تزايد لافت في حالات الانتحار بميلة

 كشف رئيس المكتب العمومي بالمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بولاية ميلة عن ارتفاع  حالات الانتحار المسجلة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مشيرا إلى وقوع 51 محاولة انتحار لأشخاص  من مختلف الأعمار من الجنسين خلال عام 2014 ، توفى منهم 15 شخصا، لينخفض هذا الرقم في العام الموالي أي عام 2015، إلى 33 محاولة انتحار توفى منها 11 شخصا(8 ذكور و3 إناث ) وأنقذ الباقون.
 أما في الثلاثي الأول من السنة الجارية 2016 ،فسجلت سبع محاولات انتحار قضى فيها ثلاثة منهم ( رجل وامرأتان) و أنقذ رجل و ثلاث نساء.
ذات المصدر لدى تدخله في الحصة الشهرية لإذاعة ميلة الجهوية "منتدى المواطنة" ، أشار إلى توزيع محاولي الانتحار على مختلف الفئات العمرية من أقل من 18 سنة، إلى غاية شريحة الشيوخ، مقدما البطالة والمشاكل العائلية والعاطفية والمرض العقلي والتوتر العصبي كدوافع أساسية للمقدمين على محاولات  الانتحار.
من جهته ممثل أمن الولاية بميلة، ذكر الأرقام التي تم تسجيلها على مستوى دائرة اختصاص هذا السلك الأمني لفترة الثلاثي الأول من السنة الجارية الذي عرف 22 محاولة انتحار، حصلت فيها أربع وفيات مقابل  72 محاولة انتحار سجلت في العام الماضي 2015 ،مشددا على ضرورة التدخل قبل حصول الانتحار، مشيرا إلى أن ضعف الاتصال والتواصل بين أفراد الأسرة خاصة بين الأولياء والأبناء، يزيد الهوة بينهم، فلا يجد الشخص الواقع تحت مختلف الضغوط، من يستمع إليه وبالتالي يصبح الانتحار في نظر المعني هو الحل، فيما أشار ممثل الحماية المدنية بعد تقديم الإحصائيات المسجلة من قبل أفراد هذا السلك إلى تستر العائلات الجزائرية عن التصريح بهذه الظاهرة التي سجلت بين أفراد المجتمع و اعتبارها مسيئة لها، لا ينبغي البوح بها للغير، خاصة منهم الجهات المختصة بما يفوت فرصة و إمكانية التدارك قبل فوات الأوان.
من جانبه والي الولاية الذي فضل المشاركة بوصفه فردا من المجتمع، حيث قال بأن المجتمع  ينشر أفكارا وتبريرات للظاهرة تعتبر واهية في حقيقة الأمر، مثل الفقر والمشاكل الاجتماعية الأخرى، فإذا نظرنا للظاهرة من هذه الزاوية، نجد أكثر الدول رفاهية في العالم و نعني بها الدول الاسكندينافية، تسجل أكبر نسبة انتحار، مرجحا تقاعس الأطراف والقطاعات المؤطرة للمجتمع بداية من الأسرة، مرورا بالمدرسة والمسجد و قطاع الشباب والرياضة والنشاط الاجتماعي والتضامن، عن لعب الدور المنوط بها، سواء تعلق الأمر بالرسالة المسجدية التي تعمل على الرفع من مستوى وعمق الوازع الديني لدى الفرد الجزائري بوصفه مسلما يتميز بالرضا بما قسمه الله له و بالتكافل الاجتماعي والتضامن مع الآخرين أو بالمدرسة وما تقدمه من سلوك و قيم وقطاع الشباب والرياضة وما يقدمه من ترفيه وفرص الترويح عن النفس.
 و يرى أن أئمة المساجد كرسوا دورهم في تعليم الناس كيفية تعليم الناس الصلاة وسبل ترقيعها، متناسين ما يدور حولهم من أحداث، دون نسيان غياب "صديق الثقة" في وقتنا الحاضر الذي يمكنك البوح له بأسرارك فيحفظها ولا يستعملها في ما بعد ضدك.
نفس الطرح قدمه مدير الشباب والرياضة والمختصين العاملين معه الذين أشاروا إلى السلوكيات الجديدة التي أدخلتها التكنولوجيات الحديثة على العائلة الجزائرية التي انعزل أفرادها في غرفهم، فلا يلتقون في رواق المنزل إلا للسؤال عن إشارة الأنترنت وسبب غيابها، بعد افتقادهم لها على أجهزتهم.
 ممثل الشؤون الدينية  شدد على تخلي أفراد الأسرة عن قيمة التواصل من خلال اللمة أو القعدة العائلية التي كانت معروفة عند العائلات قبل حلول تكنولوجيا العصر، ثم أن الإنسان الجزائري يتميز، حسبه، خلافا عن غيره بثقافة " الخنيق وسدان الفم "، داعيا إلى أهمية خلق خلايا للاستماع و الإنصات داخل المنزل العائلي وخارجه.  متدخلون آخرون قسموا الانتحار الذي يقضي سنويا على 800 ألف شخص في العالم، إلى نوعين، سريع يتجسد في إقدام المعني لأسباب مختلفة و لضعف في شخصيته على وضع حد لحياته، و الانتحار البطيء و يتجسد في تناول المخدرات أو سياقه السيارة بتهور،دون احترام لقانون المرور، بما يوقع المعني في الموت واعتبروا  ذلك انتحارا دون سابق إنذار.
إبراهيم شليغم