أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
يمّر شهران على وفاة الدكتور رشيد لزعر عميد أطباء النساء و التوليد بالشرق الجزائري، و الذي توفي في الـ 13 سبتمبر الماضي بعد 33 يوما من مقاومته لفيروس كورونا، تاركا خلفه خبرة تزيد عن 40 عاما في مهنة أحبها و خدم بها مئات المرضى في القطاعين العام و الخاص، مثلما يستذكر رفقاؤه و زملاؤه بقسنطينة و ميلة، و الذين ينقلون شهادات عن شخصية الفقيد و النجاحات التي حقّقها طيلة مساره، لاسيما بالمستشفى الجامعي ابن باديس الذي ترأس مصلحة التوليد به لعدة سنوات.
يقول البروفيسور عبد المجيد بركات و هو أحد تلامذة الفقيد و الرئيس السابق لمصلحة أمراض النساء و التوليد بالمستشفى الجامعي بقسنطينة، أن الدكتور لزعر رشيد يعتبر عميد أطباء النساء و التوليد بالشرق الجزائري، فقد ترأس مصلحة التوليد بين سنتي 1976 و 1985، و هي فترة رفع خلالها التحدي بقسم كان قد مضى على تأسيسه سنوات قليلة، كما ضمن وقتها التكوين الإقامي الوحيد بهذا التخصص الهام، في شرق البلاد، حتى سنة 1980 عندما تم فتحه بمستشفى عنابة، و قام أيضا بإدخال تجهيزات و تقنيات هامة و كذلك بتهيئة قاعة التوليد ما حسن ظروف التكفل بالنساء الحوامل، فكانت هذه المصلحة التي ضمت حينها 137 سريرا، تسجل ربع الحالات التي يستقبلها المستشفى الجامعي.
الفقيد كان ملتزما في عمله و بالتدريس و البحث العلمي، يردف البروفسور بركات ثم يتابع، «أظهر الدكتور رشيد لزعر الاتزان و الحكمة في جميع الظروف (..) لقد جعل أسر النساء يدركون أن الولادة الخالية من الأخطار غير موجودة»، و يضيف البروفيسور أن الراحل تحول مع خروجه من المستشفى الجامعي إلى ممارسة الطب الخاص لمدة 35 سنة و ظل ينشط بعيادته إلى أن وافته المنية.
«منارة انطفأت»
كما يقول البروفيسور عبد العزيز بن حركات في شهادته، و هو الرئيس السابق لمصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي، إنه تلقى بحزن شديد نبأ وفاة زميلة «رشيد» الذي كان ضمن جنود الخفاء الذين خدموا الأمة بكل كرامة، رافضا الفساد و الانحطاط، و يضيف الطبيب أن الدكتور لزعر «منارة انطفأت» و قد ترك ذكرى قوية جدا عندما رفض ذات مرة، و بحضور السلطات العليا بالقطاع، التخلي عن قناعاته و الحصول على المناصب و التدرج في مساره المهني، فقرر التخلي بكل فخر عن رئاسة مصلحة أمراض النساء و التوليد بعد أن اختار «الحفاظ على كرامته». أما الدكتور بركات بوبكر المختص في علم الأمراض التشريحي، فقد عاد إلى أول لقاء جمعه بالدكتور لزعر، و كان ذلك سنة 1976، عندما كان طالبا في الطب يجري التربص بمصلحة أمراض النساء و التوليد التي كان يسيرها الفقيد آنذاك. و يضيف الطبيب أن هذا التربص كان فرصة للتعرف على شخصية الدكتور لزعر الذي تمتع بالعديد من الخصال، و على رأسها البساطة، الإنسانية و الحكمة.و يضيف الدكتور بركات، أنه و خلال الملتقيات الطبية، كانت مداخلات الفقيد مهمة، أما النقاشات التي ينشطها فقد عكست نبوغه المهني و روحه العلمية. و قد تواصلت حياته المهنية خارج القطاع العمومي ليصبح طبيبا خاصا وضع نفسه في خدمة المرضى بكل تبصّر، إخلاص و صدق، كما كان دائما مهتما بالتعاون الوثيق مع زملائه في المهنة.
و على الصعيد الشخصي، تميز الدكتور لزعر مثلما يبرز زميله، بأن كان إنسانا متواضعا، كريما، ملتزما، حيوي و وفيّا لزملائه، مضيفا أن فقدانه كان نبأ حزينا على المرضى و الأطباء.
