التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
أكد مختصون في الخط العربي و فن الحروفيات، أن التطورات التي يشهدها العالم في المجالات الفنية و الرقمية، ساهمت بشكل كبير، في توسع دائرة انتشار هذا الفن العربي الأصيل، الذي تجاوز البلدان العربية و الإسلامية، و اجتاح الساحة العالمية، و تعددت استعمالاته و تنوعت، بعد أن تحرر من قوالبه القديمة، و أصبح مجالا خصبا للإبداع، يتم تجسيده في لوحات أو جداريات أو شعارات تطبع على مختلف الخلفيات، كما قال خبراء في ندوة النصر، مشيرين إلى أنواعه و خصائصه و مزاياه الجمالية، داعين الجهات الوصية، للاهتمام بهذا الخط الذي يعد رمز الهوية الإسلامية، و اعتماده ضمن التخصصات الدراسية في المستقبل القريب، لتستفيد منه الأجيال القادمة.
رميساء جبيل
* الخطاط و أستاذ الفنون التشكيلية سفيان محي الدين
«الكاليغرافيتي»و «الغرافيك» استنطقا الحروف العربية بشكل جديد
قال محي الدين سفيان، مسؤول النشاطات الثقافية و الفنية بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بقسنطينة، و أستاذ متعاقد بكلية الفنون و الثقافة و كلية الهندسة المعمارية بجامعة صالح بوبنيدر، للنصر، إن ظهور فنون تشكيلية حديثة النشأة، ساهم بشكل كبير في انتشار الخط العربي على نطاق أوسع، فهو لم يعد اليوم حكرا على أصحاب لغة الضاد فقط، بل تجاوز الحدود العربية، ليجتاح الساحة العالمية، كما توسعت مجالات استخدامه و تعددت، مع ظهور فن "الكاليغرافيتي" و التصميم الغرافيكي، في وقت كان ينحصر استعمال الخط العربي في كتابة آيات قرآنية.
و يرى الأستاذ محي الدين أن فن "الكاليغرافيتي" و التصميم الغرافيكي، من الفنون التي استنطقت حروف اللغة العربية و قدمتها في حلة جديدة وجعلت من الخط العربي فنا عابرا للقارات، فقد حقق إقبالا ورواجا كبيرا وسط عشاق الفن الثالث من مختلف دول العالم، فالأسلوب الأول الذي ابتكره الفنان " ال سيد" الفرنسي المولد العربي الهوية و الثقافة، يدمج بين الخط العربي و الرسم على الجدران المعروف باسم "الغرافيتي".
أما فن التصميم الغرافيكي فقد طغى على الفنون التقليدية، لاعتماده أساليب حديثة، باستخدام أدوات جد متطورة و تطبيقات رقمية تستعمل في مجال الإعلام الآلي، ما دفع عديد شبان اليوم لاستعماله في إبداعاتهم، بإدراج الحروف العربية في تصميم إعلانات و شعارات يطبعونها على أسطح متنوعة، على غرار القماش و الخشب و الورق و المعدن.
و أضاف المتحدث أن الخط العربي في ظل التطورات التي يشهدها الفن التشكيلي، يقاوم التراجع و الزوال، لكن مع ذلك هو بحاجة إلى تكثيف الجهود للمحافظة عليه، خصوصا بالجزائر، فرغم تنظيم الدولة المهرجانات و المعارض بمقاييس عالمية، على غرار المهرجان الدولي لفنون الزخرفة والخط العربي و المنمنات المنظم سنة 2006، إلا أنه تراجع في الطبعات الأخيرة، لأن أعمال الفنانين الجزائريين تفتقر لما هو جديد و إبداعي، حسب المتحدث. و تابع أن الاكتفاء بتعليم الخط العربي في حلته الكلاسيكية بالمدارس الفنية والكليات المختصة في مجال الفنون التشكيلية والمؤسسات الثقافية، يقلص من رقعة انتشار تعليم هذا الفن، ما يتطلب، حسبه، تنظيم ورشات الخط العربي في مختلف المؤسسات الثقافية، مع تزويدها باللوازم و الإمكانيات الضرورية، وكذا الحفاظ على أساليب و أدوات التعليم التقليدية.
و أوضح الفنان، أن الخط العربي يصنف ضمن الفنون التشكيلية، المدرجة ضمن فن الزخرفة، بعد أن تحرر من قيوده الكلاسيكية، ليستعمل اليوم كوحدة فنية زخرفية تشكيلية، تحت اسم فن الحروفيات، مشيرا إلى أن خط النسخ هو أكثر الخطوط شيوعا في الجزائر، يليه خط الرقعة و الثلث و الديواني و الكوفي.
