الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
تهميش الفلسفة سببه عدم وجود فلاسفة جزائريين
* غياب واضح للدراسات والنصوص حول الفلسفة في الجزائر
في هذا الحوار، يتحدث الكاتب والباحث فارح مسرحي، عن الكتابة الفلسفية في الجزائر والإشكاليات المرتبطة بها. مؤكدا بهذا الشأن على التهميش الذي يطالها، وعلى الكثير من العوائق المحيطة بها، وأيضا على وجود ندرة واضحة في الدراسات المخصصة للحديث عن الفلسفة والكتابة الفلسفية في الجزائر.
حاورته/ نــوّارة لحــرش
فارح مسرحي للإشارة، أستاذ بقسم الفلسفة بجامعة باتنة1 منذ 2004. رئيس قسم الفلسفة بجامعة باتنة 2005 / -2009. عضو في العديد من الهيئات العلمية. خبير محكم بالعديد من المجلات العلمية. صدرت له مجموعة من الكُتب في الفكر والحداثة والفلسفة، من بينها: «الحداثة في فكر محمد أركون»، منشورات الاختلاف/الجزائر، الدار العربية للعلوم/بيروت 2006. «المرجعية الفكرية لمشروع أركون الحداثي»، منشورات الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية 2015. كما صدرت له بعض الدراسات والمقاربات الفكرية في العديد من الكتب الجماعية، من بينها: «التثاقف في زمن العولمة» الجزائر 2010. «قراءات في فكر محمد أركون» الجزائر2011. «أركون فكر الأنسنة» البحرين2011. كما نال عدة جوائز، آخرها «جائزة محمد أركون» 2016، التي تمنحها مؤسسة محمد أركون للسلام بين الثقافات بالمغرب بالشراكة مع الأكاديمية اللاتينية بريو دي جينيرو بالبرازيل.
كيف هو واقع ووضع الفلسفة والكتابة الفلسفية في الجزائر؟
فارح مسرحي: بداية نسجل بكلّ أسف غياب دراسات حول الفلسفة في الجزائر عموما، وحول النصوص الفلسفية الجزائرية على وجه الخصوص، عدا بعض المقالات أو الكُتب المخصصة لدراسة بعض أعلام الفلسفة في الجزائر، خاصة تلك المُخصصة لمالك بن نبي أو محمد أركون، أو تلك الأبحاث حول الجوانب الفكرية والفلسفية لزعماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهذا الغياب موجع لأنّه يطيل في معاناة الفلسفة -كفرع معرفي خصب- من التهميش والازدراء ومن ثم يغلق باب الاستفادة مما تتيحه من آليات تفكير ومبادئ منهجية أساسية للتفكير السليم والتخطيط الفعّال، والكل يعلم دور الفلسفة ومكانة الفلاسفة في البلدان والأمم المتطورة بالنظر لما تقدمه من تشخيص لمكامن التأزم والأعطال في الراهن وما تقترحه من مخططات لبناء المستقبل الأمثل لهذه المجتمعات.
أيضا، من أهم الإشكاليات التي تعاني منها الكتابة الفلسفية في الجزائر، هناك إشكالية المنهج والهدف. طبعا لابدّ من استثناء بعض الأعمال خاصة لدى الجيل الأول ذات التوجه المنهجي والإيديولوجي الواضح. في حين الكثير من الأعمال التي تُنشر في الآونة الأخيرة هي أعمال وصفية تعريفية بالأعلام والمدارس أكثر من كونها أعمالا إبداعية ذات هم فلسفي وتوجه منهجي دقيق وصارم.
