أعرب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الاثنين بالكويت، لدى استقباله من طرف...
أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أمس الاثنين، الشروع في معالجة انشغالات طلبة العلوم الطبية، من بينها رفع مبلغ المنحة الدراسية ومراجعة...
شهدت العيادة الطبية المتخصصة في جراحة قلب الأطفال ببوسماعيل أمس الاثنين إجراء عمليات جراحية على حالات معقدة، أشرف عليها طاقم طبي إيطالي متخصص...
أطلقت شركة سونطراك مسابقة وطنية مفتوحة لتوظيف خريجي الجامعات والمعاهد والمدارس الأكاديمية في المجالات التقنية، بالشراكة مع الوكالة الوطنية للتشغيل. وبحسب ما...
إطارات ورجال أعمال في مواجهة مأزق الفشل الدراسي للأبناء
شاركت راضية 11 مرة في امتحان البكالوريا، إرضاء لأمها مديرة الثانوية التي صممت على حصول وحيدتها على تأشيرة الجامعة و مواصلة دراستها لتصبح مهندسة معمارية مرموقة، و رسبت إحسان في نفس الشهادة للمرة الرابعة، و أرغمها والدها، رئيس إحدى الجامعات، على مواصلة الركض خلف حلم الشهادة، لأن كافة زملائه يتباهون بأبنائهم من حاملي الشهادات العليا. أما سهيل فقد أعاد السنة الرابعة متوسط ثلاث مرات في ثلاث مؤسسات تعليمية مختلفة، و المرة الرابعة بالمراسلة، لأن والده المحامي يريده أن يواصل دراسته و يراهن على افتكاكه لاحقا لشهادة الكفاءة المهنية في المحاماة، ليورثه مكتبه و يواصل مساره...
تصادفنا يوميا حالات عديدة لأبناء إطارات سامية في مختلف القطاعات و رجال أعمال يوفرون لهم كل ما يحتاجونه و ما لا يحتاجونه، على أمل تمكنهم من الحصول على شهادات و مواصلة تعليمهم، ليتمكن هؤلاء الأولياء من تلميع مركزهم الاجتماعي بالتباهي بتألقهم في الدراسات العليا أمام زملائهم و أقاربهم.
نجاح الأبناء و رهان الأولياء
كان الاعتقاد السائد منذ سنوات بأن معادلة النجاح الدراسي تتضمن عامل المستوى الاجتماعي لأسرة المتمدرس، فكلما كان عاليا و تمكن الأب من توفير ما يحتاجه ابنه من مستلزمات و ظروف مادية جيدة، زادت فرص النجاح و حتى التفوق، لكن يبدو أن هذه المعادلة قد تغيرت في عصرنا الحالي تحت تأثير معطيات جديدة ، كما أكد مختصون للنصر، حيث أصبح الكثير من أبناء العائلات الميسورة، ضمن قوائم ضعيفي المستوى التعليمي و الراسبين، و حتى المطرودين نهائيا من المنظومة التربوية، فلم تجد الدروس الخصوصية "الفردية" و اقتناء آخر صيحة في الأدوات المدرسية و الإلكترونيات و الأزياء و مختلف الهدايا الفاخرة في تغيير هذا الواقع الذي لا يتقبله في معظم الأحيان أولياؤهم و يعتبرونه فشلا لهم، و مسا بمركزهم الاجتماعي، و أيضا تحديا يرفع أمامهم يواجهونه بكل الوسائل، حتى و إن اضطروا إلى تقديم هدايا للمدرسين، مقابل علامات إضافية تضمن انتقال الابن إلى مستوى أعلى ، أو إرغام الابن على إعادة البكالوريا ثلاث مرات أو أكثر، على أمل افتكاكه الشهادة ــ الحلم.
وقد أسرت إلينا أم راضية، مديرة ثانوية بقسنطينة، بأن رهانها الأكبر هو حصول وحيدتها على شهادة البكالوريا و أسرت إلينا:" لم أتقبل قط رسوب ابنتي، لقد حققت لها كل رغباتها و عاشت كالأميرات، طالبتها فقط بأن ترفع رأسي بين زملائي و أقاربي بحصولها مثل أبنائهم على الباك،و كذا تحقيق حلمي بالتخصص في الهندسة المعمارية لن نيأس". و قد علمنا من بعض صديقات راضية بأنها أعادت الباك 11 مرة.