* الخطاط و مهندس الإلكترونيات سفيان ناصف
مواقع التواصل الاجتماعي وسعت رقعة انتشار الخط العربي
قال الخطاط و مهندس الإلكترونيات، سفيان ناصف، إن التكنولوجيا الحديثة و مواقع التواصل الاجتماعي سمحت للخط العربي بالانتشار أكثر عبر العالم ، لدرجة سعي العديد من الأجانب، لتعلمه و إدراجه في أعمالهم الفنية، كما تم دمجه في مجال الكمبيوتر و الطباعة،
و يتم تقديم دروس عن بعد، لتعلم أساسيات الخط العربي، سواء كانت بمقابل مادي أو مجانية.
و أوضح المتحدث، أن الرقمنة دمجت الخط العربي بمجالات عديدة، فلم يعد يقتصر استعماله على اللوحات الفنية الكلاسيكية، ولا على كتابة القرآن الكريم باليد، من قبل خطاطين متمكنين أو تزيين المساجد بحروفه، باستعمال الخطوط الستة المعروفة، و بالأخص خطي الثلث و النسخ، بل تجاوز ذلك، إلى استخدامه في لوحات معاصرة، تحرر فيها الفنان من القيود المعروفة، فأصبح الحرف العربي يطوع، بلا قواعد أو ضوابط، ناهيك عن استعماله في المجال التجاري سواء الإعلانات و اللافتات أو الشعارات. و يدعو الخطاط، المسؤولين إلى السعي للمحافظة على هذا الإرث الثقافي الذي يرمز للهوية الإسلامية، و يعد أحد رموز السيادة الوطنية، بإعطائه مزيدا من الاهتمام والدعم للنهوض به، إلى جانب إدراجه ضمن البرامج التعليمية بالأطوار الثلاثة، مما يساهم في التخلص من مشكلة الخط الرديء عند التلاميذ التي ترهق الأساتذة، كما أن هذا الحل من شأنه فتح مجال التوظيف للخطاطين في قطاع التربية.
و يقترح المتحدث في ذات السياق، فتح معاهد فنية، لتكوين الخطاطين و تنظيم معارض و مسابقات بشكل دوري، فالجمعيات الجزائرية التي تنشط في تعليم الخط العربي، كالراقم و جمعية الخطاطين في الجزائر العاصمة، لا تستطيع، حسبه، المحافظة على هذا الموروث من الاندثار لوحدها، رغم العدد الكبير من الخطاطين بالجزائر، على رأسهم محمد بن سعيد شريفي كاتب المصحف الشريف و الأستاذ محمد صفرباتي و عبد الرحيم مولاي و غيرهم.
* الخطاط الحروفي و أستاذ الفنون الجميلة عبد الحفيظ قادري
الخط العربي فن يرتقي في سماء الفعاليات الثقافية و الفنية
قال الأستاذ عبد الحفيظ قادري، أستاذ اتصال بصري بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بباتنة، و خطاط حروفي، مهتم بقضايا الخط، إن المتابع لمسار الخط العربي بالجزائر، ابتداء من التسعينيات، إلى غاية يومنا هذا، سيلاحظ الحضور المتزايد لفن الخط العربي ضمن الفعاليات الثقافية والفنية بالجزائر، سواء تعلق الأمر بالاهتمامات الفردية للأشخاص، أو من خلال البرامج الثقافية والمشاريع الكبرى التي نظمتها وزارة الثقافة الجزائرية، مثل فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي بمختلف طبعاته، الذي حضره خطاطون عالميون، إلى جانب المشاركة الوطنية لخطاطي الجزائر.
بخصوص محطات رواج الخط العربي بالجزائر، قال المتحدث أنه اقتصر في البداية على نخبة من الخطاطين تخصصوا فيه، بعضهم استفادوا من منح دراسية في مدارس تحسين الخطوط الملكية بمصر، و تلقى آخرون تكوينهم في الخط بتركيا، من بينهم محمد سعيد بن شريفي خطاط المصحف الشريف أربع مرات، وخطاط التشريفات ومصمم بعض الوثائق و العملات الرسمية للدولة الجزائرية بعد الاستقلال، و عبد الحميد إسكندر خطاط الرئاسة سابقا، وعبد القادر بومالة، ومحمد بوثليجة، و كذا الفنان العالمي رشيد قريشي. بعد ذلك تم الشروع في تدريس الخط العربي، كمادة مكملة، ضمن البرامج الدراسية بمدارس الفنون الجميلة، و كان الدكتور محمد بن سعيد شريفي الذي يدرس بالمدرسة العليا بالجزائر، يستقطب عشاق الخط العربي من كل ولايات الوطن.
