* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
فقدت غابة البعراوية رئة بلدية الخروب، الكثير من زوارها في الفترة الأخيرة، و بالأخص من العائلات، فعشاق الطبيعة اضطروا لتقليص زياراتهم للمنطقة، بسبب تراجع الأمن و النظافة فيها، ناهيك عن انتشار الكلاب الضالة و فرض شباب سيطرتهم على الجهة السفلية من الغابة، ما حصر عدد الوافدين إليها في أقلية قليلة، من محبي التخييم و الرياضيين و بعض الأسر، التي لا بديل لها في حر الصيف و طول أيامه، سوى أشجار الصنوبر الحلبي و خضرتها.
مقصد عشاق التخييم و الرياضة
الغابة تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة للكثير من القسنطينيين، خصوصا العائلات التي كانت تقصدها بكثرة في الفترات المسائية، لأن المنطقة تتحول إلى فقاعة أكسجين كبيرة تنعش الأجساد و الأرواح، بفضل نسيمها العليل وخضرتها و اتساعها.
الفضاء الذي يبعد عن مدينة الخروب بحوالي ثلاث كيلومترات فقط، يتربع على مساحة إجمالية قدرها 48 هكتارا، منها 10 هكتارات منبسطة و ممتدة على امتداد البصر، تجذب إليها الباحثين عن الهواء النقي و الاستجمام، إضافة إلى محبي التخييم و عشاق الجري و ممارسة الرياضة، وبالأخص النساء، فغابة البعراوية تعتبر متنفسا وملجأ وحيدا للكثير من السيدات الراغبات في ممارسة التمارين و الجري، لذلك اتخذت منها جمعية واحة لمريضات السرطان بولاية قسنطينة، مضمارا للتمارين طيلة سنوات، في إطار نشاط إعادة التأهيل البدني الذي يلي العمليات الجراحية عادة، و هو تحديدا ما شجع الكثيرات على قصدها، ما فرض نوعا من التعود على رؤية النساء بملابس الرياضة في المنطقة، و منح لهن راحة أكبر وقدرة على التصرف بحرية.
تستقبل الغابة كذلك كثيرا من الفرق الرياضة الشبانية، و الجمعيات التي تعنى بالأطفال المرضى، على غرار مرضى التوحد، و قد كانت محطة لتنظيم العديد من الخرجات في السابق، فالحياة كانت تدب بشكل كبير في المنطقة بداية من الساعة الرابعة إلى الخامسة زوالا، بفضل التوافد المستمر للشباب و العائلات، ورغم عدم توفر المرافق اللازمة للراحة من طاولات وكراس و مراحيض عمومية، ناهيك عن الغياب الكلي للتهيئة، إلا أن زوارها كانوا يجدون حلولا بسيطة للاستمتاع بأمسياتهم، من خلال إحضار طاولات وكراس قابلة للطي و بسط سجاد على الأرض مباشرة و الاستعانة بالحجارة و العصي لتحضير جلسات شواء حميمة، غير أن الوضع اختلف مؤخرا ، خصوصا في الجزء السفلي المحاذي للطريق الرابط بين الخروب والمدينة الجديدة علي منجلي.
حظيرة سيارات بين الأشجار و الدخول بـ100دج
النصر زارت المنطقة منذ أيام قليلة، فلاحظنا تدهورا واضحا للفضاء الغابي، الذي هجرته غالبية العائلات، فخلال ساعات من تواجدنا هناك، لم يدخل الغابة أكثر من ثلاث عائلات، كما لم يكن يوجد بها الكثير من الأشخاص، حيث اقتصر الأمر على أربعة شبان كانوا بصدد التخييم ، فيما كان يوجد في مكان آخر أربعة شبان آخرين كانوا يرتدون صدريات، تبين بأنهم ينتمون إلى جمعية رياضية.
ولعل السبب وراء هجران المنطقة، هو الحاجز المكون من عجلات مطاطية و متاريس و جذع شجرة، نصبها شباب ، عند المدخل الغابي المحاذي للمدرسة الابتدائية القريبة، أين صنعوا بوابة يتوجب العبور منها دفع مبلغ 100دج، مع إلزام الزوار بالتقدم بالسيارة وركنها في الداخل وسط الأشجار، لكسب مساحة أكبر وتحقيق المزيد من الربح على حساب العائلات.
الغريب في الأمر هو أن هؤلاء الشبان يجبرون أي زائر للغابة على الدفع مسبقا مقابل الدخول مع أن الأمر يتعلق بفضاء طبيعي مفتوح، أما الأمر الأسوأ، فهو عدم قيامهم فعلا بعمل الحراسة و مغادرتهم للمكان قبل الزائرين، إذ يختفون بعد ساعة، وقد علمنا لاحقا من سكان " المشتة" القريبة، بأنهم يمارسون لعبة الكر والفر مع وحدات الدرك الوطني.