برأيك ما هو سبب تهميش الفلسفة في الجزائر؟
فارح مسرحي: قد يكون سبب تهميش الفلسفة في الجزائر وعدم الاهتمام بالكتابة حولها هو عدم وجود فلاسفة جزائريين بكلّ ما تحمله الكلمة من دلالة، وقد يكون هذا المبرر مقبولا وموضوعيا إلى حد كبير، خاصة إذا كان اعتمادنا في هذا الحكم قائما على المفهوم التقليدي الصارم للفيلسوف باعتباره مبدع منهج ورؤية ونسق متكامل يجيب عن أسئلة المباحث الكبرى للفلسفة، بينما سيكون الحكم بغياب تام لكتابة فلسفية في الجزائر حكما قاسيا جدا وبعيدا عما هو موجود فعلا. فقد أنجبت الجزائر عبر تاريخها الطويل الكثير من الأعلام الذين اشتغلوا بالفلسفة سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة من خلال توظيفهم لمفاهيم ومناهج ورؤى فلسفية في مجالات بحثهم خاصة المشتغلين بالفروع المعرفية القريبة من الفلسفة كالأدب والتاريخ.
في سياق السعي للتأريخ للفلسفة في الجزائر صدر سنة 2013 الجزء الأول لعمل مهم جدا حول المشتغلين بالفلسفة في الجزائر، أنجزه فريق بحث من جامعة وهران، وقد تضمن هذا العمل الجاد «معجم المشتغلين بالفلسفة في الجزائر، الجزء الأول-1960-1990». سيّر مختصرة مع نصوص قصيرة مُنتقاة بعناية للدلالة على الاهتمام الأبرز لـتسعة وعشرين مشتغلا بالفلسفة من الجيل الأول أي الفترة الممتدة من 1960 إلى 1990، وهو عمل نتمنى أن يُستكمل ويتم إثراؤه في المستقبل، خاصة بالأسماء المشتغلة بالفلسفة الآن –الجيل الجديد- وكذا تلك الأسماء التي تشتغل بالفلسفة ولكن بعيدا عن الجامعة، على اعتبار أن فريق البحث الذي أنجز هذا العمل أشار في المقدمة إلى أنّه اكتفى بالمشتغلين بالفلسفة تدريسا في الجامعة، ونحن نعلم أن الكثير من الأسماء من المختصين في الفلسفة اشتغلوا بعيدا عن التدريس بالجامعة سواء في الصحافة أو الإدارة أو غير ذلك.
قد يعترض الكثيرون على هذا التقسيم الذي تبناه فريق البحث أين اعتبر الجيل الأول يبدأ من 1960 وينتهي مع 1990 وهذا أمر طبيعي جدا، فكل تأريخ يبقى نسبيا بالرغم مما قد يكون له من مبررات قوية ومقنعة، فلماذا هذين التاريخين بالضبط؟، ما الذي حدث فيهما حتى يرتبط بهما التأريخ للكتابة الفلسفية في الجزائر؟ فالتأريخ للفلسفة عادة يكون مرتبطا بظهور نص معين أو حدث بارز أو تغير جذري في نظام الحُكم أو النظام التعليمي أو غير ذلك من العلامات/الذرى التي تسمح بالتغير من سمة لأخرى أو من توجه لآخر، وهذا ما يغيب على التاريخين اللذين أُعتمدا لتحديد فترة الجيل الأول من المشتغلين بالفلسفة في الجزائر.
