وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
* أمر بتسوية ملف العقار الفلاحي في 2025 * ضرورة إيجاد حل لمشكل غلاء اللحوم الحمراء * توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجيةأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد...
كرم الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، نظير دعمه الكبير للفلاحين والرقي بقطاع الفلاحة...
قام السيد الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أمس الثلاثاء، في اليوم الثالث من الزيارة الرسمية التي...
المعاكسة تحول حياة الشابات إلى كابوس في شوارع قسنطينة
حولت ظاهرة المعاكسة والتحرش السير بشوارع قسنطينة إلى كابوس حقيقي بالنسبة للفتيات، أجبرهن على اتخاذ احتياطات استثنائية وتجنب المرور بالأحياء ، كما جعلهن تحت مراقبة دائمة من شباب همه الوحيد لفت اهتمام الشابات و افتكاك أرقام هواتفهن بكل الطرق، حتى و إن ابتعدت عن الأخلاق وأبجديات التعامل مع الآخرين، في شكل يعبر عنه نقص في ثقافة التمدن، و يشير إلى أعراض مرضية قد تكشف عن أمراض اجتماعية ونفسية عويصة، تستدعي دراسة موضوعية و طرحا جديا لفهمها بشكل عميق.
النصر حاولت من خلال هذا الروبورتاج، نقل مختلف الممارسات المتعلقة بظاهرة المعاكسة، وتقربت من شباب وفتيات لمعرفة رأيهم وهم يواجهونها يوميا بالشوارع و الأرصفة.
لاحظنا على مستوى وسط مدينة قسنطينة، عمليات معاكسة للفتيات بشكل جماعي، خصوصا بالقرب من الأماكن التي تشهد حركية كبيرة كزبونات محلات بيع الألبسة النسائية و محلات بيع المأكولات السريعة، فعلى مستوى شارعي العربي بن مهيدي، و19 جوان بوسط المدينة وكذا أحياء المدينة القديمة، لاحظنا أن عددا من الشباب القاطنين هناك، يواظبون بشكل يومي على ترصد المارات من أجل معاكستهن، خصوصا في منتصف النهار وبعد الظهيرة، حسب شهادة أصحاب محلات تجارية، أبدوا استياء كبيرا من الظاهرة، بعد أن جعلت من الجلوس داخل المحل رفقة أفراد العائلة، أمرا شبه مستحيل بالنسبة إليهم ، بسبب التصرفات السيئة للشباب المذكورين واستعمالهم لكلمات خادشة للحياء أحيانا، فعبارات على غرار “أعطني رقم الهاتف”، أو “نجي نخطب”، تتردد كثيرا على مسامع من يجلس بالقرب من نقاط محددة من الأحياء المذكورة، حتى أن بعض الفتيات أصبحن يتجنبن المرور بها.
كما أخبرنا محدثونا بأنه صار من الصعب على أفراد العائلة أن يسيروا معا بالشارع بسبب المظاهر “غير الأخلاقية” التي قد يصطدمون بها، فضلا عن تجنب الأولياء المشي مع بناتهم في الشارع، لكي لا يضطرون للدخول في مناوشات مع المعاكسين، حيث يجرأ بعض الشباب على مغازلة الفتيات المرفقات بأفراد من عائلتهن، حسب شابة في العشرينات أخبرتنا بأنها كانت رفقة عمها، الذي انتبه لشاب عاكسها ما جعله يدخل معه في مناوشة كلامية كادت تتطور إلى شجار عنيف، لولا تدخل مواطنين، فيما لا يتردد نوع آخر من المعاكسين في تتبع خطوات الفتيات لوقت طويل و بمختلف الأحياء دون ملل، حتى وإن تجاهلتهم الفتيات تماما حتى أن من يرى ثنائيا من هذا النوع يعتقد في البداية أن الفتاة و الشاب الذي يتتبع خطاها يسيران معا، على غرار شاب لاحظناه يعاكس شابة و يتتبع خطواتها بشارع عبان رمضان، مع التوقف كلما استوقفها أحد معارفها لإلقاء التحية، أو دخلت إلى محل تجاري، غير مبال بنظرات المارة أو الشارع المزدحم.
