* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
يستمر سحر الكهوف العجيبة ببلدية زيامة منصورية بجيجل، في جذب عشاق الاكتشاف والبحث عن أسرار الطبيعة، إذ يعتبر المعلم السياحي من بين الأكثر استقطابا للزوار، حيث شكلت الصخور الكلسية على مر السنوات، مجسمات تحاكي نماذج من الواقع كالحيوانات مثلا، وهو إبداع رباني يتوقف عنده زوار المنطقة التي لا تتوقف الحركية فيها خلال الصيف لتتواصل طوال السنة.
تتبع الكهوف للحظيرة الوطنية لتازة، إحدى أجمل المناطق وأكثرها تنوعا بيولوجيا، وتقع تحديدا على بعد 35 كلم شمالي غرب ولاية جيجل. تم اكتشافها صدفة سنة 1917، وصنفت المغارة لأول مرة سنة 1948، ثم أعيد تصنيفها كموقع طبيعي يجب حمايته مجددا، وتكفلت في تلك الفترة بلدية زيامة منصورية بتسييرها ومع إنشاء الحظيرة الوطنية لتازة وبحكم الموقع الجغرافي أضحت مصالحها تسهر على حماية المغارة والمحافظة على خصوصيتها الطبيعية منذ سنة 1992.
عجائب الحظيرة الوطنية لتازة
وتقع الكهوف داخل الحظيرة التي صنفت كمحمية حيوية سنة 2004 من قبل المجلس الدولي التنسيقي الخاص ببرنامج الإنسان في الكون، وصنفتها وزارة الطاقة والمناجم سنة 2008 كموقع جيولوجي استثنائي بطلب من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والمديرية العامة للغابات والحظيرة الوطنية لتازة.
يصطف العشرات في كل مواسم وعلى مدار الصائفة عند مدخل الكهوف العجيبة، وكلهم شوق للتعرف على ما تخفيه من جمال وسحر رباني. تقربنا من عائلة كانت تنتظر دورها للدخول، أخبرنا أفرادها بأنهم متلهفون للدخول إلى المغارة ورؤيتها، خاصة وأنهم سمعوا عنها الكثير وهي أول مرة يزورونها، قال الأب إنهم قدموا من ولاية عنابة وكانوا يرغبون في زيارة المنطقة منذ سنوات والاستمتاع بسحرها خاصة وأنهم قصدوا جيجل مرارا دون المرور على الكهوف.
زوار آخرون من الجزائر العاصمة، أخبرونا بأن الكهوف العجيبة تعد وجهة مفضلة لهم في كل موسم اصطياف، حيث يستمتعون بزيارتها وفك شيفرة صخورها التي ترسم أشكالا مختلفة تبرز عظمة الخلق وسحر الطبيعة.
وقال محدثونا، إنه من الغريب أن ترى وأنت تتمعن في أشكال الصخور، مجسمات تحاكي معالم شهيرة مثل «برج بيزا المائل» وكأس العالم، أو أن يشدك ما يشه شكل قرد الماغو الذي يعيش في الغابات المجاورة وتفاصيل أخرى عديدة لا يمكن وصفها.
وعلقت سيدة على الأمر بالقول «أعشق الروايات بطبعي وأومن بأنه لا توجد صدف في الحياة، والكهوف العجيبة في شكلها وتفاصيلها المختلفة سر لا يمكن وصفه. كيف يمكن لتماثيل ومجسمات حقيقية أن تتجسد داخل مغارة عن طريق صخور لم يمسسها الإنسان. لا يعقل ذلك، أحاول في كل مرة عند زيارة الكهوف أن أدقق في تفاصيل كل شكل، وفي كل مرة أكتشف الجديد، حتى أني أفكر في الكتابة حول الموضوع».
ويبدو من خلال حديثنا إلى بعض الزائرين بأن الجميع مبهورون وفي جعبة كل واحد كلام كثير وتساؤلات لا يشبعها سوى الدخول إلى المغارة والاستمتاع بروعتها.
معلم ثلاثي الأبعاد
أوضح مرافقنا في الجولة، وهو إطار في الحظيرة الوطنية لتازة، بأن الكهوف العجيبة تستقطب كل سنة آلاف الزوار وتعتبر القبلة المفضلة للكثيرين، إذ يترددون عليها مرارا. وتعمل إدارة الحظيرة في كل مرة حسبه، على تحسين ظروف الاستقبال وضمان الراحة للزائرين، مشيرا إلى أن مغارة الكهوف العجيبة من أهم أسباب إنشاء الحظيرة الوطنية لتازة التي تم إدراجها ضمن المحميات الحيوية.
