الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
ساهمت جائحة كورونا في اجتياح صناعة الشموع عالم الأشغال اليدوية من أوسع أبوابه، آسرة بذلك قلوب هواة الفن الرابع والثالث، الذين أطلقوا العنان لمخيلتهم وأناملهم الذهبية في تشكيل منحوتات فريدة من نوعها، تُقاسم العائلات الجزائرية أفراحهم ومناسباتهم السعيدة، لكن هذا الانتعاش كانت له تبعات سلبية أدت إلى غياب المواد الأولية في الأسواق المحلية وكذا ارتفاع أسعارها.
رميساء جبيل
كان الشمع منذ القدم رفيق الإنسان في لياليه المعتمة، ولطالما ألهم نوره المتوهج معظم الكتاب والمفكرين، كما أضحى عنصرا أساسيا في ديكورات المنازل وقاعات الحفلات كونه يضفي لمسة مميزة وإطلالة راقية تملأ الأجواء دفئا ورومانسية. ولما له من ذكريات جميلة تربطه بمختلف المناسبات، دأب أصحاب الحرفة في تطويع مادة الشمع واستحداث أشكال فنية جديدة، تتماشى والتطورات التي يشهدها العالم، حتى يتم الحفاظ عليها كإرث مادي.
«المُصلِّب» لإطالة عمر الشمعة و»الكريستالين» لتحسين جودتها
يسود اعتقاد بأن كل الشموع تصنع من ذات المواد، لكن هنالك ما هو مستخرج من مواد طبيعية كشمع النخيل أو النحل أو الصويا وهي أنواع نادرة في الجزائر نظرا لقلة الطلب عليها بسبب غلائها، وتتطلب استخدام ألوان طبيعية تدعى «الميكا» وكذا زيوت عطرية، والشائع أن شمعي النخيل والصويا يحتفظ بهما في علب زجاجية أو معدنية بعد صهرهما، في حين أن شمع النحل يأخذ شكل رقائق تُلف حول الفتيل، ويتم ربطها بخيط من الخيشة أو شرائح الساتان.
أما النوع الثاني فهو مزيج من مواد غير طبيعية، أين يعتبر «البرافين» ذو اللون الأبيض مكونها الأساسي إذ يتم استخراجه عند تكرير البترول، وتقاس جودته حسب البلد المصنع له فالمنتوج الألماني يعد الأفضل نظرا لنقاوته العالية، أما الأكثر استعمالا في الجزائر، بحسب العارفين بالحرفة، هو الشمع «الاسكندراني» متوسط الجودة، ولهذا السبب يلجأ الحرفيون عند صناعة شمعة بوزن 100 غرام إلى إضافة «المُصلّب» مع البرافين لتمديد عمر الشمعة، و»الكريستالين» لتحسين الجودة فتكون خالية من الشوائب.
ويتفنن الحرفيون في التزيين، فشموع الأعراس مثلا تلف بقماش من القطيفة المرصعة بأحجار كريستالية لامعة، أو ينقش عليها زخارف باستعمال ألوان الرسم على الزجاج أو الخشب، مع إضافة لمسات براقة بأوراق الذهب، أما الشموع الجوفاء فيضاف إليها قبل تصلبها نباتات وفواكه جافة وكذا أعواد القرفة.
وتختلف أسعار بيع الشموع المصنعة يدويا حسب وزنها وحجمها والمواد المستخدمة وكذا مستلزمات الزينة، فضلا عن نوعية القوالب والجهد المبذول من الصانع، فـ 50 دينارا هو الحد الأدنى للشمعة العادية صغيرة الحجم مثل التي تأخذ شكل حرف أو رقم لتزيين كعكة عيد الميلاد، وكذا «الفوندون» الذي يستخدم في تعطير المنازل، فيما قد يتجاوز سعر الشمعة الواحدة 1500 دينار خصوصا في الفترة الأخيرة مع ارتفاع سعر المواد الأولية.
و وقفنا خلال جولتنا بأزقة سوق الدقسي و وسط المدينة، على أن زبائن هذه الحرفة هم أصحاب محلات بيع الديكور ومستلزمات الأفراح، الذين يشترون الشموع اليدوية من صانعيها مباشرة بكميات كبيرة وبسعر الجملة، إلى جانب متاجر بيع مستلزمات الحلويات فضلا عن ربات البيوت اللواتي يعشقن تزيين طاولات السهرات الرمضانية بشموع في شكل فوانيس، وأشجار بحجم كف اليد باللونين الأخضر والأحمر لتزيين سهرات رأس السنة الميلادية، ناهيك عن إقبال العروس الجزائرية على اقتناء الشمع الأبيض المزين.
