الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
قوميدي كواشي.. فنان يحوّل محله إلى متحف للمقتنيات
يهوى قوميدي كواشي المعروف باسم النوري بتاجنانت ولاية ميلة ، جمع التحف والأدوات والمقتنيات العتيقة، حيث تضم تشكيلته العشرات- إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير من الأشياء القديمة جدا والتي يصعب إيجادها اليوم كالعربات، السروج، أواني منزلية وحتى المخطوطات.
ابن الشيخ الحسين.م
ويجمع النوري لوازمه العتيقة في محل بدار الصناعة التقليدية والحرف ببلدية تاجنانت، منذ سنوات، حيث يقوم صاحب 46 سنة والأب لثلاثة أبناء بتصليح وترميم ما يجمعه ويقتنيه من مستلزمات عتيقة، كما يصنع أدوات وأشياء تحاكي القديمة، تجعل الناظر إليها يظنها عادت من الأزمان الغابرة كالعربات الخشبية. الرجل الذي حتى شكله جعل منه مميزا كالهواية التي يمارسها منذ السبعينات، قال بأنه توارث هذا الشغف من والده المرحوم الذي لطالما كان يحب الأشياء القديمة وحظي بالتشجيع من والدته التي تركت له من أثرها زربية لإحدى صديقات الشخصية التي تغنى بها التراث الجزائري في رائعة حيزية وهي السيدة برنية ، والتي كما أخبرنا ، كانت لوالدته صلة قرابة معها من بعيد مكنت من وصول تلك الزربية إليها ومن ثم إليه مع مرور الزمن، كما أن للمحيط العائلي لكواشي عموما اهتماما كبيرا بكل ما هو عتيق، حيث أنه أكد لنا أن ما يمتلكه من تحف ومقتنيات ، ليست له وحده بل هي إرث عائلته بأكملها، حيث أنه في كثير من الأحيان يتحصل على أشياء بمساعداتهم سواء يدلونه إليها أو يساعدوه في ثمنها أو يقتنوها بأنفسهم ويعطونه إياها.
زربية من زمن حيزية ومخطوطات نادرة
اقتنى كواشي أو النوري العديد من الأشياء القيمة والنادرة حاليا، التي تعبر عن فترات وثقافات وقبائل مرت من الجهة ، بحيث تجد في مجموعته فأسا حجرية تعود للعصور القديمة جدا، مخطوطات في الفقه والدين ، وهي من أعز ممتلكاته ، أتلف بعضها إضافة إلى أشياء كثيرة أخرى، بسبب تسرب المياه الى محله منذ مدة، و في جعبته أيضا أواني منزلية منها أباريق من فترة 1500 إلى 1800 ميلادي، بعضها مصنوع بفرنسا، كما هو موضح من خلال الكتابة أو النقوش، لديه كذلك مطحنة قمح تعود لعشرينيات القرن الماضي مكان صناعتها يبعد عن العاصمة الفرنسية باريس بحوالي 64 كلم، وهو نفس مكان صناعة تمثال عين الفوارة بسطيف، وقد تنقلت هذه المطحنة حسب محدثنا من ذلك المكان إلى مارسيليا وعبر البحر إلى الجزائر ثم سكيكدة وصولا إلى تاجنانت، لتحط رحالها في الأخير عند النوري.
تضم مجموعة النوري مضخة مياه يدوية قديمة يقارب عمرها المئة سنة ولازالت في حالة جيدة يريد أن يضعها في الشارع ويزودها بالماء الشروب لتكون في متناول المارة العطشى من جهة، ولإضفاء جمالية في المكان من جهة ثانية، يمتلك كواشي مجموعة قيمة من الهواتف القديمة ومنها هاتف خشبي كان يستعمل في الربط بمركز البريد ومن ثم بالشخص المراد الاتصال به، كما توجد أيضا مجموعة من المصابيح منها ما يستعمل في القطارات القديمة للتنبيه والإشارة.
في مجال الفروسية أيضا جمع النوري العديد من السروج والسيوف وحتى بندقية تعود لفترة المقاومة الشعبية، بالإضافة لكل ما يتعلق بتجهيز الأحصنة من لوازم، وحدثنا عن فرصة ضاعت منه منذ مدة قريبة كان سيقتني خلالها سرجا قديما مصنوعا من الحلفة والفضة ولكن الثمن لم يكن في استطاعته رغم المحاولات الكثيرة لتدبره، حيث قدر بحوالي 200 مليون سنتيم، وإلا لما ضيعه من يده كما قال.
