الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
يروي ناجون من جحيم حرائق الأربعاء الأسود بالطارف تفاصيل ما عاشوه من رعب، خلال يوم هلك فيه 38 شخصا و جرح 173 آخرون بفعل الحرائق، و يعود مواطنون وأعوان من الحماية المدنية ومحافظة الغابات، بالذاكرة إلى لحظات مصيرية تمكنوا خلالها من الفرار بأعجوبة من ألسنة اللهب وأنقذوا أفراد من عائلاتهم و جيرانهم و مصطافين حاصرتهم النيران، التي خلفت مشاهدها صدمات نفسية قوية على نساء وأطفال، شاهدوا جثثا متفحمة و رأوا منازل وسيارات و غابات وهي تلتهب.
* نـــــوري.ح
ذكريات الناجي الوحيد من جحيم الحافلة
يتذكر الجميع، حادثة احتراف الحافلة التي كانت تقل تسعة أشخاص كانوا في طريقهم من بلدية القالة إلى قرية المالحة، وهي فاجعة أليمة لم ينجوا منها سوى رجل واحد هو (بياسي.ع)، الذي قابلته النصر، فروى لنا تفاصيل الحادث و كيف استطاع الهروب من ألسنة اللهب، بعدما كسر باب الحافلة برجله قفز منها بمجرد أن بدأ الدخان بالانبعاث إلى داخلها، وهو تحديدا ما صعب على من كانوا معه في المركبة، رؤية النيران وهي تقطع الطريق و تلتهم كل شيء تقريبا.
الناجي الوحيد قال، بأنه غادر منزله في ذلك اليوم في حدود منتصف النهار، حيث قرر اللحاق بابنه إلى أحد شواطئ القالة بعدما تعذر عليه الاتصال به و الاطمئنان عليه، خصوصا وأن البحر كان هائجا يومها بسبب الرياح القوية، يقول : « تركت ابني رفقة صديق له بعدما جلست معه قليلا على الشاطئ، ثم عدت أدراجي نحو المنزل، في الطريق كنت انتظر الحافلة وأنا أشعر بتوجس بسبب الجو، فالسماء كانت حمراء و الزوابع و الرياح العاتية كانت تعصف كأنها «القيامة»، بعد وقت قليل وصلت الحافلة و كان بها ثمانية ركاب وأنا تاسعهم، انطلق السائق مسرعا وقد خيم صمت ثقيل على المكان، كان الجميع خائفين، ومع تصاعد ألسنة اللهب وتزايد كثافة الدخان، سادت أجواء هستيرية من الخوف».
يواصل حديثه :« جازف السائق محاولا القيادة رغم الظروف الصعبة و صعوبة الرؤية، ثم بدأ الجمر الملتهب كالحمم يتساقط على حافتي الطريق، حينها لم يستطع السائق مواصلة السير وانحرف بالحافلة على جانب من الطريق، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أكسر باب المركبة و ألوذ بالفرار وسط الأدغال، متجها نحو منزلي الذي لم يكن بعيدا جدا، في حين بقي بقية الركاب الذين رفضوا اللحاق بي في الحافلة، ظنا منهم بأن الاحتماء داخلها سيجنبهم الخطر، لكن النيران سرعان ما شبت فيها و لم تترك فرصة النجاة لأحد، تفحمت جثثهم لدرجة أن أعوان الحماية المدنية وجدوا صعوبة في انتشالها، كما لم يتم التعرف على الضحايا إلا بعد وصول فريق متخصص من المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام ببوشاوي».
يتذكر السيد بياسي، أنه على بعد بضعة أمتار من القرية، كانت هناك حديقة قريبة من حديقة الحيوانات والتسلية «ببرابطية»، وجدت بها ست جثث متفحمة لضحايا فروا من النيران باتجاه الغابات المجاورة، ومن المشاهد المحزنة أيضا كما قال، هلاك 4 أطفال داخل الغابات التي التجؤا إليها بعدما حاصرتهم النيران، وهلك أربعة مصطافين من عائلة واحدة داخل مركبتهم حرقا، حين كانوا عائدين من شاطئ القالة القديمة بعدما حاصرتهم النيران على الطريق الغابي.
إضافة إلى ذلك، يتذكر محدثنا، كيف تم العثور على امرأة متفحمة وهي تحتضن ابنها ذو العامين إلى صدرها محاولة إنقاذه من النيران، وغير بعيد عن القرية أين يسكن، وتحديدا على مستوى الطريق الوطني رقم 84، عثرت مصالح الحماية المدنية رفقة أفراد من الدرك الوطني، على جثة امرأة كانت مرمية على وجهها، و يبدو أنها لقيت حتفها اختناقا بسبب الدخان الكثيف الذي غطى سماء المنطقة في ذلك اليوم الأسود.