أصحاب السيارات الفاخرة، يمثلون نوعا آخر من مطاردي الجنس اللطيف بمختلف الشوارع والأحياء الكبرى، حيث قال بعض مدمني هذه العادة، أن استخدام سيارة من طراز راق يجذب انتباه الفتيات ويزيد من نسبة الحصول على رقم الهاتف الخاص بها أو الدخول في علاقة غرامية معها، فضلا عن أن الظاهرة تشمل حتى المعاكسين الذين يستعملون السيارات العادية، في حين استنكر شباب آخر الأمر واعتبروه نوعا من الإغراء المادي و”الحقرة”، خصوصا وأن ممارسي هذه الأفعال –حسبهم- يستهدفون غالبا الفتيات المنتميات إلى عائلات متوسطة الدخل، بالرغم من عدم نفيهم قيامهم بالمعاكسة في إطار يرون بأنه محترم، فيما لاحظنا أيضا أصحاب سيارات لا يتوانون عن المخاطرة بالتحرش بسائقات السيارات من خلال مناورات خطيرة ، تنتهي أحيانا بحوادث خفيفة تضطر الفتاة إلى التوقف والنزول من المركبة، فيما يستخدم بعض المعاكسين الدراجات النارية لملاحقة السائقات، ما يبعث الذعر في نفوسهن أحيانا وينتهي بصراخهن.
ثلاث فتيات من فئات مختلفة أفصحن لنا عن معاناتهن اليومية مع المعاكسين والمتحرشين، فتحول ـ حسبهن ـ المشي بالشارع أو التجوال بالمدينة إلى كابوس، وفرض عليهن ما يشبه حظر التجوال بأماكن وأوقات معينة، كما أصبحن يتخذن تدابير واحتياطات كثيرة لتجنب الوقوع في مشاكل.
رانيا، مدرسة اللغة الانجليزية ،البالغة من العمر 26 سنة، أفادت بأنها تتعرض دائما لمعاكسات الشباب خلال تواجدها بالشارع، خصوصا على مستوى مدينة قسنطينة والمدينة الجديدة علي منجلي، حيث ترى بأنه من الطبيعي أن يعاكس شاب فتاة تعجبه، إلا أنها اعتبرت بأن الأمر في المجتمع الجزائري قد تحول إلى شكل من أشكال العنف، وصار يبتعد عن الأخلاق وأبسط أبجديات حسن التعامل مع الآخرين، حيث أفادت بأنها تعرضت في أحد المرات إلى اعتداءات لفظية بالكلام البذيء والشتائم من طرف معاكسين عندما كانت رفقة شقيقتها بجسر سيدي مسيد بقسنطينة خلال فصل الصيف في حوالي الساعة السادسة و النصف مساء .
و ذكرت بأن شبابا من المارة و سائقي السيارات، كانوا يعاكسون شقيقتها الصغرى ،مستخدمين كلاما بذيئا وشتائم تحمل إيحاءات غير أخلاقية، و هم أحد أصحاب السيارات بالنزول إليها، بعد أن شتمها عندما ضاقت ذرعا بتصرفاته وطلبت منه التوقف عن إهانة أختها واحترام “بنات الناس”، ليعود أدراجه بعدما وصلت الفتاتان إلى سيارة والدهما الذي كان ينتظرهما بمركبته عند نهاية الجسر.
وأشارت رانيا بأنها شعرت بذعر شديد من أن تصاب شقيقتها بمكروه، وقررت عدم المرور من جسر سيدي مسيد خلال المساء بعد الحادثة، خصوصا وأن سائق السيارة كان برفقة ثلاثة شبان آخرين، مشيرة إلى أنهما لا تعرفان هؤلاء الشباب ولم يسبق لهما رؤيتهم من قبل، و ذكرت بأنها المرة الأولى التي تتعرض فيها إلى تحرش بشكل مماثل، بالرغم من تعرضها سابقا إلى موقف محرج ، عندما كاد أحد الشباب أن يصدمها بسيارته من أجل لفت انتباهها، بعدما لاحقها بمركبته عبر شارع 19 جوان بوسط المدينة و تجاهلته، حيث اعتبرت التجاهل وعدم الرد على المعاكسين الحل الوحيد للتخلص منهم، موضحة بأن حجابها ولباسها المحترم لا يشكلان بالضرورة حاجزا لمنع المعاكسين، بالرغم من أنها ترى بأن معاكسة الفتيات مقبولة في حدود احترام الآخر والأخلاق.
أضافت رانيا بأنها تتخذ جميع احتياطاتها من خلال الابتعاد قدر المستطاع عن الجلوس بجانب الرجال ،خاصة الشبان بوسائل النقل الجماعية على غرار الحافلات و الترامواي، بسبب ما يتم تداوله عن حوادث التحرش بالملامسات داخل الأماكن المزدحمة، فبالرغم من أنها لم تكن ضحية فعل مماثل من قبل، إلا أن الأمر – حسبها- أصبح يبعث على الخوف ، خصوصا وأنها شهدت حادثة من هذا النوع وقعت داخل حافلة على مرأى منها وانتهت بمناوشات كلامية حادة بين الضحية والشاب.
