أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
مسلسلات الأنمي اليابانية.. خطر جديد يهدد إستقرار الأسر الجزائرية
ناروتو، القناص، الظلام ....هي ليست أسماء لشخصيات سينمائية، و إنما عناوين لمسلسلات الأنمي اليابانية في شكل رسوم متحركة، تشهد رواجا منقطع النظير في أوساط مختلف فئات المجتمع، بعد أن تمكنت من السيطرة على عقول الكبير قبل الصغير، فأدمنها شباب و آباء يقبعون لساعات خلف شاشات التلفاز أو الكومبيوتر لمتابعة حلقات قد تصل في تعدادها إلى 800 حلقة لسلسلات، العامل المشترك بينها العنف الذي تبرزه مناظر دموية شنيعة و سلوكات لا أخلاقية يحذر الأخصائيون من خطرها و تأثيرها السلبي على المجتمع الجزائري.
ففي الوقت الذي لا تزال الدراما التركية بكل ما تحمله و تفرضه من قيم خارجة عن مجتمعنا المسلم و المحافظ ، تسيطر على عقول الأمهات و بناتهن و حتى العجائز، ينقسم الجنس الآخر الذي لطالما استهوته الساحرة المستديرة، بين شغفه و حبه لها، و بين اللهث للاطلاع على مستجدات مسلسلات كارتونية يبدع اليابانيون في حياكة تفاصيلها و مزجها بصور تقترب من الحقيقة عبر قصص يقال بأن فيها الموجهة للكبار، غير أنه و في الواقع حتى الكبير قد يخاف أو تهتز نفسيته لدى متابعتها.
مسلسلات الأنمي، التي تبدو من اسمها على أنها دراما يصنعها ممثلون أو فنانون كبار، غير أن الواقع ليس كذلك، فهي عبارة عن رسوم متحركة فاقت شعبيتها كل التوقعات، إذ نجح اليابانيون الذي عجزوا عن صناعة هوليوود خاص بهم، في الإبداع عبر شخصيات كارتونية، يبرزون من خلالها عاداتهم و تقاليدهم التي يرى الكثير من المتتبعين لها بأنها قد تكسب الأطفال عادات سيئة خارجة عن عادات المجتمع العربي و الإسلامي.
فمن منا لم يسمع في الفترة الأخيرة بأشهر رسوم متحركة تشهد متابعة كبيرة، و هي ناروتو، هذا الشاب الذي سكن عقول الأطفال بسبب تلك القنوات التي تبثه في فترة برامج الأطفال، في حين أن قصته بكل تفاصيلها الدموية الشنيعة لا يمكن للأطفال تحمل رؤيتها، فبدأت القصة تتسلل في أوساط الشباب و حتى إلى الآباء الذين بات عدد كبير منهم يتابعون حلقاته إلى جانب أطفالهم الصغار.
يقضي عدد كبير من الشباب و الآباء و حتى الأطفال ساعات طويلة، قد تصل إلى يوم كامل أو ليلة بأكملها ،خلف شاشة التلفاز أو الكومبيوتر لمتابعة عدد كبير من حلقات أحد مسلسلات الأنمي الطويلة، و يضع الشخص نفسه في عالم خاص يجعله يعيش مع شخصيات تعلق بها و أدمنها إلى حد كبير.
فصبري، شاب تجاوز 30 عاما من عمره ، يقول بأنه بدأ متابعة مسلسلات الأنمي، منذ أزيد من سنة، و تعلق بها نتيجة أسلوب التشويق الذي يتبعه المنتجون لهذه الرسوم المتحركة الموجهة للكبار و الصغار معا، و من متابعة مسلسل إلى آخر، أصبح يفضلها على المسلسلات الأمريكية و أفلام الأكشن التي يصنعها ممثلون حقيقيون معروفون عالميا، خاصة و أنها تجمع إتقان اليابانيين لفنون القتال التقليدية، الممزوجة بالخيال التي كثيرا ما يتوق إليه المتتبع لأفلام الممثلين الفعليين و لا يجدها، فضلا عن التجديد في القصص و الغرابة.