و اعترفت من جهتها السيدة فاطمة،إطار بمؤسسة وطنية في العقد الرابع، بأن ابنتها اجتازت شهادة البكالوريا في نفس الفرع ثلاث مرات متتالية دون أن تنجح، فاقترحت عليها تغيير الفرع و المشاركة كمترشحة حرة في دورة 2016 و هي الآن تتابع دروسا خصوصية مكثفة في كل المواد.و قالت ابنتها بأنها لن تيأس و ستبذل قصارى جهدها لتحقق حلم البكالوريا و تلتحق بزميلاتها في الجامعة.
و اعترف لنا سميح بأنه سيجتاز البكالوريا للمرة الرابعة، إرضاء لوالده الأستاذ الجامعي الذي أصيب بانهيار عصبي عندما رسب في العام الماضي، وأسر إلينا بأنه يرغب في متابعة تكوين في الإعلام الآلي،لكن والده رفض و هدده بالطرد من المنزل إذا لم ينجح هذا العام .
الأخصائي النفساني رابح لوصيف
الكثير من الأولياء يستعملون أبناءهم لترسيخ مكانتهم الاجتماعية
لدى اتصالنا بالنفساني رابح لوصيف، أكد لنا بأنه صادف حالات كثيرة جدا لآباء و أمهات استقالوا من مسؤولياتهم الحقيقية إزاء فلذات أكبادهم، و انهمكوا في التزاماتهم المهنية و حتى هواياتهم، و ينظرون إلى أبنائهم كأدوات و وسائل للتفاخر و ترسيخ مكانتهم في المجتمع أو كنوع من الترقية، و يطالبونهم بصيغة الأمر و تحت الضغط ، بتحقيق أفضل النتائج الدراسية و أعلى الشهادات، دون مراعاة رغباتهم و احتياجاتهم المعنوية و قدراتهم الذهنية ، فهم يتصورون بأن توفير الجوانب المادية و الدروس الخصوصية و الهدايا ،واجبهم رقم واحد، و يكفي لتحقيق معادلة النجاح، في حين يهملون الجوانب الأهم و هي الحنان و الاهتمام و مد جسور الحوار مع أبنائهم في أجواء أسرية دافئة،حتى لا ينظرون إلى الدراسة كعقاب، مشددا على أهمية الجانب النفسي في التحفيز على النجاح و التفوق. و حذر النفساني الذي يحمل خبرة 30 عاما في هذا المجال، من لجوء بعض الأولياء إلى وعد أبناءهم باقتناء هدايا غالية، إذا ما تحصلوا على نتيجة جيدة في دراسته، و كأنهم يدفعون لهم مقابلا ماديا، فيجعلونهم يعتبرون هذه النتيجة نجاحا للأولياء و ليس لهم و يطلبون دائما جوائز أكبر، و يساومونهم على النجاح. و أضاف بأن العديد من هؤلاء التلاميذ الذين يبتزون أولياءهم تجدهم يتخذون من التمرد على حصارهم و ضغوطهم وسيلة للدفاع النفسي، فتجدهم يهربون إلى مواقع التواصل الاجتماعي و الرفاق و التدخين و الانحراف أو التسرب المدرسي أو الفشل المتكرر...مؤكدا بأنه صادف في مساره عددا كبيرا من أبناء الإطارات السامية من هذه الشريحة التي تحتاج إلى تكفل نفسي و اجتماعي خاص. و يدعو لوصيف كافة الأولياء إلى الاهتمام بأبنائهم من كافة الجوانب النفسية و التربوية و كذا الأسرية و الاجتماعية، ليحققوا التوازن المطلوب و هذا لا يعني إهمال احتياجاتهم الأخرى من لباس و أكل و أدوات، لكن دون إفراط أو تفريط.
و يقترح من جهة أخرى الاحتفال بنجاح الأبناء بطريقة عائلية، تجعلهم يشعرون بالأهمية و تقدير الذات و الثقة في النفس و تثمين النجاح، و ذلك عن طريق تنظيم مأدبة عشاء أو قهوة و حلويات و مشروبات يدعو إليها أقاربه مثل الأعمام و الأخوال و أبناءهم.
