* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
يعاني سكان بلدية أولاد رابح، بأعالي ولاية جيجل، من مشاكل نقص التكفل الصحي و غياب الأطباء المتخصصين و المناوبة الليلية، حيث تقع أقرب مصلحة استعجالات على بعد 25 كلم، و يصعب التنقل إليها ليلا، كل هذه المعطيات دفعت جمعية “أمنية”، بالتنسيق مع المصالح الصحية و البلدية، تنظم قافلة طبية تضم أطباء متخصصين، لمعاينة سكان المنطقة، فاكتشفوا أن عددا معتبرا منهم، لا يعرفون شيئا عن حالتهم الصحية، و لم يخضعوا للكشف عن الأمراض التي يعانون منها بصمت، كما أن النساء الحوامل يعانين الأمرين، في غياب طبيبة أخصائية تتابع حملهن و وضعهن الصحي أو عيادة قريبة للتوليد .
النصر تنقلت إلى بلدية أولاد رابح، الكائنة على بعد 100 كلم عن عاصمة الولاية، في أقصى النقطة الحدودية بالجهة الشرقية الجنوبية، ما يجعل الوصول إليها يتطلب ساعة و نصف عبر طرقات و مسالك وعرة.
عند مرورنا ببلدية سيدي معروف، قطعنا الجبال الشاهقة التي تعرف بها المنطقة، عبر طريق ولائي صعب و مهترئ في عدة مقاطع، و يمكن مشاهدة من بعيد عدة تجمعات سكانية مبعثرة بين الجبال، و عشرات النسوة يحملن قارورات لجلب المياه، فالبلدية معروفة بشح مواردها المائية، وقد رصد غلاف مالي معتبر من قبل السلطات لحل هذا المشكل، انطلاقا من سد بوسيابة، حيث أعطى وزير الموارد المائية، في زيارته الأخيرة للولاية، تعليمات بالإسراع في ربط مختلف المناطق بشبكة المياه الصالحة للشرب.
عند الوصول إلى وسط البلدية، كل شيء يؤكد أنك في بلدية فقيرة مهمشة، فكل مظاهر التنمية تكاد تكون منعدمة، و ستجد عشرات المواطنين جالسين بالمحلات التجارية ، أو بالمقاهي.
و بمقر العيادة الطبية وجدنا القافلة الطبية، التي نظمتها جمعية أمنية، بالتنسيق مع المصالح الصحية و البلدية، و قد استقطبت عشرات المواطنين، و كانت حافلات النقل المدرسي لا تكاد تتوقف عن نقل المواطنين من و إلى العيادة.
معاناة النساء الحوامل و مطالب بالتكفل العاجل
لاحظنا ما يقارب 40 طفلا ينتظرون دورهم ليفحصهم طبيب الأسنان، و كان عدد معتبر من الكهول، ينتظرون دورهم للدخول عند الطبيب الجراح، كما أن عديد النساء تجمعن بمكتب يؤدي إلى أخصائية أمراض النساء و التوليد، و لم تتسع قاعة العيادة للعدد الهائل من الوافدين.
أخبرنا أحد الكهول، بأن العدد الكبير من المواطنين الذين قصدوا العيادة للاستفادة من خدمات القافلة الطبية، يعكس مدى حاجة سكان قرى و مداشر أولاد رابح للتغطية الصحية، و خصوصا الأطباء الأخصائيين.
أما إقبال النساء على طبيبة النساء و التوليد، فيعود لنقص الأخصائيين في هذا المجال، مشيرا إلى أن السيدات الحوامل في بلدية أولاد رابح، يعشن كابوسا حقيقيا.
و سرد علينا عدة أحداث و حوادث وقعت لنساء حوامل بعدة قرى، منهن من تم نقلهن وسط الثلوج و الأمطار ليلا إلى مستشفى الميلية لوضع حملهن، فكل النسوة بالمنطقة، أصبحن يعانين خلال الحمل و يؤرقهن هاجس الولادة، قائلا” المرأة حاليا عبر مداشر و قرى البلدية، تعاني كثيرا، قديما كانت هناك قابلات تقليديات توارثن المهنة من جيل إلى آخر، يشرفن على توليد النسوة، لكنهن رحلن خلال العشرية السوداء، و حملن معهن سر تخصص التوليد، و بقي بالمنطقة عدد قليل من العائلات بالمداشر، و النسوة حاليا يجهلن كل شيء عن عملية التوليد، فتحولت إلى كابوس يؤرق الحوامل، منهن من يتنقلن بشكل منتظم إلى بلدية سيدي معروف لمتابعة وضعهن الصحي، و أخريات يجهلن كل شيء عن وضعهن، و يقعن في مأزق عند اقتراب موعد الولادة، لأنهن لا يعرفنه بالضبط، ما يجعل المخاض يفاجئهن ليلا، و يصعب على أزواجهم نقلهن لعدة اعتبارات، تتعلق ببعد المسافة عن أقرب مركز صحي توجد به قابلة، و يقع عموما ببلدية الميلية التي تبعد بأزيد من 40 كلم عن المداشر، و كذا تدهور الظروف المادية ة المعيشية، لأغلب الأسر”.