انتظر سنوات ليحصل على صندوق قديم لجهاز عروس
ومن القصص المتعلقة بوصول هذه المستلزمات القديمة إلى كواشي، قصة صندوق خشبي لجهاز العروس في حالة جيدة وعليه رسومات مختلفة الألوان للزينة، كان عند امرأة ويعود لأمها المتوفية، سعى محدثنا كثيرا معها لأخذه دون جدوى، حيث اعتبرته لا يقدر بثمن ويستحيل التفريط فيه، لتعود وتقر له بأن لا أحد أجدر بالمحافظة عليه منه، لتمر السنين وتعود إليه وتخبره أنه بإمكانه أن يأخذه وهو في منزل عائلتها القديم، فلما وصل إليه وجده في حالة يرثى لها ، حيث أهمله مستأجر المنزل وأساء استعماله ما أضر به، ولكن كواشي أعاد ترميمه وأنقذ ما يمكن إنقاذه وهو حاليا بمحله مع باقي الأدوات.
هواية كواشي في جمع التحف القديمة لم تمنعه من أن يكون شاعرا وفنانا تشكيليا، وقبل ذلك طور نفسه فيما يخص مجال ترميم التحف التي يجمعها ويتكبد عناء في ذلك، ناهيك عما يصرفه من أموال لاقتنائها، حيث أنه يضع ما اقتناه بين يديه ليعيد ترميمه وصيانته ليعود إلى سابق عهده ما جعل الكثيرين من أبناء تاجنانت من النجارين والحدادين لم يصدقوا أنها أشياء عتيقة، الشيء الذي زاد من حرصه على عدم المساس بما يبقي منها كدليل على قدم وعتق ما يرمم.
أكد لنا كواشي أنه لم يتلق تكوينا في مجال الترميم بل حصله من مخالطة أهله وكثرة البحث والسؤال عنه، وهو نفس الشيء بالنسبة لبقية الفنون التي برز فيها من نقش على الزجاج والرسم، حيث أنه أنجز العديد من البورتريهات من خلال النقش على الزجاج وتحديدا زجاج المرايا الذي يحب العمل به كثيرا، ومما أنجز، بورتريه للراحل هواري بومدين الذي نحت له أيضا صورة على الخشب، والرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالإضافة إلى بورتريه لنفسه، وفي الفن التشكيلي الذي كان فيه عصامي التكوين أنجز هاوي جمع التحف الفنية العديد من اللوحات، خصوصا في الثمانينات، حيث نشط أكثر في الرسم، منها ما أهداه وما باعه، واحتفظ بعدد بسيط فقط، إضافة إلى ثلاث لوحات يقارب عمرها الثلاثة قرون اقتناها من الخارج عن طريق صديق له، ويضعها حاليا في محله بتاجنات مع باقي مجموعته، ولم يكتف كواشي بهذا فقط بل أطلق العنان لخياله وأخذ يصمم ويبتكر، فهو حاليا ينجز ديكورات مختلفة لتزيين المنازل، ويبتكر تحفا وأدوات للزينة كالثريات من مواد بسيطة كالخشب والحبال تعرف إقبالا كثيرا عليها.
الرسم هواية أولى أكسبته لوحات عمرها ثلاثة قرون
حظيت هواية النوري وأعماله الفنية بإعجاب الكثيرين أينما حط رحاله ، حيث شارك في عدة معارض بالجزائر، وهران، تمنراست، وعلى مستوى ميلة و تاجنانت، حتى أن أهله ومعارفه كانوا يساعدونه في الوصول إلى كل ما هو قديم وعتيق بإرشاده إلى مكانه، ومنحه له إن كان لدى أحد من معارفه، كما كان يتنقل للعديد من المناطق للوصول إلى ما سمع به تلبية لشغفه الكبير بالأشياء العتيقة، التي قال بأن الناس اليوم تفطنوا لها وأصبحوا لا يفرطون فيها بسهولة. في حديثنا مع هذا العاشق لكل ما هو قديم والباحث عنه على الدوام، سألناه عن مستقبل هكذا نشاط، أجاب بأن التشجيع من الناس موجود وبالشكل المطلوب والفعال، ولكن من أصحاب القرار ومنهم السلطات المحلية على مستوى تاجنات، التي قال أنها لم تقم بعد بردة الفعل المنتظرة، خصوصا وأنه أكد لنا طلبه كراء أو شراء مساحة تكون مكانا لعرض ما جمع ويجمع من تحف، قد يتخذ منها جانبا ليكون مقهى أو مطعم مزين ومرصع بما أعطى له من عمره الكثير، وهي تحفه القديمة.
كما تحسر أكثر على حاجته الماسة لمكان يتخذ منه ورشة على الأقل في أسوء الأحوال لترميم وإنجاز أعماله الفنية وترك محله كمعرض مفتوح للزوار، لأنه في الأخير ملك لهم، مشيرا أن متعته الأكبر هي عندما يكون في متناول الجميع، فيحفزهم على هكذا هويات تحمي موروثنا وتاريخنا الذي تحكيه هذه التحف العتيقة.
ا.م