بحيرة الملاح ملاذ الناجين من هول الحريق
وأستطرد المتحدث قائلا، إن النيران كانت تزحف بسرعة كبيرة ملتهمة كل ما تجده أمامها من ممتلكات و أرواح بشرية و حيوانات وغيرها، وهو ما دفعه إلى إخلاء المكان رفقة عائلته وأقاربه وجيرانه و الفرار جماعيا من المنازل للاحتماء في منطقة قريبة من بحيرة الملاح.
وحين عودتهم إلى القرية بعد توقف النيران، قال محدثنا، بأنهم وقفوا على دمار كبير خلفته الحرائق، إذ تفحم كل شيء في المكان بما في ذلك السيارات و الحيوانات و تصدعت جدران المنازل و الاسطبلات، و أتلفت مساحات من البساتين و بيوت النحل والأشجار المثمرة، غير أن الهبة التضامنية لسكان المنطقة، ساهمت في التخفيف من آثار المأساة التي أتت على الأخضر واليابس، كما تكفلت عدة جمعيات من داخل وخارج الولاية، بتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين، وتدخلت السلطات المحلية، للتخفيف من تبعات الحريق، من خلال المساعدات المادية و ضمان المرافقة الصحية والنفسية والاجتماعية.
مواطنون يحتمون بعائلات بعد أن حاصرتهم الحرائق
في قرية قريبة من حديقة الحيوانات ببرابطية، قابلنا لطفي وهو شاب في عقده الثالث، حدثنا عن هول ذلك اليوم، و كيف أنه تمكن من إنقاذ أربعة مصطافين طالت النيران سيارتهم، على مستوى الطريق الوطني، حيث بلل قميصه بالماء و وضعه على وجهه حتى يتسنى له التنفس بسبب الدخان الكثيف، وأخرج أولا امرأة أصيبت بحروق وقد تطوع مواطنون لنقلها مباشرة إلى مستشفى الطارف لتلقي العلاج، وذلك بعدما أغلقت النيران الطريق المؤدي نحو القالة، كما ساهم في إجلاء ثلاثة أشخاص آخرين كانوا مرافقين لها، وقد استقبلتهم إحدى العائلات و تقدمت لهم الإسعافات قبل أن يتنقلوا بدورهم نحو مستشفى القالة لاحقا عقب فتح الطريق.
و غير بعيد عن المكان، يضيف المتحدث، لجأت عشرات العائلات من حديقة الحيوانات ببرابطية، إلى المنازل المجاورة للاحتماء من النيران، خصوصا وأن هناك سكانا غادروا بيوتهم نحو أماكن أكثر أمنا، وتركوا أبوابها مفتوحة أمام كل راغب في الاحتماء داخلها.
إعصار ناري أشعل المنطقة
من جهتهم أكد سكان تحدثنا إليهم، أن سبب الكارثة التي ضربت المنطقة هو إعصار ناري مصحوب برياح قوية فاقت سرعتها 120كلم في الساعة، ما أدى إلى اتساع رقعة النيران ووقوع خسائر في الأرواح والمملكات، وقد أخبرنا عمي علي وهو أحد الناجين، أنه كان في محيط منزله يتفقد مواشيه حينما شاهد دخان الحرائق يتصاعد بالقرب من قرية «عين أخيار» على بعد ثمانية كيلومترات عن قرية المالحة، وقد كانت النيران تزحف بسرعة فائقة، والتهمت في ظرف خمس دقائق كل ما وجدته أمامها من أرواح وحيوانات وممتلكات، إذ تمكن هو رفقة عائلته من النجاة بأعجوبة، بعد فرارهم من المكان نحو وجهة أمنة، وعند عودتهم صدموا من هول الكارثة، فالمواشي نفقت و المنزل تضرر وهناك بنايات انهارت، كما أتلفت النيران كل المعدات الفلاحية من جرارات وآليات.
وروى لنا مواطن آخر، هو «ع. بن حليمة»، تفاصيل مقاومته للنيران وإنقاذه لأفراد عائلته الذين حاصرهم اللهب من كل جهة وكيف أنهم جازفوا بالمرور عبر النيران للوصول إلى بحيرة الملاح، مشيرا، إلى أنه لم يصدق كيف استطاعوا النجاة بعد الكابوس المرعب الذي عاشوه يومها، خصوصا وأن الخسائر كانت كبيرة إذ أتت النيران على منزله و بساتينه وكل ممتلكاته ليصبح مشردا دون مأوى، قبل أن يتدخل بعض الأقارب والجيران لمساعدته على ترميم جزء من منزله.