و لم يختلف كثيرا رأي الطالبة الجامعية سارة، عن رأي رانيا حول المعاكسة، إلا أنها استنكرت بشدة ظاهرة الملامسات الجسدية بالأماكن المزدحمة، وصرحت لنا بأنها كانت ذات يوم ضحية حادثة ملامسة على متن حافلة، حيث قالت بأنها كانت رفقة صديقاتها متجهة إلى المنزل، عندما لاحظت أحد الشبان يقترب منها بشكل مريب، متحججا بالازدحام داخل الحافلة، وأوضحت بأنها ظلت تبتعد عنه بأكبر قدر ممكن، وترمقه بنظرات قاسية إلى أن اختار مكانا آخر له، كما أخبرتنا أيضا عن تعرضها إلى فعل ملامسة آخر بالسوق، أين انفعلت بشدة و قامت بصفع المراهق الذي تحرش بها، موضحة بأن أغلبية معاكسيها يكتفون بالنظرات أو استعمال مصطلحات لا تتجاوز إطار الغزل.
وترى سارة أن اللباس “المثير” يعتبر السبب الأول في تعرض الفتاة للمعاكسات، بالرغم من أنها لم تنف أن بعض الشباب يعاكسون حتى الفتيات المحتشمات، و حملت بعض الفتيات مسؤولية ما يحدث لهن، بسبب هندامهن وتصرفاتهن التي تكون أحيانا مقصودة بغرض لفت انتباه الشبان، الذين يبررون أفعالهم وتقربهم منهن بفكرة أن الفتاة هي من أقحمت نفسها في ذلك، مستثنية من وصفتهم بالشباب والفتيات المحترمين، حيث قالت بأنهم لا يقومون بهذا النوع من السلوكات.
من جهة أخرى أوضحت لنا سميرة وهي شابة متزوجة في العشرينات من العمر، بأنها تتعرض دائما إلى معاكسات من الشباب، بالكلام أو يتبعونها في الشارع، مشيرة إلى أن معاكسيها لا يتراجعون حتى عندما تخبرهم بأنها سيدة متزوجة أو تبرز لهم خاتم الزواج بإصبعها ، حيث يردون عليها بأن الجميع أصبح يضع خاتما، ولم يعد دليلا على أن المرأة مرتبطة رسميا. و أضافت بأن شابا طلب منها أن تقسم له بأنها متزوجة لكي يتركها وشأنها، بينما تتبعها آخر إلى غاية الحي الذي تقطن به، مهددا إياها بعدم الذهاب إلا بعد أن يعرف أين تسكن بالضبط و أخبرها بأنه يريد خطبتها، ما اضطر شقيقتها إلى الرد عليه بعنف، خصوصا وأن الحادثة تزامنت مع فترة الصيام في شهر رمضان الماضي.
و شرحت بأنها لم تتعرض في حياتها لموقف معاكسة بشكل عنيف، باستثناء الإزعاج الهاتفي الذي عانت منه خلال فترة دراستها بالجامعة، بسبب الأشخاص المجهولين الذين كانوا يتصلون بها من وقت لآخر، ويطلبون الحديث معها من أجل ربط علاقة غرامية بها، ما جعلها تغير أرقام هاتفها باستمرار، حيث ترجح بأنهم كانوا يحصلون عليها من زملائها بالدراسة، وقالت بأنها تكتفي بعدم الرد على المعاكسين، سواء عبر الهاتف أو في الشارع.
ذكر لنا بعض الذين تحدثنا إليهم أنهم يقعون أحيانا في ما يشبه معاكسة الفتيات لهم، حيث أوضح حسام، البالغ من العمر 27 سنة، أن الفتيات يرمقنه بنظرات إعجاب وحتى كلمات جميلة، مؤكدا بأن ذلك غالبا ما يقتصر على أماكن ينشط فيها بحكم عمله في مجال الموسيقى، بالرغم من أنه لم ينف تعرضه لمواقف مماثلة في الشارع أو الطريق العام، إلا أنه يرى بأنها لا تصل إلى درجة معاكسة الرجال للنساء، ولا تتعدى درجة التعبير عن الإعجاب، على غرار ما روى لنا عن شابة وصفته بالوسيم، عندما اعتذرت منه بعد أن تظاهرت بأنها داست على قدمه خطأ ، و أضاف بأن الأمر يكون بشكل أكثر إلحاحا عندما يتعلق بفتاة يعرفها أو تربطه بها علاقة عمل.
فيما أفاد آخرون بأنهم قليلا ما يقعون ضحية معاكسات الجنس اللطيف، خصوصا وأنهم لا يتوانون في المبادرة بمغازلة الفتيات كما أكدوا لنا، و أجمعوا على استهجان الظاهرة التي تظل حسبهم معزولة، حيث قالوا بأنها لا تصدر من “فتيات محترمات”.
سامي حباطي