الهدف الرئيسي من حماية المغارة ليس جعلها مكانا لاستقطاب الزوار فقط وإنما لتنمية إحساسهم الطبيعي وإثراء معلوماتهم حول الدور الذي يلعبه توازن الطبيعة في استمرار الحياة والحفاظ على أشكالها، ويجب على كل زائر كما قال مرافقنا، أن يدرك مسؤولية الحفاظ على هذا المعلم ثلاثي الأبعاد وإبقائه كشاهد على روعة الطبيعة وصمودها لملايين السنين.
دخلنا المغارة رفقة مجموعة من الزوار، وقد شدنا مع البداية التغيير المفاجئ والسريع في درجة الحرارة، من السخونة العالية إلى البرودة، إذ راوحت الحرارة في الداخل 18 درجة تقريبا، وهي متعة لا توصف، ففور نزولك من الدرج تجد ممثل الحظيرة الوطنية في استقبال الزوار من أجل تقديم شروحات حولها، وكذا الإجراءات والخطوات الواجب إتباعها بما في ذلك الامتناع عن اللمس والتصوير.
مجسمات لمعالم عالمية وتاريخية
تتجلى عظمة الخالق في ركن وزاوية من المغارة العجيبة في شكل رواسب كلسية معلقة على السقف وأخرى تنطلق من الأسفل لتعانقها في بعض نقاط التلاقي القليلة، لتزين المكان الفريد من نوعه والذي تتجسد فيه أشكال هندسية ومجسمات بعضها يحاكي الواقع على غرار مجسمات القردة وقمم الهقار وبرج بيزا المائل.
علقت شابة ضمن الفوج السياحي قائلة «للمغارة سر وطبيعة لا يمكن وصفهما»، فيما كان الباقون مركزين مع ما يقدمه مرشدنا من شروحات وهو يحمل في يده مصباحا يؤشر به في كل مرة نحو اتجاه معين أو شكل معين.
تشعر داخل المغارة بأنك جزء من فيلم مغامرات ويزيد حماسك وانبهارك كلما تقدمت، فملامح الحياة تتغير في لحظات. كان الأطفال يكثرون من الأسئلة حول كل شكل تقريبا، ويحاولون تخيل مجسمات لا أساس لها في الوجود، وقد حاول بعض الحاضرين التقاط صور داخل المغارة، لكن المرشد منعهم لعدة أسباب أبرزها حماية قيمة الكهف التي تكمن في غموضه.
أوضح بعض من رافقونا، بأن جمال الكهوف العجيبة لا يوصف، وأنها من أجمل المعالم السياحية التي زاروها، وقال آخرون بأنها آية من آيات عظمة الله وتجل واضح لقدرته، وحسب مواطن قدم من ولاية ورقلة، فإنها منطقة تستحق عناء التنقل لاكتشافها، قائلا بأنه لم يندم أبدا على زيارة المكان لأنه يشعر بالإلهام، فالسائح حسبه، يبحث عن الاكتشاف والتعمق أكثر في جمال بلادنا، التي تزخر بالعديد من المقومات، بما في ذلك هذه التحف الصغيرة التي نحتتها الطبيعة من صخور عمرها آلاف أو ملايين السنين.
وللمغارة مميزات عديدة، إذ تحتوي على أشكال غريبة تشكلت بفعل ظاهرة تسرب مياه الأمطار المحملة بالكلس والأملاح المعدنية، لتحفر على الصخور تماثيل وأشكالا بينها ما يشبه تمثال الحرية، وحسب الخبراء فإن درجة الحرارة داخل المغارة ثابتة ولا تتعدى أو تقل عن 18 درجة مئوية طول السنة ويرجع ذلك إلى طبيعة تجويف الكهف.
وتعتبر المغارة معلما سياحيا ممتازا ونقطة جذب يزوره الكثيرون من مختلف دول العالم سنويا، وقد ساهم ذلك في تنشيط الحركية حول محيطها، الذي يستغله شباب لعرض منتجات حرفية وتقليدية يقبل عليها السياح والزوار، خاصة التذكارات.
وقد عملت الجهات المختصة على ضبط العملية بتنظيم الأنشطة، خاصة بعد فتح أكشاك لبيع المأكولات الخفيفة، ليتسنى للزائر البقاء في المكان لوقت أطول والاستمتاع بالطبيعة. ويتواصل الإقبال بشكل مستمر على مغارة الكهوف العجيبة طوال اليوم صيفا، كما أن للمنطقة ميزة على امتداد السنة، نظرا لموقع الكهوف المتاخم للوادي والمطل على الشاطئ، حيث يمكن للزائر تقسيم يومه بين الاستجمام والسباحة و زيارة المعلم السياحي.
كـ . طويل