تواصلنا مع جابري كمال وهو صاحب محل لبيع المواد الأولية بالقليعة، حيث قال إن غالبية زبائنه هن حرفيات من مختلف ولايات الوطن، ويقصدنه لتوفر كل المواد لتصنيع الشمع والصابون والكريمات الطبيعية وكذا القوالب، وذلك بسعر التجزئة والجملة.
الجائحة أعادت للحــرفة بريقـها
وأعادت جائحة كورونا، لصناعة الشموع بريقها الذي انطفأ في السنوات الماضية، حيث شرعت النسوة من مختلف الأعمار في استغلال وقت مكوثهن بالمنزل لتعلم حرفة يسترزقن منها، بالتعلم من موقع «يوتيوب» أو الدورات أو المقالات المنشورة في بعض المجلات والمواقع الإلكترونية.
وتخبرنا ابتسام روابح أنها حرفية منذ سنوات، حيث كانت تصنع أكسسوارات لتزيين المناز، وكذا تحفا فنية من مواد بسيطة، لكن بسبب الكسر الذي أصاب مرفقها توقفت عن مزاولة الأشغال اليدوية لفترة طويلة، لتعود مؤخرا إلى عالمها الذي لطالما عشقته، لكن مع حرفة الشموع التي استهوتها، فانطلقت في البحث عن خباياها بالانضمام إلى مجموعات «فيسبوك» تضم محترفين ومبتدئين في هذا المجال الشيق للتعلم منهم.
وتقول ابتسام إنه وبحكم انعدام المواد الخام في قسنطينة، أين تعيش، ونقصها بالولايات الأخرى نظرا للحجر المفروض، وجدت صعوبات في الانطلاق بمشروعها الخاص، لهذا استغلت هذه الفترة في التعلم من خلال إعادة تذويب بقايا الشمع وصبها في قوالب «سيليكون» متوفرة لديها وتزيينها، ثم تقديمها كهدايا.
تحدثنا أيضا مع الحرفية لطيفة بن صابر من ولاية المدية، التي أسرّت لنا أن انطلاقتها في هذا المجال كانت سنة 2020 نظرا لرواج هذه الحرفة، فشرعت حينئذ في جمع كافة المعلومات حول تصنيع الشمع، والأماكن المخصصة لبيع المواد الأولية والقوالب، لتشرع بعد اقتناء ما يلزمها من حاجيات في العمل من المنزل، وتلبية طلبيات زبائنها من التجار وربات البيوت والعرائس.
كما ذكرت آمنة فغرور من ميلة، وهي من أفضل صانعي شموع في الجزائر، أنها احترفت الصنعة بمفردها في المنزل منذ سبع سنوات، لتغطي منتوجاتها اليدوية الشموع المستوردة، ويصبح لديها زبائن من 58 ولاية، حيث قالت إن «عالم الشموع» عرف ازدهارا كبيرا في السنوات الثلاث الأخيرة، نظرا لتوفر المواد الأولية وتنوع القوالب، التي ساهمت في تشكيل منحوتات فنية غاية في الدقة والإتقان، ونظرا لتميزها أقبلت النسوة عليها من مختلف الولايات لتعلم أسرار الحرفة منها عن بعد، لتصبح الآن مكونة في مجالي الشمع والريزين.
نقص الطلب بسبب حـمى الأسعــار
في المقابل، يشتكي صانعو الشمع من ارتفاع سعر المواد الأولية والقوالب بشكل كبير، ما شكّل عائقا أمام الراغبين في دخول المجال، إذ يقولون إنهم مضطرون في كل مرة لاقتناء مادة ما أو قالب معين، حتى تكتمل لديهم كل المستلزمات التي يحتاجونها.
ويؤكد محدثونا أن غياب المواد الأولية عن الأسواق الجزائرية في كثير من الأحيان، يجعلهم يشترون كميات كبيرة من «البرافين» و»المصلب» حتى لا يقعوا في مشكلة غياب المادة، مع أخذ حلول بديلة من خلال اقتناء شمع الإنارة الذي يباع في المتاجر، رغم رداءة جودته.
وقد تراجع الطلب على الشموع هذه السنة مقارنة بالأعوام الماضية، وهو ما يرجعه الحرفيون إلى مشكلة المواد الأولية ما يضطرهم إلى رفع ثمن الشمعة، إذ أن 25 كيلوغراما من «البرافين» كان يكلف 6000 دينار، أما حاليا فيتجاوز 12000 دينار، مشيرين إلى أن جائحة كورونا أثرت بشكل سلبي على استيراد المواد الأولية من أوروبا ما شكل عائقا في تلبية كافة الطلبيات، وفي حال استمرت مشاكل الاستيراد بنفس الوتيرة فسيضطرون للغلق، وفق تأكيدهم.
ر. ج