غابت النظافة و حضرت الكلاب
داخل الغابة و تحديدا في المنطقة السفلى، كان الوضع مخيبا للآمال، فانعدام أي مؤشر للأمن، يدفعك إلى عدم التوغل و لو قليلا، خصوصا في ظل انتشار الكلاب المتشردة، وقد واجهنا خلال تواجدنا هناك، مواقف مع بعضها، و ما زاد الوضع سوءا، فهو غياب النظافة، و الظاهر أن المنطقة لم تعرف منذ مدة طويلة حملات تطهير، كما كان سابقا، فالمكان يعج بالقارورات الفارغة و أكياس البلاستيك المرمية على الأرض، كما تلوث محيطه ببعض بقايا الطعام و العلب و غيرها من القاذورات.
السوق الفوضوية تتوسع و المواشي تجارة الموسم
من جهة ثانية، لا تزال السوق الفوضوية للخضر و الفواكه تفرض ظلالها الثقيلة على الغابة، و تقيد حركة الدخول إليها، كما تربك حركة السير نحو المدينة الجديدة علي منجلي، فشاحنات البطيخ والخضر و طاولات بيع المكسرات و التين المجفف، تحتل مساحة معتبرة من الطريق و من المحيط السفلي للغابة، في مشهد غير متناسق تماما يشوه الوجهة إلى الطبيعة، كما يضرها بسبب الانبعاث الناجم عن دخان المحركات.
و الملاحظ أن الطريق التي ينشط على حوافها أطفال و شباب، يقومون ببيع الذرة المشوية و بعض أواني الفخار، بدأت و ككل سنة تتحول إلى سوق كبيرة للمواشي، وذلك بسبب اقتراب عيد الأضحى، فتجار الكباش و الموالون يتجمعون في المكان و ينشطون على امتداد المسار نحو علي منجلي بطريقة فوضوية، يصبح معها استخدام المسلك مشقة كبيرة بسبب التوقف و الوقوف العشوائيين.
جمعية البيئة و التنمية لغابة البعراوية
غلق الجهة السفلية بات ضروريا لحماية الغابة
تواصلنا مع جمعية البيئة و التنمية لغابة البعراوية، الجهة المخولة باستغلال الفضاء الغابي حاليا، فأوضح نائب رئيسها عبد الجليل ضريبين، بأن الجمعية مسؤولة فقط عن تسيير الجزء العلوي من الغابة و الذي يبقى أفضل حال بكثير مقارنة بالمنطقة السفلى، مع الإشارة إلى أن الجمعية تملك ترخيصا باستغلال حظيرة السيارات القريبة من الغابة، و تسعيرة الركن لا تتعدى 50 دينارا، مع الاهتمام بشكل كبير بشق النظافة، رغم السلوكيات الطائشة و غير المسؤولة لبعض المواطنين الذين تمادوا لدرجة سرقة حاويات القمامة البلاستيكية التي تم وضعها في المكان.
المتحدث قال، بأن الجمعية على علم بالوضعية الكارثية التي آلت إليها المنطقة السفلى من الغابة، و قد سبق و أن طالبت في مراسلة وجهتها إلى مصالح الغابات بإغلاقها و ذلك، لكونها تحولت إلى مكان قذر تتراكم به الأوساخ بسب قيام بعض الجهات المجهولة بعمليات تفريغ عشوائية في محيطه القريب، كما يستغله منحرفون لممارسة أمور غير أخلاقية، ناهيك عن مشكل حظيرة السيارات الفوضوية التي تشوه المنطقة، و تمتد إلى داخل الغابة في تعد صارخ على البيئة.
و أضاف الشاب، بأن الجمعية تنظم دوريا حملات نظافة، بالتنسيق مع مصالح الغابات و البلدية، لكن مشكل الرمي العشوائي يتكرر في كل مرة، لذلك تمت المطالبة سابقا بالترخيص لأعضائها، بإنشاء مفرغة ثابتة في مكان قريب، لكن الطلب رفض بحجة منع استخدام الإسمنت في الفضاءات الطبيعية، وعليه فإن الوضعية الحالية تبقى مفروضة في ظل غياب بدائل ممكنة، حيث لجأ ناشطون إلى توفير براميل قديمة لجمع القمامة، بعدما سرقت الحاويات، لكن الأمر غير كاف، خصوصا في ظل استمرار مشكل مخلفات السوق الفوضوية القديمة التي كثيرا ما تنقلها الرياح إلى داخل الغابة.
مع ذلك يؤكد محدثنا، بأن الجهة العليا لغابة البعراوية، لا تزال قبلة للكثير من العائلات وفضاء رحبا يستقبل الرياضيين و الجمعيات بشكل دائم، فيما يتوجب فعلا غلق و منع استغلال الجهة السفلية، عن طريق تسييج المدخل أو تثبيت حاجر خشبي يعيق التنقل إلى الداخل، من أجل حماية المنطقة في انتظار تحديد جهة قانونية، و الترخيص لها باستغلالها بشكل مناسب.
و في انتظار ذلك، قال الناشط البيئي و الجمعوي، بأن جمعية البيئة والتنمية لغابة البعراوية، تعتزم قريبا تنظيم حملة تحسيسية في المنطقة، بالتنسيق مع جميع الأطراف المعنية بالغابة، لتوعية المواطنين بخطورة حرق الأشجار والإضرار بالطبيعة، و انعكاسات ذلك على حياة البشر و مستقبلهم.
هدى طابي