أما الشاب رفيق، الذي كان عائدا رفقة عائلته من مدينة الطارف، فقال لنا، بأن الدخان الكثيف الخانق اعترضهم في منتصف الطريق، ما صعب عليهم الرؤية و أدخلهم في خوف هستيري، خصوصا بعد أن شاهدوا كتل الجمر مشتعلة داخل حافة متوقفة على مستوى الطريق الوطني رقم 44 في اتجاه القالة، وهو مشهد وصفه بالتراجيدي.
وأضاف المتحدث أن الحرائق كانت مشتعلة في كل مكان و أتت على كامل الغابات القريبة من الحظيرة الوطنية للقالة وأتلفت أشجار الكاليتوس والفلين البلوطي والصنوبر البحري كما ألهبت جزءا هاما من الغطاء النباتي الكثيف، وقال، إنه لم يجد في تلك الأثناء، غير التكبير عسا الله ينجيه ومن معه من هول الحريق، وهو ما حدث بالفعل رغم أن الذكرى ستظل محفورة في ذاكرته إلى الأبد.
ضحايا قضوا على الطرقات الغابية
تحدث شهود عيان عن ظروف هلاك بعض المصطافين الذين حاصرتهم النيران من كل جانب فتعذر عليهم الهرب، خصوصا من كانوا عائدين من الشواطئ البعيدة على غرار شاطئ القالة القديمة و قمة روزة و الحناية، مستعملين الطرق الغابية المعزولة، إذ حاصرتهم النيران بين الأدغال الغابية و تم العثور على جثث مرمية بجانب الطريق الوطني رقم «84 أ» الرابط بين القالة و عنابة مرورا بالشط
بعد أن لقي أصحابها حتفهم متأثرين بالرطوبة و ارتفاع درجة الحارة والدخان الكثيف.
كما أن اتساع رقعة الحرائق وكثافة الدخان يضيف محدثونا تسببا في هلاك عديد الأشخاص الذين وجدت جثثهم محروقة ومتفحمة على الطريق، بعد أن حاصرتهم النيران وتعرض آخرون لحوادث مرور مميتة بسبب صعوبة الرؤية، وقد تكفل بعض المواطنين بنقل الجثث التي عثروا عليها مرمية على حواف الطرقات، نحو المصالح الاستشفائية بكل من بالريحان و القالة و الطارف، في الوقت الذي تؤكد فيه إحصائيات أن عشرين ضحية من إجمالي 38، هم من سكان الولاية، أما البقية فمصطافون ينحدرون من ولايات أخرى.
و روى مصطافون كيف تحولت عطلهم إلى كابوس ومأساة بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين وسط النيران المخيفة وفقد بعضهم إخوة وأمهات وأبناء وأصدقاء، كما أكده عبد القادر، وهو ناج تحدث إلينا عن الواقعة وكيف حاصرته النيران وهو في الطريق بين القالة والمالحة، إذ تمكن بأعجوبة من تجاوز خطوط الحرائق المشتعلة على حافتي الطريق، وهو يشاهد مركبات مشتعلة و دخانا كثيفا يتصاعد من كل مكان وقال مصطاف من ولاية تبسة، أنه نجا بأعجوبة من وسط النيران حين كان على متن مركبته بعدما تمكن من تتبع مسار الطريق إلى حين انقشعت سحب الدخان عند مدخل المدينة.
شباب حالوا دون وقوع كارثة
وقد ساهمت الهبة التضامنية لشباب مدينة القالة، في تجنب وقوع الكارثة عل مستوى بعض التجمعات الحضرية التي وصلت فيها النيران إلى المنازل، خاصة بالشارع الرئيسي و مفترق الطرق وحي 112مسكن، و تمكن الشباب من إجلاء 20عائلة من ألسنة اللهب التي شردت مواطنين وأتلفت ممتلكات إذ جازف متطوعون بالدخول إلى منازل تحترق لإنقاذ ساكنيها ما أدى إلى إصابة البعض بحالات إغماء نتيجة الدخان والتعب.
وأكد شهود، أن هؤلاء الشباب حالوا دون وصول الحرائق إلى قلب المدينة الآهل بالمصطافين و السكان، وتمكنوا من حماية محطة الوقود التي حاصرتها الحرائق المشتعلة من كل جهة بعدما سيطروا على اللهيب الذي بلغ علوه أربعة أمتار وأخمدوه وهو ما جنب وقوع كارثة، خصوصا وأن محطة الوقود كانت تحوي على صهاريج للغاز المميع ذات الحجم الكبير «جي بيال».
