أكد وزير التربية الوطنية، محمد الصغير سعداوي، أمس السبت، التزام دائرته الوزارية بانتهاج أسلوب الحوار والعمل التشاركي، للرفع من أداء القطاع وتحقيق...
* درست في الجزائر لأجل مواقفها القوية من القضايا الإسلامية"حلم حققته بعد عمل شاق ودؤوب"، هي عبارة وصف من خلالها المفتي العام للقسم الآسيوي للإدارة...
* أرغب بتطوير برنامج خاص بالذكاء الاصطناعي في الجامعات الجزائريةأشاد الباحث في الذكاء الاصطناعي ومدير تخطيط السعة للذكاء الاصطناعي التوليدي في شركة...
استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الخميس بقصر المرادية، وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية، الأمير عبد العزيز بن سعود، الذي قام...
«الفطيرة » .. برودة الشتاء في أوج الربيع
حلت يوم الخميس الفارط فترة تعتبر الأكثر برودة في فصل الربيع تعرف ب»فطيرة مغرس» ، استنادا إلى التقويم الشعبي، و تبدأ هذه الفترة بانتهاء ما يعرف بأيام «الحسوم» و التي يعتقد سكان قسنطينة و ضواحيها بأنها أيام انقلاب الطقس الربيعي ويعبرون عن ذلك بقولهم « إذا ماتوا الحسوم طيش عصاتك وعوم يا الراعي لمشوم»، اعتقادا منهم بحلول دفء الربيع.
عمي السعيد شعبي، أحد العارفين بالتقويم الأمازيغي المحلي، قال للنصر بأن برد «الفطيرة» الشديد كان يدفع باليهود الذين كانوا يعيشون بقسنطينة منذ عقود طويلة، إلى اقتناء ملابس شتوية تدفئ أبناءهم في هذه الفترة، لأنها باردة جدا ويعبرون عن ذلك بقولهم: «ما يحسبلك حسّاب ولا يكذب عليك كذّاب حتى تنور السدرة ويزيد العناب»، اعتقادا منهم أن فترة البرد لا تزال مستمرة إلى غاية نهاية الربيع.
وأضاف محدثنا أن برد فترة «الفطيرة»، كان يجعل الخنزير المحلي ينزل من الجبال، بحثا عن الدفء، وقبل موعد «الفطيرة»، كانت أيام «الحسوم»، استنادا إلى التقويم الأمازيغي الشعبي، تستغرق 3 أو4 أيام من شهر فرار، و3 من مغرس و تشهد أيضا بعض التقلبات الجوية. في حين تستغرق الفطيرة 16 يوما، حسب نفس التقويم، 8 أيام من شهر مغرس و8 أيام من شهر إبرير أو يبرير، ومن المنتظر أن يحل هذا الشهر يوم الأحد القادم، الموافق ليوم 16 أفريل الجاري بالتقويم الميلادي، وهذا يعني أننا لا نزال في مغرس بالتقويم الأمازيغي .
وتتميز هذه الأيام من شهر مغرس، كما قال عمي السعيد عادة بخصوبة و اخضرار الأشجار و النباتات، فيكثر فيها الخرشوف و مختلف الأعشاب البرية التي تعود سكان أرياف قسنطينة على جنيها و تناول معظمها نيئة، على غرار «القرنينة» و «الشبث» و «الحرشة» و غيرها ، كما يتم إخراج المواشي و الخيول من الإسطبلات وربطها خارجها، تطبيقا للمثل الشعبي القائل» سري وعري يتبدل الشعر».
هذه الفترة، كما يؤكد محدثنا، تغير خلالها معظم الحيوانات من أبقار وخيول وحمير وبرها، ويتم التمهيد لموسم جزّ الصوف،حيث تغير الأغنام بدورها وبرها في هذه الفترة،لأن السكان يعتقدون بأن هواء مغرس، دواء وشفاء للإنسان والحيوان.