و أضاف المتحدث، بأن سائق سيارة الفرود يطلب أكثر من 3000 دج مقابل التنقل إلى بلدية الميلية، و في أحسن الأحوال، يتم نقل الحوامل بواسطة سيارة الإسعاف الوحيدة في البلدية، فهذه السيارة تظل طوال الليل تنقل المرضى إلى أقرب مركز صحي مناوب.
و ذكر مواطن آخر التقيناه بالعيادة، بأن ولادة ابنه البكر، ستظل كابوسا يتذكره طوال حياته، قائلا “ في إحدى ليالي سنة 2012، كانت الأمطار تتهاطل بغزارة، و بينما كنت نائما، أيقظني أنين و صراخ زوجتي الحامل، في منتصف الليل، و أكدت لي بأنها تعاني آلام المخاض ، في تلك اللحظات لم أعرف ماذا أفعل، و ما هو الحل، ثم توجهت بسرعة إلى أقرب جار يملك سيارة نفعية لنقل ماشيته، و أيقظته، واجهنا صعوبة الرؤية و تدهور وضعية الطريق، و وصلنا بشق الأنفس إلى مستشفى الميلية، و كانت سيارة الإسعاف في انتظارنا في الطريق، لحسن الحظ أننا وصلنا إلى المستشفى قبل دقائق من الوضع”.
و أجمع الحضور بأن التكفل بالنساء الحوامل و أصحاب الأمراض المزمنة و المستعصية من أصعب المشاكل التي يواجهها سكان المنطقة الجبلية.
غياب المناوبة الليلية
و تحدث، آخرون، عن مشكل آخر يواجهه كافة سكان المنطقة، و يتمثل في التكفل بالحالات الاستعجالية خاصة في الليل، و في أحيان كثيرة تتعقد وضعية المرضى ليلا، كما تقع عدة حوادث في ذات الفترة و هناك حالات عديدة تعقدت عند الوصول إلى المستشفى، و أخرى لقيت حتفها قبل الوصول إلى مصلحة الإستعجالات.
و أوضح المتحدثون بأنه يتم عادة نقل المرضى على جناح السرعة إلى أقرب عيادة مناوبة ببلدية سيدي معروف، و هناك يتم تحويل الحالات المعقدة إلى مستشفى الميلية، لكنها تصل في معظم الأحيان في حالة حرجة، مشيرين إلى أن الطواقم الطبية تعمل جاهدة لتقديم الدعم، لكن عامل الزمن و طول المسافة وصعوبة التنقل، تعقد وضعيتهم. و أضاف متحدثون، بأن تواجد الطبيب الرئيسي بمنزله المجاور للعيادة، سهل التكفل بهم و أنقذ عشرات الأرواح، فهو يتدخل خارج أوقات العمل و يتكفل بالمرضى طوال الوقت، و أكد المتحدثون، بأن المناوبة الليلية أصبحت ضرورية بالمنطقة، و يطالبون بفتح مصلحتين واحدة للاستعجالات و الثانية لأمراض النساء و التوليد، فهذا حلم العشرات منهم.