حزن في المستشفيات و طواقم طبية تحت الصدمة
في مستشفى القالة، قال الدكتور علي بن طول ، أنه عاش ضغطا رهيبا رفقة الطاقم الطبي وشبه الطبي بمصلحة الجراحة وغيرها من المصالح التي نقل إليها ضحايا الحرائق، وقد خيمت على المستشفى أجواء حزينة بسبب مشاهد الجثث المحروقة التي بلغ عددها 23 جثة، كما اكتظ المستشفى بعشرات المصابين حتى أن بعض الأطباء ومساعديهم أصيبوا بما يشبه الصدمة بفعل الضغط و هول الفاجعة.
وأضاف الطبيب، أن أعمار المصابين اختلفت وقد كان بينهم سكان من القالة ومصطافون من ولايات مجاورة، كما توافدت على مختلف المصالح، عائلات للسؤال عن مفقودين و التعرف على بعض الضحايا، خصوصا وأن هناك جثثا تفحمت بالكامل وقد كانت الأوضاع صعبة جدا، فالبعض انهاروا نفسا و ظل آخرون تحت الصدمة وقد تم التكفل بالجميع.
و جندت إدارة المستشفى من جانبها، كل الوسائل والإمكانيات للتحكم في الوضع، مع الاستنجاد بالأطباء والصيادلة الخواص لدعم الفرق الطبية، بغية التكفل بالمصابين وتوفير الأدوية لهم ويؤكد المتحدث، أنه لا يستطيع إلى اليوم، نسيان صور جثث الأطفال المتفحمة وغالبيتهم من ضحايا مأساة حديقة الحيوانات. مشيرا، إلى أن العمل مستمر للتكفل النفسي و ضمان المرافقة الطبية اللازمة للجرحى والمصابين وعائلات الضحايا، خاصة الأطفال الذين فقدوا أحبائهم في الحرائق.
عائلات أصرت على حماية ممتلكاتها
يروي (سفيان.ح) ، أحد أفراد فرقة التدخل للحماية المدنية الصعوبات التي واجهته رفقة زملائه خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت في نفس الوقت، مشيرا إلى أنهم عاشوا الجحيم يومها، مبرزا الجهود التي بذلتها مختلف الفرق في الميدان لأجل إخماد الحرائق التي بلغ عددها 26حريقا، نشبت في نفس الوقت، ما صعب من عمليات التدخل للتحكم في النيران، وأكد المتحدث أن مصالح الحماية المدنية و حماية الغابات فعلت الكثير، للسيطرة على حريق مهول بمنطقة بن سبتي كاد يتسبب في هلاك 15عائلة، بعد أن حاصرتهم النيران التي أتت على كل أغراضهم وممتلكاتهم.
أخبرنا، بأنه تدخل رفقة زملائه، لإجلاء رجل مسن وامرأة و ثلاثة أطفال صغار، وتكفلت فرق أخرى بحماية باقي العائلات علاوة على إنقاذ خمس عائلات حاصرتها الحرائق بقرية «عين أخيار» وهي عمليات تمت دون تسجيل خسائر في الأرواح.
مع ذلك فقد رفضت مواطنون مغادرة الأماكن التي حاصرتها النيران و أصروا على البقاء بالقرب من أرزاقهم و ممتلكاتهم على غرار ما حدث بقرى «وادي الحوت « و «فيض العلاقة» و « المالحة» و» عين أخيار»، لدرجة أنه تم نقلهم بالقوة نحو أماكن أمانة.
ومن المشاهد المؤثرة التي لا تزال راسخة في ذهنه، حدثنا عون الغابات «عبد السلام .ل» عن الهبة التضامنية للمواطنين والسكان لأجل المساعدة في إخماد الحرائق، كل حسب إمكانياته فهناك من تدخلوا ميدانيا كما قال، وهنا من وزعوا الطعام والماء على فرق الحماية.
وأكد الملازم الأول «مرداس ، خ « ، أن فرق التدخل واجهت ظروفا مناخية صعبة في مكافحة حرائق الأربعاء الأسود بسبب ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة وهبوب الرياح القوية والساخنة التي عقدت المهمة، حيث تم توزيع المتدخلين عبر عدد من النقاط السوداء لكون أن أغلب الحرائق التي سجلت كانت في نفس التوقيت وقريبة من التجمعات السكنية و في مناطق غابية بامتياز، وذلك انطلاقا من منطقتي السماتي والمطروحة، أين تم إجلاء عائلتين بصعوبة بعد رفض مواطنين ترك المواشي و مغادرة المكان ، وكان هناك أفراد يذرفون الدموع حزنا على قطعان الماشية التي يملكونها.