الأخصائي في علم الاجتماع محمد زيان
"عقدة الشهادات" لا تزال تهيمن على مجتمعنا
الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية و العلوم الاجتماعية بجامعة قسنطينة 2، محمد زيان، قال بأن التغيرات التي شهدها المجتمع من الاستقلال إلى اليوم غيرت الكثير من القيم و المفاهيم و المعطيات، ففي فترة الستينات و السبعينات من القرن الماضي، كانت الظروف صعبة بالنسبة لكافة المتمدرسين تقريبا، لكن الآن الوسائل المادية متوفرة إلى حد معين مضمون، بالنسبة لكافة التلاميذ، و أصبح الكثيرون يحملون شهادات و بالتالي، حسبه،انقلبت القيم من قيمة العلم إلى قيمة المال. و اعتبر الجانب المادي ليس سببا في الإخفاق في التعليم، بل كيفية التعامل معه. فهناك أسر فقيرة تشجع أبناءها على التعلم بكافة الطرق فيجعلون من ظروفهم تلك حافزا للنجاح من أجل تحقيق الترقية الاجتماعية و هناك أسر ميسورة تثمن أموالها و تستثمرها، بدل متابعة مسار أبنائها في المدرسة الذين تغدق عليهم بالمال و الدلال، فيكونون الأقرب للسقوط في بؤر الانحراف و الفساد .و شدد محدثنا من جهة أخرى، بأنه من الضروري أن يستوعب جميع الأولياء بأن النجاح في التعليم يرتبط أساسا بعوامل الذكاء و القدرات و الاستعدادات الذهنية، و لا يمكن أن ينجح جميع المتمدرسين في بلوغ الدراسات العليا و افتكاك الشهادات السامية، حتى و إن تم تسجيلهم إذا رسبوا بالمؤسسات النظامية، بمدارس خاصة داخل أو خارج الوطن، مضيفا :"بدل إرغام الأبناء على إعادة السنة الدراسية أو البكالوريا عدة مرات، يمكن توجيههم، بدل إهدار وقتهم و جهدهم و استنزاف معنوياتهم ،إلى التكوين المهني و التمهين أو الرياضة أو الفنون، بالنسبة للموهوبين في هذه المجالات،و في كل الحالات لا بد من احترام اختياراتهم و رغباتهم و الأخذ بعين الاعتبار معامل الذكاء لكل فرد". و اعترف من جهة أخرى، بأن "عقدة الشهادة" لا تزال موجودة في كل المستويات من الابتدائي إلى الجامعة، و شهادة الابن تمتد لتغطي على كل أفراد أسرته، حسبه.
مستشارة في التوجيه المدرسي
معظم النجباء من أبناء الطبقة المتوسطة و الفقيرة
و أكدت من جهتها مستشارة في التوجيه المدرسي بإحدى ثانويات قسنطينة، بأنها لاحظت خلال مسارها المهني الذي يناهز العقدين من الزمن، بأن أبناء العائلات المتوسطة و الفقيرة التي تقيم في الغالب بمناطق فلاحية ببلديات مجاورة أو بضواحي المدينة، يشكلون أكبر نسبة من التلاميذ النجباء و فسرت ذلك بتشجيع أوليائهم لهم، لأنهم يرون في الشهادات طوق نجاة من وضعهم الراهن و بوابة للارتقاء في السلم الاجتماعي، بينما سجلت نتائج كارثية، بالنسبة لأبناء العائلات الثرية التي تقيم بأحياء راقية، بالرغم من توفيرها كل المستلزمات التعليمية و الدروس الخصوصية و حياة الرفاهية لأبنائها المتمدرسين.و أشارت المستشارة إلى أن ثانوية الحرية التي تضم نخبة النجباء بولاية قسنطينة، افتكت المرتبة الأولى في نتائج البكالوريا لدورة 2015،و تليها ثانوية بني حميدان الجديدة ببلدية بني حميدان، في المرتبة الثانية و ثانوية تواتي المكي بالخروب، في المرتبة الثالثة، ثم ثانوية مسعود بوجريو ببلدية مسعود بوجريو في المرتبة الرابعة ، فثانوية بولمعيز علي بزيغود يوسف. للتذكير، فإن وزيرة التربية تدق ناقوس الخطر بخصوص ظاهرتي التسرب المدرسي و الرسوب، فمن أصل1000 تلميذ في الطور الابتدائي،41 تلميذا فقط يتحصلون على شهادة البكالوريا، دون إعادة السنة طيلة مسارهم التعليمي.
إلهام. ط