و ذكر، الطبيب المنسق بالعيادة، بأن القافلة الطبية قدمت دعما كبيرا للمواطنين بالمنطقة ذات التغطية الصحية الضعيفة، مقارنة بمساحتها الشاسعة، مشيرا إلى أن العيادة تضم أربعة أطباء عامين و جراحين للأسنان (02) ، يعملون طوال أيام الأسبوع، و يقومون بخرجات و زيارات للمنازل المنتشرة عبر عدة مشاتي، بعد موافقة الجهات الإدارية للصحة الجوارية بسيدي معروف. و يرى المتحدث، بأن موقع القرى المترامية بين الجبال الشامخة عبر مساحة شاسعة والمرور إليها عبر طرق مهترئة، صعب من مهمتهم، كما أن نقص الأطباء المتخصصين، و بعدهم عن مقر البلدية، أنهك عشرات المرضى ، خصوصا النساء، حيث أن الطاقم الطبي العامل بالعيادة و القوافل الطبية توجههم إلى أقرب العيادات ببلدية سيدي معروف و الميلية. و أضاف المسؤول، بأن الحالات المرضية الإستعجالية من الصعب التكفل بها، و يبذل الطاقم الطبي العامل بالعيادة جهودا جبارة لضمان استقرار حالة المريض أثناء نقله، و من المنتظر، حسبه، أن يتم وضع برنامج مداومة لقابلة من أجل متابعة النساء الحوامل، مؤكدا بأن التغطية الصحية تحسنت في الفترة الأخيرة، و تبذل الجهود لتحسينها أكثر فأكثر. و ثمن المتحدث المبادرة التي جسدتها جمعية أمنية، بالتنسيق مع الإدارة ، من خلال جلب أطباء أخصائيين، خصوصا في طب النساء و التوليد و الجراحة العامة، ما سيسمح بتكفل نسبي و تشخيص وضعية عشرات المواطنين، كما أثنى المتحدث، على الروح العالية للأطباء المتطوعين.
تشخيص عشرات المرضى بالسكري
قالت رئيسة مصلحة طب النساء و التوليد بمستشفى الطاهير، بأنها تطوعت لأول مرة في القافلة، من أجل تقديم يد المساعدة للمرضى، خصوصا النساء ببلدية أولاد رابح، وقد تفاجأت بالإقبال الكبير للمرضى.
و بينت الفحوصات بأن جل النساء، مصابات بالسكري و أمراض الغدة الدرقية، و لا يعلمن بمرضهن، أما النسوة اللائي يتابعن عند أطباء خواص، فوضعيتهن حرجة للغاية، جراء سوء المتابعة، وقد بررت النسوة ذلك، ببعد عيادات الأطباء الأخصائيين، و شددت الطبيبة بأن النساء الحوامل يعانين كثيرا .
و أشار الطبيب الجراح، بأن المرضى الذين فحصهم أكدوا له بأنهم يجدون صعوبة كبيرة في إجراء العمليات الجراحية بالمستشفيات، مع عدم تمكنهم من إجرائها في العيادات الخاصة، لأسباب مادية، وقد تسببت جائحة كورونا في تعقد وضعيتهم، فأعاد توجيههم إلى المستشفيات لإجراء العمليات.
مطالب بفتح قاعات العلاج المرممة
رئيسة جمعية أمنية، أوضحت بأنه تم تجنيد ثمانية أطباء أخصائيين في القافلة، التي وجهت إلى البلدية النائية أولاد رابح، و تكفلوا بمعاينة عشرات المرضى، و اكتشفوا بأن العديد منهم يعانون من السكري و لا يعلمون بذلك.
و أوضحت أن 360 مريضا استفادوا من خدمات القافلة الطبية، حيث تم فحص 35 شخصا من قبل الطبيب العام، و فحص طبيب الأطفال 85 طفلا ،و 104 مرضى فحصهم طبيب الأسنان، و 68 امرأة فحصتهن أخصائية في أمراض النساء و التوليد، و 28 مريضا فحصهم مختص في الجراحة العامة، و تم توزيع أدوية بالمجان على المرضى غير المستفيدين من الضمان الاجتماعي الذين قدم لهم أطباء القافلة وصفات طبية .
و أكدت، المتحدثة، بأنه سيتم تنظيم قوافل متنقلة إلى القرى و المداشر بالمنطقة.
و اعترف من جهته رئيس البلدية، بأن التكفل الصحي ضعيف بالبلدية، و يكاد يكون منعدما، لأن المداشر تقع بمناطق متفرقة عبر إقليم البلدية، و قد قامت البلدية بترميم و تشييد عدة قاعات علاج، و طلبت من السلطات الصحية توفير المناوبة، لكنها ظلت،حسبه، تتحجج بنقص العنصر البشري، كما تم التقدم بطلبات لفتح المناوبة الليلية، مؤكدا، بأن بلدية أولاد رابح تعاني في صمت و تنتظر تحسين ظروف التكفل الصحي بسكانها.
كـ. طويل