يجمع كل من تحدثنا إليهم من عشاق أفلام المانغا أو مسلسلات الأنمي المشتقة من الكلمة الإنجليزية “أنيمايشن”، على أن هذا النوع من البرامج يتسلل و يسيطر على العقول بشكل منقطع النظير، فيخلق نوعا من الإدمان ، لا يجعلك تكتفي بتتبع حلقات سلسلة واحدة حتى النهاية، و إنما يدفعك نحو البحث عن سلسلات جديدة من نفس النوع، هذا ما يقولون بأنه بات دافعا و محفزا على تحميل أخرى و كل الحلقات من مواقع اليوتيوب.
و إن لم تتوفر الترجمة إلى العربية التي غالبا ما تقوم بها شركات خاصة لأجل إعادة تسويق الأفلام الكارتونية إلى العالم العربي، فإن ذلك لا يشكل عائقا لدى عشاق الأنمي، فهؤلاء قد وجدوا الحل عبر تحميل السلسلات التي يقوم بترجمتها بعض الأشخاص عن طريق الكتابة أسفل الشاشة بالعربية، في حين لا يكتفي بذلك الذين وصلوا إلى حد الهوس ، و يذهبون إلى المتابعة و معرفة تفاصيل الحكاية من الصورة في ظل عدم معرفتهم للغة اليابانية.
أما بالنسبة لكيفية التمكن من متابعة هذا الكم الهائل من الحلقات و الحصول عليه بسهولة، فإن أحد الآباء الذي يشتغل في مؤسسة عمومية، يقول بأنه يقوم بتحميل عدد من الحلقات و تبادلها مع زملائه في العمل و أصدقائه، هؤلاء الذين يتفقون على تقاسم مهمة التحميل فيما بينهم، و بهذا يضمنون متابعة كل السلسلة التي تتحول إلى موضوع جاد للنقاش متى سنحت الفرصة بذلك.
الرسوم المتحركة التي ترتبط في الأساس بالطفل، لم تعد كذلك مؤخرا، و هو ما تفطنت إليه الكثير من الأمهات، فالسيدة آسيا تقول بأنها في حرب دائمة مع ولديها الذين يدرس أحدهما في الصف الابتدائي، و الآخر في المتوسط ،بسبب الجلوس المطول أمام التلفاز لمتابعة الأنمي، فهي تقول بأن طول المدة و نوعية الأفلام جعلاها تخاف على ولديها، و تدخل في جدال دائم معهما بسببها.
و تضيف هذه الأم بأنها حاولت منعهما لكنها عجزت عن ذلك، فالتكنولوجيا كما تقول تساعدهما في التغلب عليها، أما السيدة فريدة فتقول بأنها في حرب دائمة مع زوجها الذي يعود من عمله مباشرة إلى متابعة التلفاز أو الكومبيوتر، تاركا كل مسؤولياته العائلية لها، لا لشئ و إنما لمشاهدة رسوم متحركة حولت رجلا تجاوز 40 سنة من عمره ، إلى طفل سيطرت عليه شخصيات كارتونية، و الأمثلة كثيرة، فهذه أم تتخاصم مع ابنها الشاب لأنه يتابع الرسوم المتحركة، و أمثلة أخرى نجدها في أغلب البيوت الجزائرية.
الرسوم المتحركة و إن أنتجت جدلا و خلافات لدى بعض العائلات، فإنها شكلت نقطة اجتماع لدى عائلات أخرى، فسارة تلميذة الثانوي تقول، بأنها تتابع ناروتو رفقة جميع أفراد عائلتها، و بعيدا عن مشاهد الدم و العنف، فإن الأم و الأب لا يمنعانها و أشقائها من متابعته، و هو شئ تراه ايجابيا خاصة و أنه يشجعها على متابعة ما يستهويها أمام والديها، و ليس بعيدا عن أنظارهما كما يفعل الكثيرون.