بعد ذلك انتشرت الأمشاق الخطية في الساحة المكتبية و أولها أمشاق المرحوم محمد المرسي، و انتشار كراسات الخط للدكتور محمد بن سعيد شريفي التي تناولت جل الخطوط العربية المعروفة، تناولا أكاديميا محكما. و أضاف الأستاذ قادري، بأن السنوات الأخيرة شهدت انتشار فكرة تأسيس الجمعيات والنوادي الوطنية المشرفة على تنظيم مختلف التظاهرات الخطية، لتعزيز حضور هذا الموروث في المشهد الفني، إلى جانب تدريس الخط العربي بالمؤسسات الثقافية و دور الشباب ومختلف النوادي و الجمعيات الثقافية، فضلا عن تنظيم الصالونات الوطنية للخط العربي، ضمن النشاط الفني للمؤسسات الثقافية، مع رواج فكرة تعليم الخط العربي، لتحسين مستوى الخط الدارج أو ما يسمى بالكتابة الاعتيادية، و مرافقة الأولياء لأبنائهم أثناء تعلمهم أسس الكتابة الخطية الصحيحة. و يرى الأستاذ « أن تنامي الخط العربي و حضوره الواعي بالساحة، يبشر بمستقبل واعد لهذا الفن، الذي اشتهر بالأقلام الستة التي اشتقت منها خطوط أخرى، مع تميز المنطقة بابتكار خطوط خاصة، كالخط المغاربي، و هو فن راق يعبر عن ذوق مصمميه و مزاجهم المتحرر من صرامة التعقيد و القوالب الثابتة الى الانطلاقات العاطفية والحسية لحظة الكتابة»، كما قال، مضيفا أن «هذا التحرر أدى إلى ظهور الخطوط الرقمية الطباعية «الطبوغرافيا»، التي تشمل الدعاية و الإشهار و مختلف فنون التصميم الطباعية، وصولا إلى خطوط الهواجس والتجليات الجمالية والحسية، التي نرصدها كخامة مبينة في مساحات البوح التشكيلي الفني، الذي يشمل مختلف أنواع الخط الكلاسيكي و خطوط الشغف المطور، برؤية إبداعية معاصرة، تصل إلى حدود التجريد، هذه هي الرؤية المعاصرة التي أوصلت إلى استنطاق الحرف التشكيلي و اكتشاف أبعاده الخفية و توظيف قيمه الجمالية و الفنية في اللوحة»، كما عبر. و تابع المتحدث أن هذا الفن أصبح يتجاوز الحدود الوظيفية إلى حدود المظاهر الجمالية و الحسية و الأبعاد التي تصل إلى المضامين الفكرية و الفلسفية من خلال المقاربة التشكيلية الجديدة التي تعمل على احتواء الحرف العربي، باعتباره خامة تشكيلية أصيلة، تجملت بها اللوحة المعاصرة من خلال جيل جديد من الفنانين التشكيلين المدفوعين برغبة تأصيل الموروث الثقافي و تعزيز هوياتهم و انتماء اللوحة إلى بيئة ثقافية وفنية ذات خصوصية، فأوصلت بعض الأسماء هذه التجارب إلى العالمية، منها الفنان رشيد قريشي، المرحوم محجوب بن بلة، الطاهر ومان و حمزة بونوة. و أشار الخطاط إلى أن منظمة اليونيسكو، صنفت الخط العربي ضمن التراث العالمي، و وصفته بأنه رمز للتناسق والجمال، و سيتم إدراجه قريبا ضمن التخصصات و المناهج التعليمية بالمدارس و المعاهد الفنية، مع تعزيز أبعاده التطبيقية و النظرية و المعرفية و الفلسفية، إلى جانب تثمين المشاريع البحثية التي تهدف إلى إثرائه و تطويره، و كذا تأسيس مدراس متخصصة في الفنون الإسلامية، تتضمن برامج تعليم الخط العربي و الزخرفة الإسلامية و فن المنمنمات، مع مختلف الاختصاصات الفنية التي تتميز بها الجزائر.