و أشار من جهة أخرى، إلى أن سكان قسنطينة و ضواحيها يلجأون في المواسم التي يقل فيها المطر خلال فترة «الفطيرة»، إلى عادة « بوغنجة»، حيث يطوف 5 مسنين من الجنسين و نفس العدد من شريحة الشباب، على المنازل وهم يرددون:
« بوغنجة حرّك راسك باش تروى ناسك
هاي جات من الشرق و رايحة للغرب
هاي جات من الغرب ورايحة إلى الشرق «.
و تابع عمي السعيد حديثه «تقضي العادة أن يسكب بقية السكان الذين يمر بمنازلهم هؤلاء الأشخاص العشرة، دلاء ماء عليهم، عندئذ يلوذ الشباب بالفرار، في حين يتبلل المسنون، ثم يقدم السكان لضيوفهم كمية من الدقيق و الزبدة القديمة التي احتفظوا بها منذ العام الماضي و تفوح منها رائحة العرعار الذي يساهم في حفظها من التلف. و في نهاية اليوم يهطل المطر « بالنية « فقط، و يتلقى الأشخاص العشرة هبات من بينها خرفان و جديان.
في المرحلة الثانية يتم توزيع الدقيق الذي يتم جمعه على بيوت «الشواش» و هم عبارة عن أشخاص من أهل المنطقة تعودوا على الإشراف على «زردة بوغنجة»، حيث تقوم نساؤهم بعجن نوع معين من الخبز أو الكسرة التقليدية و تفتيتها ، تمهيدا ليوم الزردة التي تنظم عادة أمام شجرة أو بئر أو عين . و توجه دعوات إلى مختلف الشرائح لتناول «الشخشوخة» بالأيدي، لأن الملاعق تحظر في هذه المناسبة، اعتقادا بأنها تحجب البركة، وتوزع قطع اللحم من قبل القائمين على الزردة».
مربو المواشي الذين يضطرون في السنوات العجاف للتوجه إلى ضفاف الوديان على مسافات بعيدة لجلب الأعشاب لمواشيهم ضمن عملية تعرف بـ» القمارة «، يعودون في المساء و شباكهم مليئة بمختلف الأعشاب التي تضاعف من مردود أبقارهم و نعاجهم من الحليب الذي يعتبر المادة الأساسية في غذائهم، يأملون أن يكون شهر إبرير المقبل أحسن و أوفر كلأ لحيواناتهم، و بعد انقضاء فترة الفطيرة يعبرون عن تحسن حالة الطقس بقولهم « إذا خرجت الفطيرة ما يبقى في السماء حيرة «، اعتقادا منهم بالتحسن الكبير في الأحوال الجوية و انتهاء فترة البرد القارس.و بالرغم من اندثار الكثير من العادات و التقاليد، لا يزال المواطنون يتحدثون عن الفطيرة و يعدون أيامها التي يعتقدون بأنها الأكثر برودة و غزارة في الأمطار في فصل الربيع و كأنها تشكل عودة قصيرة لفصل الشتاء المنقضي، قبل حلول أيام ربيعية دافئة و مشرقة. عمي السعيد أضاف بأن بلدية عين عبيد حيث يقيم ، تعد من أكثر المناطق برودة في ولاية قسنطينة، وهو ما يجعلها غنية بنشاطاتها المرتبطة بالفلاحة والزراعة و هي الوحيدة، كما أكد، التي لم يحن فيها موعد تفتح أزهار النرجس أو البليري، و سيتم ذلك في بداية موسم الحصاد، جراء الارتفاع الكبير لبعض المناطق بعين عبيد عن سطح البحر، كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة أولاد حميدة التي فاجأت الفرنسيين خلال الثورة التحريرية بصمود أزهار النرجس الندية إلى غاية بداية شهر جوان، عكس المناطق الأخرى التي ينتهي موسمها مبكرا.
ص/ رضوان