الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
في الجزائر اجماعان سياسيان وشعبيان في آن… اجماع على اصلاح شامل بكل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فكل من التقيته من سياسيين ومثقفين ومواطنين كان مسكوناً باصلاح وطن حررته ثورة كانت “مفاجأة العروبة لنفسها”.
واجماع على تحصين الجزائر في وجه أي محاولة لاستعادة أجواء ما يُسمى في الجزائر “بالعشرية الدموية السوداء” حيث دفع الجزائريون في تسعينيات القرن الفائت ما لا يقل عن مئة الف شهيد في حرب شنها متطرفون ومارسوا فيها كل البشاعات الاجرامية التي نراها تتصدر المشهد السياسي والامني والاجتماعي اليوم في اكثر من قطر من اقطار الأمة بهدف تفتيت المجتمعات وتدمير الدول وتحطيم الجيوش وابادة الجموع والجماعات والمجموعات التي تخالف القتلة أفكارهم واراءهم وقناعاتهم.
ومما يعزز من هذا الاجماع هو مشاهد النازحين من سوريا وجمهورية مالي الافريقية بفعل حروب مشابهة كالتي عاشتها الجزائر ، فالسوريون موجودون في مخيمات يعانون ما يعانونه، اما الماليون فيفترشون شوارع العاصمة والمدن وبعضهم يتسول لقمة عيشه.
في ظل هذين الاجماعين، اللذين لمستهما في كل لقاء أو ندوة أو ملتقى فكري أو تجمع شهدته الجزائر، وهي تحتفل بالذكرى الستين لثورة التحرير والاستقلال التي انطلقت في الفاتح من نوفمبر عام1954، يدور حراك سياسي بين تيارات واتجاهات فكرية وسياسية واجتماعية لا يخلو من حدّة، في بعض الاحوال، لكن مع اصرار واضح على حماية الدولة من عبث الفتنة، وحماية المجتمع من خطر الاحتراب، وحماية المواطن من شرور التغوّل والفساد والاستبداد والاستئصال والتي باتت لسوء الحظ شروراً متنقلة من بلد إلى آخر، ومن مشهد إلى مشهد آخر.
في ظل هذين الاجماعين، يتلاقى الجزائريون على ان ما شهدوه من صراع دموي في بلادهم لم يكن البتة صراعاً طائفياً حيث ان الاغلبية الساحقة من الجزائريين مسلمة، ولم يكن مذهبياً حيث أغلبية الاغلبية تنتمي إلى المذهب المالكي، كما أن ما سعى ويسعى اعداء الجزائر إلى تغذيته كصراع عنصري بين عرب وامازيغ يسقط امام وعي وطني وثقافة عربية اسلامية ، بل ان ابرز “العروبيين في الجزائر من أصول وقبائل امازيغية” كما إن “الشاوية” وهي اكبر تلك القبائل كانت على الدوام حصناً للوطنية الجزائرية وللعروبة والعربية معاً..
ويؤكد بعض هؤلاء العروبيين – كالمؤرخ البارز الدكتور عثمان سعدي المنتمي إلى أكبر القبائل الامازيغية في العالم- ان الامازيغ هم “نتاج هجرات عربية من الجزيرة العربية، وان اصول لغتهم كنعانية، وان استقبالهم السريع للدعوة الاسلامية ما هو إلا تأكيد على هذه الحقيقة، وان ابطالهم في التاريخ الغابر ما قبل الميلاد هم ابطال مقاومة للهيمنة الرومانية على ما كان يسمى ببلاد “النوميديا”” “وموريطانيا”.
وفي ظل هذين الاجماعين، تبقى قضية فلسطين عموماً، وقضية القدس والاقصى المبارك خصوصاً، هي الجامع الاسطع للجزائريين على اختلاف مشاربهم، معتزين بدور اجدادهم في تحرير القدس تحت لواء صلاح الدين، وبدور قادتهم المعاصرين من المجاهد عبد القادر الجزائري، إلى الشيخين الجليلين عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي، إلى اول رئيس لبلادهم بعد الاستقلال الزعيم الراحل احمد بن بله، ثم إلى الرئيس العقيد هواري بومدين الذي تجاوز بعد الخامس من حزيران 1967 خلافاً معروفاً مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وذهب إلى موسكو معلناً استعداد بلاده لكي تسدد ثمن كل سلاح تحتاجه القاهرة لازالة اثار الهزيمة والعدوان.
