماعية، وهو ما ضيع على الجزائر مجددا فرصة الانتقال إلى طرق تنظيمية أحسن للمدن، لذا يقول الباحث، بأننا اليوم أمام حتمية فرض السلوك الحضري على السكان و التوجه فعليا نحو بناء مدن جديدة تستند لمعايير تعمير مناسبة تأخذ بعين الاعتبار أهمية المساحات الخضراء و التهيئة و البعد الجمالي للأحياء.                          هـ/ط

Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com