«الأب الروحي و صاحب القيّم الإنسانية»
الدكتور محمد بوكرو، رئيس جمعية أطباء النساء و التوليد الخواص بقسنطينة، ذكر أن الفقيد كان أيضا رئيسا شرفيا للجمعية منذ سنة 2013، و قد كان يشارك كثيرا في الأيام الدراسية التي تنظمها، و كذلك «الأب الروحي» و المعلّم صاحب القيم الانسانية و الأخلاقية الفريدة.
و عن علاقة الفقيد مع الطاقم الطبي و شبه الطبي، قال الدكتور بوكرو، إنها كانت تتسم بالحميمية، و قد كان بذلك مثالا للبساطة، التضحية و الحضور الدائم. و يتابع الدكتور قائلا «لقد كان يملك قلبا كبيرا و الابتسامة لا تفارق شفتيه، كما كان نشيطا (..) هناك ما هو أقوى من الموت، إنه حضور الغائبين في ذاكرة الأحياء».البروفيسور عبد العزيز سقني، و هو أيضا من عمداء مصلحة الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي، تحدث عن الجمعية التي أسسها مع الدكتور لزعر سنة 2005 مع مجموعة من الأصدقاء، من أجل إخراج موروث «ميلة القديمة» للعلن، و التي أطلِق عليها اسم «أصدقاء ميلة القديمة»، حيث عُرِف بمدى الفرح و المتعة اللذين كانا يعتريانه كلما زار ميلة، مسقط رأسه.
كان شديد التعلّق بميلة القديمة
البروفيسور وصف الفقيد بالرجل العظيم، الذي كان يتمتع بحس الدعابة بابتسامته التي تلازمه دوما و يقابل بها الجميع، كما أحب استرجاع ذكريات شبابه بميلة في الأحاديث التي كانت تجمعه بأعضاء الجمعية، ليظهر في كل مرة تعلقه بهذه المدينة و شغفه بها و حبه لأصوله، ليضيف البروفيسور أن الدكتور لزعر كان سهل التعامل، بسيطا في تصرفاته، و حاضرا ليكون في خدمة الآخرين.
الطبيبان خرباش و عقاد و هما أيضا من رفقاء الفقيد، قالا أيضا في الشهادة التي تحصلت عليها النصر، أن الدكتور لزعر نقل لهما العلم بكل بساطة و تواضع.
أفراد عائلة الطبيب الراحل أشادوا أيضا بخصاله، ومن بينهم شقيقته سامية التي ذكرت أن أخاها كان أحد أعمدة الأسرة، و قد كان رجلا استثنائيا مليئا باللطف و الحكمة و التواضع، حيث قضى حياته في خدمة الآخرين من خلال مهنته النبيلة التي مارسها بتفان و شغف، ليكون قدوة ملهمة للأطباء الآخرين في الأسرة الذين خلفوه و الذين ساروا على خطاه، فقد كان منذ صغره طالبًا مجتهدًا و موهوبًا، كما تدرب ليصبح طيارًا و كان شغوفًا أيضًا بالدراجات النارية و مرتبطا بمسقط رأسه، ميلة، التي احتفظ معها بصلات قوية للغاية حتى وفاته.
أما قريبه لزعر عبد السلام الذي قال إن الطبيب كان يسمى وسط أفراد الأسرة الكبيرة «سيدي رشيد»، كان حنونا و مستمعا جيدا و مستعدا دوما لتقديم المساعدة في جميع الظروف، ما جعل منه مثالا يُقتدى به لجميع أفراد العائلة.
حسان بوعروج، و هو قاض متقاعد كان قد درس مع الفقيد في ثانوية رضا حوحو بقسنطينة ابتداء من سنة 1954، قبل أن تدوم صداقتها لأعوام، يقول في شهادته إن الدكتور لزعر كان منذ صغره ذكيا و يتمتع بحس الفضول و بالتواضع، إذ لم ينس يوما أصدقاء طفولته الذين ظل يزورهم بانتظام في مدينة ميلة التي وُلد و كبر فيها، وهو الذي «نذر حياته لخدمة الآخرين».
أحد الأصدقاء المقربين للدكتور لزعر، السيد عبد الحق عبد الرحمان، أبرز في شهادته، أنه و طيلة فترة صداقته بالفقيد و التي دامت لأزيد من 50 سنة، لمس فيه الإنسان المتواضع الخدوم المتفاني في مهنته و الذي يحمل ولاء كبيرا لوطنه.
ياسمين.ب