ربّما ليس هذا أوان تحقيب زمن الكتابة الفلسفية في الجزائر؟
فارح مسرحي: يجب أن نعترف بداية أنّه من الصعوبة الحديث عن تحقيب زمني للكتابة الفلسفية في الجزائر بالنظر لصعوبة التمييز ضمن هذه الكتابة بين مراحل أو أجيال محددة المعالم بدقة، من منطلق أن الفترة الزمنية منذ استقلال الجزائر إلى الآن قصيرة نوعا ما -64سنة- ويمكن أن يكون هناك تداخل بين الجيلين سواء في الاهتمامات أو المناهج أو المفاهيم، كما أنّ هناك مشكلة مهمة يطرحها هذا التحقيب -وكلّ تحقيب من هذا النوع- وهي وجود أعلام يمكن وصف وضعيتهم بالمنزلة بين المنزلتين، كما يوجد أعلام يمكن أن يوصفوا بالمنتمين إلى الجيلين معا، حيث صنفهم المعجم السابق الذِكر ضمن الجيل الأوّل بحكم تاريخ الميلاد، مع أنّ جُل نصوصهم ظهرت بعد 1990، ومثال ذلك «عبد الرحمن بوقاف»، الذي أُدرج اسمه في المعجم مع أن كلّ مقالاته نُشرت بعد 1990، الأمر نفسه ينطبق على «عبد الحميد خطاب»...الخ. كما أن هناك بعض الأعلام المدرجين في المعجم والذين نشروا أعمالا قبل 1990 ونشروا أعمالا أخرى بعد هذا التاريخ، كــ»عمار طالبي» و»عبد الرزاق قسوم» و»البخاري حمانة» و»أبو عمران الشيخ والربيع ميمون» رحمهما الله ..الخ.
ومع ذلك يبقى هذا التحقيب والتمييز الذي أقامه المعجم بين جيلين مهمًا وله ما يبرره خاصة على مستوى الاهتمامات التي تركزت عليها كتابات كلّ جيل مع بعض الاستثناءات التي لا ينبغي أخذها بعين الاعتبار.
يبدو أنّ المعجم لم يتناول العدد الحقيقي للمشتغلين بالفلسفة في الجزائر؟
فارح مسرحي: من الواضح جدا أن عدد المشتغلين بالفلسفة في الجزائر في الفترة التي شملها العمل قليلون جدا، فهذا العدد -أي 29 باحثا- يمكن أن نجده في جامعة واحدة من الجامعات العالمية وفي وقت واحد، ومع ذلك فمن المؤكد أن هناك أسماء ممن تضمن العمل سيّرهم واهتماماتهم ذات وزن مهم في الساحة الوطنية وخارجها، خاصة مالك بن نبي ومحمد أركون. غير أنّ المهم بالنسبة لنا في هذا المقام ليس الأسماء بقدر ما تعنينا السِمة التي ميزت النصوص التي كتبها هذا الجيل بالدرجة الأولى، ثم بالدرجة الثانية منزلة الفلسفة ومدى إثارة النصوص على قلتها للإشكاليات/الهموم المطروحة بحِدة في الواقع الجزائري، ثم رصد عوائق الاشتغال بالفلسفة في الجزائر بصورة خاصة والعالم العربي الإسلامي عموما.
لقد كان للمشتغلين بالفلسفة في الجزائر من الجيل الأول بعض الظروف الخاصة جعلتهم يتجهون بإنتاجهم الفلسفي نحو موضوعات بعينها دون أخرى، فهذا الجيل ولد ونشأ أبان الحقبة الاستعمارية وكان واعيا بحجم المعاناة التي لحقت بالمجتمع الجزائري من قِبل المستعمر، لذلك كانت موضوعات الهوية العربية الإسلامية وتاريخ الجزائر ما قبل الاستعمار وبصورة عامة مشكلات الدولة والأمة ومكوناتهما أبرز الموضوعات التي تناولها هؤلاء، إذ شكل البحث عن إبراز معالم الشخصية الجزائرية وارتباطاتها الحضارية التحدي الأول لهؤلاء، مع ملاحظة مهمة في هذه المسألة وهي أن الاتفاق في الموضوع لا يعني البتة الاتفاق في المنهج والهدف، فقد عرفت فترة السبعينيات من القرن الماضي نقاشات فكرية وإيديولوجية كبيرة، وكان أطرافها البارزين من ذوي التكوين الفلسفي والمشتغلين بالفلسفة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على غرار مولود قاسم نايت بلقاسم ومصطفى الأشرف وعبد الله شريط وغيرهم، وهي نقاشات ترافقت مع تبني الدولة لسياسة التعريب والتحول إلى تدريس الفلسفة باللغة العربية.