من جانب أخر، تسببت سرعة الرياح، في انتقال ألسنة اللهب إلى منطقة «القرقور» بالجوار، ليتم التنقل لعين المكان رفقة الفرق و إجلاء بعض العائلات ومنع وصول النيران إلى المنازل ، فيما كانت عائلات تحت الصدمة بعد أن حاصرتها النيران وهلكت مواشيها ليتم إسعاف أفرادها في أخر لحظة. وما زاد من حدة الحرائق حسبه، هو الرياح القوية التي هبت على تلك الجهة من الولاية، و تجاوزت 90كيلومترا في الساعة ما تسبب في غلق الطريق الوطني رقم 44ن، الرابط بين الطارف و عنابة، بعد أن امتدت النيران إليه.
ورغم السيطرة على الوضع سريعا، إلا أن النيران انتشرت بسرعة وامتدت إلى قرية عين أخيار، التي تم تطويقها لمنع سقوط أي ضحايا، قبل أن تنتقل النيران إلى الغطاء الغابات المجاورة لحديقة الحيوانات ومنها إلى مناطق المالحة و بومالك والقنطرة الحمراء وصولا إلى الوسط الحضري لمدينة القالة. كما نوه المتحدث بالدعم الجوي الهام الذي وقدمته قيادة الجيش الوطني الشعبي والحماية المدنية، وهو ما ساهم في التحكم في الوضع وإخماد كل بؤر الحرائق بشكل فعال.
جسر تضامني مع المتضررين من الحرائق
و عرفت ولاية الطارف، مند وقوع كارثة الحرائق توافد قوافل محملة بمختلف المساعدات من مختلف الولايات والجمعيات في وقفة عكست أجمل صور التآخي والتآزر بين الجزائريين أين فاقت الكميات التي تم استلامها حوالي ألف طن من المساعدات، تم إيفادها من 25ولاية، إضافة إلى الهبات والمساعدات الأخرى التي فضلت بعض المؤسسات الخاصة والجمعيات منحها مباشرة للعائلات المتضررة والمستشفيات المحلية، هذا وعمدت الولاية إلى تنصيب خلية لجمع وتوجيه المساعدات و الإشراف على توزيعها، و مست العملية عشرات العائلات المتضررة من الحرائق عبر 10بلديات، وهذا تحت متابعة أعوان التجارة للتأكد من نوعية السلع الموزعة و مواصفاتها حفاظا على سلامة المواطنين، في حين قامت جمعيات وممثلون عن المجتمع المدني بتوزيع إعانات للكثيرين و لا تزال العمليات متواصلة، رغم مطالبة مصالح الولاية بوقف القوافل لتوفر ما يكفي من إعانات في الوقت الراهن كما قررت البلديات وقف توزيع المساعدات، بعد أن مست العملية كل المتضررين ، وتم ما تبقى منها لدعم المخزون الاحتياطي للولاية.
برنامج تشجير لبعث الحياة في المناطق الغابية
تسببت الحرائق التي شهدتها ولاية الطارف كذلك، في تضرر عدد من المباني و الاسطبلات والمستثمرات التي أتت عليها النيران، إضافة إلى إتلاف مساحات شاسعة من المحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة وصناديق تربية النحل، وأدت إلى نفوق الماشية، كما أتت النيران على مساحات مهمة من الغطاء الغابي و النباتات.
ورغم المعاينات التي قامت بها اللجنة القطاعية لوزارة الفلاحة و انتهاء اللجنة الولائية من عملية إحصاء وتقييم الخسائر، إلا أن المتضررين من الحرائق يستعجلون مساعدتهم لأجل تجاوز المحنة، خاصة من فقدوا كل ممتلكاتهم، إذ ينتظرون الدعم لأجل العودة للعمل و النشاط بعد الكارثة التي حلت بهم خصوصا وأن العشرات منهم أصبحوا مشردين ودن دخل.
و قد كشفت مصالح الغابات، عن تسطير برنامج لإعادة تشجير المساحات المحروقة ضمن البرنامج الوطني للتشجير، فيما ينتظر الشروع في توزيع التعويضات العينية على مستحقيها في الفاتح من سبتمبر القادم، بعد التكفل بالمتضررين أنفسهم و مساعدتهم على تجاوزهم المحنة النفسية، خصوصا وأن هناك معلومات تشير إلى أن نسبة المؤمنين من الفلاحين قليلة.
ن.ح