و ترى إحدى الأمهات المتابعات لمسلسلات الأنمي، بأنها تفضل هذه الأخيرة على الأفلام و المسلسلات التركية التي غزت الشاشات العربية، فهي تعتبرها أكثر إيجابية ،خاصة و أن كثيرا منها قد يحمل في طياته أنماط الحياة في العصور الوسطى، الكوميديا، الإثارة و الخيال العلمي، معتبرة بأن متابعتها مع أطفالها يجعلها تسيطر على ما يتابعونه ،عبر التحكم في المشاهد و محاولة تجنب المشاهد العنيفة التي قد تؤثر سلبا على نفسية الطفل.
و وسط هذا الزخم الهام من أفلام الكارتون العصرية التي تتخذ من العنف أساسا لها، ينادي الكثير من الشباب و الشابات ،و حتى الأولياء إلى العودة إلى أفلام الكارتون القديمة التي تربوا عليها، معتبرين إياها أكثر إيجابية ،خاصة و أنها تركز على القيم النبيلة أو أنها مثيرة للضحك بطريقة مهذبة، حسب تعبيرهم.
كما انتقد المعنيون ما تحمله هذه السلسلات من مشاهد مخلة بالحياء، تكسب الطفل سلوكات مشابهة و تجعله يعتقد بأنها سليمة، مشيرين إلى تمادي اليابانيين في رسم مشاهد لا أخلاقية ،قد تجدها حتى في التعامل بين الأخ و أخته، فضلا عن الألبسة التي يزينون بها شخصياتهم ،خاصة الأنثوية منها.
ترى الأخصائية النفسانية، حمادة دلال، بأن سلسلات الأنمي قد تخطت مستوى الإدمان في المجتمع الجزائري، متهمة إياها في الضلوع فيما وصل إليه المجتمع الجزائري من مستوى العنف، حيث تقول بأن الرسوم المتحركة العنيفة ،و إن كان الأطفال يحبونها بسبب ضعفهم الطبيعي و افتقارهم للقوة التي يتحلى بها أبطالها، إلا أنها تعتبر إحدى الأسباب الرئيسية في مستوى العنف الذي بات يميز أطفالنا.
و تحمل الآنسة حمادة دلال، الأولياء المسؤولية في كل هذا، نتيجة غياب الرقابة على ما يشاهده أبنائهم، خاصة في ظل سياسة عدم الانتقاء في البرامج التي تنتهجها أغلب القنوات و إن كانت مخصصة للأطفال، و اعتبرتها عاملا جديدا يهدد استقرار الأسرة و المجتمع برمته.
أما بالنسبة للمراهقين، فالأخصائية ترى في متابعتهم لهذه الرسوم المتحركة أمرا مقبولا، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من السيطرة الزائدة للأولياء، سواء كان ذالك داخل أو خارج البيت، و هي مسلسلات تساعدهم على تفريغ شحنات القلق الزائدة لديهم، متحدثة عن بعض الحالات التي تتكفل بها لتلاميذ في الطور الثانوي يدمنون الأنمي، فتقول بأنهم وصلوا حد إدمان آخر و يتمثل في رسم شخصياتها و الإبداع في إلباسها و تصوير مشاهد تتطابق و أفكارهم الشخصية، ما تعتبره تفريغا إيجابيا يكون أفضل من تفريغ شحنات القلق عبر سلوكات منحرفة.
و تحذر النفسانية من خطر إدمان كبار السن لمسلسلات الأنمي، معتبرة الظاهرة تعكس نوعا من المشاكل التي قد يعانيها الفرد ،نتيجة حرمانه من الاستمتاع بإحدى مراحل الطفولة، ما يلجأ إلى تعويضه في سن متأخرة، و تنصح هؤلاء بعدم إهدار أوقاتهم في مشاهدة أشياء تصفها بالتافهة بالنسبة لسنهم، و تعويضها بالرياضة و العمل على تحسين أمورهم عبر إعادة البناء المعرفي و إعادة إدراج العقلانية، كمبدأ أساسي في تسيير حياتهم الشخصية.
إ.زياري