وماذا عن الجيل الثاني، ما الذي يميزه عن الجيل الأول؟
فارح مسرحي: إذا انتقلنا إلى الجيل الثاني نلاحظ أن هناك تغيرا سيطرأ على السمات العامة للكتابة الفلسفية في الجزائر، فهذا الجيل الثاني الذي سيبدأ في الظهور بحسب تقسيم المعجم بعد سنة 1990 هو -كما ورد في المعجم-: «يبدو مختلفا -وإن كان هذا حكما سابقا لأوانه- في الكثير من السمات عن الجيل الأول، خاصة منذ العقد الثاني من بدايات هذا القرن، كما أنّه جيل سيبدأ حِراكه الفلسفي في جو سياسي وثقافي مختلف عن العهد السابق».
فقد كانت هناك أحداث كثيرة ومهمة عرفتها الجزائر مع نهاية الثمانينات من القرن الماضي على مختلف الأصعدة. ومع ذلك لم تكن هناك نصوصا فلسفية مهمة مُرافقة لهذه الأحداث ومشخصة لأسباب ما يحدث، ذلك ما يؤكده الزواوي بغورة بقوله: «رغم ما عرفته الجزائر المعاصرة من تحولات اقتصادية واجتماعية ومن اضطرابات سياسية عنيفة، فإن الفلسفة بقيت غائبة أو بعيدة عن مجرى الأحداث، وسجلت غيابا وصمتا يكاد يكون كليا، رغم خطورة القضايا المطروحة على المجتمع الجزائري ومستقبله». ومعنى هذا أن الواقع بكلّ تعقيداته وإشكالياته بقي غائبا عن النصوص الفلسفية التي ستظهر حتى لدى الجيل الثاني، وهذا بالرغم من أن عدد النصوص سيتضاعف مقارنة بأعمال الجيل الأول، كما سيتضاعف عدد المشتغلين بالفلسفة نتيجة انتشار أقسام الفلسفة تدريجيا في الجامعات الجزائرية، فبعد أن كان هناك قسم واحد بجامعة الجزائر طيلة الستينات والسبعينات تم فتح قسمين مع بداية الثمانينات في جامعتي قسنطينة ووهران، ومع مطلع الألفية الثالثة انتشرت الأقسام لتصبح الفلسفة كتخصص موجودة في جل جامعات الوطن خاصة منذ تبني النظام الجديد -ليسانس، ماستر، دكتوراه- أي منذ 2004.
لو قمنا بمقارنة بسيطة بين الجيل الأول والجيل الثاني بدا لنا بوضوح أن هذا الأخير كان كثير العدد، غزير الإنتاج، متعدد الموضوعات، فهناك عدد لا بأس به من النصوص ذات الطابع الفلسفي التي تظهر سنويا في الجزائر خاصة من خلال نشر الأطروحات الجامعية أو نشر محاضرات ودروس المقاييس المدرجة لطلبة تخصص الفلسفة في الجامعة في شكل كُتب ضمن منشورات ديوان المطبوعات الجامعية، يكفي أن نلقي نظرة على السيّر العلميّة للعديد من الأساتذة حتى نلاحظ الكم المعتبر من الأعمال المنشورة لكلّ واحد من هؤلاء الأساتذة داخل الوطن وخارجه.
أما بالنسبة للموضوعات التي تركزت حولها كتابات الجيل الثاني، في الحقيقة من الصعب حصرها بالنظر لكثرة الأعمال وتعدد هذه الموضوعات، ولكننا نستطيع تسجيل بعض الملاحظات العامة، فقد استمرت موضوعات الجيل الأول بصورة أو بأخرى كموضوع الهوية أو التاريخ وإن لم تظهر كُتب حولها إلا أنّها شكلت مادة الكثير من المقالات.