ويقول المؤرخ العروبي البارز د. مصطفى نويصر انه اكتشف نصاً قديماً لبومدين يقول، أن “فلسطين هي كالاسمنت المسلح للامة إذا تمسكنا بها، واذا تخلينا عنها تصبح قنبلة تنفجر فينا جميعاً”
فلسطين حاضرة دوماً في وجدان الجزائريين ومبادراتهم، وآخرها دور الوطنيين الجزائريين البارز في انجاح تجربة “اسطول الحرية لكسر الحصار على غزة”، والعديد من قوافل كسر الحصار المتواصلة حتى الساعة، وهي المعيار الذي يستخدمه الجزائريون في الحكم على العديد من الاحداث والفتن والمحن التي يمر بها وطننا العربي، وعالمنا الاسلامي، لذلك يدرك الجزائريون مثلا خطورة ما يجري في سوريا وليبيا ومصر والعراق، ليس فقط بسبب تجربتهم المريرة مع الاحتراب الاهلي وعنف المتطرفين فحسب، بل أيضاً لانهم يرون كذلك ان الصهاينة وحلفاءهم “الاقربين” والابعدين انما كانوا يستهدفون فلسطين حين احتلوا العراق وسعوا إلى تقسيمه، وحين استدعوا الناتو لتدمير ليبيا وتحويلها إلى منصة لتصدير العنف والاحتراب إلى عموم المنطقة، وحين اوجدوا في مصر اوضاعاً شاذة ودموية لشل قدرات جيشها وارهاق مشروعها الوطني والقومي، وحين غذوا وما يزالون حرباً في سوريا وعليها كان للجزائر منها، منذ بداية الاحداث فيها قبل ما يقارب السنوات الاربع، الموقف المتميّز الرافض لعزل دمشق بكل ما تمثله للامة، بل والمجاهرة باستمرار العلاقات مع سوريا رغم كل ما واجهته من ضغوط وتهديدات واغراءات بات يعرفها الجميع، وما زال البعض متخوفاً حتى الآن من ان تدفع الجزائر ثمناً لمواقفها، رغم ثقة كل العالمين بأوضاع الجزائر ان وعي ابناء ثورة المليون ونصف المليون شهيد أقوى من كل هذه المخاوف.
لذلك لم يكن غريباً ان يلمس زائر الجزائر اصرار العديد من شخصياتها وقواها السياسية على ضرورة ان يستعيد بلدهم الدور المأمول منه عربيا وعالمياً واسلامياً، لأنه في استعادة هذا الدور ما هو أكثر من واجب قومي واسلامي وتحرري، فيه أيضاً تحصين للجزائر نفسها في مواجهة العواصف والزلازل المحيطة بها.
ويلخص الكثير من الجزائريين هذا الدور بأمرين اولهما دعم كل جهد مقاوم للمشروع الصهيوني، وثانيهما اطلاق مبادرات لمحاصرة الفتن والازمات التي تعصف بالعديد من اقطار الأمة، حيث يعتقد كثيرون ان تفاهماً جزائرياً – مصرياً يستطيع ان يشكل نواة عربية واسلامية تلعب دوراً في ايجاد حلول للعنف الدائر في ليبيا، وللازمة المتفجرة والآيلة إلى المزيد من التعقيد في سوريا.
وما زلت اذكر قولاً لمجاهد جزائري كبير، كان قائداً للولاية الرابعة في جبهة التحرير الجزائرية وقد أمضى بسبب مبدئيته وصراحته سنوات عديدة في السجون، هو الرائد السي لخضر بورقعة في لقاء مع وفد من معارضة الخارج السورية جاء إلى الجزائر يدعو لتدخل عسكري اجنبي في سوريا باسم “الثورة”. يومها قال بورقعة: ” كل الثورات التي اعرفها، بما فيها الثورة الجزائرية، قامت لاخراج الاجنبي من بلادها، وهذه هي المرة الأولى التي اسمع بها عن ثورة تطالب بادخال الاجنبي إلى بلادها”، وقال” لقد احتربنا لسنوات عشر في الجزائر، لكن أحداً من الجزائريين لم يحاول الاستقواء بأجنبي على جزائري آخر”.
وفي مقابلة تلفزيونية قبل ايام مع هذا المجاهد حول ذكرياته في الثورة الجزائرية قال بورقعة:” كيف نحتفل باعياد ثورتنا، وغرناطة الشرق (يعني سوريا) تحترق… لقد بكينا غرناطة الاندلسية كثيراً، فلا تدعونا نبكي غرناطة الشرق اكثر”.
مشاهد قد تبدو متناثرة، لكنها في عمقها ذات مغزى واحد، ومعنى واحد، وهي ان ما يصيب أي جزء من أمتنا يصيبها كلها. انه الانتماء القومي العربي الذي لمسته كذلك في لقاءاتي العديدة مع شباب الجزائر، وقد جاء بعضهم من مدن وقرى تبعد مئات الكيلومترات عن العاصمة ليشاركوا في لقاء نظمه مشاركات ومشاركين جزائريون في مخيمات الشباب القومي العربي، ومنتديات التواصل الشبابي العربي.
بل مشاهد تؤكد على عمق الالتزام بالوحدة الوطنية داخل كل قطر، وهي “الوحدة” التي اعتبرها مناضلو “حركة البناء الوطني الجزائرية” اساساً لوحدة الأمة، كما جاء في عنوان ملتقاهم الفكري الثاني الذي عقدوه على نهج الشيخين المؤسسين محفوظ نحناح، الشيخ الاجرأ في مواجهة موجات العنف التي عصفت بالجزائر في العقد الاخير من القرن الماضي، ورفيقه الشيخ محمد بوسليماني الذي اغتالته ايدي الغدر والتطرف لأنه كان يدعو إلى الحوار ونبذ العنف الأهلي أيّاً كانت مبرراته.
في الجزائر حذر محسوب ومفهوم على مستوى القيادة، لكن بين الجزائريين اصرار متنام على ضرورة ان تستعيد الجزائر دورها المأمول منها عربياً واسلامياً وافريقياً وعالمياً، والكل يذكر كيف أوقفت الجزائر عام 2005 في القمة العربية مشروعاً امريكياً محمولاً من عدة حكومات عربية لاتخاذ قرار عربي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، خصوصاً بعد احتلال العراق، وكيف أعلن مسؤولوها آنذاك :” ليست الجزائر البلد الذي يستقبل قمة تكرّس التطبيع العربي مع العدو”.