الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
يشدون الرحال يوميا نحو وجهات مختلفة، يسبقون التجار إلى أسواق باتوا عناصر أساسية فيها، ليفرضوا نمط معيشة يقلب الموازين بالعاصمة الجزائرية، في مشاهد تعيد البدائية إلى الأذهان، أبطالها أطفال فقدوا براءتهم بين التسول و التشرد، و وجدوا أنفسهم مجبرين على أن يكونوا رجالا فوق العادة، في مواجهة قسوة واقع فرض عليهم.
هي ليست صورة من زمن بعيد، أو فوتوشوب، أو ملتقطة بإحدى القرى البعيدة و النائية بالجزائر، و إنما تجسد مشاهد حية في قلب العاصمة الجزائرية، أطفال يحدثون الاستثناء بالشوارع و الأسواق بين الرغاية بالجزائر العاصمة و بودواو بولاية بومرداس، مشاهد يصدم من يراها للوهلة الأولى، أطفال في عمر الزهور فوق حمير ، بثياب بالية و وجوه صبغتها أشعة الشمس الحارقة، يتقاطعون كل صباح مع أطفال المدينة و هم في طريقهم إلى المدارس، فيما اختارت الأقدار أن تكون طريقهم في الاتجاه المعاكس.
صغار بعيدون عن التمدن في قلب الحواضر
التقيناهم ذات صباح صدفة، و نحن ندخل حي 850 مسكنا ببودواو، صدمنا للوهلة الأولى، و نحن نقف لأول مرة على مشهد يكسر بريستيج سكان العاصمة و الولايات المجاورة لها، الذين ينعم أبناؤهم برفاهية و عيش رغد بين المدارس و الترفيه و عبر الحدائق و المجمعات التجارية الفخمة، بينما أسقط هؤلاء من الحياة العادية لسكان واحدة من أكبر مدن المتوسط، ليعيشوا خارج دائرة التمدن و هم في قلب المدينة.
حاولنا تتبع خطوات حمير كان يركبها 3 أطفال لم تتعد أعمارهم 14 عاما، لأجل التعرف على الوجهة التي يقصدونها، فكان السوق المغطى الذي يتوسط أحياء عدة ببلدية بودواو، و يعرف سابقا بسوق الفلاح وجهتنا الأولى، دخلنا خلفهم فزاد اندهاشنا لما سجلناه بالداخل، أطفال يتبادلون التحيات مع التجار الذين وصلوا إلى أماكن عملهم في وقت مبكر، فيما سبقوا الكثيرين ممن لم يفتحوا محلاتهم بعد، و بدا من الأجواء أن هناك علاقة قديمة تربط بين هذه الأطراف، أو كأن الأمر يتعلق بشركاء في النشاط.
اقتربنا من إحدى السيدات التي كانت تتبضع في السوق، و سألناها عن هوية الأطفال و ما الذي يفعلونه هنا، فابتسمت و ردت قائلة بأن تواجدهم جزءا من يوميات السوق، إذ يحضرون بشكل متواصل من أجل الحصول على الخبز اليابس من التجار و حتى من سكان الأحياء بالمنطقة.
الخبز اليابس و الصدقات حصاد اليوم
بنبرة حزينة مزجت بيأس عميق، رد أحدهم على تساؤلاتنا، مؤكدا بأنه و من معه من الأطفال من البدو الرحل يسكنون بتجمع خاص بهم بحدود بلدية الرغاية المتلاصقة مع حدود بودواو، و يقصدون الأسواق القريبة يوميا،من أجل جمع الخبز اليابس الذي يشكل غداء لأنعامهم، مشيرا إلى أنهم لا يذهبون إلى المدرسة، ، ففي الوقت الذي يقوم فيه باقي الصغار بجمع أدواتهم و الاستعداد للتوجه إلى المدرسة، يركب هؤلاء الأحمرة و يذهبون إلى العمل. أحد التجار بالسوق قال بأن تواجد الأطفال بالمكان،عادة ظهرت منذ عدة سنوات أيام السوق الأسبوعي القديم، لتتواصل إلى اليوم، و بات تواجدهم أمرا لا يثير استغراب أهل المدينة، ممن اعتادوا أن تزاحمهم الحمير وسط السوق، و أضاف أحدهم أن تجارا كثر يخصونهم بإعانات غذائية في الغالب، حيث يقدمون لهم الخضر و الفواكه و حتى سمك السردين، مؤكدا أن ذلك لا يمنعهم من التسول أحيانا و مطالبة التجار بمنحهم قليلا مما يبيعون من سلع.
بنات يتخفين في زي صبيان
تقول خالتي باية، المقيمة بهذا الحي منذ سنوات طويلة، بأن الظاهرة ليست حكرا على الأطفال من الذكور الذين يحصلون على الخبز و الطعام و حتى بعض المال من التجار و المواطنين أحيانا، إذ يتم تسجيل حضور بنات في بعض الأحيان،و تضيف بأنهن يتخفين في زي صبيان، لتفادي المضايقات، كما تؤكد محدثتنا التي تقول، بأنها تعرفت على بعضهن، ممن أكدن لها أنهن يساعدن أهاليهن في العمل، لأنهن ليس لديهن إخوة من الذكور لتحمل المسؤولية،عوضا عنهن.
من وافقوا على التحدث إلينا من الذكور و بتحفظ كبير، أكدوا أن الواقع بالمنطقة التي يعيشون بها واحد، فالأطفال لا يدرسون و يكتفون باللهو أو الرعي و العمل في سن مبكرة، علما أن التنقل بين الأسواق يشكل النشاط الأكثر رواجا في أوساط شريحة لم تجد مكانا لها على كراسي المدارس، فقررت ركوب الحمير للمضي في حياة استباقية لمرحلة لاحقة لا تدري هذه البراءة كيف ستعيشها مستقبلا، مضيفين بأن العمل لا يخلو من المتاعب و المضايقات و الإهانات التي يتعرضون إليها بين الحين و الآخر، مثلما قالوا. غادرنا السوق، و تركنا و راءنا أطفالا بوجوه داكنة، تخفي خلف ابتسامة باهتة، حقائق نأمل في أن تظهر يوما، لنقل صرخة براءة تتخبط بين براثن تهميش و قهر عادات و معتقدات بالية.
إيمان زياري